ابنة الرئيس السابق لجنوب أفريقيا « جاكوب زوما » توجه خطابا تضامنيا مع « جمهورية القبائل »
عبدالقادر كتـــرة
وجهت « نتومبي فيليسيا مسيزا زوما »، ابنة الرئيس السابق لجنوب أفريقيا « جاكوب زوما » خطابا تضامنيا مع جمهورية منطقة القبائل تم إلقاؤه في اجتماع توقيع شراكة بين « حركة مغرب الغذ » و »حركة تقرير مصير منطقة القبائل » (MAK)، بالعاصمة الفرنسية باريس، يوم الأربعاء 4 دجنبر 2024.
وهذا هو خطاب السيدة
« نتومبي فيليسيا مسيزا زوما »:
» إنه لشرفٌ لي أن أكون معكم عن بُعد وأنتم في باريس، المدينة التي عبّر فيها فلاسفة عصر التنوير عن حِكمتهم، ووضعوا حجر الأساس للحرية والحداثة والديمقراطية للبشرية جمعاء.
أنضمُّ إليكم اليوم للاحتفال بقضيةٍ ومبدأٍ عزيزين على قلبي كإنسانة من جنوب أفريقيا متحرّرة ومؤمنة بشدّة بقيم الإنسانية والعدالة والأمل: إنها قضية شعب القبايل وتطلّعاته وحركته من أجل تقرير المصير بقيادة السيد فرحات مهني.
أودّ أن أعرب عن امتناني للدكتور مصطفى عزيز، رئيس حركة مغرب الغد، لدعوتي للتّعبير عن دعمي وتعاطفي مع السكان الأصليين لمنطقة القبائل التاريخية، قبل أن حاولت السياسة الحديثة تغيير حياتهم ومسار سيادتهم على أرضهم التي دامت قرونًا طويلة.
عندما كنتُ طفلة صغيرة السنّ، نشأتُ وأنا أستمع إلى المناقشات والتأمّلات بين والدي « جاكوب زوما » وزعيمنا « نيلسون مانديلا »، الذي كان قوّة دافعة ملهمة في تشكيل فلسفة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي وجنوب أفريقيا المعاصرة أيضا.
وأتذكّر فكرتين ملهمتين للسيد مانديلا، إذ قال: « أن تكون حرًّا لا يعني مجرّد التخلص من القيود، بل العيش بطريقة تحترم حرية الآخرين وتعزّزها ».
لا يمكن للحرية أن تكون شعاراً جزئياً أو ذاتياً؛ ولكن ينبغي أن تكون قيمة مثالية وأخلاقية كاملة وموحدة لجميع الشعوب في جميع أنحاء أفريقيا وبقية العالم. أسمع اليوم صدى الكلمات التي نبعت من حكمة وتأمل عميق لدى السيد مانديلا، وهي تتحدث مباشرة إلى روح شعب القبايل: أمّة العِزّة والكرامة والصمود في شمال قارتنا الأفريقية.
وعلى مرّ التاريخ، ظل القبايل أمّة مستقلّة خلال الحكم المتعاقب للقرطاجيين والرومان والوندال والبيزنطيين والأتراك العثمانيين.
ولا ينبغي أن يكون الوقت الحاضر استثناءً لهذه المرونة والشخصية القوية التي يتمتع بها جميع أفراد منطقة القبايل.
بحكم منطق التاريخ، هم أكبر مجتمع ثقافي ولغوي وعرقي متجانس، ويُعتبرون الفئةَ الاجتماعيةَ الأكثرَ عراقةً في شمال أفريقيا.
كانت جمهورية القبايل المستقلة موجودة قبل الاستعمار الفرنسي عام 1830.
وفي عام 1857، بعد 20 عامًا من مرسوم إنشاء الجزائر الفرنسية، تم ضم منطقة القبايل.
وواصل قادتها آنذاك مثل « لالة فاطمة نسومر » المقاومة حتى وقت متأخر من تمرد المقراني عام 1871.
وبعد إنهاء الاستعمار الفرنسي وفرض التعايش القسري عام 1962، واصلت القبائل مقاومة هيمنة النظام العسكري في الجزائر العاصمة.
هناك فكرة ملهمةٌ أخرى عبّر عنها السيد مانديلا لا تزال ذبذباتُها تتردد في عظامي: « لا ينبغي الحكم على الأمة من خلال الطريقة التي تعامل بها مواطنيها في مراتب عليا، بل من هم في أدنى المقامات ».
وأنا أقف هنا لأُدين أعمال الوحشية والقمع الذي يعانيها شعب منطقة القبايل منذ أكثر من ستة عقود. وقد سلطت عدة تقارير دولية الضوء على الأوضاع القاتمة والقمع الذي تتعرض له حريات منطقة القبايل داخل الجزائر في الوقت الحاضر.
في تقريرها « عالم السكان الأصليين 2024: تقرير الجزائر »، نقلت مجموعة العمل الدولية لشؤون السكان الأصليين عن ماري لولور، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، التي زارت الجزائر العام الماضي، إذ لاحظت أن « هناك نقصًا في الشّفافية فيما يتعلّق بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان للإجراءات القمعية المتخذة ضد المدافعين عن حقوق الإنسان، حيث لا تتوفر سوى معلومات قليلة حول من أصدر الأوامر ضدهم، وبأي سلطة ولأي سبب.
وأشار العديد من الأفراد إلى قوة الشرطة السياسية الموجودة في الظل، والتي لا يبدو أنها مسؤولة أمام أي رقابة شفافة. » كان شعب القبائل هو المحرّر الحقيقي لوطنه من الاستعمار الفرنسي. ولندع التاريخ يتحدث عن نفسه: كانت من بين 23 من أبطال حرب الجزائر من أجل الاستقلال أغلبيةُ 19 شخصا من منطقة القبائل. ويتبادر إلى الأذهان العديد من القادة التاريخيين لجبهة التحرير الوطني مثل حسين آيت أحمد، وعبان رمضان، وكريم بلقاسم وآخرين.
ينبغي ألاّ تطغى على هؤلاء الرجال والنساء الشجعان من منطقة القبايل أي انعطافات أيديولوجية للتاريخ أو تفسيرات خاطئة متعرجة للشرعية والسعي الأخلاقي لاستقلالهم.
في كتابه « أساس ميتافيزيقا الأخلاق »، جادل الفيلسوف إيمانويل كانط بأن النية الطيبة لا يتم تعريفها على أنها خيرة من خلال ما تنجزه، إنها خيرٌ في حدّ ذاته. وعليه فإن تقرير المصير خيرٌ في ذاته، والعدالة خيرٌ في ذاتها، والفضيلة السياسية خير في حد ذاتها. يقول كانط إن تقرير المصير الأخلاقي يجعلنا بشرًا حقًا ويمنحنا كرامتنا. وباعتبارنا فاعلين أخلاقيين، فمن واجبنا أن نحترم كرامة واستقلالية جميع الأفراد الآخرين… »
Aucun commentaire