Home»Enseignement»بعض السلوكات المنحرفة الصادرة عن ناشئتنا المتعلمة وهي ناتجة عن العوامل السلبية المؤثرة في تنشئتها

بعض السلوكات المنحرفة الصادرة عن ناشئتنا المتعلمة وهي ناتجة عن العوامل السلبية المؤثرة في تنشئتها

0
Shares
PinterestGoogle+

 بعض السلوكات المنحرفة الصادرة عن ناشئتنا المتعلمة وهي ناتجة عن العوامل السلبية المؤثرة في تنشئتها

محمد شركي

استكمالا لما تطرق إليه المقال السابق بخصوص العوامل السلبية المؤثرة في تنشئة الناشئة المتعلمة ببلادنا ، سنسلط  في هذا المقال الضوء على بعض السلوكات المنحرفة الصادرة عن ناشئتنا المتعلمة .

وقد يسأل البعض لماذا الحديث على سلوكات ناشئتنا المتعلمة السلبية دون الإيجابية ؟ والجواب عن هذا السؤال  يجرنا للتذكير بحكمة الصحابي الجليل حذيفة بن اليمان أمين سر الأمة رضي الله عنه الذي جاء في حديث له دار بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلي :

 » كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير ، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني  » .

وهذا الموقف من هذا الصحابي الجليل يدل على حكمته وكياسته وبعد نظره لأنه كان يحترز من الشر قبل أن ينشد الخير ، علما بأن هذا الاحتراز منه هو السبيل المفضي  به إلى الخير المنشود .

وحديثنا في هذا المقال عن السلوكات المنحرفة لناشئتنا المتعلمة هو السبيل المفضي إلى تصحيحها كما  يقول الشاعر الحكيم أبو الطيب المتنبي :  » بضدها تتبين الأشياء  » ، لهذا إذا عرف ما هو سلبي تبين بالضرورة  ما هو إيجابي دون الحاجة إلى سرده  والتفصيل فيه .

 ومعلوم أن ما يميز عموم ناشئتنا المتعلمة ـ والتي نستثني منها القلة القليلةـ  هو استحواذ  عقلية  اللا مبالاة  عليها، وهي آفة خطيرة تجعلها لا تحمل كل أمورها على محمل الجد ، وتبدو مستهترة وهازلة في كل ما يصدر عنها من تصرفات سواء  خارج المؤسسات التربوية أوداخلها  أوفي الفصول الدراسية  أثناء حصص التحصيل وحصص الاختبارات والامتحانات ، وبهذا لا يكاد لا يخلو حيز زمني عندها من العبث والاستخفاف بالواجب والانضباط .

ومن عواقب هذه الآفة تردي مستويات ونتائج التحصيل ، وبسببها يضطر المدرسون  يوميا إلى صرف أوقات معتبرة من حصص الدروس لمحاربتها ، فيصيرون بسبب ذلك عرضة للسخرية  في أعين الناشئة  التي تعتبر الانضباط والجد سلوكا غريبا عنها لم تألفه ، ولم تُربَّ عليه  أصلا لا في أوساطها الأسرية ، ولا داخل المؤسسات التربوية ، ولا في المجتمع ، ولهذا صارعندها كل سلوك جاد ومتزن مثيرا للسخر والضحك ،بحيث قد تضحكها أدنى حركة أو كلمة  صادرة عن المدرسين في عز إعطائهم  حصصا دراسيا ،وبذلك تصرف كل همها  إلى اقتناص فرص التندر والضحك والسخرية والاستهزاء كأنها تتابع مشاهد مسرحيات هزلية ، وهذا منتهى العبث منها .

ومما يتولد عن هذه الآفة السلوك العدواني تجاه كل شيء داخل المؤسسات الدراسية ، وأول ضحايا هذا العدوان فضاءاتها بدءا من أسوارها الخارجية  التي تلطخ بعبارات نابية ، وشعارات هازئة ساخرة ،ومرورا بساحاتها التي تتلف كل مرافقها ، وانتهاء بفصولها التي لا يسلم  كل ما بداخلها من التدمير والتخريب ومع ذلك  نجدها  الناشئة تتسلى وتتندر بهذا السلوك  العدواني المشين . ولا شك أن تخريب مرافق المؤسسات التربوية  عندنا هو سلوك لا تسلم منه كل المرافق العمومية  في مجتمعنا ، وقد صار عندنا طبعا وعادة وسلوكا لا يثير فيها الاشمئزاز ، ولا يحرك فينا  وخز الضمائر . وإذا ما  قارنا  هذا السلوك المشين  لنشائتنا مع سلوك ناشئة اليابان على سبيل المثال لا الحصر نجدها تخضع للتربية العملية والإجرائية على صيانة  ونظافة مؤسساتها التربوية ، ويعتبر ذلك من صميم مقرراتها الدراسية الخاضعة للتقويم والتثمين . وهنا أراهن  ـ متأكدا من الفوز بالرهان ـ على أن ناشئتنا وهي تتابع سلوك مثيلتها اليابانية عبر وسائل التواصل الاجتماعي  ستسخر منها وتتندر بها ،وكأنها أقوم سلوكا منها وذلك لأن عدوانها على مرافق مؤسساتها التربوية  صار دأبا وعادة ، وعندها الأصل بينما العناية بها هو استثناء ، ترى فيه نوعا من الخضوع والإهانة ، بل هوسذاجة أيضا بينما تعتبر تدميرها عبارة عن نزق  وشطارة شجاعة و بطولة وفتوة .

ومما يترتب أيضا  عن تلك الآفة المؤسفة  أن الجد والاجتهاد عند ناشئتنا المتعلمة  يثير أيضا  سخريتها وتندرها حيث  تسخر الأغلبية  المتكاسلة من الأقلية المجدة  عوض أن تتخذها قدوة تحفزها على الجد والاجتهاد . ولا يستغرب أن تطلق ناشئتنا  على المجدين ساخرة مستهزئة لفظة   » قرايجي أو قرايجية  » ـ وهي نسبة إلى القراءة تطلق عندنا على جودة التحصيل الدراسي ـ وذلك لأن الأصل عندها هو التباهي بالتكاسل والخمول والتخلف الدراسي .وقد يقسم الكسالى مفاخرين بأنهم لا ينجزون ما يكلفون به من واجبات منزلية لأن في ذلك خضوعا أيضا ومهانة لهم .

ومن آثار تلك الآفة أيضا التسيب الذي يعكسه هندام الناشئة المتعلمة وهي تأنف وبسخرية واستهزاء  من ارتداء  الوزرات  ذكورا وإناثا على حد سواء ، وهم يعتبرونها  أيضا إذلالا لهم واستنقاصا من شأنهم ، ويصير من يرتدونها محط سخرية وتندر . ومقابل ذلك ترتدي الناشئة من اللباس  كل ما يخل بالحياء  دون الخوض في وصفها  وهي متأثرة بتقاليع النجوم في مجال الفنون أو الرياضة أو غيرها ، كما تقلد أشكال حلاقتهم لأنهم  بالنسبة إليها مثلهم العليا.

ومن آثار تلك الآفة أيضا اصطحاب المتعلمون إلى الفصول الدراسية هواتفهم الخلوية والانشغال بالعبث بها خلال الحصص الدراسية واستعمالها للانحراف بالحصص الدراسية عن مسارها ، و استعمالها في التقاط الصور والفيديوهات المسيئة  إلى بعضهم البعض وإلى المدرسين والمدرسات ،ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي بغرض التندر بها ، بل قد يصل الأمر بهم  حد استعمالها للابتزاز والتهديد ، فضلا عن استعمالها في كل عمليات الغش أثناء اجتياز الاختبارات والامتحانات .

ومن آثار تلك الآفة أيضا شيوع  العنف بين المتعلمين سواء اللفظي الذي تلوكه السنتهم  جهارا باستعمال كلمات نابية ومخلة بالحياء بحيث لا يكاد الواحد  منهم ينادي زميله إلا بوصف أمه بالفاجرة ،ووصفه  هو بالمثلي  حتى أصبح ذلك أمرا رائجا بينهم لا يبالون بالمجاهرة به، فضلا عن العنف الجسدي الذي قد يصل حد استعمال الأسلحة البيضاء في بعض الأحياء على طريقة من يسمون  » بالمشرملين  » من الخارجين عن القانون الذين يعترضون السابلة وهم تحت تأثير المخدرات والمهلوسات .

فإذا ما عرضنا كل هذ السلوكات المنحرفة على قيمنا الأخلاقية والدينية  نجد ناشئتنا لا تمت إليها بأدنى صلة، الشيء الذي يتطلب مراجعة جذرية لتنشئتها  وقد حادت عن فطرتها السوية إذا ما  نفكر بجد في  خيرها ،وفي مصير هذا الوطن الذي سيؤول تدبير شؤونه إليها مستقبلا .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *