Home»National»الهاكا: مؤسسة دستورية تنتصر للادستور

الهاكا: مؤسسة دستورية تنتصر للادستور

0
Shares
PinterestGoogle+

فؤاد ابو علي
في التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للاتصال السمعي البصري خلال اجتماعه المنعقد يوم 28 يوليوز 2020، الذي رصد المعالجة الإعلامية التي خصتها لأزمة كوفيد 19، 24 إذاعة وقناة تلفزية، عمومية وخاصة، كان واضحا انحياز المؤسسة الدستورية لمسار التلهيج الطويل الذي لم يبدأ اليوم بل كان له محطات مؤسسة وظهور الهاكا أحد تجلياته. فقد اعتبرت هذه الأخيرة استعمال العامية في الإعلام ملمحا تجديديا وإعلاما للقرب سواء من خلال التوظيف الكلي أو الجزئي في إيصال المعلومة. والواقع أن الهاكا منذ نشأتها، بل من أهم عوامل نشأتها، هو ترسيخ المسار التلهيجي الذي كان محتشما في الإعلام المغربي، وغدا معها واقعا نتجرعه يوميا. فمع ظهور هذه المؤسسة برزت إلى الوجود العديد من الإذاعات في مناطق البلاد تبث بالدارجة كليا او جزئيا مستفيدة من بعض الانفتاح الذي شهده قطاع الإعلام السمعي البصري ومن الترخيص للبث بالعامية أو بالمزاوجة بينها وبين العربية والفرنسية. والقانون المؤسس للهاكا يصر دوما على استبعاد كل نقاش حول اللغة الواجب استعمالها في الإعلام ولهذا ووجهت دفاتر تحملات القطب العمومي وحوربت حتى غدت حبرا على ورق بالرغم من أنها تحدثت عن « لغة مبسطة » وهو ما لم يستسغه أباطرة المشهد الإعلامي الذين تعودوا على الفوضى اللغوية التي تمكنهم من تسفيه المفاهيم وتلويث عقول الناشئة. لكن السؤال الذي ينبغي طرحه على مجلس الهاكا الذي شرع في أعماله: ما هي القيمة التجديدية التي قدمها الاعلام باللهجة العامية؟ وما طبيعة المعارف والمعلومات التي استطاعت هذه الإذاعات الخاصة تقديمها للمجتمع غير الترفيه والتنشيط؟ وكيف استطاعت الهاكا تقييم فعالية العامية في مواجهة كورونا مع العلم أن الواقع يثبت العكس؟ فإن كانت الدارجة هي أسلوب التخاطب العامي فإن استخدام المعلومة الدقيقة لا يمكن إتاحته إلا عبر لغة فصيحة قادرة على ملامسة الأفهام والعقول. فالمطلوب من الهاكا تقييم التجربة اللغوية لمسار التلهيج الذي دشنته وانتصرت له وعلاقة ذلك بمشاكل المجتمع المغربي وطبيعة النقاشات المطروحة في الإذاعات وتأثيرها على المجتمع المغربي ومنظومته القيمية بدل الهروب إلى الأمام والادعاء بأن الأمر يتعلق بتجديد إو إبداع. وكما قال أحد اللسانيين: « وغير خاف على المتتبع الحصيف أن الإبداعية اللغوية، والتي بدونها تكون اللغة عاجزة عن الاضطلاع بوظائف جديدة يفرضها الواقع اللغوي الجديد ومتطلبات الحداثة في المجتمع، لا يجوز أن تتحقق (الإبداعية) بدون مراعاة مقتضيات وقيود النظام اللغوي درءا لمزاجية المستعمل ولآفة الخلط بين الإبداعية والفوضى المهددة لهوية اللسان ». ففي الوقت الذي انتفض فيه الفرنسيون ضد رئيسهم دفاعا عن لغتهم نجد مؤسسة دستورية تصر على نقض الدستور والتطبيل للتلهيج….

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *