Home»International»جمهورية « النيف » وحافلة وادي الحراش

جمهورية « النيف » وحافلة وادي الحراش

0
Shares
PinterestGoogle+

لسوء الحظ، وربما لحسن الطّالع، أن كان الرئيس « تبون » لا يشبه الطفل « بينو كيو »، الذي يزداد أنفه طولا مع كل كذبة يُطلقها؛ وإلا كان طول أنفه اليوم يعادل ثلاثة أضعاف المسافة الفاصلة بين الأرض والقمر؛ لكن حتى ولو حدث هذا، فلن يضير عمي « تبون » في شيء، ولن يُنقص من قدره شيئا؛ وهو الذي طالما تغنى بأن شعبه يتميز عن باقي شعوب المعمور بكونه يملك « النيف ».

يبدو أن هذا « النيف » العجيب، من جعل الجزائر لا تتردد في أن تُسَخِّر مؤخرتها النتنة ليعبث فيها الكيان الصهيوني الغاشم، مقابل أن لا تعطي الدنية في قضية الصحراء الغربية للمخزن؛ هذا ما أكدته الاتفاقيات المزمع عقدها مع شركة « إكسون موبيل »، وشركة « شيفرون »، الشريك الاستراتيجي الطَّاقي لإسرائيل، للاستفادة من احتياطيات الغاز الهائلة بما فيها الغاز الصخري.

وقبل أسابيع فقط، وافق مجلس الأمة الجزائري على السماح للمستثمرين الأجانب بامتلاك 80 % من مشاريع المناجم ومقدراتها، في خطوة مثيرة تعكس حجم الاستعداد للتخلي رسميا عن كامل السيادة مقابل عدم التخلي عن أطروحة « البوليساريو »؛ خصوصا بعد عرض، على أنظار الكونجرس الأمريكي، مشروع قانون يقضي بتصنيف هذا الكيان الإرهابي على أنه منظمة إرهابية.

لقد كانت جمهورية « النيف » دوما على استعداد تام لأن تتجرع مرارة الإهانات التي تلقتها من رؤساء فرنسا السابقين، حينما وصفوها جميعا، بلا استثناء،  بأنها دولة بلا هوية ولا تاريخ، وبأن فرنسا من صنعتها من عدم؛ كما أن الجزائر كانت تملك مخزونا لا ينضب من الصبر والتسامح، مكنها من أن تغض الطرف عن مئات المجازر التي قامت بها فرنسا اتجاهها، وتتجاهل قتلها للملايين من أبناء شعبها، كما أنها لا تجد في نفسها شيئا وجماجم شهدائها ما زالت ترقص بكعب عالٍ في ملاهي باريس؛ إلا أن صبرها العارم هذا ينفد بسرعة البرق، وصدرها الرحب يضيق كأنما يصعد في السماء، بمجرد أن تعترف فرنسا بمغربية الصحراء.

إن « النيف » الجزائري أعرجٌ لا يمشي في الطريق السليم، وأَحْولٌ لا يتنفس إلا من المنخار السقيم؛ لأنه يكون خارج الخدمة على الدوام، سواء حينما تهان الجزائر وتُمس حرمتها وتُنتهك سيادتها، أو حينما يُقِر « محمد بن سلمان آل سعود »، ولي عهد السعودية، في لقاء صحفي، بأن الجزائر رغم أنها دولة نفطية فهي فقيرة، أو حينما يُهدى لرئيس الأركان « شنقريحة » خوذة الجندي الذي يسهر على حماية فرنسا وهو يبتسم كالأبله، أو حينما يصرح وزير الخارجية الروسي بأن الجزائر دولة بلا وزن ولا هيبة؛ ؛ ولكن بمجرد أن تُمس شعرة من رأس « البوليساريو » الأصلع أصلا، يعود « النيف » العجيب للاشتغال من جديد، فتقوم قيامة العسكر الكبرى، ويستنفر كلابه المسعورة بالداخل والخارج، ويُحَرِّك أموال النفط والغاز والمعادن النادرة، ليس من أجل ربح قضية الصحراء، فهذا أمل مفقود؛ بل فقط من أجل إبقاء الوضع كما هو عليه، وآخر هذه الأموال، المليار دولار الذي تبرعت به الجزائر لدول إفريقيا مقابل شراء ولاءاتها؛ في الوقت الذي كان الأولى فيه تخصيص جزء يسير من هذه الأموال لاستيراد عجلات الحافلات المتآكلة، والتي تودي بعشرات « الشهداء » كل يوم، وآخرها حافلة وادي الحراش.

رحم الله « الشهداء »، وأطلق سراح القنوات الجزائرية التي عاقبتها السلطات بالتوقيف المؤقت، جراء بث هذه الأخيرة وقائع ذلك الحدث المؤلم.

نورالدين زاوش

عضو الأمانة العامة لحزب النهضة والفضيلة

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *