Home»Enseignement»فسحة فكرية:في مال قارون و حكمة لقمان

فسحة فكرية:في مال قارون و حكمة لقمان

0
Shares
PinterestGoogle+

أولا)جمعت القناة الثانية المغربية بين واحد من عالم المال و الأعمال، و آخر من عالم الفكر و العلم.أي بين فكر المستثمر وعقل المفكر.وبينت المناظرة عن اختلاف في الأهداف البعيدة و الوسائل و طرق الإقناع و الاقتناع.لا توجد قرابة بين المال والفكر. فقد قيل: « إن العلماء ورثة الأنبياء »،وكانوا دائما من الفقراء،أو تخندقوا في خندق الفقراء .أليست الاشتراكية و الماركسية إيديولوجيات الفقراء من العمال و الفلاحين؟

العلماء الحقيقيون منزهون عن الماديات.ولكن التجار يرون أن لا مضيعة لوقت لا يذر مالا أو صفقات ،ولا قيمة لعلم ليس من ورائه مال،أو توسعة لثروة ،أو خلق لرواج ،أو استثمار في أسواق جديدة.أما البحث عن تنمية شخصية الإنسان في جوانبها العقلية و العاطفية و الجسمية و الاجتماعية و الخلقية و المهارية،فهي في نظرهم من المضحكات المسليات،أو من قصص الخيال الأسطوري حتى لا نقول من قصص الخيال العلمي.فكل شيء يقاس بالمال،وغير ذلك يقذف إلى سلة المهملات.

فلو وقف المفكر و المستثمر،هذا بانتاجاته العلمية و أبحاثه طيلة السنوات التي قضاها في محراب الجامعة باحثا و منقبا و محققا في دهاليز الكتب و المصادر و المراجع،أو مستنتجا قوانين لظواهر إنسانية أو طبيعية (و نعلم ان د.عبالله العروي اشتغل كأستاذ جامعي،وليس له تخصص معرفي في ميدان من الميادين.بل لقد الف في الفلسفة و التاريخ و الايدولوجيا وغيرها من حقول المعرفة.فهو عالم مفكر أكثر منه مؤرخ).أو مستهلكا من وقته السنوات من اجل أن يثري المكتبة الوطنية و العربية و العالمية،بمعارفه و أفكاره و مناهجه و استنتاجاته.فالمناهج تختلف باختلاف الظواهر الفكرية و العلمية و الثقافية التي ينتجها العقل الإنساني.فلو وضع  المفكر كل هذا،وما ألف من كتب وما حقق من مصادر،وما كتب من مقالات في مجلات عالمية متخصصة،وما شارك من ندوات و مؤتمرات على الصعيد العالمي و المحلي .لو وضعت كل هذه الثروة الفكرية في كفة ميزان،والكفة الأخرى يوضع فيها كل ما جمعه المستثمر من أموال ،لرجحت كفة المال بالنسبة لعبدة المال.و لرجحت كفة الموروث الثقافي و العلمي و الفكري،لإنسان وهب حياته للعلم و البحث،في نظر من يرى أن فكرة واحدة لباحث او عالم  يمكن أن تغير مجرى الأحداث و التاريخ  في مجتمع معين ،ويمكن أن تحدث له نقلة نوعية في سلم التطور و التقدم البشري.فالحضارة لا تصنع بالمال وحده،بل بالعقول المنتجة و المفكرة ،وبمجهود العلماء و الباحثين،وليس بمال الأثرياء.

دافع المستثمر الغني عن الدارجة،ودافع المفكر عن الفصحى.المفكر هو أهل الميدان باعتباره خبر التعليم فهو من أهل مكة ،وأهل مكة أدرى بشعابها.لكن الأمر ليس نفسه بالنسبة للتاجر الباحث عن الفرص،الذي لا يحق له أن يحدد و يتحدث بفكره التجاري المحدود في مصير الأجيال و الأمة.انه من الاستخفاف بالأمور أن يجلس مفكر من عمالقة الفكر مع تاجر صائد للفرص.كان على التاجر أن يهتم بجمع المال وعده…ونحيله بهذه المناسبة إلى ما قاله المتنبي في المقارنة بين أهل العلم و أهل الجهل.الأولون يشقون في نعيم العلم، و الآخرون ينعمون في شقاء الجهل.

ولكن …يبقى لكاتب هذه المساهمة،وهي فسحة فكرية فقط،أن يطرح السؤال:هل يؤدي أهل المال و خاصة هؤلاء الذين يدخلون أنوفهم في أمور بعيدة عن اهتماماتهم،و يتكلمون في أشياء لا فقه لهم فيها و لا معرفة،ما عليهم من واجبات (الضرائب) لهذا الوطن الذي ينمون فيه ثرواتهم؟ام تراهم يلجأون إلى كل الطرق الملتوية من اجل التهرب من أداء الضرائب،وإعلان خسارتهم و أرباحهم المنعدمة؟أتراهم يؤدون ما عليهم من زكاة الأموال التي هم مستخلفون فيها؟ أم تراهم يرون أن هذه أموالهم لهم كل الحق دون واجب زكاتها؟؟؟

بين حكم لقمان و مال قارون مسافة مساوية لما بين الجنة و النار…

انجاز :صايم نورالدين

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *