Home»Correspondants»تُـجـار الوهـم وباعة الأحــلام؟

تُـجـار الوهـم وباعة الأحــلام؟

0
Shares
PinterestGoogle+

     لقد دأب الكثير من الساسة على استغفال الناس والضحك عليهم ولا يزالون،فكلما استمر النقص عند الناس،استمر بالموازاة معه اللعب والرقص على ذلك النقص.إن رغبة الناس في التغيير وتطلعاتهم نحوالسعادة ،تشكل الفضاء الأمثل ليمارس سماسرة الانتخابات لعبة تسويق الوهم وتوزيع الأحلام المرصعة بالأكاذيب والوعود،تسويق الوهم الذي تعددت ألوانه وأشكاله ،وتغير موضعه وتبدلت أسماؤه،لكنه رغم كل ذلك بقي وهمـا.. وهاهو يأتينا من كل حدب وصوب ، فمن يشتريـه؟؟
للإشارة ،إن الوهم لـغةً هو الظنُّ الفاسد، وكلُّ ما هو غير مطابق للواقع، والوهم اصطلاحاً، هو إدراكُ الواقع على غير ما هو. والعقل البشري له قابلية كبيرة لتلقي الخرافات والأوهام والتصديق بالمجهول ،وتعتبر الرغبات والمخاوف من أهم دواعي تقبل الوهم..وهي غير مرتبطة بالمستوى التعليمي أو الاجتماعي أو الاقتصادي،كما أن الوهم غير مرتبط بالخرافة التي سكنت المجتمعات القديمة فقط، بل هو مترسخ أيضا في المجتمعات المتطورة التي بلغت قدرا كبيرا من المعرفة والتقنية والانفتاح..بل يمكن القول إن هذا الانفتاح ساهم بشكل كبير في رواج الوهم بسبب التكنولوجيا والتغيير المستمر والسريع في كل شيء، ما جعل الإنسان يصدق أي شيء يقدم إليـه .
وبالنظر إلى حجم حاجات و رغبات مجتمعاتنا العربية، فإن إمكانية تصديق الأوهام والترويج لها كبيرة جدا،لذلك دخلت تجارة الوهم في جميع المجالات. ففي الصحة، كل مرض في طريقه الى العلاج السريع، بدءا  بالدواء الصيدلي وانتهاء بالأعشاب والدجل والسحر.وحياتك بإمكانك قراءتها وتغييرها بوهم معرفة الغيب عن طريق الأبراج والشطحات التي ما أنزل الله بها من سلطان.أما في عالم المال والأعمال، فيمكنك أن تصير مليونيرا وعضوا بارزا في شركات الاستثمار و العقار في بضعة أيام، باتباع دورة تكوينية في الاستثمار و التسيير فقط .أما عالم الجمال ، فحدث ولا حرج، حيث يعتبر المجال الأخصب لتجارة الوهم وتقبله، فالفتاة تحلم بزواج مبهر، والعجوز تريد العودة إلى زهرة الشباب.. وهْــمٌ بل أوهام طالت الملايين، مما شَجّـع تجار الأحلام على التفنن في العرض،حتى طال الثقافة والإبـداع أيضا،فأصبحنا نرى المنتديات والمؤسسات التي تسوق أوهام الرقي بالشعر و الشعراء،والطرب و المطربين، من قبيل « مسابقة أمير الشعراء » و »شاعر المليون » و »عرب أيدل » و »إكس فاكتر » و »استديو دوزيم » و » ستار أكاديمي » وغيرها كثير ..هل سنرقى فعلا بالشعر والأدب و الفن بمثل هذه البرامج الكاذبة، التي إنما هي وسيلة وخدعة لمضاعفة حجم الدراهم التي ستستقر في جيوب صانعي الوهم ومروجي الأحلام ،المتمثل في تحالف الفضائيات التلفزية وملاك شركات الاتصال، عبر دفع الناس إلى التصويت لصالح هذا الفنان أو ذاك ، أو هذا الشاعر أو ذاك، والحقيقة أن الشعراء والفنانون لا يصنعون بالتصويت ولا بالخداع التلفزي والإعلامي. بل يصنعون بالممارسة والدراسة والعلم والاستفادة من تجارب الآخرين.
أما في السياسة ،فما أكثر من يبيع الأوهــام ، فقد أضحى للسياسة دكاكين، وكثر تجارها وتنوعت بضاعتها وأقبل الناس عليها من كل حدب وصوب. غير أن الناس في طلبهم للوهـم ،لا يدفعون مالاً  فقط ، لكنهم يدفعون ما هو أكثر منه قيمةً.. إنه العمر، حيث يظلون واهمين ومنخدعين طيلة العمر، ولا يكتشفون أنهم واهمون إلا بعد فوات الأوان، وتلك حسرة ما بعدها حسرة، تصديقاً لقوله تعالى: «قُل هل نُنَبِّئُكُمْ بالأخسرينَ أَعمالا، الذين ضلَّ سَعْيُهُم في الحياةِ الدُّنيا وهم يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنون صُنعًا». (الكهف: 103 – 104).. لكن مع الأسف ،لمَاذا في كل مرّة ،يُصـّر الناس على شراء الوهم ،وهم يعلمون أنه وهـمٌ ،ويعلمون أنه لن يزيدهم إلا هَـمّاً وغـمّــاً؟.. وسيبقى تجار الأوهـام من الساسة وغيرهم ما دام هناك من يشتري بضاعتهم الخداعة ، وسيبقى مصير الوطن معلقـا على مشجب الزمــن ، وحلم الديموقراطية والعدالة الاجتماعية مؤجلا إلى مزاد جديد ، لعل أثمانه ترسو عند حدود ما يطيق العبــاد والبــلاد .

المهدي محمد
أرفود ـ 24 ـ 09 ـ 2015

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

3 Comments

  1. مواطن من الشرق
    02/10/2015 at 07:32

    نص رائع شكرا

  2. Mourtariba x
    02/10/2015 at 18:17

    bravoooooo pour le texte M. Mahdi
    Mais pourquoi continue-t-on à acheter wahme ? Car tout simplement, et comme vs le dites, les commerçants de wahme dominent notre vie ; et cette dernière malheureusement était constituée, depuis notre jeune age, de paramètres ne distinguant jamais entre le réel et l’imaginaire. C’est un virus bien implanté depuis des siècles et des siècles, même dans le commerce avec Allah, une chose qui a été encouragée par les colons, et bien sûr consciemment ou non adopté par notre système éducatif et et notre quotidien tout court.
    Mourtariba x

  3. سهير عيلدي
    05/10/2015 at 01:13

    صحيح باعة الوهم سيبقون موجودين بيننا ما دمنا نحن لا نزال على استعداد لشراءبضاعتهم كلما عرضوها علينا .. إذن العيب قينا نحن وليس فيهم وحدهم.. المرض في البائع والمشتري معا وشكرا

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *