Home»International»تقرير للبنك الدولي حول الوضع الاقتصادي في الجزائر وانهيار للدينار ، جرس إنذار عاجل حول الواقع الخطير الذي تغرق فيه

تقرير للبنك الدولي حول الوضع الاقتصادي في الجزائر وانهيار للدينار ، جرس إنذار عاجل حول الواقع الخطير الذي تغرق فيه

0
Shares
PinterestGoogle+

عبدالقادر كتـــرة
« اتسعت علاوة سعر صرف الدولار الأمريكي في السوق الموازية مرة أخرى، حيث ارتفعت من نسبة تُقدَّر بـ 67.7٪ في عام 2024 إلى 75.4٪ خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2025 ».
هذا التقرير الوارد في أحدث تقرير للبنك الدولي حول رصد الوضع الاقتصادي في الجزائر هو في الواقع جرس إنذار يسعى لإيقاظ القادة الجزائريين من غفلتهم، والأهم من ذلك، من اللاوعي الخطير الذي يديرون به العملة الجزائرية: الدينار.
تشير « علاوة السوق الموازية للدولار الأمريكي » في هذا التقرير إلى الفجوة (أو التكلفة الإضافية) بين سعر صرف الدولار في السوق غير الرسمي (أو « السوق السوداء ») وسعره في السوق الرسمي الذي تحدده بنك الجزائر.
بتعبير أدق: في السوق الرسمي، يتم تبادل الدولار بسعر إداري ثابت (على سبيل المثال، حوالي 134 دينارًا جزائريًا في 2023، أو حوالي 140 دينارًا في 2025 وفقًا لبيانات حديثة).
في السوق الموازية (كما هو الحال في ساحة بور سعيد بالجزائر العاصمة)، يؤدي الطلب المرتفع على العملات الأجنبية (بسبب ضوابط الصرف الصارمة، وندرة التخصيصات الرسمية، والحاجة إلى الاستيراد أو التحويلات) إلى رفع السعر: حيث يمكن أن تصل قيمة الدولار إلى 217 أو 241 دينارًا جزائريًا أو أكثر. يتم حساب هذه العلاوة كنسبة مئوية: (سعر السوق الموازي – السعر الرسمي) / السعر الرسمي × 100. ويشير التقرير إلى أنها اتسعت من 67.7٪ في 2024 إلى 75.4٪ خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025، مما يعكس ضغطًا متزايدًا على الدينار وانزياحًا فعليًا لقيمته في السوق غير الرسمي، على الرغم من الاستقرار الرسمي. يوضح هذا الاختلالات الاقتصادية الكلية في الجزائر، حيث يفرض السوق الموازي غالبًا القيمة « الحقيقية » للعملة بالنسبة للفاعلين الاقتصاديين اليوميين.
وتعد هذه العلاوة المتصاعدة مؤشرًا كميًا صارخًا على اختلالات عميقة أهمها ضوابط الصرف الصارمة المتمثلة في تعقيد وإطالة الإجراءات الرسمية للحصول على العملة، وعدم كفاية التخصيصات الرسمية للدولار لتلبية احتياجات الواردات (من سلع استهلاكية إلى معدات صناعية) أو التحويلات المالية للطلبة والمقيمين بالخارج، وهروب رؤوس الأموال عبر تحويل المدخرات المحلية إلى عملة صعبة كملاذ.
كان لهذا نتائج اقتصادية ملموسة كنها تضخم مستورد حيث ترفع تكلفة السلع المستوردة (المقومة بالدولار في السوق الموازي) أسعارها النهائية بالدينار، مما يغذي التضخم المحلي حتى لو كانت الأسعار العالمية مستقرة.
كما أن تحمل الشركات الخاصة التي لا تتمتع بوصول امتيازي للعملة الرسمية تكاليف أعلى للاستيراد، يقوض قدرتها التنافسية ويثبط الاستثمار المنتج.
وينتج عن هذا الوضع تآكل الثقة في الدينار مما يؤدي وجود سعرين متنافرين بشدة إلى فقدان الثقة في العملة الوطنية، ويشجع على التداول خارج القنوات الرسمية.
ومقارنة الواقع الرسمي مع واقع السوق (تقديرات تقريبية) حيث السعر الرسمي (مثبت إداريًا): ~140 دينار/دولار، وسعر السوق الموازي (متغير حسب العرض والطلب): 217 – 241+ دينار/دولار، مما يرفع العلاوة إلى (75.4%) وهذا يعني عمليًا أن سعر الصرف الحقيقي المتداول أعلى بـ ثلاثة أرباع قيمته الرسمية.
هذا الهامش الواسع ليس مجرد « سوق سوداء »، بل هو سعر توازن يعكس القيمة التي يعطيها الاقتصاد الجزائري للدولار في ظل سياسات اقتصادية وسياسة نقدية معينة.
من المهم فهم أن هذه الأزمة المحلية تتقاطع مع سياق عالمي يتميز بقوة نسبية للدولار الأمريكي. فبحسب تقارير متخصصة، شهد الدولار قوة في أواخر 2024 وأوائل 2025 مدعومًا بتوقعات سياسات اقتصادية أمريكية، كما أنه لا يزال العملة المهيمنة في النظام المالي العالمي.
وبالرغم من تراجعه بنسبة حوالي 10% في النصف الأول من 2025 وبعض التوقعات بضعفه على المدى الطويل بسبب تضخمه النسبي، إلا أن دولارات مثل الدينار الجزائري تظل ضعيفة أمامه بسبب مشاكلها الهيكلية الداخلية.
مجمل القول أن تجاوز علاوة السوق الموازية للدولار الـ 75% تحولت من مجرد مؤشر اقتصادي إلى قضية حوكمة وشرعية. إنها تعكس فشلًا ذريعًا في إدارة السياسة النقدية، وتحولت إلى ضريبة خفية يدفعها كل المواطنين والشركات.
و
الاستقرار المصطنع لسعر الصرف الرسمي (حوالي 140 دينار) لم يعد سوى رقم إداري لا يعكس أي حقيقة اقتصادية (وهو ما أطلق عليه الرئيس الجزائري تبون « الدينار الطفيلي »).
النظام القائم يخلق ازدواجية سامة تتمثل في اقتصاد رسمي بلا سيولة كافية، واقتصاد موازٍ يفرض قوانينه. الاستمرار في هذا المسار لا يحمي قيمة الدينار، بل يدمر مصداقية المؤسسات النقدية ويقوض أي إصلاح مستقبلي.
هذا النظام يخدم في جوهره اقتصاد الريع ويدم الإنتاج. فبإمكان الجهات التي تحصل على الدولار بالسعر الرسمي (غالبًا عبر علاقات امتيازية) أن تحقق أرباحًا فاحشة بمجرد بيعه في السوق الموازية، دون الحاجة إلى إنتاج أي سلعة أو خدمة. وبالمقابل، يُعاقب القطاع المنتج الحقيقي. إنه نموذج مقلوب يحول الثروة من المنتجين إلى الوسطاء والمتلاعبين بالعملة.
نداء البنك الدولي وجدية الموقف: ليس تقرير البنك الدولي « مؤامرة خارجية »، بل هو قراءة فنية قائمة على أرقام صارمة. تجاهل هذه الإشارات يعني التغاضي عن تشخيص الطبيب قبل تفاقم المرض. العلاوة بنسبة 75.4% ليست مجرد رقم، بل هي مؤشر على فقدان السيطرة على أداة اقتصادية أساسية.
إن المخاطر المتصاعدة تكمن في استمرار هذه الفجوة يهدد بما هو أخطر من التضخم يجسده انهيار ثقة المدخرين: تسارع تحويل المدخرات من الدينار إلى العملة الصعبة أو السلع، وشح حاد في السلع: قد تلجأ الدولة إلى مزيد من تقييد الواردات لحماية الاحتياطيات، مما يؤدي إلى ندرة في السوق وارتفاع جنوني في الأسعار، وتفجر الاحتقان الاجتماعي: عندما يدرك المواطن العادي أن دخله بالدينار يفقد قيمته الحقيقية بهذه السرعة، تتحول الأزمة النقدية إلى أزمة اجتماعية وسياسية.
خلاصة القول، تقف الجزائر عند مفترق طرق نقدي حاسم.الخيار ليس بين تثبيت سعر وهمي وتحرير كامل فوضوي.
الخيار الحقيقي هو بين الإصلاح الشجاع المخطط له والانتظار حتى يفرض السوق الموازي إصلاحه الخاص عبر أزمة مدمرة. الإصلاح يتطلب خطة متدرجة وواضحة تشمل على الأقل: تخفيف تدريجي للقيود على الصرف لامتصاص الضغط، وتوحيد أسعار الصرف، وربط تخصيص العملة الصعبة بشكل صارم بالأنشطة المنتجة والمولدة للقيمة والقدرة التصديرية، وليس بالامتيازات.
بدون هذه الخطوات، فإن جرس إنذار البنك الدولي سيكون مجرد مقدمة لتداعيات اقتصادية واجتماعية أكثر خطورة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *