Home»International»بأية حال عُدتَ يا حزيران .. !!

بأية حال عُدتَ يا حزيران .. !!

0
Shares
PinterestGoogle+

    مرّت بنا منذ أيام ذكرى نكسة أو هزيمة حزيران (يونيو1967) ، غير آبهين بما تحمله من أثر  في تاريخ الوطن العربي ، و بما تثيره ذكراها من شجون في نفوس العرب الذين  عايشوها ، والذين يـَلُـونهم من أجيال الستينيات والسبعينيات .. و كما هو معلوم ، فنكسة حزيران، وتسمى أيضا حرب الأيام الستة ،و هي الحرب التي نشبت بين إسرائيل وكل من مصر وسوريا والأردن بين 5 حزيران/يونيو 1967 والعاشر من الشهر نفسه، وانتهت باحتلال إسرائيل لسيناء وقطاع غزة والضفة الغربية والجولان،  وتعتبر ثالث حرب ضمن الصراع العربي الإسرائيلي.. نكسة أدّى العرب ولا يزالون حصادَ زرعهـا و جنيَ غرسها ، من أمنهم وقوتهم و وحدتهم واستقرارهم ،  و كل ما يرتبط بحياتهم الآنية و المستقبلية ..
وفي كل عام تمر الذكرى وتمضي ونحن على نفس الحال من التفرق والتشظي ، والتخلف والتردّي ،لا نبالي بالذي يجري حولنا ، ولا بالذي يحاك ضدنا .. وقد ابتلانا الله بتَـــتَـرِ جُدُد، يأتون على الأخضر واليابس ، يسفكون دماء المسلمين باسم الدين ، و يحللون ويحرمون ما تهوى أنفسهم باسم الدين ، يضللون شبابنا باسم الدين ، وكل ذلك خدمة لأغراض أعداء الدين ، سواء من الغرب أو من الشرق .. وقد وجد البعض ضالته في هذا الوباء الخبيث ، الذي استعصى عن العلاج ، و تمنع عن الشفاء ، فاتخذوا منه ذريعة للانفراد بالحكم ، وتصفية الحساب مع المعارضين ، و التنكيل بالمخالفين ، ولو أدى الأمر إلى إبادة شعب بأكمله ، كما يحدث  الآن في اليمن وسوريا والعراق ، وهو على وشك الوقوع في ليبيا وجوارهــا .
تَمرُّ ذكرى النكسة ، دون أن تُحرك فينا نخوة العروبة أو نزق الانتماء الى هذا الوطن الكبير، وها هو شبابنا يمتطي الموت ، مقدما نفسه قوتا لأسماك المتوسط ، سعيا نحو حلم موعود .. ونحن لا نزال نُـكابر ونُداري الحاضر ، وكل ما حصلَ بعدَ النكسة ذاتها ، كان عبارة عن نكسات ونكبات ، بل كان أشد وقعا ، وأكثر إيلاما من النكسة الأم ، والوقع أصدقُ أنباء من الكتب ،.
أَهنالـك نكسة أكبر من نكسة تدمير العراق ، وتقديمه على طبق من ذهب إلى إيران لتعبث فيه ، و لتمعن في أهله تقتيلا وتنكيلا ؟ أو أشد من نكسة تخريب سوريا والجوار ، و تلغيم الشام كله بشتى أنواع الألغام الطائفية والدينية والعرقية ، ابتداء من ورم داعش وانتهاء بعصابات الحشد الشيعي المجرمة؟؟.
أَهنالـك نكسة أكبر من تشظي اليمن السعيد ، وتدمير بناه التحية المترنحة أصــلا، وجعله حديقة خلفية لتصفية الحسابات بين قوى المنطقة من جهة ، وبين القوى الكبرى من جهة ثانية ؟.
بل وما أشد نكستنا الكبرى، حين سُرقت من الشعوب العربية ثوراتهـا وانتفاضاتها الشعبية  ، و تم ــ بفعل فاعل ــ تحويل وجهتها إلى غير الوجهة الصحيحة التي قامت من أجلها ، وهي العدالة الاجتماعية و الكرامة الانسانية و الحرية .. فأين نحن من هذه الشعارات، وأين نحن من تحقيق هذه الغايات ؟
ألم يُفوت بعض الأحزاب وبعض القادة على شعوبهم، فرصة تاريخية للتغيير ؟ فرصةً لن تتكرر إلا بعد ردح غير معلوم من الدهر ؟ أم إن الشعوب نفسها لم تكن في مستوى اللحظة التاريخية ، ولم تُـحسن التصرف حيال الأمر ، تاركة فعلها التاريخي المجيد ، فريسة للمتربصين من حراس الدولة العميقة ، وزعماء الثورات المضادة ، الذين سارعوا إلى السيطرة على زمام الأمور بدهائهم ومكـرهم المعهود ، مُستعملين القوة تارة ، وتارة الاعلام المأجور ، والدعاية الخبيثة ، ضد كل قوى التغيير .
لقد ألفنا النكسات والنكبات ، وتعايشنا معها كأنها قدر مقدور ، لا يمكن الفكاك منه ، وهذه نتيجة طبيعية لسياسة التدجين والتطبيع الممارس على شعوب المنطقة لفترة طويلة ، من طرف أبواق الدعاية الإعلامية ، للأنظمة الحاكمة ، التي يمكن اعتبارها المستفيدَ الأول من  ديمومة هذا الوضع الكارثي .. مما خلق نوعا من الاحساس بالإحباط والتذمر المفضيان إلى التطرف الذي بدأت الأنظمة نفسها ، تجني ثماره القذرة ، وتتلظى بنيرانه المستعرة ، لتبقى الشعوب وحدها – في آخر المطاف – هي الخاسرة ،و لمواعيد التاريخ مُخلفــة ، فيما يُسرع أعداء الأمة ــــ وفي مقدمتهم « إسرائيل » ــــ الخُطى نحو الغـد ، بكل ثقة وعزم على تحصين المواقع ، وتمتين الدوافع ، وتفادي النكبات والمواجع .. مُهتدون في كل خطوة بما استخلصوه من التــاريخ من عبره ، واضعين المستقبل الزاحف بكل تحدياته نصب الأعين ،،لأنهم بالفعل قرأوا التاريخ ، وأحسنوا القراءة ، وبالتالي أحسنوا الخُلاصات ، و ايقنوا بالهفوات والزلات فتخطوها ، وأقروا بالخلافات والعداوات و تناسوها ، أما نحن « العرب » – مع الأسف- فقد أخذتنا الحَميّة المقيتة ، و قادتنا الطائفية والعرقية ، فأبدعنا في الاقتتال ، و أبهرنا العالم بكل أنواع التنكيل والإذلال ، فأضحى الطريق إلى الجنّة عند البعض ، مُضمخــا بدماء الإخوة والعشيرة ، ومَعبَـرا إلى تدمير كل مظاهر التمدن و الحضارة .. فمتى نُوقف مسيرة  التطبيع مع النكبات ، و الاستئناس مع النكسات ؟؟ لنا التساؤل والاستفهام ، ولكل جوابه ، وللأيام الزاحفة نفاذ القول و العمل، والعاقبة لمن بالتاريخ اعتبر ، وعلى ضعفه و نقائصـه اقتدر وانتصـر..
وكل نكسة و « وطننا العربي الكبير  » في نشاط وضجر.. فإما بين ضرب بسيف أو ذبح بخنجر، أو بين هزّة بوط وقرع طبلة و مِزمـــر !! .
محمد المهدي ــ تاوريرت
09\06\2016

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. الوجدي
    10/06/2016 at 19:56

    مقال في الصميم ، لقد اصبحنا عبارة عن كائنات غريزية تتبع الشهوات والغرائز فقط ن لا تعير اعتبارا للتاريخ ولا للعبر المستخلصة منه ، وهذا كله بسبب الإغلام الموجه الذي حاربتنا بواسطه الأنطمة الفاسدة

  2. صاحب رأي
    11/06/2016 at 03:12

    فعلا لقد تطبع العقل العربي مع الهزيمة و النكبات ، فصار لا يرى نفسه الا مهزوما ومغلوبا دائما وكأن الهزيمة اصبحت هي قدره الذي لا مفر منه ..الشيء الذي طبع على نفس الانسان العربي طابع الذل والهوان .ولكي يخرج العربي من هذه الحالة، يلومه اعادة تربية وتأهيل طويلين ، لكن قبل ذلك اعادة الاعتبار اليه كانسان وهذا هو المدخل الأساس لذلك

  3. العربي المفقود
    12/06/2016 at 18:05

    لقد كانت هزيمة او نكسة حزيران يوينو عام 1967 نتيجة للفساد في الجيوش العربية التي حاربت بأسلحة وذخير فاسدة ، جلبها اليهم حكامنا العرب الفاسدون المتواظؤون مع اليهود .. فكيف بكيان صغير ان يهزم ثلاث جيوش عربية دفعة واحد .. والله انها ام المهازل التي تأتي بعد نكبة فقدان فلسطين عام 1948، ولا تزال النكبات و المهازل تتوالى علينا يوما بعد يوم ..والله يستر

  4. السلاوي
    14/06/2016 at 19:35

    الفقرة التي أعجبتني في المقال
    أما نحن “العرب” – مع الأسف- فقد أخذتنا الحَميّة المقيتة ، و قادتنا الطائفية والعرقية ، فأبدعنا في الاقتتال ، و أبهرنا العالم بكل أنواع التنكيل والإذلال ، فأضحى الطريق إلى الجنّة عند البعض ، مُضمخــا بدماء الإخوة والعشيرة ، ومَعبَـرا إلى تدمير كل مظاهر التمدن و الحضارة .. فمتى نُوقف مسيرة التطبيع مع النكبات ، و الاستئناس مع النكسات ؟؟ لنا التساؤل والاستفهام ، ولكل جوابه ، وللأيام الزاحفة نفاذ القول و العمل، والعاقبة لمن بالتاريخ اعتبر ، وعلى ضعفه و نقائصـه اقتدر وانتصـر..
    إنها تختزل الوضع الراهن للوطن العربي باكمله ، بكل وضوح وبكل بلاغة و فصاحة ..إن أكثر الأمراض التي ابلي بها الوطن العربي هو مرض التطرف والظلامية المشينة .فبدما مر عهد القاعدة و الجماعات الجهادية جاء اليوم عهد عصابات داعس الاجرامية \ن والبقية ستأتي لا محالة مادام الوطن العربي مفتوحا على المجعول ، ومجالا للتدخلات المصلحية للدول العظمى وغي العظمى ايضا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *