Home»Correspondants»من يحمي القدرة التدافعية للمواطن؟

من يحمي القدرة التدافعية للمواطن؟

0
Shares
PinterestGoogle+

تُناضل جميع الأحزاب السياسية بالمغرب من أجل حماية القدرة الشرائية المواطن، في حين لا يهتم إلا القليل من الدعاة و المصلحين بحماية القدرة التدافعية في مجال القيم. الجميع يهدد بضرب القدرة الشرائية، ولا أحد يُندد بضرب القيم حين تذبح الفضيلة وتنشر الرذيلة على أوسع نطاق. ونقصد بالقدرة التدافعية تقوية الشعور بالانتماء لهذه الأمة والاعتزاز بالهوية الوطنية وثوابت البلاد، في مواجهة ما نتعرض له يوميا من قصف إعلامي وغزو حضاري، يشعرنا بالنقص والانهزام والتخلف والدونية. وهو ما عبر عنه مالك بن نبي رحمه الله بالقابلية للاستعمار.

وأول المؤسسات التي يجب أن ترعى الاعتراز بالذات وتدعم هذه القدرة التدافعية هي الأسرة. ولكي تقوم هذه المؤسسة بدورها على أحسن وجه، يجب تأهيل الوالدين وخصوصا المرأة وتكثيف الدورات التدريبية للمقبلين على الزواج. وعليها تقع مهمة غرس القيم النبيلة في نفس الطفل وتقوية الوازع الديني والشعور بالانتماء لأمة عظيمة و لرسول كريم عليه الصلاة والسلام. ثم تدربه على ارتياد مسجد الحي (المؤسسة الموازية للأسرة) والمواظبة على الصلاة في وقتها، والانفتاح على وعاظ وخطباء البلد وتوقيرهم والاقتداء بهم.

و ثاني هذه المؤسسات الراعية  للقدرة التدافعية هي المدرسة، بجميع مستوياتها.  ولا بد أن نذكر بما تم إنجازه قبل عشرية الإصلاح ، وخاصة النقاش المجتمعي الحاد خلال صياغة (الميثاق الوطني للتربية والتكوين) وتجاوز التقاطب الحاد بين التيار الإسلامي والتيار العلماني.

و قد استعمل الميثاق حين حدد المبادئ العامة لمنظومتنا التعليمية ألفاظا قوية وواضحة يجب أن نعتز بها، ومنها مصطلح الاستقامة (يهتدي نظام التربية والتكوين للمملكة المغربية بمبادئ العقيدة الإسلامية وقيمها الرامية لتكون المواطن المتصف بالاستقامة والصلاح….)، رغم أن شريحة كبيرة من التيار المحافظ غير راض عما يعتبره ازدواجية و تلفيا هجينا بين الأصالة والمعاصرة. و بالتالي لا زال الكثير يعتبر نظامنا التعليمي نظاما علمانيا، يحتاج إلى ثورة حقيقية في المناهج والبرامج.

ولهذا نسمع دائما عبارة (إنهم لا يريدون الإصلاح الحقيقي)، (إن تعليمهم فاشل)، (إنهم يحصدون ما زرعوه)، وكأن الجميع يتبرأ من هذه السياسة التعليمية ويرفض الانتساب إليها. والحقيقة أن الاتجاهات العلمانية واليسارية التي كانت ولا زالت تهيمن على القطاع وتسيطر على مراكز القرار والتوجيه في مفاصل الوزارة، تصر على التغاضي عن أصل المشاكل ألا وهو ضمور الجانب التربوي لدى المتعلمين مما ينعكس سلبا على مردودية وجودة التعليم.

والنتيجة ما نشهده اليوم في مؤسساتنا التعليمية من مظاهر العنف والتمرد على القيم وعلى القوانين والغش في الامتحان والميوعة والتحرش الجنسي وتعاطي المخدرات والرغبة في الفرار الجماعي من هذا الوطن. إن بعض الاتجاهات الإباحية تلعب بالنار لأنها تحرم جيلا بأكمله من حقه في سلوك قويم وبيئة إيمانية ومحيط نظيف. إن التعليم حاليا يراد له أن يتجرد من التربية والأخلاق والقيم، ولذلك يصعب علينا كمغاربة التقدم نحو حضارة إنسانية راشدة، بخطى ثابتة وتوجهات مجمع عليها.

ومن المؤسسات التي ينبغي أن ترعى (القدرة التدافعية) كذلك، مؤسسة الإعلام، وخاصة المرئي والمسموع. ولكن مع الأسف، لا زلنا نراوح مكاننا فيما يتعلق بنوعية البرامج والأفلام والمسلسلات. و لا زالت قنواتنا الوطنية ، تحت ذريعة الاستقلالية، تعاكس التوجه الإصلاحي للحكومة الحالية بقيادة حزب ذي مرجعية إسلامية واضحة.
وتبقى مختلف تعبيرات المجتمع المدني الأخرى هي المعول عليها في معركة التدافع القيمي. وهو ما يستدعي تكثيف جهود الغيورين لمجابهة تيارات التفسخ والانحلال و(الفن) الهابط والأغاني الساقطة. سلاحهم في ذلك الموعظة الحسنة والكلمة الطيبة والإعلام النظيف والثقافة البانية والرياضة الراقية والأدب الرفيع..

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *