Home»Débats»مسؤولية التلفزيون في سيطرة القبح على حياتنا وتصرفاتنا وافعالنا

مسؤولية التلفزيون في سيطرة القبح على حياتنا وتصرفاتنا وافعالنا

1
Shares
PinterestGoogle+

عزيز باكوش
أعتقد حد اليقين أن القبح الذي سيطر على حياتنا، في التصرفات والأفعال، وفي المظهر والمعبر. يتحمل فيه التلفزيون نصيب الأسد، باعتباره واجهة حضارية لبناء الفرد وتشكيل مواطنته اللائقة. قبح أضحى أيها القراء الأحبة مذلا مهينا للكرامة. فأي غباء أكثر من أن يشاهد كائن بشري مسمر مثل عمود نور وببلاهة مشهودة خمس وصلات إشهارية لمنتوج استهلاكي في زمن قياسي قد لا يتعدى نصف الساعة؟ من دون أن يرف له جفن، أو يجرؤ على وقف البث مؤقتا أو توظيف جهاز التحكم في الصوت أو حتى تعديل جلسته والتقليل من حدة الصخب. الصادم في المشهد، أن الوصلة الإعلانية تم إعدادها من قبل التلفزيون على مقاس هذا الكائن التلفزيوني نفسه في مطابقة ناسخة للواقع.

من شبه المؤكد أن الإشهار التلفزيوني من أكثر وسائل التأثير وأقواها جاذبية على الإطلاق لأنه حلقة تربط بإحكام عولمي بين منتج ومستهلك من خلال رسالة إشهارية مخدومة بعناية، مثقلة ومشحونة بلغة ومنهج ودراسة. فعندما تتحكم الرسالة الإشهارية في ذهنية المشاهد والسيطرة على ذهنه وسلوكياته يسهل عليها توجيهه نحو هدف معين. لأن المرئي المرتبط بالمسموع أكان سوقيا أو المتداول من الألفاظ الشعبوي يجذب المتلقي مثل المغناطيس. ويتفاقم هذا الواقع مع عقليات وذهنيات لا تتوفر على نصيب من الوعي ولا مناعة. لذلك بات من الطبيعي أن يتسمر كائن تلفزيوني فاغرا فاه طوال ساعات البث. يستقبل بعته وحماقة موسيقى صاخبة مرفوقة بأداء من طرف شخص مشابه لكن من طينة أخرى. قد يكون ممثلا أو نجما، يتصنع الظهور مبديا الفرحة الكبرى بمنتوجه المتعدد الاستعمالات. بنفس الحركة ونفس البلاهة أيضا. كما أن التفاعل مع الوصلة الإعلانية يتم كل مشاهدة، كما لو تذاع لأول مرة.

في بعض الدول الاسكندنافية، يعتبر تشغيل جهاز التلفزة في حضرة الضيوف أو وسط تجمع عائلي تبخيسا لحضورهم وإهانة لهم وعدم احترام لوجودهم. في المغرب بل في وطننا العربي دجنت الحكومات قطيعها حتى جعلتهم يتمسكون بتلابيب التلفزيون ساعات طويلة يتغذون على أطباق بمضامين ضحلة ورديئة. ويتفاقم التدجين بمقدم شهر رمضان الفضيل ساعات قبيل الإفطار وساعات بعده. بعد أن تكون قد خصصت أغلفة مالية سخية لهذه البرمجة التضبيعية من جيوب القطيع نفسه لتمويل ترويج هذه السفالات. في وقت الذروة عندنا، وعلى موائد الإفطار في رمضان، يتكدس الإشهار وتنتفخ أوداجه، ويتحول إلى مارد وجحيم حقيقي يأتي على الأخضر واليابس. وكان الإشهار سينتهي بمجرد نهاية الشهر الفضيل. طبعا لا أحد من المشاهدين المقهورين يعلم حجم مداخليه وأرقام معاملاته التي تفوق الملايير بالعملة الصعبة. ومن المفارقات الرهيبة أن تلك الهجمة الشرسة للوصلات الاشهارية لا تنعكس إيجابيا على جيوب المواطنين بقدرما تستفزها. بل إنها لا تزيد قدرة المواطنين الشرائية إلا بؤسا والتهابا. والنتيجة الطبيعية اختلال ملحوظ عند النموذج الإعلامي في بناء النموذج المدني المتوخى وارتباك ملحوظ في تشكيله يتجلى أساسا في إنتاج القبح، وتشكيل التناقض في كل شيء، في التلفزيون نفسه في مظهر الفرد ومورفولوجيته وفي السلوك، في البيئة، بشرا شكلا ومعمارا….

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. عزيز باكوش
    02/04/2024 at 01:34

    شكرا جزيلا لوجدة سيتي الغراء

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *