Home»Enseignement»ما دلالة مباركة أستاذ جامعي منع محاضرة أستاذ جامعي؟

ما دلالة مباركة أستاذ جامعي منع محاضرة أستاذ جامعي؟

0
Shares
PinterestGoogle+

بسم الله الرحمن الرحيم

ما دلالة مباركة أستاذ جامعي منع محاضرة أستاذ جامعي؟

من بين المقالات التي لفتت انتباهي في هذه الأيام، مقال صدر بإحدى الجرائد الإلكترونية تحت عنوان « إلغاء محاضرة العمري يثير جدالا في أكادير »، والملفت للانتباه بالنسبة إلي، ليس قرار المنع في حد ذاته، خاصة إذا كان صادرا من طرف الجهات ذات الاختصاص، لكن الملفت للنظر هو موقف أحد أساتذة المدرسة العليا للتربية والتكوين بمدينة أكادير، من خلال تصريحه الذي قال فيه حسب ما ورد في المقال: « إذا كانت دعوة المحاضر على اعتباره « مؤثرا اجتماعيا » فمكانها منصات التواصل الاجتماعي وليس مدرجات الجامعات، فالجامعة للعلم فقط » ، « أما دعوته باعتباره داعية متطوعا فهنا أيضا مكانه المساجد أو الجمعيات المعنية؛ فالمحاضرات والندوات في محراب الجامعة تؤطر من طرف الباحثين المشهود لهم بالكفاءة في مجالهم عبر مقالات محكمة تنشر في مجلات محكمة، والتابعين للبنيات البحثية المعترف بها في المجتمع الجامعي؛ وأخص بالذكر المختبرات العلمية »، ثم أضاف ، بأن موضوعها « القيم في مهنة التدريس » هو « تيمة مجزوءة مهنية هامة من 50 ساعة في السنة الأخيرة لجميع مسالك الإجازة في التربية، تدعى أخلاقيات مهنة التدريس والتربية على القيم، ومحتواها محدد ودقيق وينهل من روح دستور المملكة والقوانين والمعايير الوطنية والكونية والتشريعات المنظمة لمهنة التدريس »، خاتما: « وعليه، فطلبة الإجازة في التربية يخضعون لتكوين علمي دقيق في الموضوع حسب رؤية ومرجعية علمية متضمنة في الملف الوصفي لكل مسلك. وحسب رأيي الشخصي المسألة لا تحتاج لمؤثر ما لكي يحاضر في الموضوع ».

انطلاقا من فهمي لما صرح به الأستاذ الجامعي أود طرح مجموعة من الأسئلة فيما يلي بعضها:

  • لماذا تم تصنيف الأستاذ العمري إما في خانة « مؤثر اجتماعي » أو « داعية » بمفهومها القدحي؟
  • لماذا تم التغاضي عن صفته المتمثلة في كونه أستاذا جامعيا في تخصص مهم ألا وهو علم التواصل؟
  • هل كون طلبة الإجازة يدرسون مجزوءة في موضوع أخلاقيات مهنة التدريس والتربية على القيم مبرر كاف لحرمانهم من حضور ندوة في موضوع « القيم في مهنة التدريس »؟ والإطلالة على الموضوع من زاوية يُحتمل أن تكون مخالفة، كما يحتمل أن تكون متوافقة مع تلك التي يتم اعتمادها أثناء تدريس التيمة المعنية، أليس في هذا حجر على الطلبة الذين يفترض في تكوينهم التربية على الاختيار وأخذ القرار الملائم من خلال تحليل المعطيات التي تعترضهم في حياتهم اليومية؟ وهو ما يُستشف من مبادرتهم لدعوة الأستاذ العمري؟

أسئلة كثيرة تراودني بخصوص هذا النوع من التصرفات، خاصة عندما تصدر عن أساتذة جامعين يُفترض فيهم فتح المجال أمام كل الأطياف الفكرية، ومناقشتها بالحجة لا بالدعوة إلى المنع وخنق الحريات التي أصبحت اليوم مطلبا حتى بالنسبة للذين يحاربون كل الأعراف والقيم المميزة للمجتمع المغربي، ألم يدافع وزيري العدل والشباب على الرابور طوطو السيء الذكر؟ ألم يُستدع شخص تحت اسم « فنان » قدَّم صورة مسيئة للمرأة المغربية أثناء الاحتفال بالفريق الوطني لكرة القدم بحضور مسؤولين مرموقين في الحكومة المغربية، وذلك من خلال تلك العبارات النابية التي تركت أثرا سلبيا في نفوس المغاربة؟…

إن ما عبر عنه الاستاذ الجامعي بخصوص منع محاضرة بغض النظر عن كونها للأستاذ العمري أو غيره من الأساتذة له دلالات متعددة منها:

  • أن هذا الأستاذ لا يؤمن بحرية التعبير عندما يتعلق الأمر بأساتذة جامعيين، وما بالك لو تعلق الأمر بالطلبة أو بأشخاص عاديين، ولا شك أن هكذا تصرف يساهم في إذكاء الحزازات بين الفصائل الطلابية، عوض فسح المجال لتلاقح الأفكار وردم الهوة التي تفصل بين مختلف التوجهات.
  • أن الأستاذ لا زال يفكر بالمنطق الذي كان سائدا أيام كان الأستاذ هو المصدر الوحيد للمعرفة، ذلك أن منطق امتلاك المعرفة من قبل جهة معينة أصبح متجاوزا، ومن ثم فاعتماد منطق المنع في محاربة الأفكار غير مجدي، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بمنع محاضرة هنا وأخرى هناك، ألم يكن من الأجدر بالأستاذ حضور المحاضرة دون الحكم المسبق عليها « الناتج بلا شك عن تصنيف صاحبها في خانة معينة »، وآنذاك يمكن دحض الأفكار الخاطئة الواردة فيها من خلال المناقشة الهادئة، وتقديم الحجج الدامغة، وبهذا فقط يمكن تحصين الطلبة أمام كل ما يمكن أن يسيء للقيم التي ينبغي أن تسود في مهنة التدريس بصفة خاصة وفي المجتمع بصفة عامة.
  • إن قوله بأنه إذا كان تدخل الأستاذ العمري باعتباره مؤثرا اجتماعيا فمكانه وسائل التواصل الاجتماعي، وإن كان باعتباره داعية فمكانه المساجد والجمعيات، خطير بكل المقاييس، ذلك أن تخلف جامعتنا يرجع في جزء كبير منه إلى انغلاقها على نفسها، وعدم انفتاحها على المجتمع الذي لا يمكن إخراج لا رواد مواقع التواصل الاجتماعي ولا رواد المساجد والجمعيات منه، ففي الوقت الذي يتعين فيه على الجامعة الانفتاح على كل الأطياف المجتمعية، خاصة تلك التي لها قدرة التأثير، بهدف الاستفادة منها في جانبيها الإيجابي والسلبي على السواء، قصد إيجاد آليات التوجيه الصحيح للمجتمع، نجدها غالبا ما تتخندق على غرار ما عبر عنه الأستاذ المعني في برجها العاجي، تحت مصطلحات رنانة لا تحمل في طياتها إلا الاسم كما هو الشأن بالنسبة « للباحثين المشهود لهم بالكفاءة » « مقالات محكمة »، « محتوى محدد ودقيق »، « المختبرات العلمية »، « تكوين علمي دقيق »…

في الأخير لا أريد أن يُفهم من كلامي أن الأمر يتعلق بالدفاع عن الأستاذ العمري، وإنما الهدف هو التركيز على الحفاظ على مبدأ حرية التعبير شريطة ألا يطال الثوابت. وعلى هذا الأساس أذكِّر الأستاذ وكل من يحذو حذوه من الذين يكيلون بمكيالين، بحيث الحرية المطلقة للبعض والمنع والتجريم للبعض الآخر، أذكرهم بالمقولة الشائعة « كما تدين تدان » ذلك أنك إذا كنت تبارك منع الأستاذ العمري لأن له توجه معين ربما يخالف توجهك، فلا تَلُم أحدا إذا ُمنعت يوما من التعبير عن رأيك أو دعيت لإلقاء محاضرة بديلة عن محاضرة الأستاذ العمري.

الحسن جرودي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *