Home»International»الجزائر وصناعة الهوية

الجزائر وصناعة الهوية

0
Shares
PinterestGoogle+

محمد شحلال
عرف تاريخ الجزائر-كما عق عنها المحتل الفرنسي أخيرا-واختار لها هذا الاسم،عرف تقلبات متباينة عبر العصور،شأنها في ذلك شأن العديد من الأقطار التي لم تتهيأ فيها شروط الدولة بمفهومها المتعارف عليه،لذلك مازالت الجارة الشرقية تتخبط ، فلا يجد حكامها الجدد إلا سرقة الآخر في واضحة النهار لصنع مشروع هوية،لكنهم يصطدمون بالحقائق التي يصرفونها عبر الشتم والسباب والافتراء العبثي.
بعد خروج المحتل الفرنسي الذي غرس لغته وثقافته في هذا البلد،وجد النظام الذي تولى مقاليد البلاد، نفسه في مواجهة تحديات كبيرة،لعل أبرزها التخلص من عقدة ،،الجزائر الفرنسية،،ومحاولة إعادة الاعتبار للعربية في التواصل والوحدة.
لقد تولى الإعلام مهمة نشر ،،الهوية العربية،، بعيد الاستقلال عبر برامج عديدة خاصة في الإذاعة،حيث كان بعض المنشطين يقدمون البدائل عن المصطلحات الفرنسية التي جعلت الشعب الجزائري يشعر بنوع من الغربة في محيطه القريب قبل البعيد.
مازلنا نذكر كيف كان معدو البرامج يرددون على الأثير :
-قل كذا ولا تقل…حيث كانت الغاية أن يتخلص المواطنون من لغة المستعمر من خلال استيعاب البدائل بالفصحى أو اللسان الدارج.
كنا نتابع تلك البرامج بمزيج من الإعجاب والدهشة،ونحن نواكب الإذاعة وقد تحولت إلى مدرسة لتلقين اللغة التي تعيد للجزائر اعتبارها ،وتؤهلها لبناء أمة متجانسة، ولعلها كانت لبنة هامة في أفق استعادة البلاد لمكانتها في المجموعة العربية والاندماج في سيرورتها لولا عقلية التعالي الوهمي الذي زرعه نظام العسكر في العقول،فوجد نفسه يحارب على عدة جبهات !
كان من مثقفي الجزائر الغيورين على مستقبلها في الحضن العربي رجال كثيرون،أخص بالذكر منهم الأديب والشاعر الراحل محمد الأخضر السائحي.
كان لهذا الرجل دور في النهوض بالثقافة العربية عبر منشوراته وبالخصوص عبر برامجه الإذاعية التي كان لها عشاق ومتابعون داخل الجزائر وخارجها.
كان السيد السائحي يجمع بين الثقافة وخفة الدم،حيث كان بعض صغار النفوس يتطاولون على شخصه للتندر من خلقته،وهو ما جعله يفحم واحدا من هؤلاء التافهين حيث بعث له رسالة يسخر فيها من ذمامته،وكانت قراءة بعض رسائل المستمعين ضمن فقرات البرنامج،ولما اطلع على فحوى رسالة المستمع الساخر،قال – رحمه الله-:
إن أحد المستمعين الكرام قد بعث إلي رسالة،لكنه نسي عنوانه فأرسل صورته !
لعب الأديب ،،السائحي،،وأمثاله دورا كبيرا في عودة الشباب الجزائري إلى لغته ،ولم يمض إلا وقت وجيز حتى تحققت في البلد نهضة ثقافية سرعان ما أفرزت جيلا من الكتاب والأدباء الذين نافسوا نظراءهم من كتاب الفرنسية من أمثال،،رشيد بوجدرة،، و،،مولود معمري،،و،،كاتب ياسين،،الذين صار يزاحمهم الراحل،،الطاهر وطار،،صاحب رائعة،،عرس بغل،،وواسيني لعرج،، و،،أحلام مستغانمي،،…
تعاقب على حكم البلاد رؤساء متشبعون بعقلية ،،العسكر،،أو يأتمرون بأوامره،ومع ذلك وإلى حدود عهد الراحل ،،بوتفليقة،،فإن النظام الجزائري،كانت له اهتمامات خاصة وفي مقدمتها،لعب دور،،الليدر شيب،،في المنطقة والقارة السمراء عموما، مدفوعا بمنجزات الثورة والثروة المتنوعة التي وظفها في التقاط الثناء والإعجاب الكاذبين،وظل هاجس الهوية خارج أجندة الحكام إلى أن،،أشرق ،،عهد الثنائي،،شنقريحة وتبون،،الذي تزامن مع انتكاسات سياسية في قضية أقاليمنا الجنوبية.
لقد اكتشف العهد الجديد بأن فرحة تركيع المغرب التي انطلقت أواخر السبعينات من القرن الماضي بإعلان قيام جمهورية الوهم التي حصدت العديد من الاعترافات المدفوعة الثمن،اكتشف أن هذه المكاسب قد تبخرت دون أن يحيد المغرب عن موقفه،بل إن العديد من الدول قد انقلبت على الجزائر بعدما افتضحت دعايتها،وهو ما حتم على النظام الانتقال إلى حرب جديدة للنيل من بلادنا،فكان تزييف التاريخ وتطعيمه بأحداث مفبركة على مقاس أوهام العسكر الذين سخروا كل شيء لتبخيس صورة المغرب وسرقة مظاهر حضارته على أنها منجزات جزائرية كانت ربما في فترة،،بيات،،طويلة ولم تدب فيها الحياة إلى مع انتقال دفة الحكم إلى،،عمهم تبون،،تحت إشراف سيده،،شنقريحة،،الذي أوهم مواطنيه بأن عدوهم،،الكلاسيكي،،هو المغرب الذي يتعين استهدافه بكل الوسائل الممكنة.
وهكذا،فإن الزليج المغربي العريق قد أصبح فجأة ومنذ مجيء،،تبون،،فقط،تراثا جزائريا مثله مثل،،القفطان،،والكسكس،بل إن جبلا من صنع إلهي ،إنما هو معلمة جزائرية تم نقلها لتستقر في الأطلس الكبير !
لقد دخل بعض متملقي النظام في حالة إسهال فكري وهم يخصبون خيالهم في الليل ،ليحولوه إلى حقائق دامغة على،،بلاطوهات،،في النهارعبر القنوات التلفزية ليزرعوا في الشعب مرضا يجعل ،،معقل الثوار،،ذات زمان،يتحول إلى مادة للتندر في بقاع العالم ،التي يصلها هذيان الصحفيين والخبراء الذين استطاعوا رفع الضيم في زمن قياسي عن بلادهم، وراحوا يستعرضون معجزاته التي كان المغرب ينتشي بامتلاكها ويجني ثمار ذلك في الداخل والخارج !
إن النظام الجزائري يتجرع غصص الهزيمة تحت أنظار العالم، بعدما انكشفت أبعاد سياسته وقاده العناد الأعمى إلى اختلاق خصوم في الشمال والجنوب،وهو ما أدخله في نفق لن يخرج منه إلا بثمن مكلف أما المغرب،فهو يجني ثمار صبره وإعراضه عن الجاهلين،مما أكسبه مزيدا من الإنصاف في قضيته،ذلك أن،،حبل الكذاب قصير، كما علمنا اسلافنا.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *