Home»Enseignement»نظرات في المناهج النقدية الحديثة:من المنهج الاجتماعي إلى المنهج البنيوي الجزء(4)

نظرات في المناهج النقدية الحديثة:من المنهج الاجتماعي إلى المنهج البنيوي الجزء(4)

1
Shares
PinterestGoogle+

نظرات في المناهج النقدية الحديثة:من المنهج الاجتماعي إلى المنهج البنيوي الجزء(4)

بقلم:د خالد عيادي

مدخل عام: (يتابع)

وتختلف المقاربة « البنيوية » للمعنى، عن تلك التي يتبناها اتجاه « جمالية التلقي ». فالنص في اعتقاد النقد البنيوي، يتضمن معناه في داخله فقط. لأن بنيته اللسانية تتضمن في ذاتها ذلك المعنى وتحتويه. وهذا يعود، كما أسلفنا الذكر، إلى طبيعة نظرتهم إلى النص، على أنه « جهاز »، أو « نسيج » مستقل مكتف بذاته.. بمعنى أن شروط تفسيرهذا « الجهاز » تكمن في داخله فحسب. والبنية اللسانية عند « البنيويين » حاملة للدلالة، ومنتجة لها . وشكل العمل الإبداعي في نظر الناقد الفرنسي « رولان بارت »توليدي ف: »النص يصنع ذاته، ويعتمل ما في ذاته عبر تشابك دائم…ولو أحببنا استحداث الألفاظ ، لأمكننا تعريف نظرية النص بأنها علم نسيج العنكبوت. »([1]) .

وعودا إلى الحديث عن المنهج التاريخي، فإن ما قيل عن هذا المنهج يمكن أن ينسحب على سائر المناهج الأدبية الأخرى: كالمنهج السوسيولوجي والمنهج السوسيونصي، والمنهج البنيوي، والمنهج النفسي([2]). فهذه « المقاربات النقدية » وإن اختلفت طرائقها ومرجعياتها النظرية، تكاد تتفق على تهميش « المتلقي »، ونسيان الذات « القارئة »، طبعا بنسب متفاوتة. ولمزيد من التوضيح فيما يخص العمر المنهجي لتاريخ نظرية الأدب، نورد خريطة للمناهج الأدبية منذ نشأتها إلى الآن، لندرك أنها تتوزع إلى أنواع ثلاثة([3]).

مناهج ذات بعد ذاتي: وتتميز بتركيزها على علاقة الأدب بمبدعه فقط. ولذلك تعتبره من حيث الطبيعة، نتاجا فرديا يعبر به المبدع عن لواعجه وهمومه. وقد تمثلت هذه المناهج في نقد القرن التاسع عشر : المنهج التاريخي،و المنهج النفسي، و المنهج الاجتماعي..

مناهج ذات بعد خارجي: وهي مناهج تضع الأدب وموضوعه في نطاق الوسط الاجتماعي والتاريخي الذي أنتجه. والمؤلف متمثل لمجمل المؤثرات الاجتماعية، ومعبر من الناحية الفنية عن ذوق هذه الفئة الاجتماعية، التي ينتمي إليها. ويمكن أن نلمس هذا النوع من المناهج لدى أعمال المنظرين للمنهج البنيوي التكويني بالخصوص: « جورج لوكاش » و »لوسيان كولدمان ».

مناهج ذات بعد نصي: وهي تنظر إلى النص الأدبي باعتباره نصا لغويا مغلقا ومتميزا، ينبغي دراسته في ذاته وتفسيره من داخله. كما أن قيمته الأدبية تتجلى من خلال الخصائص النصية والأسلوبية. ويهمل هذا التصور المنهجي علاقة النص بصاحبه بل وينفيها. كما يهمل علاقته بالواقع وبمحيطه الاجتماعي. وبالرغم من كون هذه المناهج مجتمعة، بدت أكثر جدة وحداثة في النقد المغربي الحديث والمعاصر، إلا أنها لم تول الاهتمام اللائق بالمتلقي. خصوصا ونحن نعلم أن نظرية التلقي ظهرت في تلك الظروف والمعطيات، التي ظهرت فيها أهم الكتب التي نظرت للبنيوية اللسانية، والتكوينية، والتفكيكية([4])، والمنهج النفسي.

وقريبا من هذا التقسيم لعمر المناهج الأدبية، جاء تقسيم الناقد « تيري إيجلتون »، حيث يرى أنه بإمكانه تقسيم تاريخ نظرية الأدب، إلى ثلاث مراحل على وجه التقريب: «مرحلة الاهتمام بالمؤلف (الرومانسية في القرن التاسع عشر)، فالعناية المخصوصة بالنص (النقد الجديد)، ثم انتقال بؤرة الاهتمام بشكل لافت، إلى القارئ في السنين الأخيرة»([5]).

………………………………………………………………………………………………………..

) لذة النص- رولان بارط – ترجمة فؤاد صفا –الحسين سحبان-دار توبقال للنشر.[1] (

([2]) أدت هذه المناهج بالرغم من وصفها بالعقم من طرف العديد من الدارسين، دورا هاما في نشاط حركة القراءة، واتساع دائرتها. إذ لم يعد الفن مادة نبيلة تتذوقها النخبة فقط. وإنما صار باستطاعة السواد الأعظم من المجتمع، أن يدلي بذوقه الفني، والجمالي، استنادا إلى تطبيق هذه المناهج، وإلى ما راكمه من القراءات السابقة.

([3]) انظر النقد الأدبي في المغرب- رؤية تحليلية، د. حميد لحمداني، علامات، م 10، ج 38 سنة 2000.

([4]) ترى النظرية النقدية التفكيكية، أن دور القارئ هو دور استراتيجي. وليس المؤلف، أو العلامة، أو النسق، أو اللغة. القارئ لديها هو الوحيد الذي ينشأ عنده المعنى.. ومن دون دور القارئ لا وجود للنص، ولا للغة، ولا للعلامة، ولا للمؤلف. انظر « المرايا المحدبة »، عبد العزيز حمودة،.

([5]) الظاهراتية والهرمينوطيقا ونظرية التلقي، تيري ايجلتون، ترجمة محمد الخطابي. مجلة علامات، السنة الأولى، عدد 3 ربيع 1995.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *