Home»Enseignement»نظرات في المناهج النقدية الحديثة:من المنهج الاجتماعي إلى المنهج البنيوي الجزء(8)

نظرات في المناهج النقدية الحديثة:من المنهج الاجتماعي إلى المنهج البنيوي الجزء(8)

0
Shares
PinterestGoogle+

نظرات في المناهج النقدية الحديثة:من المنهج الاجتماعي إلى المنهج البنيوي الجزء(8)

بقلم: د –  خالد عيادي

أما المنظر الثاني للمنهج البنيوي التكويني فهو المفكر الفرنسي من أصل روماني « لوسيان كولدمان » الذي ولد عام 1913م، وتوفي عام 1970م، عن عمر سبع وخمسين سنة. وهذا المفكر الناقد هو الذي أتم المنهج البنيوي التكويني بفضل ذهنيته الخلاقة وفكره الواسع. فلقد حاز على الإجازة في كل من الحقوق واللغة الألمانية، وأخرى في مادة الفلسفة. ثم حصل على الدكتوراه في الاقتصاد السياسي، وأخرى في الفلسفة بجامعة « زوريخ »، ودكتوراه في الأدب سنة 1944م. الأمر الذي سيؤهله فيما بعد، أن يكون مدير قسم « علم الاجتماع الأدبي » في جامعة « بروكسيل الحرة ».

لقد اطلع « لوسيان كولدمان » على الأعمال المهمة لأستاذه « جورج لوكاتش » مثل كتابه « الروح والأشكال »، و »نظرية الرواية »، و »التاريخ والوعي الطبقي ». فتأثر بها ودان بمعظم أفكار أستاذه. إلى جانب هذا تأثر « كولدمان » في إطار الفكر الماركسي المهيمن يومئذ « بماركس » و »إنجلز » وأتباعهما، وغيرهم من مفكري النهضة الأوربية، مثل « باسكال » و »كانط » و »هيجل ».

 ولقد استوعب »لوسيان كولدمان »  الفكر الماركسي، وتجاوز كثيرا من مقولاته الموسومة بالكلاسيكية. وهناك تتجلى طاقاته الفكرية والإبداعية. لقد فهم « كولدمان » الإنتاج الأدبي والثقافي فهما سوسيولوجيا يبتعد فيه عن الآلية التي اصطبغت بها أعمال عدد من الدارسين السابقين. حيث نجد منهجه النقدي متجليا في مؤلفاته ودراساته القيمة مثل « الإله المختفي » و »الماركسية والعلوم الإنسانية »، و »المنهجية في علم الاجتماع » و »من أجل علم اجتماع الرواية » و »المنهج البنيوي التكويني في تاريخ الأدب ».

لقد طور » لوسيان كولدمان » جملة من المفاهيم الماركسية، وأخرى من عناصر البنيوية التكوينية، والتي كانت مطروحة في أعمال أستاذه « جورج لوكاتش » مثل مفهوم « الكلية »، و »الرؤية للعالم »، و »النموذج »..([1]) فمنحها أبعادا فلسفية جعلت منها أدوات إجرائية ذات خصائص جدلية تستثمر في البحث الأدبي السوسيولوجي. إضافة إلى هذه المفاهيم هناك مقولات أخرى اجتهد « كولدمان » في تطويرها منها: مقولة « الذات الفاعلة »، أو « المبدع الحقيقي » الذي هو في رأيه أكبر من أن يكون فردا، لأن تجربته أقصر من أن تتمكن من إبداع بنيات ذهنية، وبالتالي فإن المقولات الذهنية الدالة ليست ظواهر فردية، بل ظواهر اجتماعية([2]).

عمل « لوسيان كولدمان » أيضا على تطوير مفهوم « الرؤية للعالم » وهو مفهوم نال إعجاب العديد من النقاد والدارسين. كذلك « البنية الدالة »، ومفهوم « الوعي الكائن »، و »الوعي الممكن ». وقد أفرد لهما و »للوعي الخاطئ » و »الوعي الزائف » بحثا خاصا في كتابه « الماركسية والعلوم الإنسانية »([3]).

لقد اعتبر الناقد  نفسه عالم اجتماع أدبي حيث قارب بمنهجه السوسيولوجية الأدبية أعمال كل من « راسين  » و »باسكال ». ليستخلص من أفكار هذا الأخير ومسرحيات « راسين » « الرؤية التراجيدية »، التي تعبر عن رفض الواقع الخارجي، والتي تلتقي بدورها مع آراء ومعتقدات الطائفة « الجانسينية ».وإذا كان هذا الناقد والفيلسوف مدينا لأستاذه « جورج لوكاتش » في كثير من أبحاثه، فإنه أسس لنفسه خصوصيات ميزته عن أستاذه، إذ عالج جملة من المفاهيم المهمة التي ستصير بعد، جوهر المنهج « البنيوي التكويني »، كمفهوم « التناظر »، و »التماسك »، و »البنية الدالة »، و « الفهم » و »التفسير »([4])..

أما فيما يخص مرتكزات « لوسيان كولدمان » في منهج « البنيوية التكوينية » فيمكن إحصاء جملة منها:

أولا: ارتكز مشروعه على تحديد « البنية الدالة » لكل عمل إبداعي.

ثانيا: البحث عن العلاقات التي تربط بنية العمل الأدبي بالبنيات الثقافية والاجتماعية والاقتصادية

ثالثا: المبدع الفرد يجسد « الرؤية للعالم » كحد أقصى من « الوعي الممكن » للفئة الاجتماعية.

رابعا: « الرؤى للعالم » ليست أعمالا فردية وإنما اجتماعية. ودور الفرد كامن في إبرازها فقط. دون أن يعني هذا نفي العبقرية([5]).

 ………………………………………………………………………………………………………………….

([1]) البنيوية التكوينية والنقد الأدبي. مجموعة من النقاد. مرجع مذكور. ص 154.

([2]) المنهجية في علم الاجتماع الأدبي- لوسيان كولدمان. ترجمة المسناوي. دار الحداثة- ط 1- 1981 ص 8.

([3]) Marxisme et science Humain, Lucien Goldman.Gallimard 1970, p121.

([4]) النقد الأدبي المعاصر. حيدة جميلة- مرجع مذكور. ص 245.

([5]) المرجع نفسه ص 246 – 247.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. محسن رمضاني
    02/02/2021 at 00:23

    طرح ممتع بارك الله فيك أستاذنا الفاضل
    ننتظر مزيدكم.
    تحياتي الحارة.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *