Home»International»أحدب نوتردام..لم يحترق

أحدب نوتردام..لم يحترق

2
Shares
PinterestGoogle+

رمضان مصباح الادريسي

قصة من التراث الفرنسي:

حتى وان احترقت الصواري والأخشاب ،وهوى سهم الكنيسة ،منغرسا في قلوب الإنسانية المصدومة بهول المشهد؛حيث التهمت ساعات معدودة تسعة قرون، وكأنها مدخن شره؛ حتى وان حصل كل هذا السعير المسعور، فان تراث الكنيسة سيظل حيا؛كما هذه الرائعة التي تذكرها كل الناس ليلة الحريق..

جرت أحداث هذه القصة،المشهورة عالميا،في باريس،في زمن بعيد جدا؛كانت فيه الكنيسة المسيحية مسيطرةً سيطرة مطلقة على الناس،وحتى على ملوكِ أوروبا.
انها تستند الى أحداث واقعيةٍ ،حسب ما يروى،جرى التكتُّم عليها طويلا في كنيسة نوتردام.
المكان رائعٌ جدا ،أما الكنيسة فتعلوها أبراجٌ كبيرة صاعدة في السماء.
كان بعض الناس ،وقتها،يرددون بأن جُدران الكاتدرائية ،تُخفي سِرا رهيبا ؛وفي الحقيقة لم يكن الأمرُ يتعلق سوى بقصة صداقة رائعة، كغيرها.
كان الأطفال ،والباعة الذين يطوفون بساحات الكنيسةِ ،يتحدثون بخوف عن رؤيتهم مِرارا لكائنٍ ،يظهر ويختفي بين الأجراس الكبيرة للكاتدرائية.
يعتبرُ بعض كبار السن أن هذا الكائن شبحٌ؛في حين يرى آخرون أنه حيوان بشعرٍ اسودَ وعينين تقدحان شرَرا.
وفي الواقع لم يكن الكائن الذي يظهر بين أجراس الكنيسة،لا شبحًا ولا حيوانا.
كان انسانا عاديا ،بعاهةٍ خَلقِية.
خلقه الله أحدبَ الظهْر.
أحدبُ نوتردام هذا اسمه « كاسِيمودو ».
كان شابا نبيلا ،بقلبٍ يحب الخيرَ لكل الناس.
حُكم عليه أن يعيش في الكنيسةِ منذ ولادته.
فُرض عليه أن يلازم الأجراسَ العالية وحيدا؛ يقرعها في الأوقات المُحددة ويُنظفها.
كلَّف « فُرولو » أسْقفُ نوتردام بالاحتفاظ ب »كاسيمودو » أسيرا في غرفةِ الأجراس لا يبرحُها ابدا.

ويحكون أن هذا الأسقف كان رجلا شرِّيرا ،كثير الاساءة للشاب الأحدب.
مع مرور الزمن كبُر « كاسيمودو »،واستبدت به الرغبةُ لمعرفة ومشاهدة ما يجري أسفله، في ساحات الكاتدرائية.
هكذا وفي زوالِ يوم من أيام المهرجان، الذي كان يقام في ساحاتِ الكنيسة ،قرَّر النبيل الشاب مغادرةَ غرفة الأجراسِ والنزول الى الشارع ليشارك في الاحتفالات.
في البداية انتابتْه مشاعر الخوف ،اذ توهَّم بأن الناس سينفُرون من مظهره ويطاردونه.
لم يحصل أيُّ شيء من هذا ،اذ حظي الشاب بكُل ترحيب ،حيثما تنَقل بين استعراضاتِ المهرجان.
لقد عامله الجميع بكاملِ اللُّطف.
كل هذا شجعه لينضَم الى احتفالٍ راقص، كانت تُنشطه احدى النساء الغجَريات واسمُها « اسْمِرالدا ».
ما أن رأته حتى طلبتْ منه الصعود الى الخشبة ليُشارك في الرقص.
وبعد هذا انضم الى المجموعة زوجُ الراقصة ،القبطان « فِيبو ».
هكذا توطت الصداقة بين الشابِّ الأحدب النبيل والزوجين .
كل هذا أثار حنَق الأسقُف « فرولو » فقرر اعدام الزوجين ،كما أغلقَ باب غرفة الأجراس على « كاسيمودو » ،بعد أن شدَّ وثاقه حتَّى لا يغادرها مرة أخرى.
أمضى « كاسيمودو » أيام السِّجن هذه في تأمل أحوالِ الناس في هذه الحياة، والوقوفِ على ما يعمُر قلوب البعض من كراهية،وما تزخَر به قلوب البعض من خيرٍ وحب.
لم يكن ينظر الى الحياة الا منْ أعلى وهاهو الآن وقد خالطها ،كماهي، يعرف خيرَها وشرَّها.

ها قد حلَّ ،أخيرا، يوم تنفيذ حكم الاعدام في الزوجين ،عِقابا لهما على الترحيب بكاسِيمودو،ضدا على سلطة الأسقف،،والسماح له بالرقص مع مجموعتِهما.
يوجدُ الزوجان الآن مُقيدين فوق خشبة الاعْدام ،وبمحاذاتِهما السيَّاف ؛ينتظرُ اشارة من الأسقف ليقطعَ رأسيْهما.
وحولهما تجمهر الناس حزينينِ لمصيرهِما ،وهمْ لا يستطيعون الوقوف في وجه الأسقُف الشرير.
فجأة دوت أجراس الكاتدرائية بقُوة، وفي لمح البصر انتصب كاسيمودو واقفا أمام اسمرالدا والقبطان فيبو، وهو يهُم بتخليصِهما من القيودِ الحديدية.
دوتْ أصواتُ الجمهور عاليا ،وتدافع الناسُ مقتربين من الخشبة،وهم يشَجِّعون « كاسيمودو » على بطولته وعمله النبيل.
وقبل ان يداهمه حراسُ الكنيسة ،انقض على السلاسِل فقطعها بقوة الهية مُعجزة؛ جعلت كلَّ الناس ينظرون مشدوهِين .
وحده الأسقفُ وقف يزمجر غاضبا ،وهو عاجزٌ تماما عن مواجهة الجمهور ،وهو يهتف باسم كاسِيمودو، والزوجين.
من يومها لم يعد مُمكنا له الاستمرار في سِجن الشاب الأحدب بقاعةِ الأجراس.
هكذا عاش أحدب نوتردام خارج الكنيسة ،وطيلة حياته، محبوبا من طرفِ الناس ،لأنهم اكتشفوا فيه قلبا نبيلا يشِيع مَحبة وخيرا وتضحية.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *