Home»Correspondants»دوغول في شرق المتوسط:أمن أجل داعش فقط؟

دوغول في شرق المتوسط:أمن أجل داعش فقط؟

0
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الإدريسي

هل تصل عدوى « فرنسا الحرة »؟
لم يعد الأمر،إذن، يتعلق ب »أولاد حارتنا »؛فتية الحي الذين تشرق في نفوسهم ،فجأة – وحتى دون وضوء وصلاة- شمس الجنة،ويشتد وهجها وصولا إلى الانفجار الكبير ،وتشظي الجسد ومعه الحياة كلها؛بل هي الحرب المعلنة ؛وقد أسس لها الرئيس الفرنسي دستوريا ،في خطابه الأخير أمام ممثلي الأمة ؛بما حضر بين يديه من نصوص ،في انتظار تعديل مستعجل يؤطر النازلة الجديدة؛حيث توفر للجمهورية،وهي دولة نووية عظمى، الشرط الدستوري لإعلان الحرب ،على تنظيم إرهابي توفرت له كل  شروط الدولة ،دون أن يكونها أمميا.
واعتبارا لعضوية فرنسا في الاتحاد الأوروبي ،فان وضع الحرب ،هذا ،سيعني أيضا بقية الأعضاء.
لعل العالم ،بهذا،أمام منعطف تاريخي  حاسم سيحدد معالم المرحلة المقبلة في خرائط الشرق الأوسط كله ؛وسيكون على الدول المشاركة في الحرب على داعش – ربما  دون أن يكون في نيتها استئصالها،وهنا عين الإعصار– أن تعيد تقييم أوضاعها القتالية ،التي تبدو اليوم في منتهى الغرابة:طائرات،من أعتى ما أنتجت آلة الحرب الجوية؛ لم تنفك تغير – بإسناد بري -منذ شهور،على تنظيم ديني إرهابي ،لا يزداد إلا قوة وشساعة ووفرة مال. بل حرص ،في تحد كبير،على نقل حروبه خارج مجاله الترابي،وصولا  – في أعقاب إسقاطه لطائرة مدنية روسية في سيناء- إلى الغارة المنظمة بإحكام، على العاصمة الفرنسية؛انطلاقا من سوريا ، تخطيطا وتدبيرا،ومن بلجيكا،إخراجا ومن الداخل الفرنسي ،تنفيذا.
ستمخر حاملة الطائرات الفرنسية « شارل دوغول » عباب الأبيض المتوسط الغربي لتُثلث قوة الضربات الجوية ،كما ذكر الرئيس هولاند؛واعتبارا لكون الحاملة ترابا فرنسيا ،وبالتالي أوروبيا،فان حدود داعش ستحاذي لأول مرة قوة  دولية عظمى ،يفترض فيها أن تقلب  الأوضاع كلها رأسا على عقب.
هل سينحل لغز داعش أخيرا؟ هل ستسقط كل الأقنعة، وتنكشف وجوه اللاعبين الحقيقيين،في أخبث مسرحية تعرفها الإنسانية؟  هل سَيُسَرِّع هذا من ظهور الخرائط الجديدة التي ارتضتها القوى العظمى لعالم عربي،إسلامي، مريض  إنسانيا،دينيا،ديمقراطيا و حتى اقتصاديا،رغم غناه؟
هل سيمضي العالم مع « شارل دوغول » لينقل عدوى فرنسا الحرة، إلى هذا العالم العربي المنهار الذي أضحى الانتماء إليه مكابدة يومية،ان لم يكن عارا ؟  عالم  » لا يوجد ،اليوم،من يؤرخ له بوعي؛و كل من يحاول يفقد الوعي » ؛على حد عبارة الدكتور محمود اسماعيل

.
كيف نفشل في تعليم الحياة،وتنجح داعش في تعليم الموت؟
داعش ماضية في تنفيذ الأهداف الإستراتيجية التي خلقت من أجلها ؛ولن نصدق أبدا أنها بكل هذه القوة العاتية ،وهذا العزم الذي لا يلين،وكل هذه الكراهية للبشرية جمعاء ؛وكل قوامها فلول بعثية صدامية ،انهزمت أمام قوة برية أميريكية ،دون حرب ؛وسلمت بغداد،متخاذلة،في الوقت الذي كانت فيه الشعوب العربية تستعد لتعيش حلم « ستالين غراد » عربية.
ولن نصدق أبدا أن « جنرالاتها » من فقهاء الحنابلة ،الموغلين في الغباء الديني المركب،حد الولغ في دم المسلمين وغيرهم،ذبحا ؛بكل هذا الدهاء التربوي التأطيري ،والقدرة على استقطاب شباب،من مختلف الجنسيات ، في ميعة الحياة ،للارتماء في أحضان « الغورو » طلبا للجنة.
لن نصدق هذا ،ونحن نرى أنظمتنا التربوية العربية ،بكل ما تمتلكه من خبراء و مؤهلات واعتمادات ،تفشل حتى  في تعليم الحياة ؛فكيف يتفوق عليها الشُّعْث الغُبر،من كل الآفاق ،وهم يُعَلمون الانتحار والدمار؟  ما الذي استجد في منطقة عربية أناخت على شعوبها دكتاتورية البعثيين،لعشرات السنين ،حد الموت اختناقا؛وسلطت عليها إسرائيل كل الأضواء الكاشفة ،حتى تعذرت الحميمية حتى على يرابيعها ؛فكيف بالسياسة وحشد القوة وتكثير التابع ؟
ما الذي استجد لدينا ،ونحن غُفل عنه، حتى نصبح على قوة هائلة،لا تنبغي للعرب ولا للمسلمين،اليوم،وهم بكل هذا التخلف العلمي والحضاري؟ وهل بلغوا ولو نسبة من هذه القوة في إمارات البترول والغاز؟ قوة إقليمية  تتكلم لغتنا ،تعتمد نفس نصوصنا الدينية التي أغلقناها،وتصلي صلاتنا؛مما يعني أن كل ما توفر لنا من عناصر التخلف –خارج الصلاة طبعا- متوفر لديها؛فمن أين لها كل هذه القوة ،و كل هذا الرباط من الخيل ؟  كيف تواجه ،بدون تغطية جوية،الأرض ،السماء والبحر؟كيف يتسع وقتها لتأسيس ولايات عابرة للقارات؟ وكيف تدير حربا الكترونية عتيدة بعقل فقهي ،أقصى رياضته علم الفرائض؟ وكيف تنشط ،وهي تحت وابل من الجحيم اليومي، لأنكحة المتعة ،وإقامة أعراس الخليفة الدموية؟

« نحن نعرف من أين أتانا كل هذا »
قالها فرونسوا هولاند – بهدوء دال- في أول رد فعل له( ساخن) على غارات 13نونبر2015؛دون أن يتوقف عندها.
لعل المقام لم يكن يقتضي طرح سؤال:من أين؟ وإنما كيف سنتصرف؟   إذا ضممنا سكوت الرئيس عن تفاصيل أسهب فيها التقرير الروسي الأخير ،وهو يحدد أكثر من عشرين جهة داعمة لداعش،فسترتسم أمامنا معالم الطريق صوب فهم الداعشية ،وفهم ما أصاب منها فرنسا – على مراحل-وصولا إلى حملها على إعلان الحرب ،وإقرار حالة الاستثناء التي لم تعرفها الجمهورية، منذ حرب الجزائر. يضاف إلى هذا ممارسة الرئيس لحق استعداء الاتحاد الأوروبي ؛والمطالبة بإعادة النظر في الأسس التي قام عليها الحلف الدولي ضد داعش.
يبدو لي ،وقد ارتقى الأمر إلى كل هذه الخطورة التي أصبحت تهدد السلم العالمي ،أن القول بوجود « داعِشين » مرحلة في اتجاه الفهم الصحيح: داعش « الوهم »، وداعش « الحقيقة ».
داعش الوهم هي هذه التي نتوقف عندها نحن السذج ؛ويتطرف بعض أغبيائنا لإعلان انتشائهم بهذا النصر من عند الله ؛الذي أقام الخلافة الموعودة ،التي ستملأ الأرض عدلا بعد أن ملئت جورا. وأكثر من مجرد الانتشاء يرتمي بعض شبابنا الغفل في أحضان الممارسة الداعشية ،حد الرعشة الكبرى ؛من أجل الحور العين.  ومنهم من يرى فيها مجرد فرصة شغل ،بسكن وزوجة وتلفاز وثلاجة،في عوالم مثيرة ؛فيها الكثير من الموت لكن لا بطالة ولا ملل بها.
هذه داعش المدججة،ظاهريا فقط، حتى لا تنكشف اللعبة، بالفقه الحنبلي الدموي ،وأكثر من هذا بما جُعل بين يديها من بترول الشعبين العراقي والسوري ؛ومن ثروة أثرية تاريخية ،لها من الكارهين أكثر مما لها من المحبين.
وداعش الحقيقة هي  هذه التي  انتهى إليها الإبداع المخابراتي الجيواستراتيجي للقوى العظمى ؛في تدافعها من أجل كولونيالية جديدة ،تعاود احتلال المنطقة ،بمسميات شتى. من التبسيط اختزال كل هذا في النيل من الإسلام ،وهو ينال من نفسه ،تلقائيا وحضاريا في كل يوم،ومنذ قرون حتى انتهى إلى قوم يكبرون  حتى وهم يدمرون،كما فصلت في موضوع سابق.
إنها لعبة الخرائط  والثروات ،وليس المذاهب والخلافة وولاياتها،والحكايات التي لم تعد صالحة حتى لرسوم الأطفال.
صدام حضارات انتهى إلى هزيمة العقل العرفاني وسيادة العقل البرهاني؛إذا استعرنا  تصنيف الدكتور عابد الجابري.
إن أ فضع أشكال الهزيمة ألا تشعر بها ،أو تتوهم أنها نصر .
لكل داعشُه ،وستمضي فرنسا إلى داعشها التي عناها هولاند بكلامه ، وهو في موقع يراها منه ليس كما نراها .
وليس صدفة أن يحدد الرئيس ،في خطابه، نقط تواجد القوات الفرنسية في الشرق الأوسط ،وشمال إفريقيا؛مما يذكر بالخرائط الكولونيالية القديمة للجمهورية.
http://sidizekri.blogvie.com/

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *