Home»Enseignement»التقويم المدرسي في ظل الجائحة

التقويم المدرسي في ظل الجائحة

3
Shares
PinterestGoogle+

التقويم المدرسي في ظل الجائحة

محمد مامو، باحث تربوي

شرع الموسم الدراسي يتلمس طريقه من جديد، في ظل جائحة كورونا، ورغم عاهاته المستديمة، فان تفويج التلاميذ بالأقسام الدراسية، والذي فرضه الوباء عنوة، استحسنه عدد كبير من المهتمين بالشأن التعليمي والتربوي في وطننا الحبيب، حيث اضحى من الممكن جدا توسل عديد البيداغوجيات والطرق الديداكتيكية خلال الحصص الدراسية، بشرط ان يعاد النظر في حجم ومشحونية المقررات، الذي طالما نادى به المتبصرون منا، من الباحثين التربويين، في افق تكييف هذه البرامج والمقررات مع الزمن المدرسي الحضوري، الذي قلصته الجائحة الى النصف في احسن الاحوال، في هذه الاطلالة البحثية المتواضعة نضع بين ايدي المربين من اساتذتنا المكافحين، بعض اشكال وانماط التقويم المدرسي،  والتي نقدر انها كفيلة بإبعاد الممارسات الصفية، عن طرق الالقاء المتسمة بالدوغمائية لفائدة الطرائق التدريسية البنائية والتي عادة ما نرفضها لا شعوريا مستسهلين الاولى بدريعة الاسراع في انهاء المقررات في آجالها المحددة.     

يحتل التقويم المنتظم للنظام التربوي ككل، أهمية كبرى في اصلاح منظومة التعليم، حيث يُعتبر أحد أهم المداخل الحديثة لتطوير وتجديد النسق التربوي، فمن خلاله يتم التعرف على أثر كل ما تم رصده والتخطيط له وتنفيذه من مشاريع تعليمية، كما يساعد على تشخيص الاختلالات، ومن تم اقتراح الحلول التي تساهم في ترسيخ نقاط القوة وتدعيمها، وتلافي مواطن الضعف وعلاجها، وعلى مستوى تقويم المكتسبات والتعلمات في الممارسة الصفية، فهو يساعد على معرفة مدى تحكم المتعلمات والمتعلمين في المعارف والمهارات والكفايات المستهدفة من جهة، ومن جهة ثانية، يساعد المدرس على تطوير وتجويد وصقل تدخلاته الصفية، من خلال اقتراح انشطة تربوية متنوعة للمتعلمين، ورسم استراتيجيات ديداكتيكية وتنشيطية على ضوء اهداف ومحتويات المقررات وتوجيهات البرامج الدراسية.

لدا، فالتقويم المدرسي يعتبر من الآليات الديداكتيكية الهامة، التي يحتاجها المدرس لتأدية مهامه التربوية بشكل ناجع، حيث يتعين عليه  ليس فقط توظيفها في ممارساته الصفية المتنوعة، بل، ان يكون قادرا على التمييز بين انواعه وانماطه، ومتى يطبق احداها، ويؤخر غيرها، حسب الوضعيات التربوية، وحسب مراحل تصريف مضامين ومحتويات المقررات، وحسب كذلك محطات الزمن المدرسي المختلفة، طيلة السنة الدراسية، لهذا فمن الناجع والمفيد بل اللازم تربويا، استيعاب ومعرفة وممارسة كل انواع التقويم التربوي المختلفة، مع التحديد الدقيق لأدوار المعنيين والمتدخلين فيها، من استاذ، وطاقم اداري، وتلميذات وتلاميذ…،مع ضرورة حكمة وحسن اختيار نوع التقويم وفترة تنفيذه الزمانية، وتدقيق أهدافه والغاية منه، دون اغفال استثمار نتائجه قصد التصحيح والمعالجة والدعم والتنبؤ، تبعا لوظيفته ونمطه وتوقيته؛ فالتقويم التشخيصي، يتيح الوقوف على واقع الحال، ماذا اكتسب المتعلمون؟  على ماذا يمكن الاعتماد من كفايات  لبناء مكتسبات جديدة؟ هل المكتسبات القبلية الضرورية متوفرة فعلا؟ منْ، مِن المتعلمين لا يتوفر على هذه المكتسبات القبلية؟ ما هي التمثلات الخاطئة والمعارف المغلوطة؟ ما هي الاخطاء المتكررة والمتواترة؟ وماهي الممارسات والتطبيقات غير الملائمة التي يتعين مواجهتها؟ هكذا اذن يمكن للمدرس ان يتعرف على جوانب القوة  بالنسبة لكل متعلم على حدة،  ليجعل منها قاعدة انطلاق يبني عليها التعلمات الجديدة، ونقاط الضعف لديه ليشرع في معالجتها وتصحيحها؛ والتقويم التشخيصي يقع بداية الموسم الدراسي، او بداية درس جديد، او بداية فصل جديد ضمن درس جاري، وممارسة التقويم التشخيصي، لا تتطلب جهدا وإعدادا معتبرين لكن، تنحصر وظيفته وادواره، في انتخاب واختيار طرائق التدريس الملائمة والمناسبة لوضعيات ومستويات التحكم في التعلمات الفعلية، كما تم تشخيصها لدى المتعلمين. حيث يرسم المدرس، بناء على ذلك، تدخلاته قصد تخطيط التعلمات وترسيخ المعارف والكفايات. ايضا التقويم التشخيصي، يمكّن المدرس من تنظيم تدخلاته الصفية، كما يمكنه من حسن اختيار الوضعيات التقويمية والعلاجية المناسبة. خلاصة القول، التقويم التشخيصي،  ليس هدفا في حد ذاته، بل وسيلة وآلية مهمة، تمكّن من تحديد مستوى اكتساب كل كفاية على حدة من طرف المتعلمين.

 اما اذا كان التقويم تكوينيا، فهو يمدنا بمعلومات حول سيرورة المكتسبات الجاري بناؤها وترسيخها، كما يحدد مستوى التحكم لدى المتعلم في المكتسبات ويحدد موقعه حيال الاهداف التعليمية المرسومة، كما يمكّن، وهذا هو الاهم، من التدخل للمعالجة والتصحيح في حينه ودون تأجيل، ايضا التقويم التكويني، نلجأ اليه اثناء تصريف الفعل التربوي في الممارسة الصفية؛ متخذا اشكالا مختلفة ومتعددة يطال التقويم التكويني، كل مستويات الصنافات والكفايات التعليمية، كما يتردد خلال بناء الدرس وتثبيت التعلمات، والمدرسون الاكفاء يمارسونه تلقائيا وطبيعيا خلال: ملاحظة الممارسات الصفية للمتعلمين؛ وبتفقد وتقييم إنتاجاتهم ومشاريعهم، قصد تحسيسهم وإخطارهم بوتيرة وسيرورة تعلماتهم من حيث النجاحات والاخفاقات، وفي نفس الوقت يمكّن التقويم التكويني المدرس، من تصحيح وتطوير وصقل تدخلاته وطرائق تنشيطه للحصص الصفية، الى جانب معرفة واكتشاف وتقييم سيرورة وتيرة وايقاعات تصريف المنهاج والمحتوى الدراسي، قصد رصد عوائق وتحديات تصريف هذا المقرر؛ لدا، وفي سبيل إعمال وتنفيذ هذا النوع من التقويم لا بد من توفير وضعيات بيداغوجية فردية وجماعية، تتيح للمتعلمين القيام بمشاريع وانتاجات حرة او مُؤطرة، قصد تمكينهم من التعبير عن كفاياتهم المتنوعة. وعلى اثر هذه الانتاجات، نقيس ونقيم مستوى تحقق الاهداف التعليمية المرسومة، عن طريق توظيف واعتماد مؤشرات يتم اعدادها بمشاركة المتعلمين، تقيس مستوى تحقق الاهداف؛ حتى يتمكن المدرس من ملاحظة سيرورة التعلمات والمكتسبات، ومن ضبط وتائر التحصيل الدراسية الجماعية والفردية لدى مختلف فئات الفصل الدراسي؛ كما تمكنه من تكييف الواجبات والمشاريع الفردية، الصفية منها او المنزلية، حسب كل حالة؛ فالتقويم التكويني يمكن المدرس من تحديد وعزل نجاحات واخفاقات المتعلمين خلال تحصيلهم الدراسي.  اما المتعلم، فلكي يفهم ويستوعب ويساير ويتشرب الكفايات والمهارات، فيتعين عليه ان يتفاعل ويقدم وينجز محاولات ووضعيات اختبارية؛ ويعبر عن اهتمامه والتزامه، ويجازف احيانا، فيصيب و يخطئ، مما يتيح للأستاذ استثمار اخطائه بعد تحليلها، وجعلها فرصا تستغل لتقديم العلاجات اللازمة، جاعلا منها محطات ومصادر لتصحيح وتيرة تعلمه، وبالتالي فالتعثرات بهذا المفهوم ليست « اخطاءً » بل فرص للدعم والعلاج، كما يتيح التقويم التكويني وفق هذه المحددات والشروط فرصة، للتلميذ ليقيم ذاته بذاته.

اما التقويم الاجمالي أو الاشهادي، فهو يساعد على رصد وجرد لائحة المعارف والكفايات المتمكن منها، والمتحكم فيها من طرف المتعلم؛ فتوقيته يقع في نهاية وحدة او مجموعة وحدات دراسية معينة، ويتخذ اشكالا متنوعة لتقييم الحصيلة، من خلال فروض المراقبة المستمرة والدورية والسنوية، من اهم وظائفه تمكين المؤسسة والمدرس والمتعلمين واولياء الامور من تقييم آثر مجهوداتهم المشتركة، كما يمكن مراكز وهيئات التقييم المؤسساتي من تقييم المنظومة ككل.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. Usama Abu Salim
    10/10/2020 at 22:03

    ما تم ذكره في هذا المقال هو انواع الاختبارات ولم يتم التطرق الى الموضوع الرئيس  » التقويم في ظل الجائحة  »
    لم نجد استراتيجيات او افكار جديدة في هذا المقال

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *