Home»International»قراءة في كتاب أزمة الوعي الديني – إسهاما في محاربة الفكر المتطرف لدى المتدينين – الحلقة الثالثة

قراءة في كتاب أزمة الوعي الديني – إسهاما في محاربة الفكر المتطرف لدى المتدينين – الحلقة الثالثة

0
Shares
PinterestGoogle+

أحمد الجبلي

لقد رأينا في الحلقة الثانية كيف تعامل الإمام علي كرم الله وجهه مع الخوارج، فلم يكفرهم كما كفروه، واعتمد الحوار وحرية الرأي معهم، ولم يمنعهم مساجد الله، ولم يبدأهم بقتال، حتى إذا قاتلوه قاتلهم  فيدخل  قتاله لهم ضمن حجية الدفاع عن النفس، وليس ضمن إحلال قتل المخالفين من المسلمين، كما لم يمنعهم حقهم من الفيئ.
وفي هذه الحلقة سنركز على  « التكفير » الذي نأى عنه الإمام علي بشكل كبير وواضح رغم أن الخوارج قد حكموا عليه به وأخرجوه من الملة وأحلوا دمه ودم من اتبعه ومن لم يقل بكفره وكفر الإمام عثمان بن عفان رضي الله عنه.
إن هذا المنحى الذي نحاه الإمام علي، أي عدم تكفيره للخوارج، يعد مزية وقيمة يجب التوقف عندها، لأن التكفير في عصرنا أصبح مادة دسمة تحلو لكل من ظن أنه  يمتلك الحقيقة المطلقة وأن غيره على غير ذلك، أي أنه على حق وغيره على باطل، وأخلوا قاموسهم اللغوي من مصطلحي الخطإ والصواب، فبعض التيارات المعاصرة ترفع راية التكفير بسرعة فائقة دون تريث أو استبصار من الفقه والدين، فماذا نتوقع من تصريحات تعتبر إيمان أبي جهل وأبي لهب أصح من إيمان المسلمين في هذا العصر غير التكفير، والقائلون بهذا القول كثيرون منذ القرن الثاني عشر الهجري إلى اليوم أي ابتداء من محمد بن عبد الوهاب الذي صرح في كتابه كشف الشبهات حول التوحيد والذي شرحه قصي محب الدين الخطيب وهو يوزع مجانا على الحجاج حيث يقول في الصفحة 4:  » إن شرك الأولين أخف من شرك هؤلاء في زماننا » ويقول  » إن جهال  الكفار أعلم بلا إلاه إلا الله من هؤلاء، ولا خير في رجل جهال الكفار أعلم منه بمعنى لا إلاه إلا الله »
مرورا بأحمد باشميل القائل في كتابه  » كيف نفهم التوحيد » في الصفحة 16:  » أبو لهب وأبو جهل أكثر توحيدا وأخلص إيمانا بالله من المسلمين الذين يقولون لا إلاه إلا الله محمد رسول الله لأنهم يتوسلون بالأولياء والصالحين »  ويقول في نفس الصفحة : » عجيب وغريب أن يكون أبو جهل وأبو لهب أكثر توحيدا لله وأخلص إيمانا به من هؤلاء المسلمين الذين يقولون لا إلاه إلا الله محمد رسول الله »
وللرد على أحمد باشميل سريعا نقول: لا يعرف في الشرع  إطلاق اسم موحد على كفار قريش ولا على من آمن ولم يخضع قلبه ولو بجزء من العقيدة الإسلامية وذلك بنص القرآن والسنة، بل لا يجوز أن نقول الشرع ما لم يقله، فلا يحل ولا يجوز لنا أن نطلق على من كان يقر بوجود الله ويدرك أنه هو الإلاه المستحق للعبادة دون أن يذعن ويدخل في هذا الدين بأنه موحد، بل هو كافر، بدليل قوله تعالى: ( ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار » الزمر 3 فقد وصفهم الله تعالى بالكذب والكفر بل وصفهم بصيغة مبالغة وهي  » كفار » ومن تمة كيف نسقط كفر الأولين على المسلمين المؤمنين في هذا العصر بمجرد أنهم يتوسلون بالأنبياء والصالحين أو يزورون القبور ويستمعون للموسيقى ويقرؤون القرآن جماعة ويطلب الواحد منهم العون من الآخر…ثم من قال بحرمة التوسل بالأنبياء والصالحين؟؟؟ ومن قال بحرمة زيارة القبور؟؟ ومن قال بحرمة الاستماع للموسيقى أو عزفها؟؟؟  ومن قال بحرمة قراءة القرآن جماعة أو أن يستعين المسلم ويطلب العون من أخيه المسلم؟؟؟؟ والأدلة على جواز هذه الأمور واردة بأدلة صحيحة، وليس هذا مجال ذكرها.
فكيف يتحول مجتمعنا إذا عم فيه مثل هذا الفكر التكفيري لأبسط الأسباب ودون دليل شرعي معتمد،  فإذا اعتبرنا الذين يزورون القبور كفارا والذين يتوسلون برسول الله والصالحين كفارا والذين يستعينون بالناس في قضاء حوائجهم كفارا فكم بقي من المؤمنين في المغرب؟؟؟؟؟ أو في البلاد العربية الإسلامية؟؟
إن من آخر ما قاله الإمام أبو الحسن الأشعري قبل وفاته لتلامذته:  » أشهدكم أني لا أكفر أحدا من أهل القبلة » مع العلم أن بعض الفرق الكلامية قد قال بما يخالف الدين كله قرآنا وسنة وإجماعا، كما أن علماء المسلمين ظلوا يرددون طوال قرون قول النبي صلا الله عليه وسلم  » العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر » ولم يكفروا أحدا بعينه من المسلمين من تاركي الصلاة.
ومن ثقافة التكفير المعاصر، الذي للأسف يجد له آذانا صاغية وأتباعا ومناصرين، نجد  عبد العزيز السلمان يقول في كتابه موارد الظمآن لدروس الزمان في الصفحة 21:  » الحذر..الحذر من أهل البدع الذين يجب البعد عنهم وهجرانهم ( ويسمي هؤلاء المبتدعة فيذكر منهم): الماتريدية والأشاعرة والصوفية  » (ويتابع موجها ):  » فينبغي للمسلم أن يحذرهم ويحذر منهم » ونحن نرد عليه ونقول: هل نحذر العالم من المغاربة لأنهم أشاعرة ويتبنون التصوف الجنيدي ونحذر العالم من تسعة أعشار الكرة الأرضية ونحذرهم من الإمام ابن حجر العسقلاني  والإمام النووي والباقلاني والرازي والغزالي والذهبي والسبكي والإمام الإيجي والابن فورك وإمام الحرمين الجويني ومحمد الفاتح لأنه ماتريدي وصلاح الدين الأيوبي والقرضاوي وأحمد الريسوني والعلامة مصطفى بن حمزة وإسماعيل هنية ومحمد مرسي ومحمد الغزالي والمختار السوسي وعبد الله كنون وغيرهم كثير. هذا هو التكفير بعينه لأن التحذير منهم معناه ألا نؤاخيهم ولا نآكلهم ولا نتزوج منهم ولا نمشي في طريقهم وننصح الناس بالابتعاد عنهم. فإن لم يكن هذا تكفيرا فهو أخطر من التكفير لأن الله تعالى لم ينهانا عن الكفار ( لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين) الآية 4 سورة الممتحنة،  فنحن نتاجر معهم ونتجاور معهم ونتعامل معهم ونرفق بهم ونرحمهم وننصح لهم لأننا أمة هداية وبعثنا دعاة لا قضاة.
والخطير في الأمر أن يستعمل هذا الشيخ السعودي فعل الوجوب « الذين يجب البعد عنهم وهجرانهم » والوجوب مصطلح شرعي أصولي فقهي مرادف للفرض خلافا لمذهب أبي حنيفة، وهو يفيد معنى الإلزام والمعلوم من الدين بالضرورة ويكون دليله قطعي الثبوت ويكون العمل بمقتضاه لازما بالإجماع. فهل إذن التحذير من أهل السنة والجماعة الذين هم الأشاعرة والماتريدية والابتعاد عنهم واجب شرعي يثاب فاعله ويعاقب تاركه.
