عقدة المغرب… الطاعون النفسي للنظام الجزائري

عبدالقادر كتـــرة
في الجزائر اليوم، تتكلم الأرقام والوقائع قبل الكلام
إقتصاد منهار، شركات أجنبية تغادر بلا عودة، صفقات إستراتيجية مجمّدة أو ملغاة، ديون تتضخم ككرة ثلج، تعليم يحتضر، صحة ميتة، وعدالة دُفنت منذ زمن، وفي المقابل، قمة السلطة السياسية والإقتصادية (( المتمثلة في تحالف العسكر والعصابة الحاكمة)) تواصل نهب خيرات البلاد وتخدير العباد، تحت حماية إحتلال متعدد الجنسيات.. روسيا…إيران…فرنسا…وبقايا الشيوعية وبعض الأنظمة العسكرية الاستبدادية الفاشلة والفاسدة على رأسها فينيزويلا وجنوب أفريقيا….
مافيات النظام العسكري الجزائري يعيش حالة تحلل داخلي وعزلة قاتلة خارجية.. صراعات على السلطة، تقاتل بين أجنحة المخابرات العسكرية الفاشلة
الإجرامية، وفساد على أعلى المستويات، ولتعويض عجزه في تحقيق أي إستقرار، يلجأ إلى سياسات عبثية كتوطين الآلاف من أفارقة جنوب الصحراء الجزائرية بتندوف وبشار ولحمادة على حساب الشعب الجزائري الفقير والمحروم المغلوب على أمره.
لكن المدهش (( والمثير للشفقة )) ليس فقط خراب الدولة، بل الخراب الذهني لجزء كبير من المجتمع، خاصة « التحياوة » أو « التحياحة » (نسبة إلى تحيى عمي تبون) و »الشياتة » (ماسحي أحدية الجنرالات ولاحسيه) وأبواق النظام وصحافته الصفراء، فهؤلاء حوّلوا الجزائر إلى شماعة يعلقون عليها كل مصيبة :
إنهيار الإقتصاد؟؟ سببه مخزن المروك.
فشل المشاريع؟؟ سببه مخزن المروك.
تراكم الفساد؟؟ سببه مخزن المروك.
جلب الحماية؟؟ سببه مخزن المروك.
تدفق أفارقة جنوب الصحراء؟؟ سببه مخزن المروك.
حتى المطر إذا لم ينزل، فالمروك” أكيد وراء ذلك “!!.
حتى حرائق الغابات بسبب طيور دربها مخزن المركوك
هذا الهوس المرضي بالمغرب تحوّل إلى طاعون نفسي، يمسّ المنطق ويدمر أي قدرة جنرالات النظام العسكري الجزائري على التفكير النقدي.. لم يعد لديهم إستعداد لمواجهة الحقيقة المتمثلة في كون العدو الحقيقي هو في الداخل، جنرالات ثكنة بنعكنون وكهنة قصر المرادية الغاصبين الحكم والجاثمين على صدور الجزائرين الذي فضلوا الهجرة غير الشرعية « الحريك » عبر قوارب الموت بالالاف يوميا، فرادى وجماعات، نساء ورجالا، أطفالا وكولا…، نظتم عسكري مستلد دكتاتوري ينهب ويفسد ويتحالف مع الشرق والغرب والشيعة والشيوعية لتأبيد سلطته.
الأدهى من ذلك أن الإستهداف لا يقتصر على الداخل، بل يمتد حتى إلى معارضي الخارج، وخير دليل تورط مخابرات عبلة لنظام جنرالات عسكر ثكنة بنعكنون المتوسطة في أكبر عملية تجسس على المعارضين في فرنسا ومحاولة اختطاف، في عملي. إرهابية خطيرة ومكشوفة، المدونيين والمؤثرين الجزائريين الأحرار وعلى رأسهم المؤثر كابوس نظام الجنرالات « أمير بوخورص » الملقب ب »أمير دزيد » والصحافيين الاستقصائيين المعارضين أنور مالك وهشام عبود وعبدو السمار واللائحة طويلة..
اضطر هؤلاء لمغادرة الوطن بسبب القمع والتهديد، ووجدزا أنفسهم عرضة لأبشع صنوف السب والشتم من طرف « التحياوة » و »التحياحة » و »الشياتة » والذباب « الشنقريحي والتبوني » وأبواق النظام العسكري المارق، بل وحتى من بعض من يحاولون كتابة كلمة انتقاد في صفحات التواصل الاجتماعي في الداخل، مآلهم السجون والتعذيب والاغتصاب وحتى القتل بمن فيهم أفراد أسرهم.
ويكفي الموطن الجزائري المقهور أن يكتب، أو يعبر عن رأي، أو ينتقد كارثة إقتصادية أو فضيحة سياسية، حتى ينهالوا عليه بالإتهامات الجاهزة :
« إنفصالي « ، « عميل للمخزن »، « خائن للوطن »…
هذه ليست مجرد شتائم، بل هي محاولة منهجية لتشويه سمعتهم وكسر مصداقيتهم، حتى لا تُسمع أصواتهم ولا تصل رسائلهم إلى الشعب.. لكن المفارقة أن هذه التهم، التي يعتقدون أنها عار، هي في الحقيقة وسام شرف، لأنها تعني أنهم خارج قطيعهم الذي يسوقه ويرعاه جنرالات العسكر، منفصلون عن واقعهم البائس، ورافضون أن يكونوا جزءًا من مسرحية الولاء لنظام العسكر الجزائري المارقوالخبيثوالقذروالجبان…
الدفاع عن الوطن
في علم السياسة، تُعرف هذه الظاهر « بصناعة العدو » (( Enemy Construction ))، وهي إستراتيجية كلاسيكية تتبعها الأنظمة الإستبدادية منذ قرون.. تقوم الفكرة على خلق أو تضخيم تهديد خارجي (حقيقي أو وهمي) لتحويل الأنظار عن الأزمات الداخلية، وحشد الشعب خلف السلطة بحجة.
النظام الجزائري، عبر آلته الإعلامية وأجهزته الدعائية، جعل من المغرب « العدو الأبدي » وبتعبير الفريق الأول السعيد شنقريحة رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع والحاكم الفعلي للجزائر « العدو الكلاسيكي » الذي يفسر به كل إخفاق، من إنهيار الإقتصاد إلى أزمة الماء.. الهدف ليس إقناع الجميع بالحقيقة، بل تكوين بيئة نفسية تجعل المواطن يخشى التفكير خارج هذه المعادلة، لأن أي نقد داخلي يُترجم فورًا إلى خيانة وطنية.
هذه السياسة تقتل التفكير النقدي وتُبقي الشعوب أسيرة الخوف، لكنها تحمل في داخلها بذور فشلها، لأن الأكاذيب، مهما طال عمرها، لا تستطيع أن تطعم جائعًا أو تشفي مريضًا أو تعيد كرامة ضائعة.
الخلاصة : عقدة المغرب ليست مجرد دعاية سياسية، بل أداة نفسية لتخدير العقول وتحويل الغضب الشعبي عن أصل المشكلة.. تحالف النظام العسكري الجزائري والعصابة الحاكمة، إنها سياسة « عدو خارجي دائم » لتبرير القمع والفشل، لكن التاريخ يثبت أن هذه الأكاذيب لا تدوم… وأن الشعوب حين تصحو، لا تعود إلى النوم.





Aucun commentaire