Home»Islam»حديث الجمعة : (( لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ))

حديث الجمعة : (( لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ))

0
Shares
PinterestGoogle+

حديث الجمعة : (( لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ))

محمد شركي

مر بنا في الأحاديث السابقة الوقوف عند بعض تجليات عظمة خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهي كلها عبارة عن أخلاق متفرعة عنه ،وتصب كلها فيه كما تصب الأنهارالعظيمة في المحيط الزاخر . ومعلوم أن تناول الذكر الحكيم لخلقه العظيم عليه الصلاة والسلام إنما ورد لغاية هي إلزام أتباعه المؤمنين بالتخلق بخلقه العظيم تأسيا واقتداء بما جاء  إما مجملا أو مفصلا في الذكر الحكيم .

ولقد ورد أمر الله عز وجل صريحا بالتأسي برسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو أمر يلزم كل من ينتسب إلى دين الإسلام إلى قيام  الساعة ، وذلك في الآية الكريمة الواحدة والعشرين من سورة الأحزاب حيث قال جل شأنه : (( لقد كان لكم في رسول الله إسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا )) .

ولقد ورد في كتب التفسير أن سبب نزولها هو التعريض بالمنافقين وهم الذين كانوا يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر ، وبالذين في قلوبهم مرض وهم الذين  لم يستقروا على الإيمان، وظلوا مترددين بينه وبين الكفر . ولقد كان التعريض بهم بسبب  تخلفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الأحزاب ، وكان الأجدر بهم أن يتأسوا به في جهاده وثباته  فيه هو ومن كانوا معه من المؤمنين إلا أنهم لم يفعلوا.وفي سياق التعريض بهم لعدم تأسيهم برسوله صلى الله عليه وسلم توجه الله تعالى بالخطاب إلى فئة المؤمنين وأمرهم باتخاذ رسوله عليه الصلاة والسلام إسوة  لهم  ووصفها بالحسنة ترغيبا لهم  فيها . وجاء الدليل في الآية الكريمة على توجيه الخطاب للمؤمنين بقوله تعالى : (( لمن كان يرجو الله واليوم الآخر  وذكر الله كثيرا )) وهو وصف ينطبق على المؤمنين .

و معلوم أن رجاء الله واليوم الآخر وذكره سبحانه وتعالى ذكرا كثيرا لا يمكن أن يتأتى للمؤمنين إلا  باتخاذهم رسوله صلى الله عليه وسلم إسوة، الشيء الذي يقتضي أولا أن يطلعوا  اطلاعا على خلقه العظيم وقد أدركه بالتخلق  بخلق القرآن الكريم كما شهدت بذلك أم المؤمنين عائشة رضي الله تعالى عنها ثم يطلعوا على سنته صلى الله عليه وسلم المفصلة لما أجمله القرآن الكريم من عظيم خلقه .  وبلوغ هذا الشأو يتطلب اليقين الذي لا يلابسه تردد أو شك في صدق رجاء الله تعالى واليوم الآخر مع كثرة ذكره سبحانه وتعالى الذكر الذي لا يقتصر على ذكراللسان ،بل يتعدى ذلك إلى استحضاره ومراقبته سبحانه وتعالى في كل الأحوال وعلى الدوام . ومن راقب الله عز وجل، ولم يغب عنه استحضاره  سبحانه وتعالى في كل أحواله وعلى الدوام يصيب لا محالة  التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم على الشكل الذي أمر به  سبحانه وتعالى لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم  يكن استحضار الله تعالى يغيب عنه طرفة عين، بل كان يلازمه في كل أحواله وظروفه ، لهذا أثنى الله تعالى على خلقه ووصفه بالخلق العظيم .

قد يبدو التأسي برسول الله صلى الله عليه  وسلم أمرا سهلا هينا لكنه عند التأمل والتفكر ليس الأمر كذلك إذ لا بد من ترويض النفس على الصبر والثبات عليه خصوصا وأن الله عز وجل يبتلي ويمحص كل من يخوض تجربة التأسي برسوله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا لا يكون التأسي به عليه الصلاة والسلام  مجرد أمنية يتمناها الإنسان أو ادعاء  يدعيه بلسانه، بل هو ترويض وإكراه للنفس عليه وتحمل للمعاناة والمكابدة من أجله .

حديث هذه الجمعة هو تذكير للمؤمنين بواجب التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يخوضون غمار هذه الحياة بيقين مفاده رجاء الله واليوم الآخر يجعلونه نصب أعينهم على الدوام ، وذكره سبحانه الذكرالكثير من خلال  استحضار لمعيته التي لا تغيب في كل الأحوال والظروف . ولا سبيل إلى ذلك إلا بمعرفة كل الأحوال والظروف التي مر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذا ومعرفة كيف كانت تصرفاته فيها الشيء الذي يقتضي استحضاره الدائم  أيضاعليه الصلاة والسلام  وهومقترن باستحضار الله تعالى  وملازم له . ولا يمكن أن يدعي أحد أنه يتأسى برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على خلاف ما كان عليه في كثير من الأحوال التي يمر بها وأعماله ومواقفه صارخة بمخالفته .

ويجب على كل مؤمن  يريد اختبار صدق تأسيه برسول الله صلى الله عليه وسلم أن يستوقفه  كل خلق من أخلاقه، وكل موقف من مواقفه ، فيقيس المسافة الفاصلة بينه وبين ما كان عليه ، فإن ألفاها بعيدة لزمه أن يسعى جادا وصادقا لتقليصها قدر الإمكان علما بأن إدراك شأوه عليه الصلاة والسلام  لا يدرك .

وما أبعد هذه المسافة في زماننا هذا وقد أعرضنا بشكل مثير للفزع  عن أمر الله تعالى الذي أمرنا باتخاذ رسوله صلى الله عليه وسلم إسوة  ، وفي المقابل تهافتنا على تقليد التقليد الأعمى من لا يرجون الله واليوم الآخر من الأمم الضالة  وحذونا حذوهم في كل أمورنا وأحوالنا ولا حولا قوة إلا بالله العلي العظيم .

اللهم إنا نسألك  لطفا بنا هداية من عندك تمكننا من أن نطيع أمرك الذي أمرتنا به فنتأسى صدقا برسولك عليه الصلاة والسلام على الوجه الذي يرضيك وترضى به عنا .

اللهم انصر عبادك المرابطين في أرض الإسراء والمعراج نصرا تعز به دينك، واكشف اللهم كربهم ، وامكر اللهم بمن يريد بهم مكرا من أعداء دينك .

والحمد لله الذي تتم بنعمته الصالحات وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *