Home»National»فروسية بوليف ،ونملة سليمان

فروسية بوليف ،ونملة سليمان

0
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الإدريسي

تقديم:

مِما يُحكى ،دَلالة على تَنَمُّر الرشوة،وتَبَهْنُس العِفة والقناعة؛ماحصل،في سبعينيات القرن الماضي ،في أحد شوارع البيضاء ؛حيث فقد سائق السيطرة على سيارته، لتنتهي في جوف متجر ذي واجهة زجاجية؛ولولا لطف الله لقضى التاجر السوسي،تحت العجلات، دون أن يكون لا راجلا ولا راكبا.
أثناء تحقيقات الشرطة ،في عين المكان،حاول أحد فرسان الرشوة ،المستغفِلين ،أن يوحي للتاجر،المستشيط غضبا، بأن بوسعه أن يحول مجرى التحقيق لصالحه ؛لكنْ من ركام الزجاج،وتلال السلع المنهارة فوق الرأس ،انتفض التاجر ،صارخا بلهجة سوسية عذبة: « نْعام آسْ،دِيرْ بَلْعِيد كان سايَقْ البِيسْري،وادْخل في الطُّومُوبيل.اوا على خاطرك؟ »( سجل بأن بلعيد كان يقود المتجر،وصدم السيارة..).

فروسية وزير:
بدا لي ،من خلال تتبع شريط ندوة السيد الوزير بوليف،بخصوص تفعيل بعض مقتضيات مدونة السير، المتعلقة بالراجلين؛ بأن الرجل يُصْدِر عن فروسية راكبة جُموحَها؛ ولا تفسح مجالا لكابح؛قانونيا كان ،أو إنسانيا،أو اجتماعيا،أو ثقافيا..
ضَبط الوزير كل الراجلين – وهو منهم لأننا جميعا نركب وننزل- في حالة تلبس؛يقطعون الشوارع من حيث لا ينبغي لهم.
وقبل أن يسْرح فكرنا مع الخطيئة الأصلية –كما تُعَبِّر المسيحية- التي جعلت الراجلين يقطعون الطرقات ،كما اتفق؛لأن « الكما اتفق « هذا ،هو الذي اعْتُمد أصلا في « تنظيم » السير بأغلب شوارعنا؛خصوصا التي لا تحمل اسم المرحوم محمد الخامس.
أقول قبل أن يلُف فكرنا عكس لَفِّ بوليف ؛يُلقي أمام أرجلنا –ونحن نعبر في يد الله – نسبة 30% من حوادث السير السنوية ببلادنا؛التي يحضر فيها الراجل طرفا ؛ويُكَمِّم بدقة وهو يذكر رقم 1000حادثة من 3600.
تمهل سيدي الوزير ،الراكب على الإحصاء الجاف – إن لم يكن المغرض – وأصْغ إلينا بسمع سليمان ،وهو يُصيخ ُبه صوب زعيمة النمل، إذ أنكرت على نبي الله،ضِمنيا ، ألا يحتاط للراجلات والراجلين،من بني جلدتها:
« حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النملُ ادخلوا مساكنَكم لا يَحْطِمَنَّكم سليمان ُوجنودُه وهم لا يشعرون » النمل :18
نعم يحضر الراجل في النسبة التي ذكرت ؛لكن حضوره كحضور بلعيد السوسي ،الذي حاول الشرطي المرتشي أن يوهمه بأن له أيادي وأرجل في ما وقع لمتجره؛وعليه أن يحك جلد التمساح ،حتى لا يورد التقرير أن المتجر له عجلات.
يحضر الراجل جسدا مُسجى ،ودما مهدورا ؛ وللجهات المعنية بالسير ؛وعلى رأسها وزارتكم نسبة ما من المسؤولية التنظيمية.
يحضر إما تائها ،لا معابرَ واضحة له ؛حتى يمضي مطمئنا ؛أو حتى داخل هذه المعابر ؛حينما يكون السائق جامحا جموح اجاباتكم ؛و أنتم ترون كل الراجلين متلبسين بعرقلة السير ،ولو بعظامهم .
ويحضر وهو هدف لسائق مشكوك في أهليته لقيادة حتى بغلة عمي بوعزة بالدوار،فكيف به وهو يقود الجاكوار؟ و قد سبق لكم أن أكدتم رسميا بأن هناك تجاوزات في امتحانات السياقة.
وكلمة « تجاوزات » تمتح من الدبلوماسية، لأن الحقيقة تؤكد وجود احتطابات للقانون ،وجيوب الممتحَنين.
(دعنا سيادة الوزير من رخصة السياقة ؛ولنتحدث فقط عن الورقة الرمادية:
لماذا يوجد من يتسلمها في أقل من شهر – سواء كانت السيارة جديدة أو قديمة – وفي المقابل هناك من تبطئ به الشهور ذوات العدد: شخصيا أوجد في الشهر الثالث من الانتظار،رغم كل الحضور الرقمي للحكومة ؟
اسأل فالخبر اليقين عند سماسرة السيارات.. وقارن مع البطاقة الوطنية التي تنجز، لكل المواطنين الراشدين ،في أسبوع ما الذي يعرقل سير الأولى،وما الذي يسرع بالثانية؟)
أعود من استطرادي المؤسف لأقول:
كم من سائق في طرقاتنا ،من خريجي مدارس التجاوزات هذه ؛منذ انتصبت مراكزَ لأسلحة الدمار الشامل ؛بمعدل أربعة آلاف قذيفة في السنة؟
إن الاتكاء على الحائط القصير ،في حكاية الألف قتيل راجل في السنة ،لا يعفيكم من اللُف صوب الطرف القاتل ؛وهو ،في جميع الأحوال ، غير الراجل.
ملتقانا هسبريس يا مساخيط الوزير:
لأكون مُنصفا ،عقدت العزم على جعل رياضتي الصباحية- ليومِي هذا 23/12/17- مشيا على الأقدام ،عبر طول شارع محمد الخامس ،الممتد من ملتقى شارع مولاي عبد العزيز إلى مدخل القنيطرة،من جهة سلا.
عقدت العزم على أن أمتثل امتثالا تاما للطرح القانوني البوليفي:
ألا أحيد في عبوري الاختباري للشارع ،وفي محاور متعددة، عن ممرات الراجلين؛كما أعيد طلاؤها أبيضَ ناصعا ،يسر الناظرين فقط ،وليس الراجلين ،كما سترون.
البداية كانت من المدار الخطير جدا –من شدة الضغط الرباعي- حيث اتكلت على الله ودلفت إلى الممر. قلت، بيني وبين نفسي ، مادام المدار مفتوحا ،والأسبقية – بالنسبة للسيارات- لمن سبق؛فحقي أنا ،باعتباري راجلا، في قطع الشارع سابق على حقوق الجميع.لا إشارة ضوئية تنظم عبوري.
لم يشفع لي لا حقي ،ولا المدونة ،ولا ندوة الوزير ،ولا وجود الشرطي ،غير بعيد، لأعبر مطمئنا. صممت على عدم التراجع ،والإقدام ،وان تعالت المنبهات ؛مستكثرة علي حقي في ممارسة مواطنتي الراجلة ؛وفي أن أكون تلميذا نجيبا للقانون وللوزير بوليف.
طيب بأياديكم المنبهات الظالمة،وبيدي قلمي وموعدنا ،وملتقانا هسبريس ؛لأفضحنكم أجمعين ؛ كما فضحَت ِالنملة لامبالاة جند سليمان،وحتى سليمان؛وحكى عنها الوحي الإلهي.
تمنيت لو كنتَ معي سيدي الوزير ،وأنا أضحِّي بحياتي صباحا – أرميها بين عجلات جامحة – لأكون عند حسن يقينك أن كل شيء على ما يرام في شوارعنا ؛والجحيم هو الراجل ؛والمتهور هو بلعيد السوسي ،وليس السائق المنزلقة عجلاته وعقله.
نظرت إلى الشرطي فبدا لي مُحرجا ؛كيف يصد عني صدور الخيل ؛المداهمة من الجهات الأربع: طريق الرباط،شارع مولاي عبد العزيز،طريق بئر رامي؛ثم طريق المدينة العليا؟
حتى ولو حضرت كتيبة عسكرية،ما كان لها أن توقف حركة العجلات لتمضي نملة في طريقها مطمئنة إلى أن سليمان نبي للبشر والنمل على السواء.
وتمنيتك بجانبي وأنا أقطع نفس الشارع لألج غابة الأوكالبتيس المواجهة لمسجد محمد السادس.
رغم تَبيُّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود من المدونة ،ومن فروسيتك القانونية،ما كان لك إلا أن تبسمل وتحوقل ،وتصرح بتراجعك عن أغلب ما ذكرت في ندوتك.
كأني بك تقول بكل شجاعة: لنتراجع عن التذعير إلى التجهيز؛إلى حين تدبير الأمر من جميع جوانبه :
من جانبه الإنساني ؛اعتبارا لكبار السن الذين لا يتبينون لا الخطوط ولا المدونة .
ومن جانبه الاجتماعي الثقافي ،لأن تمادي الراجلين في غيهم – إن كان غيا وتهورا- أفضل من تشجيع السائقين المتهورين على التضييق على الراجلين؛ كلما ثَقِفوهم خارج المعابر؛وقد بدأ هذا يحصل. بدأنا نسمع :من أين لك هذه الأرجل الوقحة ،التي تعبر خِفافا من هنا؟ من أين أعبر يا سيدي المُدرع؟ « هذا ماشي شغلي.. شْغل بوليف..
إن تهور الراجل لا يقتل أحدا..
أما حديث أهل البادية ،حينما يُضطرون إلى التواجد بشوارع المدن؛راكبين أو راجلين ،فذلك مما لا تستوعبه لا مدونة السير ،ولا أمانينا في التحضر ..
لا يصلحُ الراجلون فوضى لا سَراة لهم *** ولا سراة اذا جُهالهم ساقوا
ومعذرة للشاعر على حادثة الشعر هذه.
لا أحد يقول بالفوضى ،ففي نهاية الأمر لا يصح إلا الصحيح ؛ولا وجه لنا ،حضاريا،خارج النظام والامتثال للقانون ،والرضى بالزجر ؛وحتى بالعنف الرسمي المشروع؛ لكن يجب على وزارتكم ألا تترك حجة لراجل ولا راكب ،يمتشقها ذريعة فيسير في الطرقات ،ويقطعها،كما يشاء ،لا كما تشاء دولة القانون والمؤسسات.
معابر الراجلين المحصنة تماما أصبحت نادرة ؛في وجود المدارات الحديثة المفتوحة لمن سبق. مدارات يتضاءل الراجل فيها ؛وتضيع كل حقوقه.
أما المدار سيء الذكر (القنيطرة) فلا أعتقد أن شرطة المرور التي ترابط به كل يوم ،زرارفات ووحدانا،تخفي أمره عنكم ؛ولعل تخصيص الراجلين فيه بقنطرة عبور- فوقية أو تحتية – هو الحل الأمثل.
لا ينبغي أن نسكت عن دور البنية التحتية في ارتفاع نسبة حوادث السير ببلادنا ؛وندور ونلف جهة الراجلين فقط ؛متربصين بجيوبهم أنى ساروا.
حتى التذعير الكامل والصارم غير ممكن عمليا؛إلا في حدود عينات،من هنا وهناك، قد تترتب عنها نتائج عكسية .
أما أرصفتنا فيعرف السيد الوزير أنها محتلة ،في اغلبها ،رغم كل جهود التحرير.يعني هذا أنها أرصفة طاردة للراجلين صوب عجلات لا ترحم.
لَأَن نسير بسير ضعفائنا ،إلى أن يتقَوَّوا بالحق ،خير من إضعافهم ،في المحاور والطرقات ، حتى لا يبقى فيهم إلا من يهاب سليمان وجنوده..
ولا أغمطكم حقكم في الثناء،على ما ظهر صلاحه.
https://web.facebook.com/groups/mestferkiculture51

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *