ابنتي اشترينا لك هاتفا

أحمد الجبلي
في عيد ميلادها الرابع عشر، قررت أمها أن تشتري لها هاتفا كباقي زميلاتها في الثانوية والمجتمع، ولكن هذه الأم الأمريكية قبل أن تسلم الهدية لابنتها كاترين كتبت لها وصية مرفقة من أربعة عشرة شرطا، منها:
1- إن هذا الهاتف هو ملك لنا نحن والديك ومن حقنا أن نستلمه متى شئنا.
2- سأتسلم منك الهاتف مساء كل يوم في الساعة السابعة ليلا، وتسترجعينه صباح كل يوم في الساعة التاسعة صباحا.
3- يتوجب عليك أن تجيبي على جميع اتصالاتنا أنا وأبيك.
4- أن لا تجعلي الهاتف في حالة كاتم الصوت.
4- أن لا تستقبلي المكالمات المجهولة التي لا تعرفين مصدرها.
5- عندما تجيبين أجيبي بأدب وخلق.
6- احترمي غاية حصولك على الهاتف وهو أن تتواصلي معنا وحتى نعرف مكانك كي نطمئن عليك، ولا يجب استعماله لأي غرض آخر مضر بك وبنا.
إلى آخر التوجيهات والشروط، والذي يجب ألا ننساه أن هذه السيدة أمريكية أي توجد في بلاد الحرية والليبرالية، ورغم ذلك بكل ثقة وضعت شروطا وسطرت قانونا متفق عليه داخل الأسرة لابنتها المراهقة، وهذه المراهقة تقبلت هذه الشروط بكل أريحية واطمئنان، وهي شروط من المستحيل أن يتقبلها أبناؤنا في المجتمع العربي الإسلامي الذي تعتبر فيه الأسرة وحدة أساسية في المجتمع وهي مقدسة قداسة الغاية التي من أجلها أنشئت وهي عبادة الله ونشر الخير بين الناس وفق قيم ومبادئ يتفق عليها المجتمع الإسلامي.
فبكل غطرسة وتجاهل ستقابل الفتاة العربية هذه التعليمات وستعتبرها مجحفة في حقها، وهي لا تخرج عن كونها قيودا سطرت من أجل خنقها والحد من حريتها. وطبعا سترفض هذه الهدية على اعتبار أنها هدية مسمومة وملغومة الهدف منها الإذلال والإشعار بالدونية.
ويبقى السؤال الذي يجب طرحه هو لماذا تقبلت هذه المراهقة الأمريكية هذه الهدية بكل فرح وحبور وقبلت معها جميع الشروط واستعدت أتم الاستعداد لاحترامها والعمل بها، في الوقت الذي تعتبرها العربية عملية إجرامية في حقها وبالتالي وجب رفضها وعدم الخضوع لهكذا شروط قاسية وظالمة؟
ربما هي ثقة الأمريكية في أن كل ما يأتي من الأبوين هو في مصلحتها، وثقتها في خبرتهم في الحياة ومعرفتهم بخبايا المجتمع المفترس الذي لا يرحم، وربما لكون الأمريكية، كذلك، لا تعتبر الحصول على الهاتف نهاية المطاف والمبتغى الأسمى، وتنظر إلى الهدف و الغاية التي من وراء عملي شراء الهاتف، وأن الأهم أن تشعر بخوف والديها عليها وحرصهم في معرف أخبارها وأحوالها والذي هو دلالة حب وتقدير واحترام، في الوقت الذي تعتبر فيه العربية الخوف عليها قيدا، والاتصال بها مراقبة، وأخذ الهاتف منها ليلا عدم ثقة وشك في أخلاقها وتصرفاتها؟





1 Comment
ذكرتي استاذي الفاضل عندما اشتريت لابنتي هاتف نقال كهدية بعد اجتيازها لامتحان نهاية الدروس الابتدائية قبل أربعة سنوات من الآن . اخترت اخر حصة للامتحان بعد الزوال حتى لا اتهم بالتشويش وذهبت الى المدرسة التي كانت تجتاز بها ابنتي الامتحان الاشهادي وانتظرت الى حين خروج اخر تلميذ ، كنت متواجدا بالباب الرئيسي لهذه المؤسسة ، وعندما نظرت الى الساعة وجدة أن الحصة قد انتهت بربع ساعة ولا أثر لابنتي . فخرجت استاذة وسألتها هل خرج كل التلاميذ الممتحنين ؟؟؟ . فاجبتني نعم ، أنداك أدركت أن ابنتي خرجت من الباب الخلفي للمدرسة ، قالت لي ماذا تنتظر ؟ . قلت لها ابنتي حفصة أريد أن أقدم لها هذه الهدية لأني أعرف أنها ناحجة من خلال المعدلات التي كانت تحصل عليها ، فاجبتي هذه الاستاذة بالقول أن كل التلاميذ خرجوا فشرحت لها وضعيتي كأب مطلق وطلبت منها أن تنقل هذه الهدية الى ابنتي عبر ادارة المدرسة وللعلم أني أب ممنوع من صلة الرحم وحق الزيارة وممنوع من الدخول الى المدرسة وأقسم بالله على ذلك . فتفضلت الأساتذة مشكورة بنقل الهدية الى الادارة وقبلها طلبت منها أن افتح لها العلبة أمام أعينها حتى لا يكون هناك أي تأويل للهدية . كان يوجد بداخلها هاتف نقال وسوار من الفضة يحمل اسم ابنتي وسلسلة من الفضة . ومنذ ذلك التاريخ وأنا أنتظر من ابنتي مكالمة الا أن ذلك لم يتم لحد كتابة هذه الأسطر بسبب المنع … حسبي الله ونعم الوكيل .
– عكاشة أبو حفصة .