وإذا حذرنا من العلماء الجهابذة الذين هم من أوصل إلينا هذا الدين فأي دين سيبقى لنا إذن؟؟؟
إن أخطر مدخل من مداخل التكفير القول بتقسيم التوحيد، وهو الأمر الذي بنى عليه محمد بن عبد الوهاب  وأحمد باشميل وعمر الأشقر وعبد العزيز السلمان وابن العثيمين وغيرهم كثير، أحكامهم على المسلمين بأنهم كفار لأن توحيدهم ناقص لأن التوحيد ثلاثة أقسام وليس قسما واحدا؟
إن القول بتقسيم التوحيد إلى توحيد الربوبية وتوحيد الإلوهية وتوحيد الصفات  لم يقل به لا القرآن الكريم ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة الكرام ولا أحد من التابعين ولا أحد من تابعي التابعين ولا من جاء بعدهم، وإنما هو بدعة استحدثها الإمام ابن تيمية رحمه الله في القرن الثامن في كتابه منهاج السنة، وهي تناقض القرآن بشكل صريح وقد رد عليه العديد من العلماء سلفا وخلفا. وخطورة هذا التقسيم تكمن في سهولة تكفير المسلمين لأنهم أسقطوا توحيد الألوهية وأسقطوا توحيد الأسماء والصفات، وهو الأمر الذي رمى به ابن تيمية في منهاج السنة المالكية والحنفية والشافعية. وخطورة هذا التقسيم ترتبت عنه شلالات من الدماء التي سالت تحت مبرر محاربة الشرك وعدم اكتمال التوحيد في القرن الثاني عشر الهجري، يقول الدكتور سعيد بن علي القحطاني في كتابه « الحكمة في الدعوة  » في الصفحة 319:  » كانت حالة المسلمين قبيل دعوة محمد بن عبد الوهاب حال لا يرضاها مؤمن حيث كان الشرك الأكبر قد انتشر في نجد خاصة..حيث عدل الناس إلى عبادة الأولياء والصالحين والمجانين: أحيائهم وأمواتهم يستغيثون بهم في النوازل والحوادث ويستغيثون بهم في قضاء الحاجات وتفريج الكربات، وعبدوا القباب والأحجار والغيران… » وليس القحطاني وحده من نحا هذا المنحى وتحدث عن نجد بكل هذه الفضاعة من الشرك والتهويل والتجريم بل يكاد كل مشايخ السلفية ينحون هذا المنحى.  ولكن المراجع التاريخية المحققة تثبت أن بلاد نجد لم تكن بهذا السوء وبكل هذا الشرك الذي ليس له مثيل حتى عند قريش نفسها، وقد أنكر ابن العثيمين نفسه أن تكون بلاد نجد بلاد شرك بهذا الوصف الذي وصفه ابن عبد الوهاب ومن جاء بعده فقال: « إن الذين وقعوا في الشركيات كانوا طائفة قليلة العدد وكانوا من جهلة البدو من النجديين »  والدكتور عبد الله عجلان رحمه الله من بلاد نجد وقد تتبع الموضوع بشكل دقيق  خلص فيه بأدلة تاريخية موثقة إلى أن نجد  لم تكن بلاد شرك  بكل هذه الأوصاف البشعة. وابن بشر أحد أهم المؤرخين لبلاد نجد  نفسه يقول أن نجد كانت موطنا للعلماء  يتحلون بالورع والتقوى وأكثر القضاة فيها كانوا يتحلون بالنزاهة والعدالة، وكان الناس في المجتمع النجدي ينظرون إليهم نظرة توقير واحترام » وكيف لمن يحترم العلماء والقضاة أن يعبد البشر والشجر والقبور؟؟
إن الباحث أو القارئ عندما يقرأ مثل هذه الكتب التي تعج بالتكفير والشيطنة وتفسيق الأمة واتهامها بالشرك والخروج عن أهل السنة والجماعة وهو الأمر الذي يعبد الطريق نحو استباحة الدماء وقتل الأبرياء مثلما فعل محمد بن عبد الوهاب في بلاد نجد تحت مبرر محاربة الشرك، ليجد سمة بارزة يتميز بها هذا الفكر التكفيري وهي توظيف آيات نزلت في الكفار ليرموا بها المسلمين أي يعمدون إلى آيات نزلت في الكفار فيجعلونها في المسلمين من ذلك مجابهة المسلمين بمثل قوله تعالى: ( ذلك بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تومنوا) سورة غافر الآية 143,
و هذا خطاب خطير حيث إن الناس مؤمنون ولله الحمد وبالتالي فالخطاب بعيد كل البعد عن أن يكون خطابا موجها  لمن يؤمن بالله ورسوله ويصلي ويزكي ويصوم ويتصدق ولكن تقع منه هفوات منها دبيب الشرك الذي كان الصحابة أنفسهم يقعون فيه لذلك علمهم عليه السلام دعاء  » اللهم إني أعوذ بك من أن أشرك بك شيئا أعلمه وأستغفرك لما لا أعلمه » وقد روى البخاري عن ابن عمر انه كان يقول : ( شرار خلق الله الخوارج عمدوا إلى آيات نزلت فى الكفار فجعلوها في المسلمين ) ووصفهم صلى الله عليه وسلم بأنهم ( كلاب النار).
وقال ابن عباس : ( لا تكونوا كالخوارج تؤولوا آيات القرآن فى أهل القبلة وهى إنما نزلت فى أهل الكتاب والمشركين ، فجهلوا علمها فسفكوا بها الدماء وانتهكوا الأموال وشهدوا على أهل السنة بالضلال، فعليكم بالعلم بما نزل فيه القرآن)
ولنعطي مثالا رائعا على خطاب المسلمين بما يتعلق بالشرك كيف يكون:  يقول الشيخ مبارك الميلي في كتابه رسالة الشرك ومظاهره:  » قال تعالى ( يا أيها الذين آمنوا آمنوا) وصفهم أولا بالإيمان ، وطلبه منهم ثانيا، فلو كان أمرهم به يدل على خلوهم منه، لتناقض الكلام، وكتاب الله منزه عن الاختلاف، وإنما المقصود أمرهم بالمداومة عليه، وكذلك نهي المسلم عن الشرك طلب منه للاستمرار على اجتنابه. »
وقال( يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا) فوصفهن بالإيمان قبل المبايعة، لأن مبايعة المؤمن على ترك الشرك وعدم العود إليه إنما تزيد إيمانه صفاء » ص55
وطمسا لهذا النمط الإسلامي الحق والنموذج الراقي الذي يعلم الأمة كيفية اجتناب الشرك دون المساس بإيمانهم أو اتهامهم في دينهم  تم التلاعب والتحريف بهذا الكتاب كتاب « رسالة الشرك ومظاهره  » للعلامة مبارك الميلي الجزائري والذي حققه أبو عبد الرحمان محمود  وطبعته دار الراية للنشر بالديار السعودية إذ يقول  مدير دار النشر في مقدمة الطبعة الأولى:  » وجدنا أن به بعض الملاحظات (هذه الملاحظات هي العقيدة الأشعرية عقيدة الوسطية والاعتدال عقيدة الأمة الإسلامية) ، فبدا لنا أن نعرضه على بعض المشايخ، وكان كذلك أن أرسلنا نسخة إلى الشيخ بكر أبو زيد، وأرسل إلينا ملحوظاته على الكتاب، وتمت مراجعة الكتاب ثانية من قبل أبي الهيثم إبراهيم بلجنة التحقيق بالدار وتم عمل تقرير إضافي وأرسلنا كليهما للشيخ أبو عبد الرحمان محمود محقق الكتاب، وثم أرسل إلينا النسخة بعد التصحيح وبعد مراجعة لجنة التحقيق بالدار  تم تقرير آخر باستدراكات أخرى وتم إرساله للمحقق، وضبطت النسخة وأعيدت للصف لتجهيز الطباعة »
هذه الاستدراكات وكل هذه التقارير من أجل إدخال التحريفات وتغيير فكر صاحب الكتاب دون أدنى أمانة ولا خوف من الله لأنه يحمل فكرا وسطيا معتدلا فكرا أشعريا أجمعت عليه الأمة، فكرا لا يكفر أحدا إلا بما يقتضيه الشرع بأدلته التي يجمع عليها العلماء كمن أنكر معروفا من الدين بالضرورة كالصلاة أو الصيام أو الحجاب… والقارئ للنسخة الأصلية ومقارنتها بما نشرته دار الراية السعودية يرى عجبا وتحريفات خطيرة وقعت في مضامين الكتاب الذي يتحدث عن الشرك مخاطبا المسلمين من أجل معالجة سلوكيات تدل على الشرك الأصغر فتحول إلى كتاب يخاطب الأمة وكأنها كفرت بعد إيمانها.
وتعقيبات المحقق مغرضة تنسف ما لا يتوافق مع توجهها وسنضرب أمثلة على ذلك. يقول مثلا في الصفحة 49  في الهامش معلقا على الشيخ الميلي:  » المراد بأهل السنة عند البيهقي وابن عساكر  الأشاعرة والماتريدية، فكلاهما اشعري، والانحراف عندهم أشد. » وفي الصفحة 52 يقول متحدثا عن الإمام السبكي رحمه الله: « والسبكي أشعري قبوري » أي يذم الأشاعرة ويعتبرهم قبوريين، والقبوريون عند هذا الصنف من الدعاة مشركون، لكونهم يزورون القبور ويبنون فوقها.. وكما لا يخفى هذا فكر يؤسس للتكفير بل وقد فعلوا لأنهم لا يعتبرون العديد من علماء الأمة كابن حجر والنووي من أهل السنة والجماعة لأنهم أشاعرة.
إن الشيخ محمد الميلي رحمه الله في هذا الكتاب القيم الذي يتحدث عن الشرك ومظاهره، يتناول الموضوع بطريقة فريدة من نوعها حيث لا ينزع عن الناس عباءة إيمانهم ولا يشكك في توحيدهم ولا ينصب نفسه لا حاكما ولا قاضيا ولا يخاطب الناس كأنه وصي عن الله، إذ يقول في هذا الكتاب الجليل:  » فنحن بالعقيدة السلفية قائمون، ولما مات عليه الأشعري موافقون، وعلى ضابط السبكي ناهجون، وبفتوى الشيخ أبي عبد الرحمان عبد الله بن عمر مقتدون، ما نحن إلا وعاظ مرشدون، ولم ندع أننا حكام منفذون، ومعاملتنا للناس ترفع كل التباس، فتجدنا نصلي وراء من يتقدم الإمامة، ونسلم على من لقينا، وندفن في المقابر العامة، من غير منع لمسلم منها، ونشتري اللحم ممن يشهد الشهادتين، كل ذلك من غير بحث عن كونه من المسترشدين، بإرشادنا، أم من الخصوم الطاعنين علينا، ما لم تتبين لنا مشاقته لما جاء به الرسول الكريم، فهذه شواهد واقعية على أننا لا نحكم على معين بالشرك، وغرضنا في الحديث عن الشرك تحذير المسلمين منه ، لا الحكم به عليهم تعيينا » إنه المنهج المطلوب عندما نتحدث عن التوحيد والشرك،  منهج واضح في التعامل مع موضوع الشرك عندما يخاطب به المؤمنون.
وعودا على موضوع تقسيم التوحيد والقول بأن الإيمان بالله ربا غير كاف أو الإيمان به إلاها غير كاف والإيمان به ربا وإلاها دون توحيد الأسماء والصفات غير كاف، نقول لما لا يكفي وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  » إن الله جمع الخلائق كلهم وأشهدهم ألست بربكم فقالوا بلا » ألم يكن إقرارهم بهذا التوحيد كافيا؟ وماذا نقول عن قوله صلى الله عليه وسلم  » أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلاه إلا الله وأني رسول الله فإن فعلوا عصموا مني أنفسهم وأموالهم إلا بحقها » ألم يكن هذا التوحيد كافيا ليجعلهم مؤمنين موحدين لهم ما لنا وعليهم ما علينا؟ وماذا نقول عن الذي لا يصلي ولا يزكي وربما يشرب الخمر ويزني هل هو كافر مادام ليس موحدا بهذا المعنى؟؟؟
يتبع

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *