Home»International»فسحة فكرية في مال قارون و حكمة لقمان(2)

فسحة فكرية في مال قارون و حكمة لقمان(2)

0
Shares
PinterestGoogle+

ثانيا)تواجد بين لقمان و قارون

هو تواجد بين من يمثل المال(فاعل جمعوي و مهني في الإعلانات و الإشهار و مستثمر في القروض الصغرى) ومن يمثل الحكمة و العقل و التفكير. هو تواجد   بين عبد الله العروي المعروف عندنا نحن المغاربة،كواحد من أهرامات الفكر و الثقافة و احد أساس  الثقافة المغربية و البحث العلمي.فبحكم انشغالاته المتعددة في الفلسفة و السياسة و الايدولوجيا و التاريخ إلى التحقيق اللغوي و حفريات المفهوم أو المصطلح العلمي.انه عقل متحرك ينبش في كل شيء معرفي قابل للنبش،ويفحص كل معلومة تقع بين يديه.فهو باحث من الطراز الرفيع في اللغتين الفرنسية و العربية(ذلك حسب علمي البسيط)، وبين تاجر، صائد عن الفرص ككل التجار الذين لا يثقون الا ما في الصندوق : la caisse ou le coffre ،وقد قيل بالدارجة التي يتقنها التجار(الله يجعل الغفلة بين البايع والشاري)مما يجعلنا لا يثق في التاجر إلا ساذج أو مغفل(الغفلة بين من يبيع ومن يشتري ).

جمعت القناة الثانية(وهي قناة فرانكفونية بامتياز كبير ،ويعرف هذا الخاص و العام من المغاربة)بين هذا الصرح العظيم في الفكر المغربي المعاصر و كواحد من المدافعين عن اللغة الفصحى(و أظن انه تواضعا منه و مجاملة لهذا المحاور ،اقترح أن تكون اللغة المدرسية في مرحلة ما قبل التمدرس،هي اللغة الفصحى المبسطة).في مرحلة التعليم الأولي كانت اللغة هي الفصحى البسيطة دائما،لأن المستهدف ليس تلميذا بل طفلا بين 3و5 سنوات:ويطلق على هذه المرحلة: الطفولة المبكرة أو الطفولة الأولى، وهي تأتي بعد الرضاعة.إنها مرحلة،يبدأ فيها الطفل استكمال معجمه اللغوي الذي بدأه ابتداء من السنة الأولى.فهو يبدأ بالأسماء:ما هذا ؟ما هذه؟ ثم ينتقل إلى الأفعال عندما يبدأ بالمشي و التنقل في المكان.و ينتهي بالعلاقات(الربط) بين الأشياء،وبين الأشخاص،وبين الأوضاع.وهي فترة تمرن على تعلم واكتساب و استعمال اللغة ،بحيث يصبح قادرا على التحدث بطلاقة مع الآخر…و هي مرحلة اللعب أيضا .ولهذا نرى علماء التربية يرون أن التعليم لا بد أن يمر، عبر اللعب الذي هوحاجة و غاية الطفل،و أن يتحول إلى وسيلة للتعلم.(بهذا يتحول التعلم من عملية صعبة في التعليم التقليدي إلى تعلم سهل في التعليم الذي يعتمد على المعارف النفسية).كما أن من خصائص هذه المرحلة حب الطفل للحكاية و القصة و الغناء المصحوب بالموسيقى.وهي أيضا جسور منها و بواسطتها تمرر المادة التعليمية.فهو تعليم ينطلق من حاجات الطفل،ومن رغباته.أما القرآن الذي احتج عليه المستثمر التاجر،فمعلوم أن الخطأ ليس في القران ـ،بل في من اختار النصوص القرآنية.القران وظيفته تقوية و تنمية الذاكرة تدريجيا عن طريق حفظ آيات صغيرة في كمها وحب الإصغاء لتجويدها،ليس المطلوب أن يعرف الطفل أمورا في الغيبيات(الجنة و النار و الكافر و المؤمن والوعد والوعيد،وأسباب النزول…إنها أمور سيأتي الحديث عنها في المراهقة).و الحقيقة أن الطفل ليس مطالبا أن يفهم التكاليف الخاصة بالكبار،والتي قد يراها، أنه غير معني بها(لأنه طفل ينبغي أن يتعلم باللعب والغناء والرقص بحيوية ونشاط،وإقبال على الحياة). ويستحسن أن يسمع القران من خلال أحسن المجودين (و الآن يدرس التجويد على انه مقامات صوتية).إن أهداف والمدرسة لا تسعى إلى تكوين طفل عالم متفقه في الدين.بل وبكل اقتناع أن تزرع البذور الأولى ليشق الطفل طريقه في معرفة القرآن والعقيدة و الشريعة،عن طريق ما يسمى في ادبيات التربية:بالتعلم الذاتي أو التكوين الذاتي،وهو التكوين الحقيقي.

الطفل لا يحب أن يكون مستمعا فقط بل مشاركا و فاعلا.وهو غير قادر على التركيز مدة طويلة،في موضوع واحد، و البقاء متجمدا في نفس المكان(هذا ما تتفق عليه كل الدراسات النفسية و التربوية)…فميوله تتجه نحو الحركة ولمس الأشياء و مشاهدتها و ملاحظتها و سماع صوتها.إنها فترة تدريب للجهاز الحسي الحركي.و الحواس هي أدواتنا للتعرف على العالم الخارجي.ولا ننسى أن هناك نظريات فلسفية قامت على مبدأ التجربة الحسية(مثلا الفلسفة الانجليزية عند جون لوك و دافيد هيوم) و المدرسة التربوية الأمريكية(جون ديوي  j .Dewey.و ما بعده) أسست على مبدأ الخبرة الحسية.فالطريق إلى العقل ينبغي أن يمر عبر الحواس.فليس هناك مرور مباشر إلى العقل كما تحدثت الفلسفة الديكارتية الفرنسية. البداية من المحسوس في الطفولة، و النهاية  بالمعاني المجردة في المراهقة.لا يمكن أن نكون أغبياء إلى الحد الذي لا نعرف أن تفكير الطفل من 6الى12سنة،هو تفكير حسي اختباري تجريبي.وقد سمى jean piaget(بياجيه) العالم السويسري المعروف،هذه المرحلة بمرحلة الذكاء الحسي  :intelligence opérationnelle .

المشكلة ليست في اللغة العربية الفصحى، بل المشكلة في الذين يقترحون (أو ينتجون )الكتب المدرسية ،القائمة على الربح فقط وليس على أساس المنفعة البيداغوجية(أساسها علم التدريس و علم النفس النمو)فهل أخضعنا المنهاج لمنطق الدراسات النفسية؟أي إلى منطق الترتيب المنطقي للمادة و الترتيب السيكولوجي.فالمنطق المقبول ينتقل بالمتعلم من البسيط إلى المركب،ومن السهل إلى الصعب،ومن المعلوم إلى المجهول،ومن الجزء إلى الكل أو من الخاص إلى العام.هذا هو منطق العقل و مساره. وتطور إدراك الطفل الاجتماعي، ينتقل من الجزء إلى الكل أيضا :من معرفة الأم، و الأب، و الإخوة ،والأقرباء،و الجيران ،وزملاء المدرسة،ومجتمع المدينة أو القرية،و الوطن،والعالم.هذا هو منطق التطور الاجتماعي  من الطفولة إلى المراهقة.فلا يمكن أن نتحدث عن ظواهر علمية بالشرح و الإملاء،بل بالمشاهدة و الملاحظة و التجريب.لهذا اعتمدت المدرسة الغربية في المراحل الأولى (و كل المراحل التعليمية) على الوسائل التعليمية و الأدوات و العمل في الورشات(ورشات القراءة ،الرسم ،التجارب العلميةـ،الهندسة و الحساب…)انه تعليم يركز على التجارب و التطبيقات.كما يركز على اللقاء بين المتعلم وموضوع التعلم مباشرة(أي إلغاء الوسيط :المدرس).أما وظيفة المدرس هي تسهيل عملية التعلمfaciliter l apprentissage.دور المدرس أن يترك التلميذ ينتج المعرفة،ويلاحظها.و يصحح أخطاءه بنفسه(كل نظريات التعلم القديمة و المعاصرة تبني قاعدتها على التعلم من الخطأ.لا ننسى أن ما سمعناه من مدرسينا الأجلاء عندما قالوا »بالتكرار يتعلم الحمار » حتى لو كان الحمار مغربيا وليس أمريكيا له تجارب حتى في التمثيل السينمائي و المسرحي).

إذن من يحق له الكلام في أمور التعليم الذي يبعد كليا عن منطق التجارة و الربح واستغلال جهل الآخر.فإذا كنا نريد الإصلاح فينبغي أن يكون شاملا لكل مراحل التعليم:فلماذا توقفنا في تعريب التعليم إلى حدود الثانوي؟؟ فما دمنا عاجزين عن متابعة مسلسل التعريب ،لماذا لا نرجع خطوة إلى الوراء أي إلى فرنسة المواد العلمية كما كانت من قبل؟ ،عوض أن نجني على أجيال بكاملها(خاصة بعد الباكلوريا تبدأ مأساة التلاميذ الحقيقيةخاصة وان الدراسات العليا بالمعاهد والجامعات العلمية تتم بلغة فولتير) .لنعد إلى سماع الأسطوانة القديمة:هل من خطط للتعريب ،يدرس أطفاله في المدرسة العمومية بشكلها الحالي؟؟؟.الفصحى  ليست مسؤولة عن الهدر المدرسي(حبذا لو نستعمل الفشل المدرسي).إن القراءة السطحية لمشكلة التعليم ،تؤدي إلى الفهم السطحي،وهذا يؤدي إلى التفسير السطحي لها.فإذا آمنا بمقولة « أهل مكة أدرى بشعابها »، فان الفكر التجاري النفعي و الانتهازي » مكة/ه » هي التجارة و منطق الربح و تجنب الخسارة.أما أهل « مكة » التعليم :فهم المدرسون العاملون في الحقل التعليمي(المواطنون و الوطنيون).فإذا أردنا أن نحدد سبب الفشل(الهدر المدرسي) فلنبحث عنه في كل المكونات و العناصر التعليمية(من التلميذ إلى المدرس إلى نوعية المحتويات و كمها و وسائل العمل و زمان التعلم وأشكال ونوعية، و أهداف التقويم(l évaluationles objectifs de) ونظام الحرية التي تقترب من الفوضى.وقيمة المدرس في حجرة الدراسة وفي نظر بعض المديرين الذين يتخندقون في صف تلميذحتى لو كان ظالما… ومصير المتعلم بعد نهاية التعليم(البطالة أم فرصة في العمل {تحقيق الذات أم إلغاؤها}؟؟؟)… ونقاط أخرى تتطلب مقالات متعددة ومن متخصصين عديدين…).هذا الأمر يبين أن المشكل معقد ويصعب اختزاله في العربية الفصحى التي يعتبرها البعض أنها المعيق الذي يجب إزالته…

إن محنة ومأساة سقراط الفيلسوف الحكيم،أتت من جهل من يدعون معرفة كل شيء،ويفهمون في كل شيء.وهؤلاء الجاهلون هم من حكموا عليه بالإعدام. فالجهل هو من أطاح بالمعرفة ،و كان الأصح أن يكون العكس…ما يخشاه المرء هو « ما يبقى من المدرسة إلا أطلالها،وشبح وجودها، وشيء من ذكراها »…

انجاز :صايم نورالدين

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *