Home»International»كم يلزم من صرخات لإيقاظ حكومة « الكفاءات »؟!

كم يلزم من صرخات لإيقاظ حكومة « الكفاءات »؟!

0
Shares
PinterestGoogle+

      مما يلاحظ على مدبري الشأن العام ببلادنا، أنهم بمجرد فوزهم في الاستحقاقات الانتخابية ويتمكنون من بلوغ أهدافهم الشخصية والحزبية الضيقة، حتى يتراجعون خطوات إلى الخلف ويدعون مشاكل المواطنات والمواطنين تتراكم وقضاياهم الملحة تتأجل دون اتخاذ ما يلزم من إجراءات عملية وحلول مناسبة، ولا يعودون مسرعين إلى مباشرة مهامهم والقيام بواجباتهم إلا تحت ضغط الشارع، بعد أن تضطرهم إلى ذلك الاحتجاجات، وخاصة إذا ما خرجت الأمور عن السيطرة وترتب عنها خسارات جسيمة، كما حدث في عديد المناسبات ومنها احتجاجات حركة « جيل زد 212 » أو « Gen Z 212″…

      ذلك أنه على إثر انتفاضة ساكنة مدينة أكادير يوم الأحد 14 شتنبر 2025 أمام المستشفى الجامعي الحسن الثاني، جراء تردي الخدمات الصحية وغياب التجهيزات والموارد البشرية الضرورية والكافية، ولاسيما بعد وفاة ثماني نساء بقسم الولادة في ظرف زمني قياسي لا يتعدى شهرا واحدا، مما جعلهم يطلقون عليه اسم « مستشفى الموت ». وهو الحدث المأساوي الأليم الذي أجبر وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي على مغادرة مكتبه باستعجال، والقيام بزيارة ليس فقط المستشفى الجهوي بأكادير، بل بعدة مستشفيات عمومية في مختلف المدن والأقاليم، والوقوف بنفسه على الأوضاع الكارثية واتخاذ حزمة من الإجراءات والقرارات الفورية بما فيها تشكيل لجان مركزية للتتبع والمراقبة وإعفاء عدد من المسؤولين…

      وكانت انتفاضة أكادير هي الشرارة الأولى التي أشعلت فتيل الاحتجاجات في باقي المدن، وعلى غرار « حركة 20 فبراير » خرجت إلى الوجود حركة شبابية أخرى تطلق على نفسها « جيل زد 212″، وهي مجموعة من الشباب تتراوح أعمارهم ما بين 15 و28 سنة، قرروا فجأة نقل احتجاجاتهم السلمية من الفضاء الرقمي إلى الشارع بعدة مدن مغربية، للمطالبة بالكرامة والعدالة الاجتماعية وتجويد الخدمات في قطاعي الصحة والتعليم ومحاربة الفساد والحد من معدلات الفقر والبطالة وغير ذلك…

      وبصرف النظر عما عرفته تلك الاحتجاجات الشبابية من تصعيد، وما نجم عنها من انفلات خطير بفعل انسلال بعض الأيادي الخفية إليها، قبل أن تعود الأمور إلى طابعها السلمي، فإن ما يحسب لها من حسنات أنها أيقظت الأغلبية الحكومية من سباتها العميق، حيث سارعت رئاسة هذه الأخيرة إلى إصدار بيان تعلن من خلاله عن تفهمها لمطالب « جيل زد » واستعدادها للتجاوب الإيجابي معهم، مؤكدة أن المقاربة المبنية على الحوار والنقاش هي السبيل الوحيد لمعالجة مختلف الإشكالات التي تواجه المملكة.

      ففي هذا السياق، ومن بين البرامج التلفزيونية التي تم إعدادها بخصوص هذا الحراك الشبابي الجديد، هناك اللقاء التلفزيوني الذي بث على القناة الثانية مباشرة بعد النشرة المسائية ليوم الاثنين 6 أكتوبر 2025، حيث استضاف خلاله الإعلامي المتميز جامع كلحسن مرفوقا بمدير الجريدة الإلكترونية « العمق المغربي » محمد لغروس، وزير الصحة والحماية الاجتماعية للحديث عن أهم المشاكل والإنجازات التي عرفها ويعرفها القطاع الصحي. وقد كان الوزير في مستوى الحدث، وإلا ما كان ليترك خلف ظهوره انطباعا إيجابيا على عدة مستويات، حيث بدا صريحا وواضحا، هادئا وواثقا من نفسه، خاصة أنه كان يتحدث بلغة بسيطة وقريبة من الناس، وفيما يخص موضوع وفيات قسم الولادة بالمستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير، أكد بأن الملف أحيل على القضاء…

      وبالفعل أفادت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في بلاغ لها يوم الاثنين 6 أكتوبر 2025، أنها وعقب استكمال التحقيقات التي باشرتها المفتشية العامة التابعة لها بخصوص الوفيات المسجلة بالمستشفى السالف الذكر، قررت إحالة التقرير المتعلق بهذه القضية على أنظار النيابة العامة المختصة، كما أنها أقدمت على توقيف المعنيين بالأمر احترازيا إلى حين انتهاء التحقيقات القضائية والإدارية الجارية. ولم يفتها التأكيد على مواصلة العمل بكل جدية ومسؤولية من أجل تحسين جودة الرعاية الصحية بكافة المستشفيات العمومية، في إطار ورش الإصلاح للمنظومة الصحية الوطنية…

      من هنا ودون الاستمرار في الحديث عما تشهده بلادنا من اختلالات في جميع القطاعات العمومية، وبناء على ما تراكم لدينا من تجارب عبر السنوات الماضية، يتضح جليا بأنه ليس هناك من معيقات للتنمية، أكثر من الفساد، تضارب المصالح وإسناد المسؤوليات لغير مستحقيها، فهي التي تحول دون القيام بالإصلاحات الكبرى وإحداث التغيير الإيجابي المنشود، من خلال تحقيق الكرامة والعدالة الاجتماعية، تجويد الخدمات في قطاعي الصحة والتعليم، الحد من معدلات الفقر والبطالة والفوارق الاجتماعية والمجالية، استقلال القضاء والتوزيع العادل للثروات…

      إننا ونحن مقبلون على الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في أقل من سنة، ندعو الجهات المسؤولة إلى ضرورة اتخاذ ما يلزم من إجراءات قانونية في اتجاه تخليق هذه الاستحقاقات الانتخابية، والحرص الشديد على محاصرة المتهمين بشبهات فساد والمفسدين وعدم السماح لهم بالترشح تحت أي ظرف كان، تفاديا ليس فقط لتعطيل المسار التنموي، بل كذلك للتأثير السلبي على نسبة المشاركة والإساءة إلى المؤسسات الدستورية، فضلا عن إقرار نصوص قانونية حول الإثراء غير المشروع، يضع آليات دقيقة للتصريح بالممتلكات وتتبع مسارها بشكل واضح وملموس…

اسماعيل الحلوتي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *