VIDEO رسالة مفتوحة إلى السيد شكيب بلقايد عامل إقليم جرادة : أما حان الوقت لرد الاعتبار وانصاف مدينة جرادة وتاريخها النضالي والاقتصادي
قدوري الحسين

بعد الرسائل المفتوحة التي وجهتها الجريدة الالكترونية » وجدةسيتي.نت » الى السيد خطيب لهبيل والي جهة الشرق عامل عمالة وجدة انكاد والتي بلغت حوالي 21 رسالة مفتوحة ، والتي بالفعل كانت محط اهتمام من السيد الوالي وتمت الاستجابة لجل الملتمسات والملاحظات التي تناولناها في تلك الرسائل المفتوحة ….
وامام الحاح مجموعة من شباب مدينة جرادة الذين يتابعوننا عبر قناتنا هاته ، والذين الحوا علينا بتوجيه رسائل مفتوحة الى السيد شكيب بلقايد عامل اقليم جرادة قصد اعادة الاعتبار وانصاف مدينة جرادة وتويسيت وبوبكر وواد الحيمر ، وهي المناجم التي لعبت ذات يوم دورا مهما في الاقتصاد الوطني ، غير انه منذ اغلاقها اصبحت هذه المدن تعيش اوضاعا مزرية من التهميش والفقر والبطالة امام تنكر مختلف الحكومات لدورها الاجتماعي والاقتصادي الذي اسدته هذه المناجم خلال المنتصف الثاني من القرن الماضي للمغرب اجتماعيا واقتصاديا ….
فاقليم جرادة اليوم وباقي المدن التابعة له ينتظر وبالحاح ان يتم انصافه بخلق مشاريع تنموية كبرى تمتص البطالة التي يعيشها ابناء الاقليم وابناء من ضحوا باجسادهم التي نخرها الفحم من اجل الاقتصاد الوطني .
برنامج بدون خلفية يتوجه اليوم بالرسالة المفتوحة الأولى الى السيد شكيب بلقايد عامل اقليم جرادة ، وستتلوها رسائل مفتوحة اخرى سنتناول فيها مختلف المشاكل التي عرفها اقليم جرادة منذ اواخر القرن الماضي بما فيها قرار اغلاق المناجم الذي تم بشكل ارتجالي دون ان يتم التخطيط لهذا الاغلاق ولا التفكير في النتائج السلبية المترتبة عنه …
==
السيد العامل المحترم،
تحية تقدير واحترام،
يسعدني أن أتوجه إليكم بهذه الرسالة المفتوحة، مدفوعًا بغيرة صادقة على هذه المدينة المجاهدة، وبدافع الإيمان العميق بأن التاريخ لا يجب أن يُنسى، وأن الإنصاف واجب وطني وأخلاقي.
لقد كانت مدينة جرادة عبر عقود طويلة رمزًا للكفاح العمالي في المغرب، ليس فقط بحكم طابعها الاجتماعي، ولكن لأنها شكلت نموذجًا فريدًا لمدينة نمت حول منجم الفحم الحجري، الذي لم يكن مجرد منشأة صناعية، بل كان القلب النابض للاقتصاد الجهوي والوطني.
السيد العامل،
منجم الفحم بجرادة لم يكن يضخ الطاقة فقط، بل كان يضخ الحياة في شرايين الجهة الشرقية والمغرب ككل. هذا المنجم جذب يدًا عاملة وافدة من مختلف ربوع الوطن، من سوس ومن طانطان ومن جبال الأطلس وسهول الشاوية. كان فضاءً للوحدة الوطنية والعمل المشترك في ظروف شاقة، لكنه شكل أيضًا مدرسة للنضال والتضامن بين أبناء الشعب المغربي.
لكن، ومنذ قرار إغلاق المنجم،1998 بدأت المدينة تفقد ملامحها… وتدريجيًا، تحولت جرادة من مدينة تساهم في تحريك الاقتصاد الوطني، إلى مدينة تنزف من الداخل.الى مدينة تموت الف مرة ومرة كل يوم ، البطالة ارتفعت، الأمل تراجع، الهجرة تفاقمت، وأصبح شبابها يعاني من التهميش وانسداد الأفق. والأخطر من ذلك، أن هذه المدينة التي كانت تشغل يوماً ما الآلاف، أصبحت اليوم من المدن التي تسجل أعلى نسب البطالة والفقر.
البداية: مأساة الساندريات وحراك الغضب (دجنبر 2017)
في 22 دجنبر 2017 لقي شابان شقيقان مصرعهما داخل بئر عشوائي لاستخراج الفحم الحجري في جرادة (ما يُسمى محلياً بـ « السندريات »).
الحادث فجّر غضباً واسعاً، لأن هذه المأساة لم تكن الأولى، بل تكراراً لمسلسل طويل من الوفيات التي خلفها إغلاق مناجم الفحم منذ سنة 1998 دون بديل اقتصادي حقيقي.
لذلك كان الحراك الاجتماعي الذي عرفته مدينة جرادة قبل سنوات سوى نتيجة طبيعية لتراكمات الإقصاء والتهميش، وانعكاسًا لصوت شباب وجدوا أنفسهم محاصرين بين جدران البطالة واليأس.وزاد الطين بلة انعدام التواصل بين السمؤولين بجرادة آنذاك وبين شباب المدينة ومختلف الفعاليات وجمعيات المجتمع المدني والمهنيين وممثلي التجاروالحرفيين ….الخ
لذلك السيد العامل نعتبر التواصل اهم عنصر لتفادي اي رد فعل للشباب العاطل من باب الوقاية خير من العلاج …لذا نلتمس منكم التواصل المباشر مع المواطنين :::وكما تعلمون ذلك فقد اعتبر جلالته في احدى خطبه ان التواصل المباشر مع المواطنين من طرف المسؤولين يعتبر واجبا الزاميا ….فلا يجوز لأي مسؤول ان يغلق باب مكتبه في وجه ايا كان من الفعاليات الاجتماعية بل حتى في وجه المواطنين ,,,,وان قمتم بذلك فسيكون نقطة قوة وليس نقطة ضعف ….كما نلتمس منكم التعامل مع الاعلام الجدي الموضوعي النزيه والمهني …فانتم لستم في حاجة الى اعلام المدح والتشيات او ما اصبح يسمى باعلام النكافات ….فان ينتقدكم اعلام نزيه انتقادا موضوعيا افضل بالف مرة ان يكون هناك مداحين لكم مدحا تستهجنه ساكنة جرادة المعروفة بدرجة عالية من الوعي والحس النقدي
فبعد إغلاق منجم الفحم، المورد الاقتصادي الرئيسي للمدينة، لم تُطرح بدائل حقيقية قادرة على استيعاب اليد العاملة المعطلة، ولا تمت بلورة مشروع تنموي يراعي خصوصيات المدينة. وهكذا، تحولت المعاناة اليومية إلى غضب، والغضب إلى احتجاجات سلمية، رفعت مطالب اجتماعية واقتصادية مشروعة، في مقدمتها الحق في الشغل والكرامة والعدالة المجالية.
كان حراك جرادة صوتًا نابعًا من عمق المعاناة، وجرس إنذار وجب على الدولة التفاعل معه بعقلانية واستشراف، لا فقط بإجراءات ظرفية، بل برؤية تنموية شاملة تُنصف جرادة وتعيد إليها دورها ومكانتها.
السيد العامل،
ما تعيشه مدينة جرادة اليوم هو ببساطة وضعية مدينة منكوبة. وهذا الوصف، وإن كان قاسيًا، فهو يعكس الواقع الذي يعيشه سكانها يوميًا. لكن، وعلى الرغم من هذا الواقع المؤلم، ما زال في المدينة رجال ونساء يؤمنون بالأمل، ويعلقون آمالهم على إنصاف الدولة لهم.
لهذا، فإننا نتوجه إليكم، بصفتكم ممثل صاحب الجلالة في الإقليم، من أجل أن تكونوا صوت هذه المدينة في مراكز القرار، وأن تنقلوا رسالتها الصادقة:
« جرادة قدمت الكثير، وحان وقت رد الجميل. »
نريد أن ترى جرادة مشاريع تنموية حقيقية، وبرامج للتشغيل، وتحفيزات للاستثمار، وتخطيطًا يليق بتاريخها وتضحياتها. نريد أن نسترجع الثقة، لا بالشعارات، ولكن بالفعل على الأرض.
.
في ظل انسداد الأفق وغياب بدائل اقتصادية حقيقية بعد إغلاق منجم الفحم، اضطر العشرات من شباب مدينة جرادة إلى اللجوء إلى « الساندريات »، وهي خنادق عشوائية لا تتوفر على أدنى شروط السلامة، بحثًا عن لقمة عيش مغمسة بالخطر والموت. يتحول العمل داخل هذه الأنفاق الضيقة والمظلمة إلى مغامرة يومية، حيث يواجه العمال شبابًا وكهولًا خطر الانهيار والاختناق بل والموت في كل لحظة. وقد تحوّلت هذه الساندريات إلى ما يشبه « مقابر تحت الأرض »، يحفر فيها شباب أنهكتهم البطالة جراحهم بأظافر اليأس، من أجل « خبز أسود » ملفوف بمخاطر الموت البطيء. كل مرة، تُسجل المدينة ضحايا جدد يسقطون في صمت مؤلم، ما يجعل من استمرار هذه الظاهرة عارًا تنموياً وإنسانياً يستوجب التدخل العاجل والحازم، بتوفير البدائل وفرص الشغل الكريمة، وصون كرامة الإنسان في جرادة.
إن مدينة جرادة اليوم في حاجة ملحّة إلى جلب استثمارات كبيرة ومهيكلة، قادرة على إخراجها من حالة التهميش والركود التي تعيشها منذ إغلاق منجم الفحم. فكما نجحت دول مثل فرنسا في إعادة تأهيل أقاليمها المنجمية السابقة، خاصة منطقة « نور-با-دو-كالي » (Nord-Pas-de-Calais)، عبر مشاريع اقتصادية وتنموية ضخمة، وتحويل مواقع المناجم السابقة إلى أقطاب صناعية وثقافية وسياحية، فإن مدينة جرادة تستحق نموذجًا تنمويًا مشابهًا، يأخذ بعين الاعتبار خصوصياتها الاجتماعية والاقتصادية. إن الأمر لا يتعلق فقط بجبر الضرر، بل برد الاعتبار لمدينة لعبت دورًا استراتيجيًا في الاقتصاد الوطني لعقود، واليوم تنتظر أن يتم إنصافها عبر استثمارات حقيقية، تخلق فرص الشغل، وتوفر بدائل اقتصادية مستدامة، وتحول المدينة من منطقة منكوبة إلى مركز للتنمية والفرص
السيد العامل
كل ما يمكن ان نلقب به مدينة جرادة اليوم ….انها مدينة الفحم والدموع
جرادة… مدينة تحمل بين أزقتها صرخات رجال غابوا في غياهب المناجم، وأمهات سهرن على العزاء، وأطفال تيتموا مبكرا تحت سقف الفقر والمعاناة.
في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، كان شعار العمال المنجميين هنا يختصر الحقيقة كلها: « الداخل للغار ميت، والخارج حي ». كلمات تنطق بالقدر المحتوم. لم يكن هناك يوم يمر دون أن تنصب خيمة عزاء في هذا الدوار أو ذاك، فجرادة عاشت على إيقاع موت متكرر، موت صامت تحت أنقاض الفحم الحجري.
جرادة لم تكن مجرد مدينة، بل كانت قلبا نابضا بالعمال الذين جاؤوا من كل قرى وبوادي المغرب، من كل مناطق الفقر والعطش، يبحثون عن لقمة عيش تسد رمق أسرهم. هنا انصهر الجميع، لا قبائل ولا عصبيات، فقط رجال بملامح سوداء غطاها غبار الفحم، يواجهون الموت يوميا، ويرددون بحسرة أن المنجم « شعلة تبتلع الأرواح وتترك الأجساد هزيلة ».
كانت جرادة كالشمعة، تحرق نفسها لتضيء اقتصاد المغرب. في وقت كان الوطن يمر من ضائقة، وقفت جرادة، برجالها وعرقها ودموعها، لتوفر الطاقة، لتدفئ البيوت، ولتحرك المصانع والقطارات.
لكن الزمن دار، والمنجم الذي كان يوما شريان حياة، تحول إلى أطلال باردة، لا يزوره سوى سندريات الموت، حيث ما يزال شباب في ريعان العمر يغامرون بأرواحهم في آبار عشوائية لا ترحم.
واليوم، لم يبق من جرادة إلا ذكريات حزينة:
عمال استشهدوا في أعماق الأرض.
رجال نخر الفحم رئاتهم حتى صاروا سجناء آلات التنفس الاصطناعي.
أسر فقدت المعيل وظلت تنتظر وعود الحكومات التي لم تأت.
شباب ورثوا المأساة بدل الأمل، لا ذنب لهم سوى أنهم أبناء رجال صنعوا تاريخا، ثم طواه النسيان.
جرادة اليوم تشبه جنازة طويلة بلا نهاية… مدينة مناضلة، ضحت بحياتها، ثم تُركت وحيدة، محاصرة بالفقر والبطالة والوعود الكاذبة.
فهل كتب على جرادة أن تبقى مجرد ذاكرة منسية في كتب التاريخ، أم أن صوت شهدائها المنجميين سيعود يوما ليطالب بالإنصاف، والاعتراف، ورد الاعتبار لمدينة أعطت كل شيء ولم تنل سوى الألم؟
.
وفي الختام، نجدد احترامنا لكم، ونضع بين أيديكم هذه الرسالة، لا بصيغة الشكوى، بل بصيغة الأمل والمطالبة بالإنصاف. جرادة لا تطلب صدقة، بل تطلب فقط أن يتذكر الوطن أبناءه الذين ضحوا من أجله تحت ظلال الفحم والعرق والنضال





1 Comment
لا أضن، سي الحسين، أن الدولة همشت مدينة جرادة و النواحي إلى هذه الدرجة، بدليل أنها، من جهة، عوضت فئة من العمال، بعد إغلاق المناجم، بمبالغ مهمة، مكنت المستفيذين من اقتناء مساكن و فتح محلات تجارية، ما ساعد بعض هؤلاء على إرسال أبنائهم إلى إسبانيا من أجل العمل و حياة أفضل، و من جهة ثانية، قامت الدولة بإعادة تشغيل فئة أخرى في وظائف شبه عمومية بمدن أخرى. بالإضافة إلى هذا، تخصص الدولة، في كل مناسبة، ميزانيات ضخمة من أجل تنمية المدينة و القري التابعة لها، على غرار كل مدن المملكة بينما المواطن لا يلمس هذه التنمية على أرض الواقع، لا على المستوى الصحي و لا على المستوى التعليمي و لا على المستوى الثقافي و الرياضي و الترفيهي و لا على مستوى إنعاش الشغل و لا على مستوى الاستثمار و خلق مناصب الشغل و لا على المستوى البيئي و لا على المستوى الأمني… قد نجد مثلا الشبكة الطرقية و المسالك و القناطر في بعض المناطق خطيرة و وعرة و غير صالحة بسبب الغش في إنجازها أو اختلاس ميزانياتها، قد تكون بعض المراكز الصحية لا تلبي حاجيات المرضى بسبب قلة الأطر و الموظفين أو غير مجهزة كما ينبغي أو بعض أجهزتها الطبية معطلة، كما نجد كذلك سيارات و شاحنات و آلات الدولة تستعمل لقضاء المصالح الشخصية لمدراء و رؤساء الإدارات، في حين أن وزراء في السويد و النرويج و هولندا يستعملون دراجاتهم الهوائية للذهاب إلى مقرات عملهم، استياء المواطنين من الأداء الإداري لبعض الإدارات و المرافق العمومية بسبب تسلط و طغيان بعض رؤسائها و موظفيها و اختلاس تجهيزاتها… و لائحة التسيب و الشطط و رداءة الخدمات و ضعف المردودية طويلة.
لهذا، إذا كانت الدولة تريد أن تبعد عنها التهم و الشبهات و تبرء نفسها من عدم المسؤولية و التقاعس و الفشل و التقصير في واجبها تجاه الإقليم أو الجهة و أن تحمي الأموال التي تنفقها في سبيل التنمية البشرية، عليها أن تتجند بلجان للمراقبة و المتابعة و التحقيق و البحث و التمحيص و التدقيق في إنجاز المشاريع التنموية و حول الميزانيات التي خصصت لها، كيف و أين صرفت و أنفقت. فيكفي إرسال لجنة عن المجلس الأعلى للحسابات للتحقيق مع بعض المسؤولين المنتخبين و العموميين لتكتشف حجم الجرائم التي تتم من » تحتها « ؛ من اختلاس و تبديد للمال العام و رشوة و تزوير و غش و شطط في استعمال السلطة و إخلال بالواجب المهني و كوارث أخرى.
أما المواطن البسيط لا يملك إلا الكلمة كي يبلغ أصحاب القرار. اللهم قد بلغ، اللهم فاشهد.