سياقات و وقائع متعددة،واكبت مؤخرا، ملف الصحراء المغربية، أولها يتمثل في إعلان المغرب سحب ثقته من المبعوث الأممي للصحراء السيد كريسوفر روس،نظرا لتحيزه- حسب النظرة المغربية- إلى الأطروحة الإنفصالية، لكن رد الفعل جاء قويا من بان كي مون الذي تشبث بمبعوثه، وسايرته على نفس المنوال الدول الخمس العظمى الماسكة بزمام القرار الدولى.وقد مارست واشنطن ضغطا غير مسبوق على المغرب،حيث ربطت بين  استقبال وزير الخارجية المغربي بمقر الخارجية الأمريكية،وإعادة قبول المبعوث الأممي،أمر جعل المغرب يرضخ لواقعه، و يقبل بالسيد كريستوفر روس كوسيط أممي.وقد كشف هذا التماس الديبلوماسي، غياب إطار لتدبير وحل الأزمات بين الرباط و واشنطن.
ثاني السياقات تجسد في انطلاق الحوار الإستراتيجي بين البلدين،هدفه المعلن الدفاع بإنجاح المفاوضات الإقتصادية،إلى إيجاد أرضيات مشتركة يكون ملف الصحراء في صلب اهتماماتها.ومن بين الأمور التي تثيرها واشنطن في هذا الموضوع،مستقبل الجيش المغربي ،و إعادة انتشاره في أي تحول مرتقب في الصحراء المغربية ، بشكل يضمن أمن البلد الداخلي، و أمن غرب أفريقيا،كما تروم الإدارة الأمريكية بالدفع بحوار بين الحكومة، و الجيش المغربي القادر على تنزيل الحكم الذاتي لمعرفته بخبايا الواقع الجيوسياسي و الجيواستراتيجي.
ثالث السياقات يتمثل في زيارة للمقرر الأممي حول التعذيب، خوان مينديز، للوقوف على مستوى حقوق الإنسان، و تطوره على الأرض على مستوى التراب الوطني، و هي خطوة ذكية من المغرب،لتعميمها على جميع مناطق المغرب، وسحبها بالتالي من يد المينورسو،التي شكلت مطلبا للبوليساريو و حليفتها الجزائر، هذه الأخيرة قادت حملة شرسة ، مربوطة بالإغراءات المالية، في أوساط عدة دول، لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء.
رابع السياقات،تجسد في زيارة وفد  » مؤسسة كنيدي » إلى الأقاليم الجنوبية، و ما قدمته  من تقرير منحاز إلى جبهة البوليساريو.
هكذا نستشف أن القوى العظمى بقيادة واشنطن عاقدة العزم على إيجاد حل في الصحراء، يكون الحكم الذاتي ارضية لها، لكن شريطة توافق مختلف الفرقاء. و من بين الحلول المقترحة، انتخاب حكومة مدنية و برلمان صحراوي، في الصحراء لفترة انتقالية،  وبعد ذلك تحدد ساكنة الصحراء مستقبلها. ونلمس هذه الإرادة، في إطار تدبير منطقة غرب أفريقيا و الساحل من مخاطر تنظيم القاعدة و التنظيمات القريبة منه، كتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي بالجزائر و أنصار الدين التي استولت على شمال مالي.وفي سياق متصل، نشير إلى أن باماكو طلبت دعم المغرب و تشاد في حرب خاطفة على شمال مالي، لطرد الحركات المتطرفة، و منها « أنصار الدين »، موقف قد لا يروق لقصر المرادية،باعتبار تواجد قوات مغربية في حدود بلده الجنوبية. و الذي يتقاطع مع موقف باريس التي أبعدت من طرف واشنطن لتدبير هذا الملف،الذي يشكل أحد أوجه الصراع للسيطرة على خيرات أفريقيا بين واشنطن و باريس.
وحسب إحدى الجرائد الوطنية،فإن خليهن ولد الرشيد،قد يعين في المستقبل القريب مستشارا للملك مكلفا بالحكم الذاتي،ومنسقا كبيرا مع كريستوفر روس لرفع الإتصالات بين المغرب و الأمم المتحدة حسب ما أفادت به الجريدة نفسها.
لقد رفعت القوى العظمى من منسوب ضغطها على فرقاء الصراع في ملف الصحراء،لإيجاد حل يضمن استقرار المنطقة و يبعدها عن شبح التوترات،واقع منشود يتقاطع من مصالح هذه القوي الدولية، ويتطلب إدارة جيدة من طرف الديبلوماسية المغربية، المطلوب دعمها من طرف القوى السياسية و المدنية في سياق مقاربة تشاركية،لأن تطبيق الحكم الذاتي من جانب واحد كما دعى إليه حزب العدالة و التنمية، أمر صعب المنال حسب المقاربة الأمريكية المتجسدة في الحوار الإستراتيجي مع المملكة.