مشاهد الألم في طبيعة مسقط الرأس

محمد شحلال

إلى حدود مطلع الثمانينات من القرن الماضي ،كانت بلدتنا تزخر بغطاء نباتي كثيف ومتنوع،وكان شجر البلوط والسرور بنوعية وشجر الضرو على رأس الثروة الغالية.
منذ حلول آفة الجفاف الحاد أوائل الثمانينات،بدأت النتائج الأولى لكارثة بينية لم يسبق لها مثيل.
وهكذا،شرع شجر البلوط في إعلان الاستسلام للموت التدريجي ،حيث لم ينجح هذا الشجر المعمر من الانهيار في الغابة العذراء وكذلك في الأراضي المملكة للأهالي،حيث ظلوا يحتفلون بأشجار البلوط ويعتنون بها ليستغلوا ظلالها خلال موسم الحصاد،ويتخذونها مستراحا وفضاء لتناول الوجبات
.
وماكاد الناس يألفون مشهد ،،أذرن،،( شجر البلوط باللغة المحلية) وهو ينهار،حتى فوجدوا قبل حالي سنة بشجرة العرعر الشوكي الصبور وهو يحمر بصورة مرعبة،ليموت في وقت قياسي.
لقد تناسلت التفسيرات والتسجيلات لهذه الظاهرة المؤلمة،حيث يعزو البعض ذلك إلى تأثير الجفاف،بينما يعقد آخرون بأن الأمر ما هو إلا نتيجة لمرض ما قد يكون من فعل فاعل مثلما حصل لنبات الصبار الذي فتحت به الحشرة الرمزية.
أن مشهد ما بقي من أشجار طبيعية بالبلدة،مشهد يدمي القلب،حيث ظل المهووسون بالطبيعة يجدون متنفسهم في فضاءات توفر شروط الحياة لكثير من المخلوقات،فإذا الجبال والأديان تتعرى تدريجيا ليجد الزائر نفسه في مقدمة صحراء تنذر بالشؤم
.
لا شك أن قلة الأمطار قد ساهمت فيما الت اليه الحال بالبلدة وكثير من مناطق الوطن،غير أنها حالت لا يراها إلا
من يتردد على البواقي ويتفقد مستجداتها.
ولعل ما يثير انتباه المتجول بين جنبات الأرض بمسقط الرأس،هو غياب العصافير والزواحف ،حيث لن يقع نظره على مخلوق من المخلوقات التي كانت تعيش في هذه الأرض بسبب قلة الطعام وربما انتهاء شروط الحياة كما كان الأمر في الماضي
.
وبالرغم من كل،،هذا الفراغ الطبيعي،،فقد فوجئت قبل يومين بنزول نسر جميل على حافة خزان الماء ليروي عطشه قبل أن تثيره،، فيالق من فراخ الدجاج،،التي فتحت شهيته لوليمة في الطريق،لكنه لم يفلح فاستأنق رحلته نحو وجهة أخرى.
حاولت أن التقط صورة لهذا العابر الغريب،لكن حذره الشديد حال دون ذلك فتمنيت له رحلة ميمونة.
عندما استعيد شريط الماضي،أكاد أكذب ذاكرتي وهي تعيد أمامي مشاهد الغطاء النباتي الذي كان يحول في الماضي دون رؤية التراب خاصة في فصل الربيع،وفجأة،يشاء رب الكون أن يحدث دورة لا نعلم ما بعدها،لكنه لا يسعنا إلا نسأله عز
وجل أن يرينا عجائب قدرته ،فنرى الطبيعة تزدان مرة اخرى،وتعيد لكل المخلوقات اقبالا على الحياة.





1 Comment
توقف الحياة و انقراضها من على وجه الأرض بدأت منذ زمان، فبسبب الجفاف و التصحر و الثلوت الجوي و الاحتباس الحراري و ارتفاع حرارة الأرض و تقلص حجمها و ذوبان ثلوج القارة المتجمدة سيرتفع مستوى البحار و المحيطات التي ستبتلع ما تبقى من اليابسة، و هكذا ستنقرض البشرية كما انقرضت الديناصورات و تحل محلها مخلوقات مائية جديدة. المهم كما ظهرت الحياة على الأرض رويدا رويدا ستنقرض رويدا رويدا. مسألة وقت فقط.