Home»Enseignement»نافذة على المدرسة العمومية : ملتقى زاكورة إعلان عن فشل التعرب أم التعريب …؟

نافذة على المدرسة العمومية : ملتقى زاكورة إعلان عن فشل التعرب أم التعريب …؟

0
Shares
PinterestGoogle+

خاض المغرب المتشبع بقيم الوطنية واستقلال الشخصية منذ سنة 1961 تجربة التعريب باعتبارها أحد أضلاع مربع التحرير واستكمال السيادة وفرض الهوية الترابية   من خلال  مغربة الأطر والكوادر العليا وتوحيد البرامج والمقررات والكتب المدرسية و تعميم التعليم في البوادي والحواضر وعلى الذكور والإناث وتعريب المواد المفرنسة الموروثة عن الاستعمار كالاجتماعيات والفلسفة والمواد العلمية بناء على قناعة راسخة أن اللغة العربية هي اللغة الحية التي لاتفنى ولاتتراجع لأنها لغة القرآن وأنها تملك مقدرات شاسعة في التعبير والتعجيم واستيعاب المدركات العلمية والتقنية إلى جانب كونها ذخيرة لغوية ومخزون أدبي وتخييلي وكلامي منطقي هائل كما تعتبر حسب العروي : » علامة وحدة ومرآة هوية » و أداة لمجابهة الانتماء الفرنسي وانحراف الانتماء الأمازيغي وكافة الانتماءات  و مدخلا أساسيا للعصرنة والانفتاح  . وتكفينا شهادة  كوستاف لوبون في كتابه حضارة العرب على الحركة الفكرية التي شهدتها اللغة العربية  بداية  من القرن الأول الهجري وبلغت أوجها في عهد العباسيين عند تشييد بيت الحكمة وازدهار حركة ترجمة المصنفات اليونانية ونقل العلوم : »العربية أصبحت اللغة العالمية في جميع الأقطار التي دخلها العرب حيث خلفت تماما اللهجات التي كانت مستعملة في تلك البلاد كالسريانية واليونانية والقبطية والبربرية » وتزكيها شهادة المستشرق ماسينيون : »إن المنهاج العلمي قد انطلق أول ما انطلق باللغة العربية ومن خلال العربية في الحضارة الأوربية » لكن مسيرة التعريب في المغرب بدأت بشكل مبتسر  و متعثر من مستويات السلك الابتدائي ثم الطور الإعدادي فالثانوي التأهيلي مع دعمها بمادة ترجمة المصطلحات العلمية( ساعتان في الأسبوع) مع الإبقاء على آفاق الدراسة الجامعية بعد الباكلوريا  بالفرنسية .وبدأت أيضا من قطاع التعليم ثم قطاع الإدارة وتعثرت في قطاع الاقتصاد…هذا  وكشفت التقييمات الأولية عن نتائج مرضية في المستوى العلمي في مواد الرياضيات والفيزياء والكيمياء وعلوم الحياة والأرض عند الذكور أولا ثم الإناث ثانيا  خاصة زمن عدم الاختلاط  وانتشار السلوكات الحشدية بمحيط المؤسسة التعليمية.

وعزا المشرفون على مكتب تنسيق التعريب بالرباط هذا التحسن إلى تجاوز العائق اللغوي للفرنسية باعتبارها لغة أجنبية وإلى استغلال إمكانيات اللغة العربية الأم  في توحيد التجارب العربية والتنسيق بينها على مستوى دلائل ترجمة المصطلحات العلمية والمراجع وخطط التعريب خاصة بعد الاستفادة من خبرات سورية وعراقية ومصرية ومغربية. لكن افتحاصات المؤسسات الدولية والمجلس الأعلى للتعليم ومديرية التقويم كشفت عن عدة اختلالات كانت سببا في تدني المستوى وتراجع المغرب في الاختبارات الدولية ك « تيمس في  التمكن من العلوم  « و »بورس » في التحكم اللغوي   بسبب عدم الحسم في الاختيارات الكبرى :هل التعريب مدخل للعصرنة أم مجرد عملية للتأصيل تمخض عنها منتوج لغوي  وسيطي لايتمتع بندية لغوية متكافئة مع الفرنسية أعطى نتائج عكسية بدل حماية اللغة العربية والدفاع عن تراث الأمة قوى نفوذ الفرنسية واللغات الحية وزاد من تشهية طلاب العلم  للتعلم باللغة الأجنبية التي تسندها خلفية حضارية ومستقبل اقتصادي وتقني جد هائل .

كما عملت الدوائر العليا  المعنية  بتجربة التعريب على إحلالها مكانة متطورة فهي لغة القطاعات الحيوية كالخارجية والدفاع والاقتصاد…التي تؤمن آفاقا رحبة للشغل والاندماج الناجح في المحيط الداخلي والخارجي.  فكأن المغرب عاش تجربة « تعرب  » لا تعريب  ترمي إلى ترسيخ الأصالة ولا تروم الانفتاح وتحقيق الحداثة ففشل  نتيجة لذلك المشروع التعربي وأعطى  المشروع « التعريبي » نتائج جد إيجابية في دول المشرق كمصر وسوريا والعراق   وتضاعف ضحايا المشروع التعربي في المغرب على مستوى التكوين العلمي أوعلى صعيد  المسايرة الناجعة للدراسة الجامعية وولوج مجالات البحث العلمي  أو حتى على مستوى التحكم في اللغة الأم وكذا  التمكن من الفرنسية  ممادفع بالعديدين من الانتهازيين  إلى الاستثمار في مشروع اللغات الحية  ودروس الدعم … لأن تعريب المواد العلمية  كان تعريبا نصفيا أحاله إلى شكل من الازدواجية  أثر على المردودية العلمية في الحساب والترييض والبرهنة وتكوين التفكير العلمي التحليلي لدى المتعلم  بسبب نظام التقويم الهجين الذي يجمع بين مقاربتين مختلفتين للقياس: المراقبة المستمرة والامتحانات الإشهادية بين نظام الاستحقاق وعتبة المرورالمزكاة من طرف الخريطة المدرسية  . ونظرا كذلك  لتقليدية استراتيجيات التعليم والتعلم ومراهنتها على الكم على حساب النوع  وقدم الطرق البيداغوجية المتبعة المستغرقة في عرض المعرفة الميتة التي تحفظ وتسترجع في استحقاقات التقويم  دون تشغيلها في بحوث ومشاريع علمية مفيدة في المسارات التعليمية العليا أو المهنية أو الحياتية للمتعلم . مما أثر على تحكمه في اللغتين العربية والفرنسية  معا بسبب غياب بيداغوجيا البينتخصصية وعدم التنسيق بين المواد العلمية  و المواد اللغوية وصعوبة تقديم الأساتذة للعروض العلمية واللغوية في نفس الوقت بسبب عدم تكوينهم على ذلك . مما دفع بالبرنامج الاستعجالي الذي انطلق مابين سنة 1999 و2012 إلى دعم تدريس المواد العلمية وتحفيزه بعدة مشاريع غير عميقة كأنشطة أولمبياد العلوم  ومؤسسات التميز … في أفق تلميع صورة تعريب المواد العلمية بالمغرب ورد الاعتبار للشواهد العلمية  التي تراجعت قيمتها كثيرا أمام تدني المستوى العام لأسباب متعددة ترجع إلى الهيكلة البيداغوجية والتنظيم التربوي وتحفيز الموارد البشرية وأنظمة التقويم والتوجيه  والاكتظاظ وتباين المستويات داخل الفصول نظرا لاعتماد استراتيجية المتعلم المتوسط على حساب التلاميذ الضعاف والمتفوقين…   مما أنعش سوق الدروس الخصوصية لمواجهة حرب الانتقاء والمباريات  التي أصبحت نتيجة حتمية  لتجربة التعريب لولوج منافذ التعليم العالي وتأمين فرصة شغل في سوق العمل العمومي أو الخصوصي أو الحر.. . وفي الوقت الذي كان على صناع القرار المركزي  أن يراجعوا سياسة التعريب التي انطلقت منذ فجر الاستقلال   ويبنوها على أساس  عصرنة اللغة العربية  لبلوغ الندية اللغوية والعلمية  المتكافئة مع الفرنسية والإنجليزية ومواكبة المستجدات العلمية   وتطوير العروض البيداغوجية لتدرسية المواد العلمية من خلال حل الإشكالات اللغوية الكبرى وتفعيل آليات الانفتاح والترجمة والاشتقاق والنحت والتوليد وتوسيع نفوذ استعمالها ليستوعب إلى جانب قطاع التعليم قطاعات استرتيجية كبرى كالاقتصاد والخارجية والإدارة والدفاع… تجعل منها لغة انتماء للهوية والدين ووسيلة للتواصل والبحث العلمي ووعاء للفطنة والتحصيل والتلقي  بأحدث الطرق للمدركات العلمية وفق معايير بيداغوجية عالمية  تخضع  لمنظور كمي ونوعي  يرفع من سقف الاستيعاب من 800 مدرك علمي في سلك الابتدائي إلى 1500 مدرك علمي كما هو الحال في أوربا مثلا. وقس على ذلك في السلكين الثانوي الإعدادي والتأهيلي وتوسيع امتداد التعريب ليشمل الدراسة الجامعية من خلال تطوير آليات الترجمة واعتماد اللغة الإنجليزية ولغات حية أخرى كأدوات للتفتح على ماجريات التقدم العلمي في أفق الانتقال من التعرب إلى التعريب الحقيقي  وعلى طريق تغيير حاجة التأصيل فقط بنية الاندماج  في مشروع الأمة العربية ومواجهة الإرث الاستعماري  بحاجة  تثبيت الهوية وتحقيق العصرنة في نفس الآن  في مجال البحث العلمي واللغوي والثقافي والحضاري… نجد هم  يخبطون خبط عشواء يعلقون فشل اختيارهم الذي هو اختيار أمة بكاملها  على شماعة لغة القرآن والحضارة والعلوم والتقنية والفنون والآداب بامتياز مما يهدد هويتهم الوطنية وإنسيتهم الحضارية في ظل سيادة نظام عولمة إقصائي متوحش

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *