أهذا ابن رشد؟

رمضان مصباح
دأبي،مرة أو مرتين في الأسبوع،أن أرتاض مشيا ،الساعة والساعتين ،حتى يرتاض معي الفكر ،الأكثر نشاطا وتركيزا مع الحركة.
ومن هنا « في الحركة بركة » ؛بركة فكرية قبل كل شيء.
وجهتي اليوم مدينة العرفان الغرباوية،كما أنفرد بتسميتها ،وان كان أهل الغرب أدرى بالفلاحة: إداريا هي جامعة ابن طفيل .
أقطع شوارعها وأسرح في أرباضها ،التي انتزعَتها انتزاعا من غابة المعمورة المعمرة.
ومن مستحدثاتها المعرفية ،سويقة كتب ،يرتادها الطلبة ؛وفيها من كل علم بهيج، ما يجعلك لا تنصرف عنها إلا وأنت متأبطٌ خيرا .
حمْلي اليوم منها ،وأي حمل :
« تهافت التهافت » لابن رشد ؛ما ظننت أن مصدرا فلسفيا –بوزن الفيل- سيعرض هكذا في للطلبة ،وكأنه « الوسادة الخالية » ليوسف السباعي إن لم تخني الذاكرة.
في طريق العودة ،لويت الكيس البلاستيكي – الفلسفي – على كتفي اليمنى،ممسوكا بأصبعي المعقوف.
وبقدر هرولتي الرياضية ،استشاط الفكر نشاطا ؛وكأن به مسًّا من كتاب ،نُكِّب صاحبه – متهَما بالزندقة- وأحرقت كتبه ،وسط صخب العامة، من المشايخ والدهماء.
وكأني بروحه تحدثني:
يا هذا ،أوتحملني على كتفك؟
كيف تفلتت من عصور الجهل ،وأهله ،ومشايخه، لتراني جديرا بأن أجنَّب التواجد على قارعة الطريق ،ولو في جامعة،أنا الذي ما ارتقى إلا مدارج الفكر الراقي ؛وان سامني عصري خسفا؟
كان ردي من كلامه لأحد تلامذته ،وهو يبكي وسط الجموع الصاخبة ،التي حضرت عملية الحرق:
ياولدي » إن كنت تبكي حال المسلمين ،فاعلم أن بحار العالم لن تكفيك دموعا ؛أما إن كنت تبكي الكتب المحروقة ،فاعلم أن للأفكار أجنحة ،وهي تطير لأصحابها »
ألست القائل؟
بلى يا ولدي ،قلتها .
قهقهت الروح ،ربما ساخرة ممن أحرق ،ثم غابت.
وأنا في الطريق انشغل ذهني بصدق النبوة:
فعلا طارت أفكار ابن رشد إلى أوروبا ،واعتمدت فلسفته ومنهجه في بناء حضارتها ،بل تطهير حتى عقيدتها.
رحمك الله يا ابن رشد.
وشكرا على الإمتاع والمؤانسة ،في هذا الصباح الرياضي ،الذي أبى إلا أن يكون معرفيا أيضا.
القنيطرة:28 أبريل2025
Aucun commentaire