Home»MRE»بلاد المهجر والجيل الثاني

بلاد المهجر والجيل الثاني

2
Shares
PinterestGoogle+

اقتراح سلسلة من المقالات تتحدث عن رحلة إلى أوربا  تثار من خلالها  قضايا سياسية وثقافية واقتصادية وغيرها  مما يتعلق بالمجتمع الأوربي في علاقته بالجالية العربية عموما والمغربية خاصة

بلاد المهجر والجيل الثاني

حينما حل الجيل الأول من المهاجرين المغاربة  بالديار الأوروبية كان هدفهم الأساسي هو تحسين ظروفهم المادية التي كانوا يفتقدونها في وطنهم ثم الرجوع إلى أرض الوطن  والاستقرار فيه بشروط تضمن لهم حياة أفضل وعيشا كريما ،ولكن مع مرور الأيام والسنون  بدأت الرياح تجري بما لا تشتهيه أحلامهم المؤجلة وبدأ أمل العودة والاستقرار في بلد المنشئ  يتبدد لديهم  للظروف القاهرة التي حالت دون ذلك فبدأت مرحلة أخرى جديدة ألا وهي تهجير أفراد الأسرة وترحيلهم إلى بلاد المهجر ونقلهم إلى بيئة تعد غريبة عليهم ،فقد جرت هذه الأمور في ظروف عصيبة لما صاحب هذا الترحيل ألقسري من خلخلة البنية التي كانت ترتكز عليها الأسرة لأنها اقتلعت من تربة ألفت العيش فيها ونقلها إلى بيئة كانت تبدو مجهولة المصير وهكذا  انطلقت سياسة ما أصبح يطلق عليه  بالتجمع العائلي التي نتج عنها تزايد عدد المهاجرين من النساء والأطفال والشباب فوق أرض المهجر لم تخل من  مشاكل واضطرابات على مستوى السلوك النفسي والاجتماعي  لأن مسألة العيش والاستقرار فوق أرض الاستقبال لم تكن ظروفها مهيأة بالشكل الذي يسهل عملية الاندماج في المجتمع الحاضن في ظروف طبيعية فكان أهم ضحاياها الأطفال الذين لم ينالوا حظهم الوافر من الرعاية والعناية اللازمة لأن الآباء من الجيل الأول في بلاد المهجر أغلبهم ينتمي إلى الطبقة الأمية ،أو في أحسن الأحوال لم يتجاوزوا مرحلة التعليم الأساسي بالإضافة إلى افتقارهم للمبادئ الأولية  للعملية التربوية والبيداغوجية التي تمكنهم من المساهمة في عملية الإشراف على أبنائهم وتوجيههم إلى الهدف المنشود عبر مراحل  النمو وخصوصا فترة المراهقة التي تحتاج إلى العناية الهادفة والتأثير الفعال في سلوكهم مما أدى عند البعض منهم إلى حالات الإهمال وعدم الاهتمام اللازم بالأطفال الذين يعتبرون بمثابة اللبنة المؤسسة للجيل الذي سينشأ  بعدهم ،مما ولد لديهم حالات الفقر المادي والمعنوي ، فكثير من الآباء والأمهات كانوا يعتبرون الاجتماع بأولادهم وما يصرفونه من زمن للتعرف على أحوالهم وتوفير احتياجاتهم مضيعة للوقت الذي يمثل استثماره فرصة للكسب المادي بالنسبة للمتهافتين على اغتنام فرص العمل التي حرم منها في وطنه الأصلي ومنهم من انساق وراء المظاهر البراقة للغرب فانغمس في براثين اللهو واتباع الشهوات ،وفي كلتا الحالتين فقد تم تغييب النموذج المثالي الذي يمكن بلورته على أرض الواقع عبر السلوك السوي والممارسة الهادفة والتي تساهم في عملية تنشئة الجيل الذي سيحمل المشعل مما يجعله يحس ببعض التناقضات بين ما تمارسه المؤسسة التعليمية وما يلاحظه داخل الأسرة التي يحيا بداخلها لأن الانتماء المهجري تبلور منذ الوهلة الأولى بمعزل عن واقع المجتمع الحاضن لضغط وحمولة الخصوصية الثقافية التي تشكلت في بلاد المنشئ مما جعلها تصطدم بكل ما هو جديد في حياتها الاغترابية مما صعب عليها وضع منهجية وتخليق شكل من أشكال الاتزان أو الثبات النفسي ،فإذا كان الجيل الأول والذي يمكن اعتباره جيلا مؤسسا بما وفره من أرضية لاستقرار الأسرة التي سهرت على توفير الحد الأدنى من المطالب قد واجه   صعوبات جدية في عملية التأقلم في المجتمع الجديد،لحاجته إلى العديد من المقومات الذاتية والموضوعية التي تمكنه من تجاوز التحديات الثقافية للمجتمع الحاضن  فإن هموم ومشاكل الجيل الثاني لم تبتعد كثيرا عن تلك التي عرفها الجيل المؤسس بأرض المهجر لأنه وجد نفسه وجها  لوجه أمام التحديات التي أصبحت تواجهه والتي أصبحت تفرضها الموجة الحضارية التي أضحت تتسلل مفاهيمها وتتمكن من قناعاته وتتحكم في آلياته النفسية مما أدى بالكثير منهم إلى فقدان السيطرة على آليات التحكم والاختيار والتفكير للتمكن من تجاوز النظرة السطحية للحياة التي أصبحوا يحيونها ولتطوير أنفسهم ، فكان من الطبيعي أن ترقى مطالبهم إلى مستويات أعلا  من تلك التي كانت ترضي أسلافهم فارتقى بذلك  أسلوب اندماجهم  داخل  المجتمع الحاضن حسب سنة التوارث  و جدلية التدافع و عوامل التأثر والتأثير بالمتغيرات الثقافية للمجتمع الحاضن  فتمكنوا من آليات التفكير للرغبة في خوض النضال من أجل الوصول إلى الهدف المرجو من عملية التغيير و التطور في المجتمع بالرغم من العديد من القواطع في مسيرتهم الاجتماعية والنفسية وفي عملية التأقلم للثقافة الجديدة بحيث تدخلت عوامل متعددة في تحديد المعالم المتاحة لديهم للرقي بحياتهم عبر سلم التطور والتقدم كعامل السن يوم الهجرة أو الميلاد داخل بلد المهجر ومدى التأثر واكتساب ثقافة الأسرة خصوصا الوالدين

أهم الاستنتاجات من بداية الهجرة إلى الجيل الثاني

1- الهجرة إلى أوروبا كانت في البداية ظاهرة ذكورية في الغالب وبصفة مؤقتة ، تحولت منذ عقد السبعينات من القرن العشرين، إلى هجرة دائمة وعائلية

2- سياسة التجمع العائلي نتج عنها ارتفاع عدد المهاجرين من النساء والأطفال والشباب

3- الهجرة الدائمة إلى أوروبا كانت لها عدة مؤثرات منها -1- ارتفاع نسبة النساء المهاجرات 2-ارتفاع نسبة الزواج المختلط ج  3-ارتفاع نسبة التجنس 4-ارتفاع عدد الأطفال الأجانب في المؤسسات التعليمية

4- الجيل الثاني  أصبح كائنا يرغب في الاندماج الكلي والتمتع بالمواطنة الكاملة داخل مجتمع الاستقبال

5- الانقطاع الطويل عن الوطن الأصلي قد يتسبب في الصراع والإحساس بالدونية والاعتراف الضمني بفراغ المحتوى الفكري والإنساني للمرجعية الثقافية في مواجهة تفوق وأفضلية الثقافات الأخرى

6- وختاما فإن الجيل الثاني  لم يستطع أن يتجاوز دور الجيل المؤسس داخل المجتمع الحاضن فهو في الغالب الأعم امتهن تقريبا نفس الوظائف أو الأشغال التي كان يزاولها الآباء إما في المعامل أو بعض الشركات ومنهم من اشتغل في البناء مع بعض الاستثناءات النادرة إذ هناك من الأبناء من استطاع أن يتسلق السلم الاجتماعي وبذلك استطاع أن يتفوق على الجيل المؤسس فكان منهم الأطباء والمهندسون ومنهم من امتهن السياسة فاحتل بذلك بعض المراكز المهمة والحساسة في أعلى هرم السلطة في المجتمع الحاضن

ملحوظة :في مقال سابق موثق بأرشيف الجريدة الإلكترونية وجدة سيتي  بتاريخ   14-12-2018  تطرقت فيه للجيل الأول من المهاجرين المغاربة–تحت عنوان – بلاد المهجر وقضية الاندماج-

 MOULILA   Benyounes                 ALLEMAGNE

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *