ما بني على باطل فهو باطل أسئلة حرجة على خلفية الشواهد «المزورة»

عبد المولى المروري
الأمر في منتهى الخطورة.. هذه ليست جريمة عادية.. فإذا تأكدت هذه الجريمة وترتبت عليها الإدانة.. فإن تداعياتها لن تقف عند المتهم الذي زور وباع الشواهد، ولا عند الذين اشتروها واستعملوها.. الأمر أعقد من ذلك بكثير..!!
ثبوت الجريمة وترتيب الجزاء الجنائي على البائع والمشتري يرتب جزاء البطلان على كل هذه الشواهد المحصلة خارج القانون، بل في مخالفة صريحة للقانون.. من منطلق القاعدة الفقهية والقانونية التي تقول «التابع له حكم المتبوع» أو «التابع يأخذ حكم المتبوع»..
وحسب ما يُرَوَّج له في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي أن من بين المشترين هم أشخاص التحقوا بسبب هذه الشواهد غير القانونية بسلك القضاء، سواء قضاة الحكم، أو قضاة النيابة العامة..!!
وهنا لابد من طرح الأسئلة العميقة والخطيرة..
إذا صدرت أحكاما بإدانة القضاة سواء «قضاة الحكم» أو «قضاة النيابة العامة».. بتهمة الرشوة واستعمال شواهد مزورة.. ففي هذه الحالة هل يمكن أن يستتبع ذلك جريمة أخرى، وهي جريمة انتحال صفة؟ وهل سيؤدي ذلك إلى تجريد هؤلاء القضاة من هذه الصفة وطردهم من سلك القضاء؟
إذن.. ما هو مصير وحكم الأحكام التي أصدرها قضاة متورطون في عملية رشوة والحصول على شواهد غير مستحقة؟ أي إنها باطلة!! هل سيكون مصيرها البطلان؟ انطلاقا من القاعدة: «ما بني على باطل فهو باطل»
ماذا عن الأحكام الصادرة بالاعتقال؟ هل ستسقط هذه الأحكام؟ أم ستعاد محاكمة المعتقلين بسبب أحكام أصدرها «قضاة» لا يكتسبون هذه الصفة؟
ماذا عن قرارات قضاة النيابة العامة التي وضعت بعض المشتبه فيهم رهن تدابير الحراسة النظرية؟ هل سيعتبر ذلك تدبيرا خارج القانون؟ هل يمكن اعتباره اعتقالا تعسفيا؟
هل يمكن والحالة هاته أن يتقدم كل المتضررين من هذه الأحكام والقرارات والتدابير بمتابعة المتورطين في هذه الجرائم من «قضاة الحكم» و«قضاة النيابة العامة»؟ وهل سيطلبون بالتعويض عن اعتقالهم بطريقة يمكن أن تكون مخالفة للقانون؟
القضية ليست بالسهولة الذي ربما يعتقدها البعض، إن الأمر يتعلق بأشخاص آخرين ارتهنت حياتهم بأحكام صدرت عن أشخاص دخلوا سلك القضاة بطريقة مخالفة للقانون، أي عن طريق ارتكابهم «جرائم» متعلقة بالحق العام.. ليحكموا ويقرروا في قضايا منها المدني ومنها الجنائي!!
القضية تتجاوز حدود أصحابها.. بل سيطرح سؤال عريض وكبير وخطير… سؤال متعلق بالثقة بالعدالة المغربية، هذه الثقة التي اهتزت في عيون المغاربة، أصبحت هشة وضعيفة.. فإذا ولج هؤلاء سلك القضاء عن طريق شراء شواهد جامعية، فمن يضمن أن هؤلاء القضاة لم يمارسوا أثناء مزاولتهم القضاء مخالفات وجرائم أخرى مثل الرشوة واستغلال النفوذ… ؟ الأمر الذي يستدعي مراجعة كل الأحكام والقرارات الصادرة عنهم!! وربما تعد بالمئات!!
القضية متعلقة بالأمن القضائي الذي سيتضرر حتما، ضررا جسيما من جراء هذه الفضيحة!!
فالمغربي سيفقد الأمن القضائي والثقة في العدالة، الأمر الذي قد يَصرفه عن ولوج المحاكم، والبحث عن حقوقه بطرق أخرى.. وكل هكذا سينعكس سلبا على مزاج المجتمع وعلاقاته التي قد يتهددها الاضطراب والفوضى..
القضاء هو حصن المجتمع، وحامي الدولة، والعدالة هي ضامنة استقرارها وتوازنها.. فإذا اختل ميزان العدالة اضطرب المجتمع وانهارت الدولة..
======
منقول
Aucun commentaire