Home»Islam»مشروعيّة الاحتفال بعيد المولد:

مشروعيّة الاحتفال بعيد المولد:

0
Shares
PinterestGoogle+

بنعلي محمد
لم أكن أريد أن أتحدث في هذا الموضوع لكثرةِ ما كتبتُ عنه، لولا أنني حضرتُ مجلِساً كان من بين حضورِه من اعتبر الاحتفال بالعيد بدعة، وعضَّ على ذلك بالنواجذ دون تقديمِ أيِّ دليل إلا ما تروجه بعض المواقع المشرقيّة المعروفةِ.
والذي أراه أن طرحَ هذا السؤال خطأُ من أساسه، والذي يطرحهُ كمن يطرح سؤالاً عن مشروعيّة الاحتفال بعيد العرشِ مثلاً، أو عيد الشباب، او عيد المسيرة، أو عيد استقلال الجزائر عند الجيران، أو الهجرة، أو الإسراء والمعراج… أو غير ذلك من الأعياد التي اخترعَها المجتمع، وما أكثرها في العالَم الفسيح !
ولعلّ ذنبَ عيد المولد من بين هذه الأعياد كلِّها أن رمزَه أعظمُ وأجلُّ من كلِّ الرموز التي يُحتفَلُ بها، وهو محمد صلى الله عليه وسلّم. فما هو وجه الخلل في أن يخترع أجدادُنا عيداً مجتمعيّاً ويجعلوا رمزَه هو نبيَّنا صلى الله عليه وسلّم، ثم يوصوا أحفادَهم بالاحتفال به على الوجه اللائقِ بعظمةِ المحتفى به؟ !
فقبل هؤلاءِ جميعاً قرّرَ سيِّدُنا عيسى عليه السلام أن يؤرِّخَ ليومِ نزول المائدةِ ويجعلَه عيدا يُعظِّمُه ويُشَرِّفُه، ويحتفل به هو وأتباعُه ومن يأتي بعدَهم من عقِبِهم إلى قيامِ الساعة، فلم ينكِر عليه القرآن هذا الاختراع، ولم يعاتبْه ولم يقل إنه بدعة، بل خلّدَه في الآية المعروفة من سورةِ المائدةِ: « قَالَ عِيسَى ابْن مَرْيَم اللَّهُمَّ رَبنَا أنزل علينا مائدة من السَّمَاء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا. »
بعدما عرفْنا هذا – وهو الصوابُ عندي، والله اعلمُ – بقيَ أن نقول: إن السؤال الذي يجب أن يُطرَح هو: كيف نحتفِلُ بعيد المولِد؟ وهو سؤال يدخل في بابِ الآدابِ الإسلاميّةِ بصفةٍ عامة: في الأكل، واللباس، والسفر، والجنائز، والاحتفال… إلخ
فإذا اختلط الذكور بالإناث في ليلة الاحتفال قلنا إنهم انحرفوا عن الآدابِ الإسلاميّةِ المرعيّةِ، وإنهم تبعاً لذلك جميعاً مذنبون، وحتى في هذه الحالة لا يحقُّ لأحدٍ أن يدَّعيَ أن الاحتفال بدعةٌ نظراً لهذا الاختلاط. وإنما هو ذنب في رقابِ المحتفلين لا علاقةَ له بالبدعة.
وإذا سهر الرجالُ في المسجد إلى آخرِ الليل ثم انصرفوا وناموا عن صلاةِ الفجر، قُلْنا لهم: صرفَ الله قلوبكم إذ سهرتم من أجلِ مُباحٍ ونمتم عن واجبٍ فرضه اللهُ عليكم، فلو نمتم في بيوتكم وصليتم الفجر في وقته وجماعته لكان خيراً لكم من تلك الساعات الطويلة، ولو كانت في مدحه عليه السلام أو سرد سيرته أو قراءة كتابِ الله الكريم…
هكذا ينبغي أن نتعامل مع الأخطاء التي قد ترتَكبُ في هذا الاحتفال دون ربطِها بالبدعةِ أصلاً؛ لأن البدعة تتعلّقُ بالدين والاحتفال بالمولد مظهر من المظاهِر الدنيويّة
فَلْنحتَفِلْ بهذا العيد وفق الآدابِ الإسلاميّة، ولْنَكُفَّ ألسنتَنا عن طرح سؤال المشروعيّةِ فقد أكلَ عليه الدهرُ وشرِب، وأنتم تعرفون الجهاتِ التي تعيدُ طرحَه في كلِّ عامٍ.
وأذهبُ إلى أبعدَ من ذلك فأقول: ليس من حقنا أن نحتفل بعيد مولد سيدنا محمدٍ عليه السلام فقط، بل من حقنا – أيضاً – أن نحتفل بعيد ميلاد سيدنا موسى، وعيسى، وسليمان، وداود، ويوسف وإبراهيم، ونوح، وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام لأننا الأمةُ الوحيدة التي تومن وتعترفُ بأنبياءِ اللهِ جميعاً. (لا نفرق بين أحدٍ من رُسُلِه.)
والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراطٍ مستقيم……

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *