أرضية لإصلاح التعليم
السلام عليكم
إن عملية التقويم المعتمدة على تفعيل البعد التكويني للمراقبة المستمرة وعدم اختزالها في البعد الجزائي تعد من أفضل الطرق و الوسائل السليمة التي تكرس مبدأ إنجاز البرامج الدراسية المقررة في الفترات المحددة لها تدريسا و تقويما ، و تسمح بتتبع أعمال التلاميذ و استثمار النتائج التي حصلوها قصد اتخاذ الإجراءات التصحيحية الضرورية لتطوير مكتسباتهم ، كما تعتبر وسيلة لتأهيل المتمدرس لاجتياز امتحانات موحدة محليا و جهويا و وطنيا . و هذه العملية التقويمية (المراقبة المستمرة ) اعتبرت مكسبا تحقق بعد مخاض عسير أيام بداية الإصلاح مع إحداث الأكاديميات الجهوية …لكن التجربة و تدني المستوى التعليمي أظهرا على أن الطريقة التقويمية المبنية على المراقبة المستمرة هي محور المسببات الرئيسية في تقهقر المستوى التعليمي وخاصة المواد العلمية ، و فيما يلي بعض الملاحظات المدعمة لهذه الخلاصة والمستوحاة من الميدان :(استثناء المدرسين الشرفاء أحييهم و أشد على أيديهم بحرارة)
1
– نجد من حين لآخر وقفات احتجاجية للتلاميذ أمام المؤسسات التعليمية سببها أن الأستاذ فلان يقدم الدروس بإتقان خلال الساعات الخصوصية لصالح فئة معينة من التلاميذ وأن هذه الفئة لها فكرة مسبقة على نوع الأسئلة المطروحة في الفرض .
2
– يحتج آباء و أولياء التلاميذ عن تصرفات بعض المدرسين فيما يخص طريقة التنقيط المرتبطة بالساعات الخصوصية ، و ذلك بشكل محتشم خوفا من عدم تلبية مطالبهم و يصبح أبناؤهم عرضة الانتقام من الأستاذ فلان أو فلان
3
– هناك فئة من الآباء يطالبون بتوحيد أثمنة الساعات الخصوصية و تعميمها ( طبعا هذا من باب السذاجة ، ولكن أسرد الواقع كما هو ) لأن الأستاذ يبدأ مثلا ب 150 درهم للتلميذ ، وعندما يرى الإقبال يتحجج بأسباب وهمية و يفرض 300 درهم للتلميذ عندما يكون القسم ( قبو cave ) يحتوي على 10 تلاميذ و ما فوق ، أما إذا كان تلميذين أو ثلاثة فالثمن هو 500 درهم للواحد . و الغريب هو أن التلاميذ كلهم من قسمه، يعني أن الأمر يتعلق بشراء النقط و ليس بكفاءة المدرس . لأن هناك بعض الآباء الميسرين ماديا تجد أبناؤهم يدفعون حصص الدعم عند الأستاذ الرسمي لضمان النقطة ، و يدفعون لأستاذ آخر كفؤ لضمان المعرفة. إذن ماذا نقول عن الشريحة الضعيفة التي كان ذلك المدرس في يوم من الأيام، عنصرا منها والتي لا تستطيع دفع ولو درهم واحد ؟
4
– هناك صنف آخر من الآباء عندما يصل أبناؤهم مستوى الثانية ثانوي تأهيلي و يكون لهم معدل لابأس به في الامتحان الجهوي ، يكلفون أنفسهم عبئ المصاريف فيتوجهون بهم إلى ثانويات التعليم الخاص لعلهم يحصدون معدلات حسنة في المراقبة المستمرة + الامتحان الوطني تؤهلهم لولوج المدارس التحضيرية أو المعاهد الأخرى
5
– هناك آباء أساتذة يدرسون المادة في مستوى الثانية تأهيلي # يمارسون الساعات الخصوصية # و يؤدون حصص الدعم لأبنائهم عند أساتذتهم من نفس المادة <لماذا ؟ فقط لشراء النقطة > .
6
– عدم تطبيق المذكرة 142 ، حيث ورقة التحرير تحمل نقطة و نتائج الدورة تحمل نقطة مخالفة. ليس هناك لا 75 بالمائة و لا 25 بالمائة .
وهناك العديد من الملاحظات تستوجب يوما دراسيا قصد مناقشتها والاستدلال بالتجارب الميدانية ، قصد الخروج بنتيجة واحدة هي أن الإصلاح يبدأ أولا بإصلاح الجانب التقويمي ، وهذا الأخير إذا بقي على الشكل الحالي فاسمحوا لي كفاعل تربوي أن أقول " ما بنى على باطل فهو باطل" : لقد قتلنا في التلميذ روح البحث و الاجتهاد و عودناه على المعرفة الجاهزة التي يتلقاها في الساعات الخصوصية .ونحن الآن نراهن على خلق تلميذ يعتبر فاعلا تربويا كما سماه "بورديو" يساهم في بناء المعرفة وليس مستهلكا لها ، نراهن على مواكبة الركب والدخول في النسيج العالمي بإتقان العلوم ، و لكن العلوم تهرب منا. فسكوتنا على تفاقم الأوضاع وترك الحابل على النابل ، سيكلفنا الكثير والكثير.
ومن هذا المنبر الإعلامي أوجه ندائي ، وبكل احترام ، إلى المسئولين على النظام التربوي ، كي يعلموا على أن الإصلاح يبدأ أولا بتمتين الأرض التي سنبني عليها مستقبلنا التعليمي ، و هذا التمتين يتجلى أولا في التقويم التربوي : تقويم المقوم ثم تقويم الإدارة ، و تقويم المدرس و أخيرا تقويم التلميذ، وهذا الأخير هو الأهم والأخطر، واقتراحي في النقطة الأخيرة هو العودة مطأطئي الرأس إلى الشكل الجميل و النافع الذي نهجته الأكاديميات الجهوية في بدايتها بخصوص الإمتحانات ، ولكن يكون ذلك بطريقة تآلفية : فمثلا بالنسبة للجدوع المشتركة يعتمد امتحان إقليمي في الدورة الأولى ، تسهر النيابات الإقليمية على تنظيمه بشكل يراعي مبدأ تكافؤ الفرص، و يحتسب بنسبة 30في المائة ، ثم امتحان جهوي في الدورة الثانية يحتسب ب 50 في المائة و فروض المراقبة المستمرة تبقى بنسبة 20 في المائة.أما بالنسبة للأولى ثانوي يكون امتحان إقليمي في الدورة الأولى بنسبة 50في المائة و المراقبة المستمرة بنسبة 20في المائة و يبقى الإمتحان الجهوي المعمول به حاليا بنسبة20 في المائة . أما في الثانية ثانوي فيجب أن يكون امتحان إقليمي في الدورة الأولى بنسبة30 في المائة و الامتحان الوطني بنسبة 50 في المائة .أما المراقبة المستمرة فتبقى شكلية ذات دور تقويمي لعمل الأستاذ وليس لعمل التلميذ.
7 Comments
اخي و زميلي ادريس لقد وضعت أصبعك على قرحة من قروح الجسد التعليمي واقترحت مشكورا وصفة للعلاج الموضعي عسى ان يؤخد بما ترومه ويرومه كل فاعل تربوي شريف
هناك عوامل كثيرة تؤثر على تكافئ الفرص بين التلاميذ في نقط الباكلوريا من بينها ما أشارت إليه المقالة أعلاه ومنها كذلك عدم تكافئ الفرص في ظروف الحراسة والتصحيح والإمساك ففي العمليات الثلاثة هناك خروقات معروفة عند المتتبعين للعمليات الثلاثة ، كلها تؤثر على نفسية التلاميذ والأسر مما يجعلهم يستعدون للباكلوريا بالقبول بعدة تصرفات لا يرتادونها ولكنهم مضطرون إليها كشراء ذمم الأساتذة بقبول الساعات الإضافية أو الانضمام إلى جهات سياسية أو نقابية أو أيديولوجية للاستفادة من تعاطف بعض الأساتذة المنضوين تحت تلك المؤسسات … كما يلجأ بعض الآباء إلى التأثير على بعض المراقبين من الأساتذة أو الإداريين للتسامح في الحراسة أو للإملاء على التلاميذ الممتحنين… وكذلك بالتقرب إلى بعض موظفي الأكاديمية النافدين في عملية الإمساك والقادرين على ارتكاب بعض الأخطاء(غير المقصودة) في نقل النقاط لإنقاذ ابنهم وقت الحاجة أو لحصوله على الامتياز…إن عدم تكافئ الفرص بين التلاميذ بالشكل الملحوظ والمتفشي بين التلاميذ والأسر ، يطرح عدة تساؤلات منها : كيف يمكننا أن ننتظر من أجيال تعودت على التجاوزات وعدم التكافؤ والظلم أن تكون صالحة ومقتدرة ومؤمنة بالمبادئ الإنسانية عندما تتحمل المسؤولية؟كيف يمكننا أن نقنع أبناءنا بسلوك مدني ونحن في منظومتنا أساتذة وإداريين وآباء لا نسلك أي سلوك مدني ؟ كيف يمكن أن نرقى ببلادنا من المراتب الأخيرة عالميا ومن تخلفنا ونحن نتناول قضايا التعليم بعجل وانتقاء …..وفي الختام أرجو من الأخ المسؤول نشر التعليق وأرجو أن ينشره ليخيب ضني فيه…
أود أن أشكر الأخ كاتب المقال على شجاعته لتطرقه لهذا الموضوع الشائك ، من وجهة نظري كأب يستهلك أبناءه هذه العصارة التعليمية المرة ، ولا أحد يقوى على إثارة هذا الموضوع من مديرين أو نواب أوحتى بعض الآباء الانتهازيين في العديد من جمعيات أولياء أمور التلاميذ : بكل بساطة فالأب يخاف من ردات فعل الأستاذ أتجاه الإبن – التلميذ وكم من تلميذ عقَده أستاذه ؟ثم إن المدير يهمه الحفاظ على الوضع القائم حتى لا يثير حفيضة النقابات وفتح سيل من الاصطدامات « هو في غنى عنها » ما دام النائب ومدير الأكاديمية لا يعيران أي اهتمام للموضوع بل « هناك قطط أخرى تنتظر السوط » لأن الوزارة عجزت عن حل هذا المشكل منذ أيام الوزير الأسبق الأستاذ المحترم ع.ساعف … إلا أنني لا أشاطرك الحل المقترح بحيث ستصبح للإمتحان هالة وضغط نفسي على التلاميذ ناهيك عن عدم جدية الحراسة والتضحيح والغياب الجماعي الذي ينتج عن هذا التوجه المطروح …لهذا أقترح -ولو أني تقني بسيط -أن يعمل المتخصصون على وضع بنك للأسئلة الاختبارية الهدف منها تقييم عمل الأستاذ وعمل التلميذ ونجاعة المقررات ، أسئلة تتدرج من السهل الى الأصعب مع حدف السؤال الذي يجيب عليه الجميع والسؤال الذي لايجيب عليه أحد لأنها غير مميزة؛ أما الحراسة فيستدعى لها طلبة الجامعة مقابل تعويض ، بهذه الطريقة سنقيم الكفايات التي يتمحور حولها الميثاق وسنجازي خيرة أساتذتنا وسنوبخ مجموعة الغشاشين منهم كما سنقوم هفوات مقرراتنا بطريقة علمية وبدوسيمولوجيا موضوعية متكئة على علوم الإحصاء ومؤشراتها الثمينة ما دام أن معضم الأساتذة لايقدرون على استعمالها في استثمار نتائج تلاميذهم في الفروض واستنباط العبر والتغديات الراجعة : لكن يبدو أن المدرسين يعملون بمنطوق « كم من مسائل قضيناها بتركها »….
في كلمتين ليستا لي :
لاصلاح التعليم يجب اصلاح رجل التعليم .
وللتنبيه فانا رجل تعليم
أعتقد أن إصلاح التعليم يجب أن يقطع المراحل التالية:
1- مرحلة التشخيص: وضع الأصبع على:
– البرامج ومضامينها والطرائق والوسائل الديداكتيكية والكتب المدرسية؛
– الإدارة التربوية وتركيبتها وتكوينها الإداري والتربوي؛
– الأطر التربوية من معلمين وأساتذة ومشرفين تربويين؛
– التشريع التربوي والقوانين الضابطة؛
– الفرقاء التربويين وآباء وأولياء التلاميذ والتريعات المعتمدة؛
2- التصدي لجميع الخروقات والاختلالات:
– منع الساعات الخصوصية المؤداة وسن قوانين الزجر والعقوبات؛
– إصدار عقوبات زجرية دون تردد في حق المدرسين الذين يبتزون التلاميذ وأولياء أمورهم؛
– إصدار عقوبات رادعة في حق والتمارضين والمتلاعبين بالشواهد الطبية؛
– إصدار عقوبات رادعة في حق كل من يشارك في وقفات احتجاجية دون مطالب واضحة؛
– إصدار عقوبات رادعة في حق المتهاونين والمتقاعسين الذين ينتظرون، فقء الأجرة والترقية؛
– إصدار عقوبات رادعة في حق المفتشين الذين لا يقومون بمهامهمعلى أحسن وجه؛
(يتبع)
رجال التعليم أصبحوا يتهافتون على الربح من خلال الساعات الخصوصية، المسألة مسألة تجارة في النقء لا مجال للكفاءة أو العطاء هنا.
مما لا شك فيه أن مدخل اصلاح منظومة التقويم كفيل بتسهيل تبني منهجية واقعية للاصلاح. ولنبدأ من البداية: على مستوى الاولى ابتدائي وهكذا يتم تحديد مواصفات التلميذ نهاية السنة و بمعرفة جميع المتدخلين(اساتذة +مديرون+مفتشون+ آباء+…) وتوضع برامج مناسبة للاهداف المرسومة و توفير « الحد الادنى » من المتطلبات و توضيح مساطر التقويم بأنواعه (تكويني..تشخيصي….اجمالي…داخلي …خارجي..) و تتبع مراحل العملية التربوية من طرف الاجهزة المختصة و اجراء البحوت الميدانية و في نهاية السنة نتحاسب على النتائج التي حققها التلاميذ و رصد كل الاختلالات الممكنة و معالجتها في حينها. لأننا اليوم نفبرك النتائج على المقاس بواسطة الخريطة المدرسية. ولقد تم التعامل مع الجوانب التربوية من طرف الخريطة « و اقصد من يشرف عليها » بنوع من العبث وأنا استاذ في القسم كان تفرض علينا نسب للنجاح محددة مسبقا و لا علاقة لها بعمل الاستاذ و لا التلميذ و لا البرامج و لا اي شيئ لديك بداية السنة 100 تلميذ سينجح منها 40 و ترسب 60 مهما عملت. واصبحنا نعمل مع رؤسسا المؤسسات تزعجهم النتائج الايجابية ويرتاحون للنتائج الكارتية و يراقبون المراقبة المستمرة مند الدورة الاولى و يطالبون بالتحكم السلبي فيها وهذا المنطق ساد و استفحل فماذا ينتظر من منظومة تربوية يتحكم فيها المنطق غير الفشل؟ ولما اصبحت مستشارا في التوجيه اصتدمت بمنطق آخر غير تربوي و هو محاولة فرض الخريطة المدرسية على التوجيه املاءات غير تربوية حيث تقوم بكل المساعي للتحكم في التوجيه الى شعب معينة دون مراعات الشروط التربوية .وكمفتش اليوم اسبح ضد التيار واطالب فقط تطبيق ما جاء به الميثاق لكن دون جدوى و بالمناسبة جميع البنود الواردة في الميثاق حول التوجيه لم يفعل فيها اي شيئ و مازالت الخريطة المدرسية على غيها تبعث فسادا في منظومتنا التربوية و اذا لم ترفع يدها على الجانب التربوي و اعادة النظر في منظومة التقويم ومحاسبة كل متقاعس في مهمته فلن يعرف الاصلاح طريقه و ستبقى دار لقمان على حالها.