Home»Enseignement»مظلمة نساء التعليم

مظلمة نساء التعليم

0
Shares
PinterestGoogle+

الظلم لا وطن له ولا جنس ، وهو لا يطاق عند من يقع عليهم من الأقوياء بله الضعفاء، وهو أشد على المستضعفين منه على ذوي الاقتدار. ومن صنف المستضعفين النساء لقوله تعالى: ((إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا)). والله عز وجل حدد الاستضعاف في عدم القدرة على الحيلة والاهتداء سبيلا . ولقد كثرت في السنين الأخيرة معاناة نساء التعليم فيما يتعلق بأماكن تعيينهن حتى صارت معاناتهن عبارة عن مظلمة كبرى تتجاهلها الوزارة الوصية ، وهي التي كانت تضع على رأس أولوياتها في معايير الحركة الانتقالية لنساء التعليم معيار الالتحاق ببيت الزوجية لما تحظى به الأسرة من احترام وتقدير في ديننا وثقافتنا. وخلال العقود الأخيرة ـ ومع حصول تخمة في عدد نساء التعليم ـ لم تعد للأسرة ولا لبيت الزوجية حرمة عند وزارة التربية الوطنية حيث صار التطويح بنساء التعليم في مناطق نائية أمرا مألوفا ، وصار الفصل بين الأزواج عادة ودأبا ، وهو أمر يعتبر نوعا من أنواع التعزير في بعض الثقافات كما هو شأن الثقافة الصينية في عهد ماوتسي تونغ الذي كان يفصل بين الأزواج كإجراء عقابي إن هم تجاوزوا حد الإنجاب المسموح به في الصين آنذاك.

وإن وزارة التربية عندنا تنحو نحو سياسة ماو دون التصريح بذلك فهي الأخرى أخذت بإجراء معاقبة وتعزير نساء التعليم من خلال الفصل بينهن وبين أزواجهن ولعقود من السنين حتى أنهم ينجبوا ويكبر أبناؤهم دون أن ينعموا بالاستقرار المطلوب في بيوت الزوجية كما يوصي بذلك ديننا الحنيف وثقافتنا الأصيلة. والوزارة لا تبالي بما لهذه الظاهرة السلبية من آثار سيئة على المنظومة التربوية إذ تتأثر المردودية كثيرا بسببها ، وهو أمر فوق طاقة وإرادة الأزواج في حالة الانفصال الوظيفي أو الإداري. ومن الظواهر المترتبة عن انفصال الزيجات عن الأزواج فضلا عن البعد والاغتراب في كثير من الحالات عندما تبعد المسافات ، ما يسمى بظاهرة الحركة المكوكية اليومية لمئات الأميال حيث تضطر بعض نساء التعليم إلى التحرك اليومي بين بيوت الزوجية ومقار العمل وفي كل الظروف الطبيعية والمناخية ، و في كل الظروف الصحية مما له علاقة بطبيعة المرأة الفيزيولوجية والسيكولوجية التي تراعى في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية ، ولا تلقي لها وزارة التربية بالا. ونظرا للفصل القسري بين نساء التعليم وأزواجهن تضطر بعضهن إلى اصطحاب أبنائهن الرضع معهن خلال الرحلات المكوكية اليومية دون الاستفادة من رخص الإرضاع ـ يا حسرتاه ـ التي ينص عليها تشريع لا زال يتيما لم يعرف التطوير. ولا تؤثر ظاهرة تعيين نساء التعليم بعيدا عن بيوتهن على المتزوجات فقط ، بل يشمل تأثيرها العازبات اللائي تطوح بهن ظروف العمل بعيدا عن أهلهن وذويهن فيكون ذلك فأل نحس عليهن حيث تذوي زهور شبابهن دون أن يتقدم إليهن فرسان الأحلام ، وتكون الوزارة الوصية هي السبب وراء عنوستهن وبوارهن حيث قد يرغب فيهن الراغبون ولكنهم إذا فكروا في أماكن تعيينهن أحجموا مخافة تشتيت الأعشاش على حد قول المغاربة. أما نساء التعليم اللواتي يعشن الحالات الخاصة من طلاق أو إهمال أسرة ، أو ترمل فمآسيهن لا يعلم بها إلا الله عز وجل. وقد تكون العديد من حالات الطلاق وإهمال الأسر بسبب الفصل بين نساء التعليم وأزواجهن بمسافات طويلة لمدد طويلة لم يجد معها صبر أو تحمل.

وها هي سيدة من نساء التعليم ترفع شكاتها ومظلمتها للوزارة الوصية عبر وسائل الإعلام بالصوت والصورة ، وتتوسل إلى المسؤولين لإنقاذ أسرتها من الضياع ولا معتصم لها . ولقد ضرب المسؤولون في الوزارة الوصية عرض الحائط كل نصوص الميثاق الوطني للتربية والتكوين التي تغنت بصيانة كرامة أسرة التعليم برجالها ونسائها . فأين كرامة نساء التعليم ؟ وأين محاضرات المسؤولين حول الشؤون النسائية ، والتي تصم الآذان في المناسبات الاحتفالية التي تعد خصيصا للتسويق الإعلامي ؟ وأين حقوق نساء التعليم وهن العاملات في الحقل التربوي الذي يمثل الرافعة الأساسية للتنمية ؟ فقد تجد من المسؤولين في الوزارة الوصية من يظهر أو يتظاهر بتقاليع وتقاليد احترام المرأة على الطريقة الغربية المنقولة نقلا ممجوجا فيما يخص الوقوف احتراما لها ، واستعمال عبارات الأدب المبالغة في الاحترام ، وهو محض احترام مغشوش في نفس الوقت ، فإذا تعلق الأمر باستقرارها وظروف عملها عاملها معاملة لا تخلو من قسوة قد لا تليق بجند المعسكرات. فما قيمة معاملات شكلية مع نساء التعليم كما كان دأب وزير التربية السابق الذي كان يهش في وجوه نساء التعليم بطريقة تثير الريبة فيه من فرط المبالغة في إظهار الأدب لهن ولكنه لا يلقي بالا لمآسيهن وهن بعيدة عن بيوتهن بسبب ظروف عملهن .

إن نساء التعليم اللواتي يعشن بعيدات عن بيوت الزوجية ولسنوات طوال مستضعفات لا يستطعن حيلة ، ولا يهتدين سبيلا ، وهن تحت رحمة هذه الظروف غير الطبيعية التي تفرخ المشاكل المتناسلة مما يعود في نهاية المطاف على المنظومة التربوية بأوخم العواقب. والمؤسف أن تجد نساء التعليم قسوة في الوزارة الوصية وفي بيوت الزوجية ، وحتى في الهيئآت النقابية التي صارت تعرقل أسباب وضع حد لمآسيهن بجدل بيزنطي لا طائل من ورائه من قبيل التشبث بأعراف لا أساس لها كعرف آخر من التحق . وأعرف من حالات نساء التعليم من تنقل سنويا من مقر عملها الأصلي لمسافات طويلة ولسنوات متتالية بذريعة أو تهمة آخر من التحقت ـ وهي التسمية الجديرة بهذه الحالة ـ ولا تتحرك نخوة رجولة في زملائها رجال التعليم للقيام عوضا عنها بمهامها من أجل التخفيف عنها من عبء انتقال قسري يلاحقها كلعنة كل موسم دراسي بسبب عرف فارغ لا أساس له من صحة. أما نساء التعليم اللائي يعانين الأمراض المزمنة فحدث ولا حرج ، ولن أنسى ما حييت وأنا أقوم بمهمة المراقبة التربوية في فصل من الفصول الدراسية حالة أستاذة مصابة بعلة عرق النسا وقد تقوس ظهرها وهي تلقي درسها معقوفة أمام أنظار تلاميذها الساخرة في زمن انحطاط الأخلاق عند جيل لم يعد الحياء من قيمه أومن شيمه. ولا أفهم لماذا تكلف بعض نساء التعليم مدرسات أو إداريات بمهام ببعض المؤسسات خلاف رغباتهن مع وجود بدائل عملية كإشراكهن في ما يسمى عمليات الانتشار بحيث يحصل بينهن التراضي في الانتشار المراعي للمسافات الفاصلة بين مقر عملهن وبيوتهن ؟ ولا أفهم لماذا تعامل نساء التعليم بنفس المعايير المعتمدة مع رجال التعليم فيما يسمى عملية إعادة الانتشار دون مراعاة خصوصيات المرأة التي تراعيها الشريعة الإسلامية فيما هو أخطر وأجل من العمل ؟ وأخيرا أقول إن مظلمة نساء التعليم مظلمة حقيقية باستثناء بعض الحالات التي لا تصلح مثالا أو قياسا. وأقول للمسؤولين في الوزارة الوصية إن بقيت في دمائهم بعض بقايا جينات المعتصم رحمه الله رفقا بمظلمة المستضعفات من نساء التعليم ، ورفقا بالقوارير، واتقوا الله في إماء الله فإنهن عندكم عوان وقد أجبرتهن ظروف العيش على طلب الوظيفة والخروج لطلب لقمة العيش وإلا فما أغناهن عن مهانة تلحقهن بسبب وظيفة بأجر زهيد وهم عتيد وهن ربات الحجال المصونات في بيوت الزوجية ، وقد أكرمهن الله عز وجل ولا يحل لمخلوق أن يهينهن إذ لا يكرمهن إلا كريم ولا يهينهن إلا لئيم ، وما أكثر لئام الوزارة في هذا الزمان.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

6 Comments

  1. Ami
    16/09/2009 at 01:54

    نعم يا السي الشركي تكلم ايضا عن الرجال الذين يعانون ايضا بعيدا عن زوجاتهم غير الموظفات ولمدد قد تصل الى خمس وثلاثين سنة كما هو حال صديقنا السيد الطيب زايد الذي لم يكتب له ان يلتئم مع اطفاله بمدينة وجدة منذ سنة 1974

  2. أستاذ
    16/09/2009 at 01:54

    أما رأيت الظلم الذي يعاني منه رجل التعليم؟؟؟ أو لم تشاهد أستاذا أعمى ضرير لا يبصر وتسند إليه النيابة مهمة تصحيح للامتحانات الباكلوريا والتعليمين الابتدائي والإعدادي؟؟؟ هل هناك ظلم أكثر من هذا ؟؟؟؟أو لم تسمع بالمفتش الذي يغيب على زوجته وأبنائه مدة أسبوع أو أكثر لينتقل بين الوديان والصحاري ليقوم بمهام المراقبة والتأطير التربويين…؟؟؟؟ أليس هذا ظلم يا أخي ؟؟؟؟؟؟

  3. متضرر
    16/09/2009 at 01:56

    يا أستاذ يا من يدافع عن نساء التعليم لا تنس ان هذه التظلم و هذا التشكي استعمل كثيرا في غير موضعه خاصة في حقب ماضية حيث استعمل حق الالتحاق بالزوجة او بالزوج لتحقيق الانتقال و كان على حساب رجال التعليم المتزوجين بالغير الموظفات رغم تراكم اقدمية فاقت كل القياسات و لتعلم أن هناك من حقق انتقاله بدعوى التحاقه بالزوجة (الموظفة) وهي غير موظفة أصلا

  4. رجل تعليم
    16/09/2009 at 01:57

    انا شخصيا اعارض السيدالشركي في كون الاستاذات تتعرضن الى ظلم مادمن على علم قبل ولوجهن سلك التعليم انهن سيعين في مناطق نائية بعيدا عن اسرهن .واذا اصررت على اعتباره ظلما فان رجال التعليم الذين لاتعمل زوجاتهم يعانون من نفس الوضعية وبالتالى كان عليك ان تعنون مقالك بمظلمة نساء ورجال التعليم لان هناك الكثير منهم اضافة الى البعد عن اسرهم يعانون مشاكل مادية لايعلمها الا الله سبحانه

  5. مواطن
    16/09/2009 at 18:17

    أما سمعت يا السي الشركي بمأساة المفتش الذي قضى ليلته كاملة بجوار ضفة الوادي بسبب غزارة الأمطار وانهيار القنطرة،فبات على الضفة بعيدا عن زوجته وأبنائه الذين ينامون في عالم آخر بعيدا عنه,فهل هذا حق يا أخي, وقد تقول بأن هذا في سبيل أداء الواجب,أتفق معك،ولكن ألا يكفي هذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

  6. رجل تعليم
    16/09/2009 at 18:17

    الا تعلم يا السي الشركي تحايل بعض نساء ورجال التعليم حين يكتبون عقد زواج ابيض للاستفادة من الانتقال ثم يطلقون بعضهم البعض .ارجوك لاتصدر حكما قبل التبين

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *