Home»International»سلسلة: لغز جريدة « لوموند » الحلقة الأخيرة: جريدة « لوموند » وشعار: « الله، الوطن، الملك »

سلسلة: لغز جريدة « لوموند » الحلقة الأخيرة: جريدة « لوموند » وشعار: « الله، الوطن، الملك »

0
Shares
PinterestGoogle+

استجمعتُ شجاعتي الأدبية، ولملمتُ شظايا جرأتي الفكرية المتناثرة هنا وهناك، لأعتذر إلى قرائي الأعزاء على كوني جعلت ُالرد على جريدة « لوموند » الفرنسية سلسلة وليس حلقة واحدة أو نصف حلقة؛ فالجريدة لم تقدم إضافات ذات معنى، أو تحقيقات ذات مغزى، أو أخبارا موثوقة ذات قيمة ومصداقية، حتى أخصص لها ذلك الفضاء الواسع من الرد، أضف إلى تحاملها الواضح، وتحايلها الفاضح، اتجاه كل ما هو مغربي أصيل؛ لكني، للأسف الشديد، لم أفطن للأمر إلا بعد تمحيص طويل، وتحليل دقيق، والعادة في الأخبار أن تتأخر.

أما وقد تورطتُ في الأمر، فقد قام في نفسي أن أجعل هذه الحلقة أخيرةً ولا أزيد عليها نصف كلمة، وأخصصها لفضح التحامل الذي تجلى في انتقاءٍ رهيبٍ للكلمات والعبارات، واختيارٍ دقيق لعناوين المقالات، واستعمال الذكاء الاصطناعي من أجل ترتيبها الترتيب الأمثل الذي يمحو الحسنات ويُرْبي السيئات، فكانت كمن يرى عُشر الكأس الفارغ ويَعْمى عن تسعة أعشار الكأس المملوء؛ هذا ما تبين جليا من حلقتها الثالثة تحت عنوان: « ملك الإصلاحات التي لا تكتمل »، وكأن الإصلاح عملية لها بداية ونهاية؛ وإذا كانت الجريدة المُوقرة على دراية بورشٍ بدأت فرنسا بإصلاحه ثم أنهته وأغلقت ملفه للأبد، فسوف أكون شاكرا لها أن تزودنا بماهيته، وأنذاك سأستجمع شجاعتي الأدبية من جديد وأقدم لها اعتذارا رسميا.

حتى حينما أرادت الجريدة، في حلقتها الرابعة، أن تَذكر فتوحات « محمد السادس » الخارجية، والتي جعلت المغرب في مصاف الدول المتقدمة، فإنه لم يفتها أن تُذَكر بأن ذلك جاء على حساب المشاكل الداخلية، والإصلاحات الناقصة التي بادرت بنشرتها في حلقتها الثالثة؛ الأمر الذي يجعل هذه الفتوحات، في نظرها « الثاقب »، مجرد فتوحات « شيطانية » لا غير، والأغرب من هذا كله، أن الجريدة قد اختارت لهذه الحلقة عنوان: « ملك المناورات الدبلوماسية الكبرى »، وهو ما يُشتم منه قدر هائل من الحقد الدفين، والبغض الأعمى؛ ليس فقط على شخص جلالة الملك، أعزه الله، وإنما على الملكية في المغرب بشكل عام.

إن حقد الجريدة على الملكية بدأ منذ الحلقة الأولى، حيث إنها لم تكتف بذكر مظاهر الغنى الطبيعية والمشروعة التي كان يبدو عليها الملك محمد السادس بعد توليه العرش؛ بل الغريب أنها امتعضت من كون الشعب المغربي قد راقته هذه المظاهر، وكأنها وصية على عواطف الناس اتجاه ملكهم، أو أنها وكيلة عن سلوكياتهم وانطباعاتهم في أمور تخصهم وحدهم.

وحتى الوحدة الترابية للمملكة لم تكن أبدا في منأى عن هذا الحقد الأعمى؛ فقد جاء في الحلقة الرابعة: « نظم الحسن الثاني المسيرة الخضراء، التي شارك فيها 350 ألف مغربي، لاحتلال الصحراء الغربية »، والسؤال الذي يُطرح على الجريدة بقوة: إذا كان هؤلاء المغاربة الذين شاركوا في المسيرة الخضراء مجرد محتلين جدد رفعوا المصاحف ليُخرجوا المحتلين الإسبان، فلماذا لم يرفع الإسبان بدورهم الأناجيل، ولزموا أماكنهم ومكثوا في « صحرائهم »، مادام الجميع مجرد محتلين؟

لقد حاولت الجريدة، عن جهل أو خبث أو غباء، أن ترسم « الإسلاميين »، في حلقتها السادسة والأخيرة، وكأنهم ند للملك ومنافسون له، وأنه استغل صفة « إمارة المؤمنين » لتقويض سلطتهم، وتصفية حساباته معهم، في الوقت الذي يعرف المغاربة، من أدناهم إلى أقصاهم، بأن « إسلاميي » المغرب فرق ونحل، وتيارات وجماعات، وألوان وأشكال، وبعضها لا يؤمن أصلا بالعمل السياسي، وأنه لولا الملك، الذي أمر بتغيير الدستور، لما وصل فريق من هؤلاء للسلطة ولو بعد ألف عام، كما يعلم المغاربة قاطبة أن أصحاب « الإسلام السياسي » مجرد منافسين محتملين للأحزاب المغربية، لا أقل ولا أكثر؛ أما الملك، حفظه الله، فهو على رأس الجميع، وفي قلوب الجميع، صغيرهم وكبيرهم، برِّهم وفاجِرهم، صالحِهم وفاسدهم، مؤمنِهم وملحدهم.

إن إصرار الجريدة على النيل من مفهوم أصيل في الشريعة الإسلامية، والمتمثل في البيعة الشرعية لأمير المؤمنين، وجعلِه منافسا لبدعة الإسلام السياسي وليد اجتهادات بعض « الإسلاميين » الطموحين، يُعتبر ضربا مُبطنا لأركان الحكم في الدولة الإسلامية، وخصوصا في بلد كالمغرب الذي يعتبر الدين فيه مقوما أساسيا للدولة وللمواطن على حد سواء؛ مما يفيد بأن جريدة « لوموند » الفرنسية قد أتمت مسلسل الطعن في الثالوث المقدس للمغاربة، وهو الدين والملكية والوحدة الترابية.

نورالدين زاوش

عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *