Home»International»السنة اللغم

السنة اللغم

0
Shares
PinterestGoogle+

ما أشبه الأمس باليوم ، فقد تتشابه الحروف بل هي متشابهة حتما في العتمة والغموض المحفوف بالمخاطر بين رأسين ، رأس سنة جعلني أكتب في هذا الموقع المتميز  السنة الماضية مقالا تشاؤميا فيما يخص قادم سنة 2011 تحت عنوان ((من رحم  سنة كثر فيها الدمار والكوارث الطبيعية ))… ويبدو أن تزايد الكوارث هذه السنة أيضا  ( تسونامي اليابان المدمر  وزلازل و .م. أ وتركيا وأندونسييا وفياضانات باكستان..)) وكذلك  تشابك أحداث بني البشر جعل الترابط حتميا بين السنوات ، وعلى ضوء ذلك فرأس السنة الحالية وجب وضعه في سياقه الطبيعي  لأن هذا الرأس أينع وأصبحت فاكهته تطاوع الجاذبية والسقوط ، فعن أي احتفالات يتحدثون ؟؟ وقد جعل الجنازون من الإنس فصول 2011 نعوشا  وأكفانا ، فرهبة المآثم ، وثورة الغمام الربيعي  انسكب الدمع والدم  منهما مدرارا ، فأي وقوف أو  تجمهر واحتفاء ناجحين لن يكون إلا مراثي وشموعا إجلالا لروح المفقودين تغمدهم الله بواسع مغفرته في جميع الدول العربية التي استبيح فيها الجماد والأخضر واليابس.

     إن أحداث 2011 لا تتسع المساحة لجردها ، وأكبر المعاهد  المتخصصة في الدراسات الإستراتيجية  لم تكن تتوقع الأمواج  البشرية العاتية التي  تدفقت في الشوارع العربية  من المحيط إلى الخليج ، وفي حقيقة الأمر كانت نتيجة حتمية للإحتقان الشعبي الواسع، فالسنة المنصرمة  سجلت نصرا نفسيا كبيرا و سابقة في التاريخ  العربي وهي أن صوت الحق لا يمكن إخراسه بالقوة التي دأبت الأنظمة في ممارستها  على مدى احتكاكاتها السابقة مع شعوبها ، وأهم وسائل هذا  النصر الجماهيري هو الثورة الرقمية والتكنولولجية المذهلة التي كانت  أهم  الوسائط التي نسقت وتنسق احتجاجات الجماهير،منذ أن رفض المرحوم محمد البوعزيزي  لبس ثوب نسوي كما جرت العادة  في العرف التونسي فيمن تصفعه امرأة  و إقدامه على  تصفية جسده بالإنتحار حرقا ، خصوصا عندما  مارست عليه السلطة امرأة ((بوليسية))  ولعل هذه هي  النقطة التي أفاضت الكأس  وأججت مشاعر الغضب اتجاه  استبداد الأنظمة  وأجهزتها التي عاثت في البلاد فسادا…فكل قطرة  دم سالت ؛ كانت تزيد نار المظاهرات تأججا و اشتعالا وطبيعي أن تستمر  في قادم أيام سنة 2012 بالرغم من  التنكيل والأعداد الكبيرة من القتلى  والمجروحين والمفقودين…  فقد قال الشاعر أحمد مطر في غباوة  من يريد إخراس الأصوات البريئة بلغة القمع والرصاص.

قطفوا الزهرة… قالت من ورائي برعم سيثور

قطعوا البرعم… قال غيره ينبض في رحم الجذور

قلعوا الجذور من التربة… قال إنني من أجل هذا اليوم خبأت البذور

كامن ثأري بأعماق الثرى

وغدا سوف يرى كل الورى

كيف تأتي صرخة الميلاد من صمت القبور

تبرد الشمس ولا تبرد ثارات الزهور

      نعم فأرواح الشهداء  تنبعث من المقابر لتداهم كل الأرجاء ، لن تترك الجلادين والسفاحين يهنئون في

النعيم ، لأن هناك جراحات لم تندمل بعد في بعض  الدول العربية خصوصا مصر وتونس وليبيا و العراق   الذي تدوسه السنوات  بقسوة، ونزاعاته واختلافاته العرقية والقبيلية  والمذهبية تزداد اتساعا  ، وقد  انتقل هذا المرض الخبيث  إلى دول أخرى كاليمن والبحرين  وسوريا ، فأصبحت مظاهرات البسطاء والمحرومين والتواقين إلى الحرية ممزوجة بالثأر والإنتقام الذي أصبح وشما أسود  يرسم  خارطة الطريق المستقبلية؛  فالسنة والشيعة والعلويين والأكراد…… هم في انفصام سحيق وفي حالة من الهجوم والثأرواللاسلم ؛  فيما يشبه العودة إلى الجاهلية الأولى ؛ إضافة إلى التركيبة القبلية المعقدة والمبنية على عقدة التفوق والجاه وحب التسلط والتملك   ، أما ذلك الفسيفساء الجميل الذي ميز الدول العربية يبدو تناغمه وتراصه في كف عفريت  لأن الإطار الموضوعي  الذي خلقت من أجله هذه الثورات  يبدو على أنه امتزج بالثأر المدمر للبلاد والعباد…. وقد قيل قديما  ((في سعيك للثأر إحفر قبرين.. أحدهما لنفسك ))

  إن  أهم رهانات الحكومات العربية هذه السنة ، خصوصا الإسلامية منها التي وضعت فيها شعوب المغرب والجزائر وتونس  ومصر الثقة هي إعادة ترتيب البيت الداخلي  وخلق مصالحة وطنية شاملة بين الشعوب والأنظمة الحاكمة  واستقالة غير المرغوب فيهم شعبيا ، ووقف هذا التطاحن الذي ينخر النسيج الإجتماعي بشكل متسارع  وذلك لإخراج المنطقة العربية من الغموض  الذي تعيشه ..ويجدر الإنتباه كذلك لبعض الكائنات المجهرية  التي  تتوق للتعملق بتقزيم وحدة الدول العربية ، لأن القزم لا يبتغي غير قبيلة   الأقزام موطنا..فقد سجلنا بكثير من الأسف هذه السنة التي نودعها أن قطر  بأميرها وموزته   تلعب دورا كبيرا في هذا الشأن وتكفي الإشارة إلى أنها أول دولة في العالم إلى جانب إسرائيل طبعا  تعترف باستقلال  جنوب السودان  وقد قامت أيضا بتقزيم خريطة المغرب في الألعاب العربية التي أقيمت على أراضيها  لكن أبطالنا ردوا بلغة الإنتصارات بعدما عجزت الدبلوماسية  المغربية  عن اتخاذ موقف حازم، زد على ذلك بحثها عن ريادة لا تستحقها  تحت وصاية وإملاءات أجنبية .

سنتكم سعيدة ؛ مليئة بالمفاجآت السارة

وكل عام والأمة الإسلامية بألف خير

محمد بوعلالة

      bouallala7@gmail.com

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *