Home»Enseignement»نافذة على المدرسة العمومية : إبداع…قراءة منهجية في سيرة رجوع إلى الطفولة لليلى أبي زيد

نافذة على المدرسة العمومية : إبداع…قراءة منهجية في سيرة رجوع إلى الطفولة لليلى أبي زيد

7
Shares
PinterestGoogle+
 

نافذة على المدرسة العمومية : إبداع

قراءة منهجية لسيرة : رجوع إلى الطفولة

لليلى أبي زيد –الجزء 1-

*-1- -سياق فكري عام:

 

قد يفكر الكاتب المبدع في محطة ما من مساره الإبداعي في استعادة ماضيه والتأريخ لشخصه عندما يتعثر في مسيرته الأدبية أو تنتابه حيرة حول الأفق الإنتاجي ومستقبل الخط الكتابي لتجربته التي يروم بلوغ الكمال فيها  فيؤرخ لحياته أو لجزء منها  أو يعرض حياة غيره أو يسرد سيرة الأفضية و يدير حوارات بين  الأزمنة… ليستمد منها  الأفكار النيرة  ونهائج التفكير وعلامات المسار الصحيح ومخارج أزمة الكتابة و هذا ما حدث بالفعل للروائية المغربية المتألقة ليلى أبي زيد التي حاولت رسم أفق جديد  لمشروعها الكتابي من خلال  اختيار جنس السرد .

 ترى ما هي الدوافع الثاوية وراء رجوع ليلى إلى ماضيها ؟ وما هي التقاطعات والتمفصلات بين الحقيقة والخيال في منجزها السيري ؟

وهل ماضي ليلى أبي زيد مر ومؤرق لا يستحق إلا الدفن وطي سجل الوقائع  الشخصي أو هو نقطة مضيئة وعنصر قوة وبؤرة حياة جاذبة  حرية بالافتخار ومتابعة التجربة في أجزاء جديدة  ومن منظورات سردية مختلفة ؟

مهما كانت طبيعة العقد الذي تقترحه ليلى أبو زيد على المتلقي العربي فإن سيرتها تحيل على متون الحقيقة الصادمة والحالمة في نفس الوقت و على هوامش  الأسرار المعقولة واللامعقولة في آن واحد  كما تحمل الشيء الكثير  من الاستيهامات المحتكمة للتاريخ الشخصي والعائلي  والوطني و كذا تضع أمام القارئ حزمة  من الأجوبة المقنعة  عن أسئلة  ممضة عن الوجود الذاتي  والمشروع الوطني التأسيسي والمشترك الثقافي المغربي  الرمزي   ووضع المرأة المغربية من مختلف الأجيال تسمح  بصياغة جديدة  لأسئلة الذات و الهوية  والشخصانية الوطنية  والغدية  المستقبلية من قبيل   : من أكون ؟ وكيف صرت ؟  وأين ؟ ومتى ؟ وكيف ؟ وإلى أين ؟ وغيرها من التساؤلات التي طرحها فابيرو في المعجم الكوني للأدب ص 10 سنة 1876

فهل النص يصنع الحياة أم الحياة تصنع النص ؟  وما موقع  الوعي  من الحقيقة ؟ واللاوعي  من التاريخ ؟وما حدود التأريخ لأحداث الوطن ووقائع النفس  وهامش الاقتصاص  النثري والتسريد التاريخي  في فن السيرة ؟ وإذا كانت الرواية مركب تخييلي معقد يتميز باللعبة السردية والانضباط للقواعد الشكلية لتحويل التجربة الحياتية إلى عالم روائي آسر فعلى أية تقنية  أو اختيار جمالي استندت ليلى في تحويل تجربتها الحياتية في مركب السيرة التخييلي البسيط إلى معيش واقعي ساحر تتداخل فيه عوالم الحقيقة بعوالم الخيال وتعلو فيه درجة التطابق بالواقع ؟

 و هل المستحيل تحول في سيرة ليلى   إلى  ممكن  وهل صارت مذكراتها    سجلا  شخصيا وعائليا ووطنيا  للأحداث والوقائع  وهل تفاصيل  حياتها  ودقائق منظوراتها للمجتمع والسياسة والنفس البشرية أصبحت   اعترافات وبوحا بالمسكوت عنه واللامفكر فيه  ؟

 

 

*- 2- الخطاب المقدماتي/عتبات النص:

 

*-العنوان :

 

لعل ما يستوقف المقتحم للكون السيري لليلى أبي زيد الخطاب المقدماتي المؤثث  بعتبات نصها الكامل وموازياته خاصة العنوان الذي يعتبر  علامة لسانية  تختزل موضوع النص وتكثف وقائعه وتستهوي متلقيه ومعيد إنتاجه حسب ما  يرى ليوهوك   بل و يحيل  العنوان :  » رجوع إلى الطفولة « على التيمة النووية للسيرة  إذ يتكون  من جملة اسمية مركبة حذف أحد طرفيها ويتشكل  من:

1-رجوع : خبر مرفوع  لمبتدأ محذوف تقديره هي أي السيرة وجاء نكرة يلفه وشاح من الغموض تجاه الماضي يشق ولا يحجب يتناغم  مع طبيعته كمصدر لأسرار من حياة شخصية  وكون عام  مقيد بشبه جملة  تشتمل على جار متعلق بوسيلة الاستذكار  ومجرور مرتبط بغاية   المرحلة العمرية/ الطفولة التي يعنيها سرد الوقائع كما  تتضمن إحالة زمنية إلى مرحلة النشأة الأولى و هوامش حركة إلى الوراء  تحتمل وجوها حالمة تارة  ومنتفضة تارة أخرى صوب    الماضي.

2- إلى : حرف جر يفيد الغاية ونهاية الرجوع.

3-الطفولة :اسم مجرور بكسرة تدل على انكسار الطفلة أمام الأحداث وجسيم القضايا في محيطها الصغير والكبير مميز بأل التعريفية التي تخصصه في طفولة ليلى أبي زيد التي أطلقت صرخة الحياة  سنة 1950 وتشحنه بقدرة الحكي الاسترجاعي الحالم وميل إلى الاقتصاص اللذيذ المرتبط بالنشأة الأولى الموسومة بتأسيس مسار الحياة وتشكيل مقومات  الهوية  بدلالات البراءة والرغبة في اللعب والمداعبة والتحرر من  قيد المسؤولية و الحاجة إلى الرعاية الوالدية والسند النفسي والدعم الاجتماعي …والجنوح إلى التسريد وما يحمله من حمولة الذكريات السارة والممضة عبر شريط أحداث خطي يعكس تفاعلا متصاعدا مع العوالم الداخلية والخارجية للساردة  في إطار صراع خفي و معلن مع الرؤى والعوائد والحالات والتحولات المرتبطة بالحياة الشخصية والجماعية للمجتمع المغربي خلال فترة المطالبة بالاستقلال وغداة فجر الحرية ما بين سنة 1950 و1963 .

 

*-الصورة:

من أرشيف ألبوم العائلة القديم، باللون الأبيض والأسود ،يتناغم  محتواها مع فعل الاسترجاع وفتح كتاب متن وقائع السيرة، تحيل على طفولة ليلى وإحدى أخواتها وما تمثله من  عش للأحلام والذكريات، وما تعنيه من رمزية  تعلق  الطفولة  بالطبيعة، بكل تحمله من معاني  الفطرة والصفاء،  والميل  للرفقة البريئة وجنوح إلى الهزل  أكثر من الجد ورغبة في التعلم والانفتاح على العالم الخارجي وتصميم على ربط علاقات مع أفراد الأسرة والوسط خاصة الأثيرة الأخت  نعيمة التي تقاسمها ذكريات الماضي وخصوصيات المكان وسمات مرحلة الطفولة والمشمولة بعفو الله خديجة التي ترك حدث فقدها جروحا عميقة في البنية النفسية للساردة و في الذاكرة الجماعية لأسرتها . تلتفت إحداهما إلى الوراء لتخترق عيناها البريئتان جدار بناية قد تشير إلى منزل أسرة الجمعنة التي ينحدر منها الأجداد والجدات والآباء والأمهات وإلى مرابع  الولادة والنشأة الأولى  وسط طبيعة البادية المغربية بالقصيبة بإقليم بني ملال المزدانة بالخضرة والأمل ونبع الماء والحياة و ظلال الأشجار وقتامة الاستعادة وسواد الحزن وبياض الحلم وكل وشاحات الجمال الساحر فيستدعي المشهد الطفولي البريئ شريط الذكريات والتواريخ الشخصية  و يحيل على جاذبية المكان والفاعلية الآنية للزمان الممتلئ بالأحداث والوعي المتخيل الساحر تارة  والمتمرد الصارم أخرى الممزوج بتأطيرات المشترك الثقافي و التاريخي والاجتماعي والوطني للرؤية السردية  وكأنها تستعين بنظرات أمها  الفاحصة لتستكمل ذاتها وتتولى سرد إواليات  الوقائع و تنوير عتمة الماضي المجهول و المسكوت عنه واللامفكر فيه  . 

*-العلاقة :

تربط العنوان بصورة الغلاف ومضمون المحكي السيري علاقة تكاملية تعكس تنوع الوظائف بين الكل/ النص الكامل و الجزء / العنوان والصورة، إذ يكثف العنوان متن الوقائع ويختزلها ثم يحيل عليها  وتعمد الصورة إلى تجسيد المضمون القصصي  ويتولى النص تفصيله  وتدقيق جزئياته.

*- 3- موازيات النص :

 1- مقدمة :

بمثابة بيان أدبي يكشف واقع فن السيرة داخل منظومة الأنواع في نظرية الأدب العربي يجليه العقد الأوطوبيوغرافي الذي سيربط الساردة بالمتلقي العربي وفق  بنود ميثاق صريح وصادق :

1-ليلى تؤكد للمتلقي العربي إصرارها على نشر سيرتها رغم كونها امرأة تتجاوز  العقلية الذكورية وتتحدى  ثقافة الإخفاء وتكسر حواجز الكبت و المنع من البوح.

2-ليلى تصدق القارئ العربي في نقل وقائع من ماضيها بأمانة وتعترف بخصوصياتها وتصف بدقة أحوال أسرتها وتضبط طبيعة العلاقة التي تحكم البدو والحضر والمرأة والرجل والوطنيين والمحتل وتقيم حدودا فاصلة بين التفكير السحري والتفكير المتنور.

3-ليلى تعاهد الحس الوطني على الانخراط بتلقائية وصدق في الدفاع عن المسألة الوطنية وقضايا العروبة والإسلام.

4-ليلى تصارح القارئ العربي بالتلقي الإيجابي لنص سيرتها الروائية على مستوى الأسرة وعلى صعيد دائرة القراء والمناولة النقدية.

5- ليلى لا تألو جهدا في أن تقدم الأنا المتكلم في خطاب الأنثى لتكشف حقيقة المرأة المغربية في أواخر الأربعينات  وبداية الخمسينات بمدن القصيبة و صفرو والدار البيضاء والرباط المغربية المعروفة بالمحافظة على التقاليد والتزام سكانها بحسن الجوار والوقار ونبذ التلصص وإشباع الفضول والتعايش مع الأجانب عامة واليهود خاصة ومساهمتها في المقاومة السلمية والمسلحة وانخراطها في البناء الوطني والنقد الذاتي.

6- ليلى  تحترم نفسها وقارئها فتجاري تجربتها السردية تجارب رائدة تمثل الإرهاصات الأولية في فن الحكي الاستعادي الشخصي والغيري في الأدب المغربي ك: » زاوية » الوزاني و »علبة العجائب » للصفريوي و »في الطفولة » لعبد المجيد بن جلون والسيرة الغيرية لبول بولز.

وفي المقابل تنتظر ليلى من المتلقي العربي أن يكون شاهدا على إنسانية حياتها و أن يقرأ سيرتها بإمعان ويتواصل معها بفعالية  في أفق إعادة إنتاجها وتأويلها بشكل موح ومقنع وجميل.

2– إهداء أو استشهاد:

« ما من حياة وما من رواية لأية قصة إلا وتوفر معلومات هامة وتبصرا في وعي جماعي أوسع » ص 7 كلود ليفي شترواس.

يروم هذا الإهداء أو الاستشهاد بقول العالم الأنثروبولوجي الفرنسي إبراز إحدى وظائف عملية التسريد وهو النبش في الذاكرة الجماعية للمجتمع المغربي خلال الفترة الممتدة من سنة 1950 إلى 1963 المتزامنة مع عهدي الاستعمار والاستقلال حيث يعكس تاريخ التطور ودرجة الوعي الفردي والجماعي في مجابهة مختلف الوضعيات ويترجم مستوى التحضر الذي تجليه أنماط التقاليد المتبعة في الطهي والعمل والزينة والحرب.

 3– المقتطف:

« وهكذا كانت كتابة سيرتي الذاتية …من تلقاء نفسي. »

يعيد المقتطف  اختزال مشكلة الكاتبة  صاحبة مشروع السيرة الذاتية في جنس المرأة واختصار قضيتها في الإقصاء وعدم السماح للعقلية الذكورية المتسلطة المتجسدة في الاستعمار والجيل الأول من الرجال للأنثى بالكتابة و بممارسة حياتها الندية مناصفة مع شقيقها الرجل بفعل الخضوع للتقاليد والأعراف مما يستدعي التقنع بدل تعرية الذات وكشف عورات الواقع.

4-محيطات النص:

*- صاحبة النص.

ليلى أبو زيد روائية مغربية ولدت بالقصيبة سنة 1950  حاصلة على الإجازة في اللغة الإنجليزية من جامعة محمد الخامس بالرباط وجامعة تكساس في أوستين. عملت كمراسلة صحفية في هيئة الإذاعة البريطانية وبقسم الأخبار في التلفزيون المغربي كما اشتغلت بدواوين وزارية منها ديوان الوزير الأول. لها ثمانية أعمال أدبية في مجال السرد ترجمت إلى الإنجليزية والهولندية والألمانية والفرنسية  نص عليها كتاب المختار في تحليل المؤلفات  ص 28 هي:

1-عام الفيل ط1 1983 ط2 1987 رواية.

2-الفصل الأخيرط1 2000 رواية.

3-الغريب ط1 2002 مجموعة قصصية.

4-رجوع إلى الطفولة ط1 1993 ط3 2005…وط14 سنة 2012 سيرة ذاتية.

5-بضع سنبلات خضرط1 1979 أدب الرحلة.

6-أمريكا الوجه الآخرط1 1986 ط2 1991 أدب الرحلة.

7-محمد الخامس منذ اعتلائه عرش المغرب إلى يوم وفاته ط1 1979 مترجم.

8-ملكوم إكس سيرة ذاتية ط1 1996 مترجم.

 

والمتفحص لعناوين هذه المؤلفات يلمح غلبة  طابع السرد على كتابات ليلى أبي زيد والاهتمام المتزايد بالشخصيات والأحداث والوقائع مما قوى لديها النفس الحكائي بأنماطه المعروفة : السرد والحوار والوصف .هذا ويمكن ترتيب هذا المنجز الأدبي زمنيا على الشكل التالي:

1-بضع سنبلات خضر.

2-محمد الخامس منذ اعتلاء عرش المغرب إلى وفاته.

3-عام الفيل.

4-أمريكا الوجه الآخر.

5-رجوع إلى الطفولة.

6-ملكوم إكس.

7-الفصل الأخير.

8-الغريب.

*- مصدره.

رجوع إلى الطفولة سيرة ذاتية لليلى أبي زيد الطبعة الرابع عشرة سنة 2012 عن شركة النشر والتوزيع المدارس 10 زنقة جون بوان الدار البيضاء.

*- تصنيفه.

من خلال العنوان وبعض مؤشرات الغلاف من قبيل الصورة يمكن تصنيف النص الكامل ضمن جنس السيرة الذاتية أوالسيرة الذاتية العائلية على شاكلة عمل توماس مان في رواية آل بودنبرك سنة 1901 .وتسمح مجموعة من المسوغات الأدبية بهذا التصنيف أوردها فيليب لوجون في الميثاق الأوطوبيوغرافي ترجمة عمر حلي ص23-22و سنة1994  أوردها كتاب المختار في تحليل المؤلفات ص12:

1-شكل اللغة :حكي نثري.

2-الموضوع : التأريخ لحياة فردية أو لشخصية معينة.

3-وضعية المؤلف : تطابق شخصية الكاتب الذي يحيل على شخصية واقعية مع شخصية السارد.

4-وضعية السارد: تطابق السارد والشخصية الرئيسية وحضور المنظورالاستعادي في الحكي.

يحاول  فليب لوجون في كتاب السيرة الذاتية الميثاق والتاريخ الأدبي الطبعة 1994 ترجمة عمر حلي ص8  ضبط مفهوم هذا الجنس الأدبي في: » حكي استعادي نثري يقوم به شخص واقعي عن وجوده الخاص وذلك عندما يركز على حياته الفردية وعلى تاريخ شخصيته  »  ويعتبر معجم لاروس  سنة 1866 محكي الحياة أوالسيرة  الذاتية  : »حياة فرد ما مكتوبة من طرفه » ص 10 ويعرف فابيرو في المعجم العام للآداب سنة 1976 السيرة الذاتية هي  » أي عمل أدبي …يسعى من خلاله المؤلف…إلى حكاية حياته وعرض أفكاره وتشخيص إحساساته » والقاسم المشترك بين هذه التعاريف هو التأريخ والصدق والتطابق بين الوقائع والواقع إلا أن جنس السيرة  عرف تطورا على يد فليب لوجون ليستوعب إلى جانب الذاتية التخيل والاستيهام.

يتبع

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. ASSIA
    15/10/2013 at 12:55

    SALAM

  2. yasmine
    26/10/2013 at 19:10

    had alma9al fadni bzaf f chi hwayaj ou men khilalo 9dart nt3araf 3la alkatiba laila ou brit tgol haja ll9ariin bianaho wakha khraj had l ourdinateur kayb9a alkitab khayrou jalise

  3. safae safoa
    14/02/2016 at 18:28

    fe saraha hadxi fadni bzaf wa lakine men lahssan el roujou3 ila lkitab kifma 9alt yasmine hadxi afdal et mrc pour toute

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.