Home»International»الربيع العربي أحقيقة أم مجاز ؟؟؟

الربيع العربي أحقيقة أم مجاز ؟؟؟

0
Shares
PinterestGoogle+

الربيع العربي أحقيقة  أم مجاز ؟؟؟

 

محمد شركي

 

ينقسم الشارع العربي  من محيط الوطن إلى خليجه على نفسه بخصوص توصيف ما يسمى الربيع العربي . فجزء من الشعوب العربية تسميه ربيعا  على وجه الحقيقة ، وقد قنعت بما كان بعد طول جمود ، والجزء الآخر لا يعتبره كذلك لأنه ربيع دون الطموح المنشود . وأمام انقسام الشعوب العربية بخصوص ربيعها يصير السؤال الآتي مشروعا : هل الربيع العربي حقيقة أم مجاز ؟؟؟  ومعلوم أن التمييز بين الحقيقة والمجاز يتوقف على القرائن الفاصلة بينهما . فإذا بدأنا بأول بلد عربي أزهر ربيعه وهو تونس الخضراء ، نجد هذا الربيع لم تتبين معالمه بشكل واضح بعد ،فهو ربيع بما سقط من ضحايا أمواتا وجرحى ، وهو ربيع لم يتجاوز  فترته الانتقالية، ولا يمكن الحكم على ربيع في فترته الانتقالية ، وهي فترة لا يمكن الحسم فيها بين خيط أبيض وخيط أسود . وعدم التمييز بين الخيطين في هذا الربيع يدعو إلى الريبة والشك في حقيقته  . أما البلد الثاني الذي أزهر ربيعه وهو أرض الكنانة ، فلا زالت الحال على ما كانت عليه جيش تدخل للفصل بين الشعب وبين شرطة وبلطجية النظام الساقط من أجل  ضمان تسليم السلطة للشعب ، إلا أنه لا زال  لم يتجاوز فترة الفصل هذه ، بل بدأت الشكوك تحوم حول نواياه ، وآخر ما حدث  من صدام بينه وبين الشعب يدل على أن الجيش المصري لم يتدخل لصالح ربيع مصر ، وإنما  تدخل لأمر آخر ستكشف عنه الأيام المقبلة . وأما البلد الثالث الذي أزهر ربيعه وهو ليبيا ، فانتهى ربيعه إلى قتال الشعب بعضه البعض بعد القضاء على طاغيته ، وصار السلاح الذي أسقط الطغيان يستخدم من أجل طغيان جديد قوامه الطائفية والعقلية الانفصالية . وأما البلد الرابع الذي أزهر ربيعه فهو اليمن السعيد الذي لا زال يتخبط في مرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الشك بسبب خلق الطائفية مناخا أفسد ربيع اليمن ، بحيث صار للنظام الفاسد نفس الحظ الذي للشعب الثائر عليه ، ولم تعد المعادلة وجود جلاد وضحية ، بل وجود طرفين وقع بينهما خلاف ، وتمت تسويته عن طريق صفقة خارجية . وأما البلد الخامس الذي أزهر ربيعه فهو البحرين ، وربيع  هذا البلد يختلف عن ربيع غيره ، لأنه ربيع طائفي لا يعني سوى الطائفة الشيعية التي تمثل طابورا خامسا للدولة الشيعية الإيرانية في العمق الخليجي . وأما البلد السادس الذي أزهر ربيعه فهو سوريا والذي لا زالت دماء شعبه تسيل بغزارة  ، وقد وجد نظامه الطائفي دعما من النظام الطائفي الرافضي الإيراني ، ومن عصابات حزب اللات اللبناني الرافضي ورافضة العراق ، ومن الدب الروسي ،  وذلك من أجل إجهاض الربيع العربي السوري ، ومن ثم التأثير على كل ربيع عربي محتمل  النجاح  

. ومقابل هذه البلدان التي أزهر ربيعها تأتي باقي البلدان العربية  الأخرى  التي لم تعرف ربيعا بالشكل الذي عرفته البلدان السالفة الذكر ، وإنما عرفت أنواعا من التحركات الشعبية كما هو حال المغرب والأردن  والسعودية . وقد تعاملت أنظمة هذه البلدان مع ما يسمى  ـ تجاوزا ربيعا ـ  بطرق غير طرق الأنظمة النافقة في تونس ومصر وليبيا واليمن وسوريا ، حيث تمت الاستجابة لمطالب  شعوبها بشكل أو بآخر يلتبس بين الالتفاف  والتنازل ،  تجنبا لمسار ربيع غيرها ، فكانت تغييرات على مستوى الدساتير ، وكانت انتخابات ، ولكن شعوب هذه البلدان منقسمة أيضا إلى مقتنعةبهذه التغييرات ، ومشككة فيها . والخلاصة أنه لا يمكن أن نجزم بأن ربيع هذه البلدان كان ربيعا بالمعنى الدقيق  كما كان في غيرها . وبقيت دول أخرى لم تعرف ما يمكن تسميته ربيعا ، لأنها كانت تعيش نزيفا طويلا  منذ زمن بعيد وكانت السباقة للربيع مثل بلاد الجزائر التي  يحاول نظامها نهج أسلوب الأنظمة العربية التي اختارت التغيير السلمي عن طريق الانتخابات تجنبا لعودة الربيع من جديد  . ولا زالت دول عربية أخرى تترقب  أن يزهر ربيعها مثل السودان وموريتانية ، كما أنه لا زالت بلدان أخرى لم يزهر ربيعها  أصلا  نظرا لوضعها الخاص لأنها محتلة كفلسطين  والعراق ، أو لأنها لا تتوفر فيها ظروف إزهار الربيع مثل باقي دول الخليج التي تنفق أنظمتها المال من أجل تجنب إزهار ربيع شعوبها . وعندما يكشف النقاب بهذا الشكل عن طبيعة  ربيع الشعوب العربية تبدو القرائن لفائدة ربيع مجازي أكثر منه  ربيع حقيقي . والسؤال الذي يلي السؤال الأول هو ما هي الجهة الدولية التي من صالحها أن يظل الربيع العربي مجازيا وليس حقيقيا ؟   ولقد تدخلت قوى دولية في مسار الربيع العربي الليبي ، وتدخلت قوى أخرى في مسار الربيع السوري ، ومسار الربيع البحريني ، وانكشف صراع قوى دولية بخصوص الربيع العربي هنا وهناك  في الوطن العربي ، وهو صراع مصالح على حساب الشعوب العربية التي علقت آمالا عريضة على ربيعها ، والذي أفسدته أطماع  قوى دولية متورطة في الشأن العربي تورطا مكشوفا وممقوتا

. إن هذه القوى الدولية المتورطة في  الشأن العربي تفعل ما تشاء بشأنها دون أن تتدخل الشعوب العربية فيه. فالنظام الروسي فعل بانتخاباته ما شاء فتحايل على شعبه ليكرس الديكتاتورية التي لم تغادر روسيا  منذ سقوط القيصر فيها . والنظام الأمريكي   يفعل في انتخاباته ما يشاء وهو يداول السلطة بين حزبين  لا يفوز منهما إلا الذي يلبي أكبر قدر من مطالب اللوبي الصهيوني الذي يسيطر على ولايات هذا البلد الكبير. وفرنسا فعلت في انتخاباتها ما شاءت حتى أن حزبها اليميني العنصري حصد  حوالي 20٪ من الأصوات  وهو مؤشر خطير على الأمن العالمي كما كان شأن العنصرية النازية والفاشية  دون أن تشعر بالخجل . وكذلك شأن دول أوربية فازت فيها الأحزاب العنصرية ولم تشعر بحرج ، إلا أنها لا ترى حرجا في التدخل في شأن الانتخابات العربية خصوصا تلك التي أفرزت وصول أحزاب إسلامية إلى مراكز صنع القرار. فهذا الموقف المستغرب من قوى دولية له دلالة واحدة ، وهو أن هذه القوى تعتبر البلاد العربية مناطق نفوذ لها ، وتجيز لنفسها التدخل في شأنها خصوصا وأنها بلاد ثروات هائلة  بها تصنع هذه القوى رفاهيتها على حساب الشعوب العربية التي لا زالت تعاني من الفقر والجهل والأمية والمرض والاستبداد والظلم  وغير ذلك مما لا تجيزه القوى الدولية لشعوبها

. فماذا لو فاز  في البلاد العربية  مثلا حزب عنصري يصرح بكراهية الغربيين كما هو حال الحزب العنصري اليميني الفرنسي وغيره من الأحزاب الأوروبية الذي تصرح بكراهية العرب والمسلمين ؟   ألم تجيش الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون الجيوش لغزو أفغانستان بسبب سيطرة حركة طالبان على الحكم ، وهي في تصور أمريكا وأوروبا حركة دينية متطرفة  ؟  وهل يحق للبلاد العربية أن تجيش الجيوش لغزو فرنسا مثلا لو أن حزبها  اليميني العنصري وصل إلى الحكم  ؟   وأنا أتابع اليوم الأخبار سمعت تعليقين يكشفان كيف تبخسنا القوى الدولية حقوقنا : الأول يتعلق  بقيام قيامة العالم بسبب الأسير الصهيوني شاليط  بالأمس مقابل الصمت المطبق  اليوم بخصوص الأسرى الفلسطينيين  المهددين بالموت في السجون الصهيونية الرهيبة . والثاني  يتعلق  بما تعرضت له سيدة أمريكية غيرت دينها من المسيحية إلى الاسلام  على يد مديري  شركة اتصال  أمريكية عملاقة حيث أهينت من خلال خلع حجابها  ، وشتمت بسبب عقيدتها في بلد الحريات ـ يا حسرتاه ـ كما يصم الإعلام الغربي آذننا بذلك . فماذا لو أهان  المسلمون  مسيحية بسبب عقيدتها  كما فعل الأمريكان ؟؟   وخلاصة القول  أنه سيكون لنا قول آخرعندما  ينتقل الربيع العربي من المجاز إلى الحقيقة .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *