زاد رحلة الشقاء إلى الوطن العزيز
تقدر الجالية المغربية القاطنة خارج الوطن بأكثر من3 ملايين نسمة، وكانت تعتبر طيلة السنوات الأخيرة أول مصدر للعملة الصعبة إلى حدود سنة 2007 ، حيث تراجعت مساهمتها بسبب توالي الأزمات الاقتصادية والمالية التي تعرفها دول الاستقبال بصفة خاصة والنظام الرأسمالي بصفة عامة، وما ينتج عن ذلك من أزمات هامشية تصيب الجاليات الأجنبية في الصميم، ورغم ذلك لا زالت مساهمة الجالية المغربية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في مجموع أنحاء البلاد بادية من خلال مشروعاتها الاستثمارية وعائداتها وتحويلاتها المالية التي تبلغ 55 مليار درهم سنويا ما يعادل 6.6 مليار دولار، مما جعلها تحضى باهتمام متزايد في الأوساط السياسية ، حيث بادرت مؤسسة محمد الخامس، منذ السنوات الأولى لنشأتها، بإطلاق عملية إنسانية فريدة من نوعها، تروم مواكبة تنقل المغاربة، بين بلد إقامتهم « أوروبا »، وبلدهم الأصلي « المغرب »، خلال فصل الصيف لتقديم يد المساعدة للمسافرين في وضعية صعبة، كالأشخاص المسنين، والنساء الحوامل، والأطفال، والأشخاص المعاقين، والمتضررين من جراء مخاطر التنقل… يجب أن نعترف أن الدولة المغربية بذلت مجهودات جبارة ومشكورة تروم الاهتمام بالجالية المغربية في الخارج مقارنة بالكثير من جاليات الدول الأخرى، ونطالبها المزيد من الاهتمام السياسي والثقافي والتربوي والإعلامي، وأكثر من ذلك المزيد من المتابعة الميدانية للقرارات المتخذة التي عادة ما لا تتجاوز مستوى الخطاب ويتم تحريفها أو تجاوزها وعدم العمل بها، ولعل أسهلها عملية « مرحبا » التي تشرف عليها مؤسسة محمد الخامس كل سنة والتي تستغرق 3 أشهر، حيث تتواجد موظفات المؤسسة بزيهن المعروف، إلا أن هذا التواجد غير دائم، ولا يغطي اليوم كله، والمغادرون أو القادمون إلى المغرب في وقت متأخر من الليل أو في الصباح الباكر، لا يستفيدون من خدمات هذه المؤسسة ، أو الاستعانة بها في حالة وقوع مشكل إداري أو تنظيمي، وشخصيا سافرت للخارج عدة مرات عبر ممرات وسائل مختلفة، ولم أشاهد هؤلاء الموظفات إلا من خلال التلفاز، ويظهر أن عمل المؤسسة الميداني ينتظم حسب التوقيت الإداري الرسمي ، مما يحرم الكثير من المسافرين من خدمة المؤسسة ويفتح الباب أمام أصحاب النفوس الضعيفة للتعسف على الناس، والتماطل في انجاز الوثائق وتوقيعها، كما حدث لنا يوم 18- 08 – 2011 في ميناء طنجة المتوسط،, لقد جرت العادة أن تتواجد داخل البواخر القادمة من الضفة الأخرى الشرطة المغربية من أجل طبع جوازات السفر، وكذلك رجال الجمارك من أجل تعبئة » بيان قبول مؤقت لوسائل النقل »( وهي وثيقة خاصة بالسيارات الأجنبية)،وتواجدت شرطة الحدود التي قامت بواجبها على أكمل وجه وفي سلاسة تامة لأن عدد المسافرين كان قليلا،وغاب رجال الجمارك مما اعتبره العارفون دليلا على أن دخولهم هذه المرة إلى المغرب لن يكون سريعا كالعادة، وكما يبشر به التلفزيون.
لقد تأخرت الباخرة بأكثر من نصف ساعة على موعد الإبحار المعلن،فبدلا من الساعة 20 و30 دقيقة، لم تبحر إلا بعد الساعة 21 و05 ، حيث تم إخبار المسافرين في ميناء الجزيرة الخضراء،قبيل الإفطار، بأسلوب غير واضح ومبهم ،بأن الإفطار متوفر في مطعم الباخرة، وظن الجميع بأن الإفطار بالمجان ،خاصة أن الجالية تعودت على تنظيم الإفطارات المجانية خلال شهر رمضان في كل المدن والقرى التي يتواجد فيها المسلمون ، وأمام تسابق الناس إلى المطعم ، سألت باستحياء أحد عمال الباخرة الذي أخبرني بأن الفطور مؤدى عنه، مما جعلني أحتفظ بمقعدي ، أمام استغراب بعض المسافرين، الذين سرعان ما تخلى الكثير منهم على الأطباق والأواني التي سبق لهم أن ملؤها بكل ما طاب ولد من » شهيوات رمضان » ، وعادوا إلى زاد رحلة الشقاء إلى الوطن العزيز، لتعجيل فطورهم …بعد رسو الباخرة التي كانت ضعيفة السرعة حيث استغرقت الرحلة حوالي ساعتين، اتجهت السيارات لمسافة تتراوح ما بين 2 أو 3 كيلومترات،عبر ممر محروس ومحمي لتفادي الازدحام ، للوصول أخيرا إلى الجمارك حيث توجد عدة مكاتب ويمكن اختيار إحداها للقيام بالإجراءات الخاصة بالسيارة تم الخضوع لعملية التفتيش، فاتجهنا إلى إحداها، وقبل الاتصال المباشر بالجمركي المكلف توجد علامة « قف »،وعلى المسافر أن ينتظر الإذن للتحرك،وأمام استمرار الجمركي في الحديث مع أحد زملائه،دون مراعاة الظروف الصحية والمعنوية للمسافرين ،الذين قطعوا مسافات طويلة دون استراحة وفي أجواء رمضانية صعبة ،ومنهم المريض، ومنهم من تنتظره مسافات طويلة يجب قطعها للوصول إلى هدفه ،والأطفال يبكون،و النسوة تتألم، ومنهم من قطع 3 أو 4 حدود دول أروبية أو أكثر، بسهولة تامة وبدون عناء قصد الوصول إلى بلده ليصل رحمه…
أمام استمرار هذا الجمركي في تجاهلنا، اضطررنا إلى تنبيهه بأضواء السيارة، فأذن لنا بالتقدم، وكانت أوراق سيارتنا أول الأوراق التي تسلمها الجمركي وقدمها للجمركية المتواجدة داخل المكتب الصغير لإدخال المعلومات في الحاسوب وتسجيل السيارة،فانشغلت هي الأخرى بالحديث مع جمركي أخر وتركت الناس ينتظرون، مما هيج الناس خاصة الجيل الشاب الذي ازداد في الخارج والمتشبع بالديمقراطية وحقوق الإنسان، والمتميز بالجرأة الأدبية، ونظرا لأننا كنا من المحتجين، تعمد هذا الجمركي الشاب على تأديبنا ،ووضعنا في لائحة الانتظار، وبالتالي دفعنا دفعا إلى استعمال لغة » الصباط » وإظهار العين الحمراء، فطالب بتفتيش السيارة فسمحنا له بذلك على أساس أن يرجع الحقائق بنفسه إلى أماكنها، لأن الرحلة من مدينة « ليل » بفرنسا إلى الجزيرة الخضراء باسبانيا والتي تمتد على طول 2133 كلم، قطعناها بدون توقف ملحوظ في ظرف 20 ساعة، مما أنهك قوانا، بالإضافة إلى ظروفنا الصحية التي ازدادت سوء بسبب طول الرحلة وعناءها، فحار الجمركي وارتبك خاصة بعد أن كثر المحتجون، الذين كانوا ينتظرون فقط من يعلق الجرس،ليساهموا في الاحتجاج، والحمد لله الذي شرفنا كالعادة، وكنا من الذين فعل ذلك…لقد كان مقررا تقديم شكوى ضد هذا الجمركي لإدارته المركزية بالرباط، خاصة وأن اسمه مدون في إحدى الأوراق الخاصة بالسيارة، إلا أن أفراد العائلة تخلوا عن المشروع بعد أن وصلوا إلى وجدة ،في إطار » المسامح كريم ، ونحن في شهر الغفران »…
وهكذا ضاعت و تضيع الحقوق، إلا أن ما يحز في نفسي أن الجمركي والجمركية ، شباب لا تتجاوز أعمارهما 30 سنة،إنهم في سن تلامذتنا وطلبتنا، وأبناء الطبقات الشعبية وخريجو المدرسة العمومية ، ويتعسفون على عمالنا في الخارج بهذا الشكل البشع، مما يدلل مرة أخرى بأن المدرسة العمومية بكل مقومتها، ولا استثنى أحدا، فشلت فشلا دريعا في إنتاج المواطن الصالح،والموظف الكفء الذي يؤدي عمله بكل نزاهة ومهنية ، دون تعميم،فبالأحرى أن تخلق النخب والأطر القادرة على تقعيد وتنزيل مقتضيات الدستور الجديد، ونحن نغادر ميناء طنجة المتوسط استحضرت خطاب العرش لسنة 1952 للمغفور له محمد الخامس الذي شبه فيه السلطان الحماية » بقميص ضيق وقصير لصبي شب وترعرع ولم يعد القميص صالحا له »، وأخشى أن يكون الدستور الثوري الذي صوت المغاربة عليه « قميصا واسعا… »، أتمنى أن تكون هذه مجرد هواجس ذاتية أملتها الجغرافيا ، ومكانة البشر عند الأخر وعندنا، وأن ما وقع شاذ والشاذ لا يقاس عليه، لقد عدنا إلى مدينتنا سالمين غانمين، والحالة هذه لا يسعنا إلا ترديد قول رسول الله( صلعم): » لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير ، آيبون ، تآئبون ، عابدون لربنا حامدون ، صدق الله وعده ، ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ».
ملاحظة:ونحن بالخارج قرأت في تعليق للسيد » بيطوي »على تعليقي على مقال الأخ العزيز » الطيب زايد »، ونظرا لإكراهات العطلة وفي إطار » لا تبدل زهو بالشقا »، والتزاما بعدم الكتابة خلال العطلة الشخصية و السفر مع العائلة،ولولا الموقف الشهم للأستاذ » زايد الطيب » لما خرجت عن القاعدة، وحتى الإخوة الذين رزئوا في إحدى أقاربهم تمت تعزيتهم عبر الهاتف، كنت خارج الوطن وفي شهر كريم، ولم يكن لائقا أن نسب بعضنا من وراء البحار، تفاديت الرد عليه، وحتى لا يظن أنني تهربت من الجواب ،أخبره أن اللبيب ينتقد المضمون وليس الشكل،وإذا تضخمت لديه « الأنا » ،فقدماؤنا يقولون » أعود بالله من قولة أنا »، وعبارة » من أنتم؟ المقتبسة من الدكتاتور القدافي،فجوابها أننا نتكلم باسم شريحة عريضة من القراء ،وأنت لست واحد منها، يؤيدون ما نقول ، وعادة ما تكون مواضيع مقالاتنا مستوحاة من مشاكلهم، اللهم إني صائم، وبه وجب الإعلام.
2 Comments
Nos compatriotes à l’étranger n’ont pas besoin de jeunes femmes sympathiques et serviables pour régler leurs problèmes dans nos aéroprt, mais de l’application pure et simple des lois et réglementations en vigueur pour tout le monde et sans exception, comme c’est le cas dans tout aéroport de par le monde. Si on avait procédé ainsi, on n’aurait pas besoin de mobiliser tout ce potentiel humain pour une opération de transit tout à fait ordinaire.
لا تذهب بعيدا يا أستاذ ،مجرد ملاحظة حول لقظة « نحن » المتعالية،و قد كان عليك أن تستمع الى كل ملاحظة بدون انفعال.أما « كتابتكم » لشريحةعريضة من القراء كما تقول وتستثنيني منهم فذلك ما كنت أعتقد دائما ،وهذه المرة قد أصبت