Home»Débats»الصالح العام-الرابح العام

الصالح العام-الرابح العام

0
Shares
PinterestGoogle+

جمال حدادي


فجاة، اختفت الأعلام الوطنية من السوق، و قمصان الفريق بكل ألونها، الأبيض و الاخضر و الاحمر، فجاة، اختفت المزامير، فجاة تم إخراج الكراسي الزائدة، و الطاولات الزائدة، من المقاهي، فجاة تم نزع الأعلام من داخلها، و جمع الخيام التي كانت يجانب يعض المقاهي، فجاة نزعت تلك الحسناوات قميص الفريق بعد ان ارتدت لمدة، فجأة اختفت الألوان من علبة التجميل، و عوضها الخط الأسود، في طرف كل عين، خط وضعته الكثيرات ممن كانت تصرخ ملء فيها بصرخة فرح، و غبطة، و وسيلة للتعبير، او صرخة لم تكن تستطيع رفعها في وجه اخيها او ابيها او زوجها، صرخة امل، صرخة جدل، صرخة خجل.
فجاة ابتلع المحلحلون ألسنتهم، و قد كانت تدلت فوق بطونهم الخارجة عن الإطار مثل بناء عشوائي، محلحلون اقصى ما حاولوا إقناع المستمعين او المشاهدين به هو روح الفريق و الحلم، و الأمل، و أما ما يميز فريقا عن فريق، او لاعبا عن لاعب، ما يفرق بين هذا و ذاك من حيث اللياقة، من حيث المدارس الكروية، من حيث المزاولة، من حيث البطولات المختلفة حسب كل قارة، من حيث التصريحات، من حيث نفسية اللاعب و الفريق و المدرب، لا شيء من هذا فقط بلا بلا بلاblablabla.
فجاة سيصير بعض المشجعين كرياضيي رمضان و مصلي رمضان و صائمي رمضان، يفهمون في كل شيء، يلبسون قميص فريق كما يلبسه اي لاعب، يستاجر كل يلعب للفريق، باجرة، لا يهم من هو الفريق، و لا بلد الفريق، المهم تحقيق الربح، تماما كأولئك اللاهثين خلف بطولة بلد لا هي بلدهم و لا اللغة لغتهم و لا الثقافة و الدين و الاصل، إن حققت انتصارات فهم معها، و إن خسرت انسلخ جلدهم منها، بعباراتهم الشهيرة : »دݣيناكم، و غادي ندݣوهم »، مع صورة البروفايل لتلك الفرق، و شارة السيارة، و حامل المفاتيح porte-clé ، و القبعة، و غيرها، يعرفون عن تلك الفرق الأجنبية أكثر مما يعرفه من أبيه و امه و صاحبته التي تاويه.
فجأة، صارت المقاهي خاوية على عروشها حتى قبل ان ينتهي النزال، كما يحكي بعض اصدقائي الذي يعمل نادلا في احدى المقاهي، رغم محاولاته التي باءت بالفشل في إقناع الزبناء بالمكوث إلى رمق المقابلة.
فجاة كل شيء أصبح صالحا لتعليق الخسارة عليه، كل شيء و أي شيء، رغم أن قانون اللعبة معروف، و أن سقف الوعود و الانتظارات حددها المدرب، و اتفق معه اللاعبون، و صادقت عليها المؤسسات الساهرة على المجال، و من ربحنا فريقا، اصبح حلم نربح كأسا اكثر شيوعا، نعم نربحه، لكن على الاقل تزيد التألقات إفريقيا، عربيا، تزيد البطولة مستوى، تختفي ظاهرة عنف الملاعب، تزيد ممارسات الأطفال و الشباب و النساء، تزيد المشاركات في شتى المجالات، حينها نحلم بكأس و نجمة، و نشارك بعدها فس كل دورة عالمية، و لا ننتظر لربع قرن او نصفه لتحقيق ذلك.
فجاة اختفى مطلب الاستقالة من قاموس المغاربة، و لم يطالب احد باستقالة وليد، و حتى إن ظهرت انتقادات لبعض اللاعبين، لكن لا احد تحدث عن استقالة وليد، و ليد الذي لم يكن وليد الصدفة كما قال أحد الأذكياء من اصدقائي، بل كان وليد العمل، و الجد و الكد و التوافق و التواصل و الإجماع و الكفاءة compétences compétences compétences، وليد الذي قال كل شيء و لم يخف أي شيء، و ليد الذي أرجع امر الانتصارات للاعبين و للعمل و للكد و الجد، وليد الذي شخص في شهور حالة كرة عرفها و خبرها في الظل لما كانت بعض الفقاعات و الهالات تثور و تصول و تجول و تستفز المغاربة و لا تتواصل معهم و تمن عليهم، و عوض الحديث عن حقوق اصبح الحديث عن المن بالحقوق، الحق في المعلومة، في النتائج لما تكون الإمكانيات كلها متوافرة، الحق في معرفة المصير، الحق في المشاركة في السياسات التي فشل بعضهم فيها، و خرج بإعفاء من الباب امس، و يدخل اليوم عبر أنابيب الصرف التي لم تستوعب حجم المياه بعد ليثبت للناس انه موجود، بينما في أوربا و أمريكا، من استقال أو أقيل أو اعفي يختفي و لا يظهر مجددا و قد رقع وجهه او عضوا من جسمه بإحدى الدول في اوربا، لم يتصالح حتى مع مظهره و نريده ان يتصالح مع المواطنين و مع الصالح العام.
وليد عليه إعداد فريقنا جيدا ……، في انتظار باقي المجالات التي أصبح فيها مغربنا رياديا، ليس فقط رياضيا، و لكن على أصعدة شتى، الحيوية منها خاصة….

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *