Home»International»حين تتحول فرحة الديربي إلى كابوس , من المسؤول؟

حين تتحول فرحة الديربي إلى كابوس , من المسؤول؟

0
Shares
PinterestGoogle+

سليمة فراجي


ذهبتُ إلى الملعب ككاتبة عامة لفريق المولودية لأواكب مباراة الديربي بين مولودية وجدة والاتحاد الإسلامي الوجدي، مدفوعةً بروح الانتماء ومسؤولية المهنة. كانت الأجواء في البداية مشحونة بالحماس، مختلطة بما يحمله الديربي عادةً من توتر جميل يُثري اللعبة ويزيد من حلاوة المنافسة. انتهت المباراة بفوز المولودية، وكنتُ أتهيأ للخروج، أحمل معي فقط انطباعاتي المهنية وفرحة الانتصار.

لكن ما إن دوّت صافرة النهاية حتى انقلب المشهد رأساً على عقب. انفجر شغب خطير داخل الملعب، وانتقلت المدرجات فجأة من فضاء رياضي إلى مسرح للفوضى. وبين دخان العنف وصراخ الهاربين، وجدت نفسي في قلب عاصفة لم أتوقع أن أمرّ بها يوماً. ولولا يقظة رجال الأمن وتدخّل شباب غيورين رافقوني جرياً وركضا حتى وصلت إلى شارع خارجي حيث تمكنت من العثور على سيارة أجرة، لكنت اليوم أروي قصة مختلفة تماماً

.

خرجتُ بسلام، لكنني خرجتُ أيضاً بمرارة:
أيّ منظومة قيم تلك التي انهارت حتى يمدّ شاب يده ليضرب، لا ليصفّق؟
كيف تحوّل حب الفريق إلى ذريعة للعنف؟
وكيف باتت الرياضة رياضة الروح قبل الجسد باباً للهدم بدل البناء؟

لقد فكّرت كثيراً في هذا السؤال: هل نحن، كمجتمع، تساهلنا أكثر مما ينبغي؟
كنتُ أحياناً أتطوع لأتشفع لمن ارتكب أعمال شغب، بل اعمد إلى مؤازرتهم في المحاكم إيماناً مني بأن الشباب قد يطيش مرة، وأن الأسر هي أول من يدفع الثمن في حالات الاعتقال. لكنني أدركت اليوم أن التساهل إذا استمر يصبح مشاركةً غير مباشرة في خلق “وحش” جماعي اسمه شغب الملاعب.
الحزم هنا ليس عقاباً، بل حماية. حماية للمتفرجين، للممتلكات، للمدن، وحتى للمشاغبين أنفسهم.

إنّ العنف الرياضي ليس مجرد حادث معزول، بل عرض لأزمة أعمق: أزمة تربية، وانهيار قيم، وتراجع الحس بالمسؤولية، وغياب القدوة.
والحل ليس في عصا الأمن وحدها، ولا في خطابات اللوم وحدها، بل في معادلة بسيطة:
مبنية على القيم و القانون والوعي
على الأندية أن تؤطّر جمهورها، وعلى المؤسسات أن تطبق القانون بلا محاباة، وعلى الإعلام أن يساهم في التوعية . وعلى كل شاب أن يفهم أن حب فريقه لا يعني كراهية الآخرين، وأن الهدم ليس قوة، والاعتداء ليس شجاعة، وأن الرياضي الحقيقي هو الذي يحترم قبل أن يفوز.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *