Home»Femme»سلسلة المرأة كما قدمها القرآن الكريم من خلال نماذج لن تشذ عنها بنات حواء إلى قيام الساعة ( الحلقة الثانية )

سلسلة المرأة كما قدمها القرآن الكريم من خلال نماذج لن تشذ عنها بنات حواء إلى قيام الساعة ( الحلقة الثانية )

0
Shares
PinterestGoogle+

سلسلة المرأة كما قدمها القرآن الكريم من خلال نماذج لن تشذ عنها بنات حواء إلى قيام الساعة ( الحلقة الثانية )

محمد شركي

من أقدم النماذج النسائية المذكورة في القرآن الكريم امرأة نوح وامرأة لوط ، وهما نموذجان للخيانة الزوجية ، ليس خيانة العرض  المعهودة والمعروفة عند الناس، بل هي أعظم وأشنع من ذلك، لأنها خيانة الدين حيث حصل الكفر من هاتين المرأتين بالرغم من  كونهما كانتا تحت نبيين كريمين  صالحين ،اللذين كانا يواجهان الكفر والفساد فيمن بعثا فيهم من الكافرين  ، ولم يكن ولاء الزوجتين للزوجين النبيين الكريمين الصالحين ، بل كان للقوم الكافرين ، ولا شك أن هاتين الزوجتين الخائنتين خيانة الذين، وهي خيانة عظمى بلغة عصرنا، كانتا تخفيان عنهما كفرهما أو ميلهما للكافرين أو ولاءهما لهم  .

ولقد جاء ذكر هاذين النموذجين من النساء في سياق تحذير وتنبيه الكافرين من عذاب الآخرة ، فقال الله تعالى : (( ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار مع الداخلين )) ، ففي هذه الآية الكريمة، بيان سبب ذكر  التمثيل بزوجتي النبيين الكريم نوح ولوط عليهما السلام ، وهو تيئيس الكافرين من النجاة من عذاب الآخرة ، ذلك أن زوجتي نوح ولوط عليهما السلام لم يغن عنهما زواجهما بنبيين ، ولم  ينفعهما ذلك، وقد مالتا  إلى القوم الكافرين الفاسدين ، وانحشرتا في زمرتهم ، وكان ذلك خيانة منهما لزوجين نبيين صالحين . وإذا كان زواج هاتين الزوجتين  من نبيين لم ينجهما من عذاب النار ، فمن باب أولى ألا يغني عن الكافرين  شيء آخر مهما كان، لأنه لا يوجد ما يتشفع به عند الله تعالى  فوق شفاعة النبوة،  ولو كان من يتشفع بها من أقرب أقارب الأنبياء سواء كانوا زوجات  أو أبناء أو آباء… أو غير هؤلاء من ذوي القربي إذا ما  كانوا من أهل الكفر والضلال  والفساد .

وما يعنينا من هذا النموذج النسائي الذي ساقه الله تعالى في محكم التنزيل ، ليس تيئيس الكافرين فحسب ، بل تنبيه النساء إلى قيام الساعة من الاتكال على زواجهن من الصالحين دون الاقتداء بهم في صلاحهم . وقد جاء في بعض كتب التفسير أن في ذكر هذين النموذجين موعظة لكل المؤمنات إلى قيام الساعة كي يقتدين  أولا بصلاح أزواجهن مع الثبات على ذلك ، لأن عدم الاقتداء بهم يكون بمثابة خيانة كخيانة امرأة نوح وامرأة لوط ، وثانيا عليهن بحسن معاشرة أزواجهن من خلال معاملتهم المعاملة الحسنة ، لأن الله تعالى لا يحب أن يُؤذى عباده المؤمنون من أي كان ، وبالأحرى أن تكون أذيتهم صادرة عن أزواجهم ، وهو سبحانه يعلن حربه على من يؤذيهم كما جاء في الحديث القدسي الذي رواه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حكاية عن ربه ، وجاء فيه :  » من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب » ، وعداوة الصالحين تكون بإلحاق الأذى بهم .

ومعلوم أن الله تعالى قد أخذ ميثاقا من الأزواج والزيجات المؤمنين والمؤمنات بأن تكون المعاملة بينهم وفق ما شرعه لهم ، لا يحيدون عن ذلك قيد أنملة  تحت أية ذريعة أو مبرر مهما كان ، وهذا الميثاق عبارة عن أمانة في أعناقهم جميعا ، ومن خانها كان خائنا للأمانة مفرطا فيها ، وهذا ما حذر منه سبحانه وتعالى حين ضرب مثل امرأة نوح وامرأة لوط، لأنهما خانتا أمانة الزوجين التي قلدهما الله تعالى حين  زوجهما بنبيين كريمين صالحين  ، وكان الأجدر بهما أن تكونا على شاكلة صلاحهما ، وليس على شاكلة فساد أعدائهما من الكافرين .

وبناء على هذا يتعين على كل المؤمنات ممن قيض لهن الله تعالى الاقتران بأزواج صالحين أن يحافظن على أمانة الزوجية ، ولا يتأتى لهن ذلك إلا بالاقتداء بصلاحهم أولا ثم بحسن معاملتهم وفق ما شرع الله تعالى في العلاقة الزوجية المنصوص في كتابه الكريم ، وشنة نبيه المشرفة صلى الله عليه وسلم   .

ولا تشذ في زماننا هذا  كثير من النساء عن نموذج امرأة نوح وامرأة لوط ، ذلك أن كل زوجة تكون تحت مؤمن صادق الإيمان وصادق الصلاح ، وهي على غير إيمانه ، وعلى غير صلاحه ، فهي في حكم الخائنة خيانة  اعتقاد كأن تكون ملحدة كافرة  أو مشركة وثنية ، وهذه أحوال الزيجات المقترنات بأزواج مؤمنين صالحين على أساس أنهن  كن مؤمنات صالحات  ثم كفرن أو أشركن بعد ذلك ، أو كن هن وأزواجهن على ملة الكفر ، فحدث أن آمن الأزواج وصاروا صالحين  بينما ظلت الزيجات على كفرهن .

ومن الزيجات المؤمنات من لا تلبسن إيمانهن بكفر أو شرك وهن في عصمة أزواج مؤمنين صالحين ، ولكنهن لا تقتدين بهم في صلاحهم ، ويكون منهن التفريط والتهاون في الاستقامة على صراط  الله المستقيم ، فضلا عن سوء معاملتهن لأزواجهن بسبب التأثر بسلوك الكافرات أو المشركات وتقليدهن والاقتداء بهن ، وهذا هو الحاصل الغالب في زماننا هذا، حيث صارت زيجات مؤمنات كثيرات تتبعن النساء العلمانيات في هيئاتهن وسلوكهن، ظنا منهن أن ذلك هو السلوك الحضاري الذي يجب الاقتداء به لولوج عالم التحضر ، ومواكبة بالركب الحضاري الغربي  ، وفي هذا خيانة صارخة لميثاق رباط الزوجية الذي شرعه الله تعالى ، وهو بمثابة أمانة سيسألن عنها يوم القيامة ، ولن يغني عنهن أنهن كنّ زيجات لمؤمنين صالحين، تماما كما لم يغن امرأة نوح وامرأة لوط أنهما كانتا تحت نبيين صالحين ، وقد دخلتا النار مع الداخلين .

ولا يجدر بالمؤمنات إلى  قيام الساعة  أن تغفلن عن هذا المثل الذي ضربه الله تعالى  للكافرين ، ولمن يحذو حذوهم في كفر أو فساد أو خروج عما شرعه عز وجل تحت اية  ذريعة من الذرائع مهما كانت . ولقد جعل سبحانه وتعالى الاستفادة من  الأمثال المضروبة في كتابه الكريم دليلا على التعقل والعلم ، فقال جل من قائل : (( وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلوها إلا العالمون ))

  ولهذا وجب الاحتراز مما يسوق إعلاميا من مطالب بتعطيل شرع الله تعالى في أحوالنا الشخصية أو تجريمها انصياعا لمطالب علمانية دخيلة على مجتمعنا المسلم المتشبث بدينه وبإمارة المؤمنين الحامية حمى الملة والدين .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *