Home»National»الاستقلال ما بين المداد و الجهاد.

الاستقلال ما بين المداد و الجهاد.

2
Shares
PinterestGoogle+

عبد الحفيظ كورجيت

حدّثنا خطيب الجمعة اليوم 18 نونبر 2022 عن ذكرى الاستقلال و المناسبة شرط, ذكرنا بصوته الحازم بنعمة التحرر من ربقة الاستعمار الغاشم . و هو يقرأ ما كُتب له, كما هي العادة في مثل هذه المناسبات, ربط الحدث بتقديم و ثيقة الاستقلال التي قدُّمت بتاريخ 11 يناير 1944  مع أنّ المغرب لم ينل استقلاله 12 إلاّ عشرة سنة بعد ذلك.

الحديث عن توقيع وثيقة المطالبة بالاستقلال أوقعني في المحظور فغبت عن خطبة الإمام،و أخشى أن يُحسب غيابي لغوا فأقع في الحرج وتُلغى جُمُعتي حسب ما جاء في استهلال المؤذن نقلا عن الإمام مالك عن أبي الزناد عن الأعرج .

الحديث عن التوقيع بالقلم عرّج بي على ما وقع في قبيلة اجزنّاية الرّيفية من توقيع بالدّم.  رحَلت بي الخطبة إلى   دوّار إخوانن ,أحد دواوير القبيلة المذكورة ,فسرحت في كمّ الأحداث التي وقعت هناك و في بعض ما رُوي لي عن استبسال الرجال و عن دَور النساء في الدّعم والتغذية و الإيواء.

تذكرتُ, والإمام يخطب, زوج خالتي أحمد خولالي الملقّب ببوطرفة.  عاش بسيطا ومات مريضا في المستشفى الإقليمي بوجدة. كان رحمه الله جنديا في صفوف القوّات الفرنسية وتصادفت عودته في عطلة مع اندلاع الكفاح المسلح الذي عقِب هجوم 2أكتوبر1955 على المركز الفرنسي بقرية بورد. قرّر المرحوم أن يبقى بجانب إخوانه واضعا تجربته في الجيش في خدمة رجال المقاومة ومنها تدريبهم على حمل السلاح.

آثر المرحوم البقاء للدفاع عن الوطن على العودة إلى فرنسا حيث كان ينتظره مستقبله المهني والترقية في سلك الجندية بما فيه من امتيازات.

كلّما تذكرت قصّته أصبت بغُصّة, ماذا لو عاد حينها إلى فرنسا و استكمل مشواره ؟ كيف كان سيعيش هو و عياله؟

و ماذا جَنى من بقائه؟ الجحود و الخصاصة : حتى لوائح أعضاء المقاومة و جيش التحرير ضنّت عليه برقم بين سطورها و حُرّمت عليه تلك البطاقة الزّرقاء التي نالها كثير من الخونة العملاء.

قصة عْذيزي حْمْذْ واحدة من بين مئات القصص التي كان مسرحا لها دوّار الخولاليين المهمّش المَقصيّ المنكوب المنسيّ.

كِدتُ أنسى الخطبة.   كيف يُقرن الاستقلال بوثيقة كان بين نيلِه و توقيعها أربع عشرة سنة و يُطمس حدث فارق لا يفصله عن الاستقلال إلاّ سنة واحدة؟ 2 أكتوبر1955   تاريخ اندلاع المقاومة المسلحة في ما أسماه المستعمر حينها مثلث الموت: بورد, أكنول, تيزي وسلي.أي الحدثين كان جسيما و حاسما؟

كيف نَتذكّر من وقّع بالمداد و نتنكّر لمن وقّع بالجهاد؟ و كيف و كيف و كيف؟

وثيقة الاستقلال عجّت بأسماء بلغ صيتُها, في مغربنا عنان السماء, و مازال الأبناء يتقاسمون المناصب و المكاسب كابرا عن كابر. أمّا عْذيزي حْمذْ و أبناء دوّاره البسطاء فقد سقطوا في غياهب النسيان أمواتا و أحياء.

و العزاء, إن كان من عزاء, أنّ الخطيب ختم بالدعاء للمجاهدين و الشهداء, والحمد لله أن الدّعاء ليس فيه استثناء .و في الختام, ندعو بالتوفيق و السداد لكاتب الخُطب لمراجعة تاريخ البلاد حتى إذا كتب دبّج كما وجب.

18نونبر 2012

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *