Home»Enseignement»اهمية الإنصات في الحياة المدرسية

اهمية الإنصات في الحياة المدرسية

1
Shares
PinterestGoogle+

1.    الإنصات النشيط  (ECOUTE ACTIVE)

كيف يمكن الاقتراب من فهم ما يَعتمل داخل الآخر(التلميذ)؟ لهذا الغرض يمكن اللجوء خلال المقابلة الإرشادية مع المتعلم إلى تقنيتين في الإنصات:  الإنصات النشيط أو الإنصات السلبي أو كليهما.

تسمح تقنية الإنصات النشيط للمتعلم أو العميل من امتلاك فهم أكثر وضوحا لذاته، يمَكنه من المضي قدما في اختياراته ومشاعره وتنمية سلوكياته، وتستعمل هذه التقنية التواصلية في العلاجات النفسية المسماة « وجها لوجه » أو الإنصات غير الموجه التي يرجع فيها الفضل الكبير لكارل روجرز، إنها تقنية تتطلب بدل جهد أكثر مما نتصور، لأنها تتجه عكس المألوف من طرائق التواصل السائدة، غير أنها تضل أساسية للمقابلة الناجحة وفي أنشطة المجموعات، حيث تقتضي أن يملأ كل طرف دوره وموقعه كاملا، وان يتفرغ تماما لكلام وتعبيرات الآخر.

توظف هذه التقنية ثلاثة أدوات ضرورية: التساؤل؛ إعادة الصياغة؛ التركيب.

ü   التساؤل(QUESTIONNEMENT):

يساعد في توضيح وتعميق وتدقيق ما يقوله العميل أو المتعلم، ويساعد المتكلم على إبراز ما ضمر وخفي من الأحاسيس والانفعالات والأحداث، بفضله يمكن تلقي وبدقة اكبر، ثلاثة مستويات من المعلومات الإضافية والأساسية في مقابلة المساعدة والترشيد:

–        الأحداث:بما يسمح بتوضيح أكثر لما تم سماعه من المستجوَب؛

–        العواطف: بما يسمح بالتقاط أحاسيس العميل؛

–        الآراء: لمعرفة ما يضنه ويفكر فيه المتعلم أو العميل.


ü   إعادة الصياغة (REFORMULATION):

هي إعادة التعبير عما قاله المتكلم، من خلال عبارات أكثر اقتضابا ووضوحا، بشرط أن يوافق العميل عن الصياغة، إنها تصريح بما تم فهمه، وبما يسمح برفع كل الالتباسات والتأويلات الخاطئة المحتملة، بغية فهم وإيضاح ما يود المتكلم قوله؛ وتساعد إعادة الصياغة أيضا في جعل المتكلم يشعر بأنه مسموع ومفهوم ومحترم فيما يحس به، مما يشجعه على الكلام أكثر؛ إعادة الصياغة إذن هي تقنية تسهل التواصل والتفاعل أكثر، وتتضمن حسب كارل روجرز ثلاثة طرق ذات تأثير متدرج.

·       إعادة الصياغة / الانعكاس: (REFORMULATION REFLET)

تتجلى في إعادة صياغة التعابير أو العمل على عكس التواصل الذي تولاه العميل مند بداية المقابلة، بغية الفهم التام للمراد قوله من خلال الإشارات الموظفة؛ فيتم التركيز في إعادة الصياغة /الصدى أو الانعكاس على نقطة أو فكرة محددة نرغب في تطويرها خلال التواصل. مثلا:  » لست قادرة أبدا على مراجعة دروسي في البيت »، الصدى: هو « أبدا »؟ ويمكن استعمال عبارات أخرى غير التي استعملها العميل، لكن يتعين أن تكون متطابقة مع سياق ومحتوى الخطاب؛ من قبيل: « هكذا إذن في نظرك… »؛ « بتعبير آخر تريد أن تقول… »

كما نجد أيضا: طريقة إعادة الصياغة/الملخص (REFORMULATION RESUMEE)؛ التي تستهدف ترجمة الفكرة الأساسية في خطاب المسترشد، على سبيل المثال:  » لا أستطيع التركيز في الامتحانات وليس لدي معدلات جيدة ولم أجد حلا حتى الآن… »  ؛ –   » إذن أنت في وضعية تعثر منذ شهور… »

·       إعادة الصياغة/علاقة « شكل- مضمون« (…comme RAPPORT INVERSE)

تقتضي هذه الطريقة عدم حذف أو إضافة أو تحوير إي شيء في كلام العميل (المتعلم)، فهي تظهر ما كان ضامرا، فتجعل المسكوت عنه جليا، والذي لا تبرزه بالضرورة العبارات الموظفة شكليا، فالتصريح شكلا قد يوظف كتلميح لأشياء تمثل المحتوى ولا يستطيع أو لا يريد العميل التلفظ بها مباشرة؛ إعادة الصياغة بهذا المعنى، تسمح للزبون بتوضيح تصوره للوضعية، لذا فعكس المحتوى بالشكل، يجعل العميل يرى الوضعية  من زاوية أخرى جديدة عنه تماما، وغير معتادة، الأمر الذي قد يكون مفاجئا وصادما له، لذا وجب توفر الأمانة اثناء عكس العلاقة بين الشكل والمحتوى، مع استعمال نبرة ولغة وخطاب حذر، مثلا إذا قال: « في مجموعتنا لا يسند الأستاذ إلي، أية مهام ويعطيها دائما للآخرين، وعلى أية حال أنا مقتنع بتفوقهم علي » قد تعاد الصياغة كما يلي: « في النهاية يُخيل إليك انك اقل كفاءة من أقرانك… »

·       إعادة الصياغة/التوضيح (REFORMULATION CLARIFICATION)

يعتبر كلام المسترشد (المتعلم) تعبيرا مباشرا عن أحاسيسه، حتى وإن كان غير متوازن وغير منظم وملتبس، ويتجلى التوضيح في إرجاع المعنى إلى المتكلم فيما قاله، مثلا: « أستاذي يحتقرني منذ بداية السنة، وهو ينظر إلي بعدم الرضا ويطلب مني تغيير المكان باستمرار ولا يتقبل مشاركتي في بناء الدرس وكلما دخل القسم ركز بصره نحواي…. » قد تكون إعادة الصياغة  » إذا فهمت جيدا  انك تتقبل  بمرارة إحساسك بالتهميش من طرف أستاذك ».

عموما على إعادة الصياغة الجيدة أن تنعش وتقوي الإحساس بالاهتمام والتفهم لكي يسترسل العميل في كلامه أكثر فأكثر، وتبدأ عموما بعبارة من قبيل « إذا فهمت جيدا… » « في تقديري إن لم أكن خاطئا … »

إجمالا يتعين أن تؤدي إعادة الصياغة بالمسترشد إلى استيعاب الإشكال المطروح وتحرير قدرته على التواصل والتفكير، قصد تعزيز استقلاله الذاتي؛ مع ملاحظة أن مقاربة كارل روجرز يمكن اعتبارها بشكل من الأشكال، تأويلا لنظرية التحليل النفسي؛ باعتبارها سبر لباطن الخطاب، لذا وجب التعامل بقدر كبير من الحذر خلال المقابلة « الروجرزية »، لكي لا تصبح هجوما على النظام الدفاعي للعميل (المتعلم المسترشد) مما يعرقل كل تواصل، كما تهدف إعادة صياغة كلام العميل أيضا، إلى تمكينه من الوعي بقيمه الخاصة، من خلال تقليص الفارق بين الأنا وتجربته، في اتجاه تعزيز النماء والنضج السيكولوجي للمتعلم المسترشد، مع التقليل ما أمكن من العوائق المرتبطة بأحكام القيمة، مما يسمح بإنعاش سيرورة تقدير الذات لدى التلميذ أو العميل، وذالك عن طريق اهتمام ايجابي ولا مشروط به، الأمر الذي يقوده هو الآخر إلى الاهتمام الايجابي بذاته؛ بتقبل قيمه كما هي، ومن هنا أتى المنحى اللاتوجيهي لكارل روجرز.

ü   التركيب(SYNTHESE)

يشكل التركيب وقتا مميزا من المقابلة، فيمثل استراحة في خطاب العميل وإنصات المنصت؛ وبعده يتم المرور إلى إتمام المقابلة، ويتيح التركيب القيام بنوع من التلخيص لما قيل، يهدف إلى جعل العبارات الموظفة أكثر وضوحا وفهما لطرفي المقابلة، وهو ما يعتبر مطمئنا للمتكلم، لاسيما إذا كان الأمر يتعلق بتصريح؛ حيث لا مجال لأي سوء تفاهم، ونوظف في التركيب عبارات من قبيل: « إذن في المجمل… »  « كخلاصة … »؛ « إذا كنت قد فهمتك جيدا… »

2.   الإنصات السلبي (ECOUTE PASSIVE)

عكس ما يمكن أن يستشف من كلمة « سلبي » في مفهوم الإنصات السلبي، فأن هذا الأخير يمَكن من تيسير تعبير المتكلم دون مقاطعة، حيث نتبنى نوعا من الحياد الوظيفي، أي الامتناع عن كل حكم قيمة أو نقد، خلال المقابلة، ويتطلب هذا النوع من الإنصات بدل جهد أكبر من المنصِت حفاظا على انضباطه، دون الانزلاق نحو التوحد مع مشاعر العميل، مع إظهار مدى الاهتمام بالآخر وتشجيعه على الكلام دون تدخل، لذا وجب النظر إلى الشخص المتكلم وعدم تشتيت الانتباه عنه، ويمكن أن يستعمل الإنصات السلبي بتناوب مع الإنصات النشيط، كما يمكن إظهار مدى الاهتمام بالمخاطب خلال الإنصات السلبي بتوظيف عبارات مقتضبة من قبيل: « موافق » ؛ « أفهم » ؛  « هذا مهم » ؛ « آه،نعم » ؛ « بالفعل »….

3.   على سبيل الختم

« شرعت » الوزارة الوصية على التربية والتعليم والتكوين، مؤخرا في عقد ما أسمته « اللقاءات الاستشارية حول الإصلاح » للاستماع إلى متدخلين في المنظومة، في محاولاتها « السيزيفية » لتلمس رأس خيط الإصلاح المفقود حتى الآن في كومة قش لا تزال تتكوم وتنزاح وتتشعب يوما بعد يوم، وبهذه المناسبة حبذا لو تم العدول عن المقاربة « الاستشارية » لفائدة « المقاربة الإنصاتية » إن صح هذا التعبير، وفق منهجية كارل روجرز كما تم سرده أعلاه، حتى تُنصِت الوزارة  ويُنصَت إليها،  وفق القواعد السالفة؛ لعل وعسى…

   المراجع:

•       Rogers. C; La relation d’aide et la psychothérapie ; Paris, Edition ESF,1996 .

•          المملكة المغربية،و.ت.و.ت.ع.ت.أ.ب.ع، مجزؤات التكوين المستمر في مجال التوجيه التربوي، تقنيات المقابلة الفردية،الوحدة المركزية لتكوين الأطر، الرباط،2011.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *