لماذا تعاكس اسبانيا مصالح المملكة المغربية ؟

تعتبر اسبانيا أقرب دولة أوروبية للمغرب، و تجمعنا روابط تاريخية و ثقافية،فالحضارة الأندلسية مازالت راسخة في منطقة الأندلس،من قصر الحمراء،و الخيرالدا …..، وعلماء كبار برزوا من خلال التلاقح الثقافي المشترك كابن رشد صاحب النظرية الرشدية العقلانية، و زرياب الذي أبدع في الموسيقى،و غيرهم.و كل هذا الرصيد المشترك المفروض فيه التأصيل لفعل ثنائي ،ينهل من الماضي،و يستهدف المستقبل من أجل بناء حقيقي مبني على الإحترام،و على خصوصية الآخر،و احترام ثوابته و مقدساته،لكن الجارة الإيبيرية لا تحترم المغرب،و تعمل كل ما في جهدها من أجل عرقلة مساره في التقدم و الخروج من براثن التخلف.
فخروجها من الصحراء المغربية بشكل ذليل سنة 1975،خلق لها عقدة كبيرة اسمها المغرب ومنذ ذلك الحين لم تدخر جهدا للوقوف حجر عثرة أمام اختياراته،فهي لا تعتبر المغرب قد استرجع صحراءه ، و بسط سيادته عليها ، بقدر ما تعتبره يحتلها وفق اتفاقية مدريد التي تنص على الإدارة الترابية.
و يرجع السبب الرئيسي لمعاكسة المغرب في صحراءه،إلى أن اسبانيا تتخوف من أن النزاع حول الصحراء سيحسم لصالح المغرب، مما يفرض على المملكة الشريفة إعادة انتشار جيشها، و الذي قد يوجه مركز ثقله في الشمال، مما قد يهدد – حسب نظرها – الثغرتين المحتلتين سبتة و مليلية.
و لا يدخر الحزبان الكبيران في اسبانيا جهدا،كلما أتيحت لهما الفرصة للمس بالمغرب،و يستغلان مشاكل المغرب للمزايدة ،و صعود أسهم حزبيهما في بورصة المشهد السياسي الإسباني.
و بما أن الحزب الإشتراكي الإسباني ،يسير حاليا الحكومة،فإن الحزب اليميني يحاول استثمار وجوده في المعارضة،لدعم جبهة البوليساريو،هكذا توجه وفد منه إلى العيون لدعم الإنفصال،و قد تصدت له مجموعة من المواطنين الوحدويين بشكل عفوي،و لولا تدخل القوات العمومية،لتعرضوا إلى ما لا يحمد عقباه.
و إثر محاكمة مجموعة التامك في الدار البيضاء ،التي تآمرت مع المخابرات الجزائرية ضد الوحدة الترابية، وذلك لخلق انفصاليين في الداخل،فقد جاء وفد من الإسبان رفقة أميناتو حيدر،و ذلك للتشويش على المحاكمة،لكن حكمة السلطات كانت بادية،مما جعل المحاميين داخل المحكمة يتصدون لمؤامراتهم.
و تنضاف الصحافة الإسبانية إلى صف الأحزاب السياسية للمس بالمغرب،كوكالة « إيفي » و جريدة أ.ب.س القريبة من اليمين ،و الموندو القريبة من اليسار،و لاراثون القريبة من المؤسسة العسكرية هذه الأخيرة،التي مازالت تحن إلى الفكر الفرنكاوي،و الدليل هو محاولة انقلابها على حكومة سواريث سنة 1981،إذن جل أطياف القطب الإعلامي تكن العداء للمغرب،و تعمل كل ما في جهدها لتضخيم حدث أو خطأ صغير وقعت فيه المملكة المغربية،و كمثال على ذلك ما وقع مؤخرا بمدينة العيون،إثر وفاة مراهق صغير الذي تواجد مع عصابة مبحوث عنها،تبادلت إطلاق النار مع قوات عمومية، و في المقابل نجد هذه الصحافة تغض الطرف عن كل ما يخدم مصالح المغرب ، و ساكنة أقاليمنا الجنوبية،و على سبيل الذكر ،عندما أراد مصطفى ولد سيدي مولود القيام بندوة صحفية يوضح فيها إيجابيات الحكم الذاتي ، رفض الصحفيون الإسبان المنتدبون بالمغرب، الحضور إلى الندوة بدعوى رفض الهيئات التحريرية تغطية هذا الحدث،مما يؤكد انتقائية وسائل الإعلام الإسبانية ،و بأنها تخدم أجندة معينة ضد وحدة المغرب.
و تتحالف إسبانيا مع جارتنا الشرقية الجزائر،و يعتبران استراتيجيا المغرب عدوا مشتركا، و قد بدا هذا جليا،عندما تعاطفت الجزائر مع اسبانيا إثر مشكل جزيرة ليلى.
لقد كان رد الفعل الإسباني قويا ،عندما تظاهرت فعاليات مدنية بمدينة الناظور ضدا على الضرب الذي تعرض له مجموعة من الشبان المغاربة كانوا متوجهين إلى أوروبا عبر مليلية المحتلة ، رافعين الراية الوطنية،لذا عبر أحد قادة اليمين الإسباني قائلا » يجب وقف المغرب عند حده » !!!!!! و كشفت هذه الأحداث أن 70./. من حاجيات مليلية تأتي من المغرب ،كالماء و الكهرباء ،و مواد غذائية.
و تتخوف إسبانيا كذلك من المشاريع الكبرى الذي بدأها جلالة الملك محمد السادس،كمشروع طنجة المتوسط،و المنطقة الحرة بالناظور، و مشروع « مارتشيكا » ،و بناء القاعدة العسكرية بالقصر الصغير،و تهيئة مدن شمال المغرب التي أضحت تضاهي مدن اسبانيا كتطوان و المضيق و الحسيمة …كل هذا سيدخل المنطقة الشمالية في مسار تنموي، يجعل من احتلال مليلية و سبتة خسارة بالنسبة لإسبانيا،و ما الأحداث الحالية التي تعرفها المدينة المحتلة نتيجة الميز العنصري في مجال التشغيل ضد الشباب من أصل مغربي ،إلا دليل جلي على أزمة إسبانيا في مقاربتها للعلاقة التي تجمعها مع المغرب الذي يحتاج إلى توافق كل القوى ،سياسية كانت أو اقتصادية أو مدنية للوقوف ضد كيد الكائدين.





Aucun commentaire