Home»National»حكايا استاذ متقاعد : نبش في رحلة وراء البحار ـ باخرة ابن بطوطة Ca commence deja mal ـ الحلقة 16 ـ

حكايا استاذ متقاعد : نبش في رحلة وراء البحار ـ باخرة ابن بطوطة Ca commence deja mal ـ الحلقة 16 ـ

1
Shares
PinterestGoogle+

تابع 16

كانت وجهتي محددة هذه المرة، اذ أني لن أغادر القطار الى أن يتوقف بالجزيرة الخضراء من حيث أركب البحر لتستيقظ في ذاكرتي صورة شيطان الانس الذي أنستني فيه أحضان المراسلة مؤقتا!
عندما كنت أبحث عن مكان مناسب في القطار، فوجئت بالمراقبين يغلقان المقصورات في وجهي بمبررات لم افهمها.
حين تعبت من جر حقيبتي، تذكرت بعض قطع ،، البسيطة،، التي فضلت في جيبي فقررت أن أتخلص منها على وجه اكرامية للمراقب بعدما هيأت الرد المناسب ان رفض.
ما ان استقرت القطع في يد الرجل حتى حمل حقيبتي ثم فتح اول مقصورة ووضعها تحت تصرفي، وليضمن لي الراحة ، فقد أغلق الباب من الخارج حتى لا يزعجني أحد!
حمدت الله الذي لا يحمد على مكروه سواه حين أيقنت بأ فضلنا على جيران الشمال ليس له حدود، فبالامس ضحى طارق تضحية اسطورية ليبلغهم رسالة الاستقامة، وها نحن نبصم على صنيع اخر بنقل وباء الطمع والرشوة الى الخلف، ناهيك عن الأعشاب التي تهدىء المزاج وتحرر الاجسام من قيود التشريعات على اختلافها!
لقد فعلت ،، البسيطات،، فعلها في المراقب وظل يتفقدني من خلف الزجاج كلما توقف القطار الى أن وصلت الى وجهتي، ففتح الباب وتمنى لي سفرا سعيدا.
كانت الباخرة مغربية هذه المرة، وكانت حديثة عهد بالخدمة الملاحية، وتحمل اسم،، ابن بطوطة،، وهي باخرة ضخمة تتوفر على كل المرافق والتجهيزات .
كان المسافرون مزيجا من المسافرين المغاربة والسياح الذين تجشموا متاعب الرحلة ليزوروا بلدنا الذي يقصده الأجانب لغايايات متباينة.
انطلقت الباخرة، وما هي الا لحظات حتى وصل الى اسماعنا عبر المكبرات صوت انثوي يدعونا للتقدم نحو مكتب الادارة لختم الجوازات.
اصطف المسافرون لتسوية وثائقهم، وكان المسؤول رجلا كهلا، وما ان شرع في عمله بنرفزة ظاهرة حتى صاح بملء حنجرته:( ااعمرو، فين القهوة اولد…؟).
اشرأبت الأعناق لمعرفة ما يجري ، فاذا عامل مقهور يشق الصفوف مرتعدا وهو يحمل طلبية المسؤول الذي لم يهدأ وعيده!
لاحظت علامات الدهشة على وجوه الاجانب الذين تكون لديهم اول انطباع عن سفراء ادارتنا، فكيف يكون الحال عندما يختلطون بعموم الناس؟
استانف الرجل الغاضب عمله وهو يرتشف القهوة، وحين يختم الجواز بضربات عنيفة ، فانه يقذفه في وجه صاحبه!
لن أنسى رد فعل احد السياح الفرنسيين الذي تلقف وثيقته بتلك الطريقة غير الحضارية حيث قال:Ca commence deja mal
وصلت الجملة الى اعماق نفسي، ولم يكن بيدي ما أصنعه لأن معظم موظفينا لايهمهم من الوطن الا ما يغصبونه من غير وجه حق، ولا ادري كيف يصمد هذا الوطن أمام الضربات التي يسددها له الابناء قبل الأعداء؟
لم يغير الرجل المسؤول اسلوب عمله حتى اخر جواز، كما لم يتوقف لسانه عن نفث خبث نفسه حتى رست السفينة بمدينة طنجة.
سمعت معظم السياح يعتزمون العودة من حيث أتوا خوفا مما هو ادهى اذا هم أكملوا الرحلة!
تركت القوم وشأنهم، وحمدت الله أكثر على أني سأواصل سفري من غير التملي بطلعة الرجل الاعور حتى لا يسبقني النحس المرتبط بشخصه الى وجهتي.
كان القطار المتوجه نحو مدينة فاس يتهيأ للانطلاق فأخذت مكاني متشوقا لمعانقة مصونة المولى ادريس.
يتبع.

 

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *