Home»Débats»هل سيتم اعدام ملوية بعد اعدام أم الربيع؟

هل سيتم اعدام ملوية بعد اعدام أم الربيع؟

5
Shares
PinterestGoogle+

بقلم: محمد بنعطا، مهندس زراعي، دكتور في الجغرافية، فاعل جمعوي من حماة البيئة، رئيس فضاء التضامن والتعاون بالجهة الشرقية، عضو مؤسس للتجمع البيئي لشمال المغرب.

يقول سبحانه تعالى في كتابه الكريم، (صورة الاسراء الآية 85) : » وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا « . صدق الله العظيم.

هذه الآية الكريمة صالحة في أي زمان ومكان وتوحي لأصحاب العلم والمعرفة أن يتواضعوا لله عز وجل. ومن تواضع لله أعزه ورفع من شأنه. بينما كنت أطالع مجموعة من المقالات في الصحف والجرائد في المواقع الإلكترونية وقفت عند منشور في جريدة الوطن الآن عدد 921 بتاريخ 13 يناير 2022 وبموقع وجدة سيتي يوم 14 يناير 2022 وبموقع أنفاس يوم 15 يناير 2022 للسيد عبد الرحمان الحرادجي أستاذ الجغرافيا بجامعة محمد الأول كلية الآداب والعلوم الانسانية بوجدة، حول الكارثة البيئية التي وقعت بالموقع البيولوجي لمصب ملوية تحت عنوان: « كارثة مصب ملوية: براءة المناخ والسدود ». افتتح الكاتب مقاله بفقرة يهين ويتهم الجمعيات البيئية المدنية التي تسعى للدفاع عن هذا الموروث الطبيعي بقلة الخبرة والعمل على تحقيق أهداف سياسية ومصالح خاصة بدون سند ولا حجة. كما جاء بأفكار للتعبير عن وجهة نظره التي تعارض ضرورة الحفاظ على الصبيب البيئي أو الصبيب الايكولوجي في الأنهار ومن صلاحية الدولة ومؤسساتها أن تنشئ السدود ومحطات الضخ كما شاءت لتوزيعها لسقي الأراضي الفلاحية ولا مجال ترك المياه تضيع وتذهب هدرا الى البحر

.

في هذا الرد سوف لا نتطرق الى الاهانة والقدف والاتهامات المجانية من طرف كاتب المقال وسنترك النظر في ذلك للمصالح المختصة بالعدالة.

ولكن سنحاول تنوير الرأي العام وسنتطرق للهفوات والأخطاء التي ارتكبها كاتب المقال ربما عن قصد أو دون قصد نظرا لقلة خبرته وجهله للقوانين وللعلوم البيولوجية وضرورة الحفاظ على الصبيب الايكولوجي في الأنهار والوديان التي تتميز بجريان مستمر للمياه. واد ملوية أو نهر ملوية هو من هذا الصنف الذي حباه الله بموارد مائية تجري طيلة السنة مع تغيرات حسب الفصول والسنوات وحسب كميات الأمطار التي يعرفها حوض ملوية، وهو من بين الأنهار القليلة في المغرب التي تعرف جريان الماء طيلة السنة رغم سنوات الجفاف المتتالية وذلك قبل بناء السدود وعدد من محطات الضخ التي شيدت في السنوات الأخيرة.

وفي فقرة أخرى سنوضخ لماذا المناضلون البيئيون يتخوفون من انجاز المشاريع الجديدة مثل السدود ومحطات الضخ المبرمجة في مخطط الماء والسقي 2020/2027 أو المعلنة من طرف وزير الفلاحة حيث لا يمكن انجاز السدود ومحطات الضخ الى ما لا نهاية له ولكن حسب الموارد المائية المتاحة وحسب ما تسمح به دراسة التأثير على البيئة التي ينص عليها المشرع المغربي في القانون 03-12 والا ستكون هدرا للأموال العامة من جهة ومن جهة أخرى عاملا سلبيا على المنظومة البيئية. السدود في الأصل تنشأ لتنظيم جريان الماء بين الفترات الممطرة والفترات الجافة وليس لتدمير الأنظمة الايكولوجية.

الصبيب الايكولوجي للحفاظ على التنوع البيولوجي دعامة للتنمية المستدامة

1- ما هو الصبيب الايكولوجي وما هو تعريفه؟

يوجد هذا المفهوم في التقاليد أو القانون العرفي في العديد من البلدان، في المناطق التي تكون فيها المياه شحيحة أو قد تجف بشكل دوري.

منذ القرن التاسع عشر، اكتسبت أهمية متزايدة مع ظهور وسائل قوية للضخ والصرف والري من ناحية، ومن ناحية أخرى السدود الكبيرة والعديدة القادرة في فترات انخفاض المياه أن تحرم سافلة النهر من كل المياه التي يجلبها جزء من حوض المياه الواقعة في أعلى مجرى السد.

يعرف الصبيب الايكولوجي أو الصبيب البيئي أو الحد الأدنى من التدفق عند الباحثين والخبراء بأقل صبيب يجب الحفاظ عليه في مجرى الأنهار والوديان لتحتفظ على دورها من ناحية جودة المياه وكميتها لتلعب دورها في الحفاظ على الحياة والنظم الايكولوجية المائية التي توجد في النهر أو الواد. طور الباحثون والخبراء عدة طرق وتقنيات لتحديد قيمة الصبيب الايكولوجي الذي يجب الحفاظ عليه بعد البنيات التحتية كالسدود ومحطات الضخ أو محطات انتاج الكهرباء على ضفاف الأنهار. لا يتسع المجال هنا للحديث في هذا المقال عن هذه الطرق ولكن يمكن القول أن جل الباحثين والخبراء حددوا قيمة الصبيب الايكولوجي في كمية لا تقل عن 10 في المئة من الصبيب المتوسط السنوي للنهر كي يحتفظ بالأنظمة الايكولوجية والحياة المائية التي توجد فيه.

ا أشار الخبراء في بحوثهم العلمية على ضرورة الحفاظ على حرية الحركة والتحرك بين سافلة وعالية الأنهار للسماح للأحياء مثل الأسماك للتوالد في الأماكن الملائمة لها أو الاتجاه نحو البحر في الأوقات المناسبة في دورتها الحيوية سواء للتوالد أو لاكتمال نموها.

تقنية تحديد الصبيب الايكولوجي تتطلب دراسات متعددة التخصصات على سبيل المثال بين العلوم الهيدرولوجية وعلوم الهندسة الهيدروليكية والعلوم البيولوجية (علم النبات وعلم الحيوان وبيئة اللافقاريات والأسماك ، إلخ).

نشرت عدت مقالات في موضوع تحديد الصبيب الايكولوجي بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والاتحاد الأوروبي وأمريكا اللاتينية وافريقيا الجنوبية. مع الأسف الشديد لم يعتني بهذا الموضوع الباحثون والأكاديميون المغاربة الا القليل نذكر منهم الاستاذة مريا سنوسي من جامعة محمد الخامس بالرباط. كما تجب الاشارة أن السلطة المغربية المكلفة بتدبير الموارد المائية ما زالت لم تصدر النص التنظيمي لتحديد كيفيات تحديد والحفاظ على الحد الأدنى من الصبيب لحد نشر هذا المقال

.

2- رأي المشرع في الحفاظ على الصبيب الايكولوجي

اهتم المشرع على الصعيد العالمي أو الوطني منذ عدة عقود بحماية التنوع البيولوجي والأنظمة الايكولوجية ونص قوانين عديدة تلزم المتدخلين في ميدان تدبير مياه الأنهار والوديان للحفاظ على صبيب أيكولوجي يسمح للسمك والنظم الايكولوجية المائية باستمرار الحياة والحفاظ عليها عند انشاء البنيات التحتية لتخزين المياه أو ضخها أو استعمالها لإنتاج الكهرباء.

تم إدخال التدفق المحجوز رسميًا إلى القانون في فرنسا عام 1919 (القانون الذي ينظم الإنتاج الكهرومائي 2) باعتباره الحد الأدنى من التدفق الذي يجب الحفاظ عليه في قاع النهر الطبيعي بين مدخل المياه وعودة المياه في اتجاه مجرى النهر لمحطة توليد الكهرباء. كهرومائية ، تضمن بشكل دائم حياة وتداول وتكاثر الأنواع التي تعيش في هذه المياه. تنص المادة 2 من هذا القانون على المجاري المائية المحجوزة (أو أقسام المجاري المائية)، والتي لن يُمنح فيها أي ترخيص أو امتياز لشركات هيدروليكية جديدة، وفقًا للمادة 2 من القانون، اعتبارًا من 16 أكتوبر 1919

تعتبر توجيهات الاطار الماء في الاتحاد الأوروبي الصبيب الايكولوجي باعتباره « نظامًا هيدرولوجيًا متوافقًا مع تحقيق أهداف البيئية في المسطحات المائية الطبيعية كما هو مذكور في المادة 4 (1)

بالنظر إلى المادة 4 (1) من توجيهات الإطار العام، تشير الأهداف البيئية إلى:

– عدم تدهور الحالة القائمة،

– تحقيق حالة بيئية جيدة في المسطحات المائية الطبيعية،

– الامتثال للمعايير والأهداف للمناطق المحمية ، بما في ذلك تلك المعينة كمناطق حماية الموائل والأنواع ، حيث يعد الحفاظ على حالة المياه أو تحسينها عاملاً مهمًا في حمايتهم ، بما في ذلك مواقع ذات الصلة المحددة في « ناتورا 2000 » بموجب توجيهات الطيور والموائل.

في الولايات المتحدة في السبعينيات ، ظهر نموذج تدفق بيئي مؤهل باعتباره هيدرولوجيًا. إنه ليس مفصلًا جدًا من حيث المتغيرات الفيزيائية الحيوية ، ولكنه يتميز بالسرعة في الأداء ، ومناسب بشكل خاص في حساب الاحتياطيات لتخطيط تطوير مجرى مائي.

وهكذا، في النموذج الأمريكي، يحدد الاستخدام الأساسي للمورد إلى حد كبير، الوظيفة البيئية أو خصائص النظام البيئي الذي سيسعى إلى حمايته عبر التدفق البيئي.

تم في جنوب إفريقيا تمرير الإجراء الخاص بالصبيب الايكولوجي أو « احتياطي بيئي » أو « تدفق بيئي » ، والذي يتكون من حد أدنى من التدفق يضمن بقاء الأنواع المائية ، وبشكل أعم حماية النظام البيئي بأكمله أثناء إصلاح سياسة المياه في عام 1998.

المشرع المغربي بدوره كان يقضا وسن قوانين واضحة لاحترام الصبيب الايكولوجي والحياة المائية عند تشييد المشاريع التي لها علاقة بجريان المياه في الأنهار والوديان.

صدر قانون الماء 10-95 في عام 1995، ووضع الأسس القانونية للإدارة الموارد المائية بصفة اللامركزية والتشاركية، وكذلك تنميتها وحمايتها من التلوث والاستغلال المفرط. تمت مراجعته جزئيا سنة 2016 (قانون 15-36)، بهدف الامتثال للقوانين التنظيمية الجديدة لحماية البيئة ومكافحة التصحر.

تنص هذه الأحكام على أن امتيازات الملك العام للمياه يجب أن تأخذ بعين الاعتبار متطلبات مخطط تدبير المناطق المحمية (المادة 25) وضمان الحد الأدنى من الصبيب الايكولوجي (الذي يحدده قانون تنظيمي) لحماية حقوق الأطراف الثالثة والحيوانات والنباتات المائية (المادتان 96 و97).

حيث لا يمكن انجاز أي منشأة فوق المجاري المائية والمسطحات المائية بصفة عامة الا اذا كانت هذه المنشأة مصممة ومجهزة على نحو يضمن بشكل دائم تنقل وتكاثر الأحياء المائية الموجودة والمحافظة على الوظائف الايكولوجية الأساسية لهذه المجاري والمسطحات (المادة 96). كما يجب أن يحتفظ على مستوى مجاري المياه، حسب فصول السنة، بحد أدنى من الصبيب بسافلة المنشآت المائية المعدة لتخزين أو تحويل أو جلب الماء. تحدد كيفيات تحديد والحفاظ على الحد الأدنى من الصبيب بنص تنظيمي (المادة 97).

3- علاقة السدود ومحطات الضخ بالصبيب البيئي

كما أسلفنا يجب على الادارة المكلفة بتدبير الموارد المائية عند انشاء السدود أن تحتفظ بقسط من صبيب المجرى المائي للأغراض البيئية والحفاظ على المنظومة الايكولوجية. وفي حالة عدم تجهيز السد بالوسائل التقنية للحفاض على الصبيب البيئي يقول كاتب المقال أن السدود بريئة من انخفاض الصبيب في سافلته وهذا شيء مرفوض لا يقبله العقل السليم حيث يكون السد في هذه الحالة حاجزا لجميع المياه لتخزينها ولا يترك ولو كمية قليلة للسافلة. وفي فقرة أخرى يتناقض الكاتب مع دفعه ويقول أنه من الطبيعي أن يحدث تراجع الواردات المائية في المصب على اثر بناء السدود الكبرى على واد ملوية.

شيدت عدة سدود على واد ملوية وروافده منذ سنة 1956:

الحجم سنة 2002 بمليون متر مكعب

الحجم الأصلي بمليون متر مكعب

تاريخ البناء

السد

5

42

1956

مشرع حمادي

331

726

1967

محمد الخامس

100

100

1999

سد لغراس على واد زا

400

400

2006

سد الحسن الثاني

زيادة عن هذه السدود الكبرى يوجد في حوض ملوية أزيد من 40 سدا تليا. هذه السدود الكبرى أو المتوسطة أو التلية شيدت بطريقة لم تحترم الصبيب الأيكولوجي وبالتالي لها تأثير سلبي على صبيب السافلة وعلى المنظومات الايكولوجية المائية. يمكن القول أن جيع المياه الواردة من جبال الأطلس الكبير والمتوسط والمياه الواردة من الهضاب العليا تتحكم فيها هذه السدود ما عدى بعض الطلقات بمناسبة الحملات الكبرى التي تهدد استقرار هذه السدود التي لا يمكنها استيعاب أكثر من الحجم المتاح لها. وبالتالي الواردات التي تغدي مجرى المياه في سافلة مشرع حمادي هي بعض العيون التي تتواجد بين مشرع حمادي ومشرع الصفصاف بصبيب متوسط يقدر ب7 متر مكعب في الثانية.

شيد المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لملوية بمولاي علي سنة 1995 محطة لضخ مياه هذا الصبيب بما قدره 3.9 متر مكعب في الثانية ولم يبقى سوى 3.1 متر مكعب في الثانية لتلبية حاجيات الصبيب الايكولوجي وحاجيات سقي الأراضي الفلاحية في جوار واد ملوية. واستمر هذا الوضع الى غاية 2021 حيث أعلن وزير الفلاحة بمشروع بناء محطة ضخ جديدة بجماعة ولاد ستوت لضخ 1.5 متر مكعب في الثانية وبالتالي تم خرق التوازن في توزيع الموارد المائية بين المستعملين. تجب الاشارة أن المناضلين البيئيين والجمعيات البيئية المنضوية في التجمع البيئي لشمال المغرب انتبهت الى هذا الخلل مبكرا وحملت في بلاغ صحفي الصادر بتاريخ 24 شتنبر 2019، وزير الفلاحة ووكالة الحوض المائي لملوية المسؤولية عن الآثار السلبية الناجمة عن تنفيذ المشروع على الموقع البيولوجي و الايكولوجي و منظومته البيئية الناتجة عن هذا المشروع الذي انجز دون الدراسة الأولية للتأثير على البيئة المنصوص عليها في القانون 03-12.
بعد تدشين محطة الضخ لولاد ستوت من طرف وزير الفلاحة يوم 31 مارس 2021 بدأ سكان في جوار واد ملوية يشعرون بنقص شديد في صبيب مجرى النهر في سافلة مشرع حمادي. ونظرا للضغط الذي مورس على الواد من طرف مولاي علي وولاد ستوت انخفض الصبيب الى درجة انسداد الواد ولم يعد يصب في البحر لأول مرة في تاريخه. وهنا نود الاشارة أن كاتب المقال ذ. الحرادجي يريد ايهام القارئ أن هذا شيء عادي ومعتاد وكأن واد ملوية سبق له أن انقطع على التدفق نحو البحر في التاريخ بل العكس هو الصحيح حيث كان واد ملوية بقوة صبيبه يغير مصبه بعدة كيلومترات حتى استقر بالمصب الحالي بعد تشييد سد محمد الخامس.

ولكن نظرا لتشييد العديد من السدود ومحطات الضخ القوية التي استنزفت موارده المائية أصبح عاجزا أن يصل الى البحر وتم انغلاقه تماما يوم 13 أكتوبر 2021. عند الباحثين والخبراء هذا الانغلاق يعتبر مؤشرا قويا على استنزاف الصبيب الايكولوجي والحكم بالإعدام على الموقع البيولوجي لمصب ملوية في غياب ارادة سياسة واضحة لاستدراك الوضع. هنا نشير بعد ردود الفعل على الصعيد العالمي والوطني في وسائل الاعلام ورد الفعل لجمعيات المجتمع المدني تم اغلاق محطة الضخ مولاي علي ومحطة ولاد ستوت أزيد من اسبوعين حتى استرجع الواد أنفاسه وعادت المياه لمجراها.

انسداد واد ملوية يوم 13/10/2021 الذي لم يعد يصب في البحر لأول مرة في تاريخه

4- التخوفات من المشاريع المبرمجة في مخطط الماء 2020 – 2027 وتأثير مشروع سد الصفصاف على الصبيب الإيكولوجي والموقع البيولوجي لمصب ملوية.

اعتمدت الحكومات المتتالية في المغرب سياسة توسيع الأراضي الفلاحية المسقية رغم الموارد المائية المحدودة لانعاش الاقتصاد وخلق فرص الشغل وتحقيق الأمن الغذائي. لكن مع الأسف الشديد نتج عن هذه السياسة استنزاف الموارد المائية الباطنية والسطحية. بعد تحقيق هدف مليون هكتار في الدوائر السقوية يسعى المغرب لتحقيق هدف أكثر طموح ليصل الى مليونين هكتار من الأراضي المسقية. ولكن هل يتوفر المغرب على الموارد المائية الكافية لتحقيق هذا المبتغى. فاذا كانت السدود وسيلة لتخزين التساقطات وتوزيعها بصفة معقلنة لتغطية الطلب فهي غير قادرة لخلق موارد جديدة بحجة أننا نعاني من الجفاف بعد تأخر الأمطار رغم العدد الوافر من السدود الذي نتوفر عليها ويفوق عددها 149 سد من السدود الكبرى زيادة عن السدود المتوسطة والسدود التلية. لقد أظهرت هذه السياسة حدودها حيث نلاحظ من فيئة وأخرى عبر مختلف جهات الوطن مظاهرات العطش لأن المواطن المغربي لم يجد القليل من الماء لتسديد حاجته من هذه المادة الحيوية. الحكامة في تدبير الموارد المائية المتاحة ضرورية وتوزيعها بصفة رشيدة بين جميع المستعملين بما فيهم احتياجات الطبيعة والمنظومات الايكولوجية. كل خلل في هذا التوازن سيؤدي لمآسي كارثية.

بالرجوع الى الخطة الوطنية لمياه الري ومياه الشرب 2020/2027. يهدف هذا المخطط بالنسبة لجهة الشرق انجاز أربع مشاريع على واد ملوية:

– توسيع سد محمد الخامس بعمالة تاوريرت

– وإنشاء سد جديد في عمالة كرسيف

– سد جديد بعمالة بركان

– سد جديد بعمالة دريوش.

4 سدد جديدة قبل 2027

السعر الإجمالي (مليون درهم)

سعة (مليون متر مكعب)

استعمال

عمالة

سد

السدود في طور الانجاز

1.000

287

الماء الصالح للشرب، السقي

كرسيف

تارك ومادي

السدود في مرحلة الانطلاقة

1.000

1.000

الماء الصالح للشرب، السقي، الطاقة، الحماية من الفيضانات

تاوريرت

توسيع سد محمد الخامس

السدود المبرمجة

1.200

600

الماء الصالح للشرب، السقي

بركان

مشرع الصفصاف

800

45

الماء الصالح للشرب، السقي، الحماية من الفيضانات

الدريوش

بني عزمان

المرجع: ولاية الشرق

تجدر الإشارة أن مياه ملوية يتم تخزينها عمليا بنسبة 100 ٪ من خلال السدود القائمة حاليا التي يفوق عددها أربعة سدود كبرى.

من المثير للقلق أن صناع القرار يخططون لبناء سد في مشرع صفصاف في سافلة سد مشرع حمادي. مما لا شك فيه سيكون للسد الجديد في صفصاف تأثيرا سلبيا يهدد بوقف كل المياه القادمة من الانبعاثات الذي تغذي الصبيب البيئي الذي يغذي الملوية السفلى والأراضي الرطبة رامسار للموقع البيولوجي لمصب ملوية. هذا المشروع يتنافى مع قانون الماء 15-36 وكذلك التزامات المغرب على مراعاة التدفقات البيئية لتزويد الأراضي الرطبة وضمان الحفاظ على التنوع البيولوجي.

لغاية هذه الساعة لم يتم انجاز دراسة الأثر البيئي موضوع قانون 03-12 لتحديد جميع الآثار السلبية التي ستحدث خلال انجاز سد صفصاف وخاصة تأثيره على الصبيب البيئي لواد ملوية.

ينجز حاليا توسيع سد محمد الخامس ليصل حجمه الى مليار متر مكعب وبالتالي سوف يخزن جميع الواردات المائية دون اللجوء الى الطلقات نحو البحر. هذا سبب أخر يبين عدم جدوى بناء سد الصفصاف في سافلة سد محمد الخامس.

المياه الصادرة من الانبعاث بعد مشرع حمادي لا تضيع هدرا وتصب في البحر بدون فائدة كما يقول كاتب المقال، بالإضافة أن هناك محطتي ضخ مولاي علي وأولاد ستوت التي تضخ أكثر من 80٪ من هذه الانبعاث ويبقي 20٪ فقط من المياه التي تغذي الصبيب البيئي، بالإضافة إلى ضخ السكان المحليين لسقي أراضيهم الفلاحية.

هذا السد المخطط في مشرع صفصاف غير مبرر ويعتبر هدرا للأموال العامة وسيكون له عواقب وخيمة على البيئة والتنوع البيولوجي لمصب ملوية.

تموقع مشروع سد مشرع الصفصاف

زيادة عن هذه المشاريع يجب الاشارة أن وزير الفلاحة صرح بمناسبة تدشين محطة الضخ بأولاد ستوت يوم 31 مارس 2021 أن وزارته ستنجز4 محطات أخرى لضخ مياه واد ملوية التي تذهب هدرا الى البحر. وبالمناسبة نذكر السيد الوزير قبل انجاز هذه المحطات يجب أن يوفر لها الموارد المائية الكافية حتى يمكن لهاأن تشتغل. لأن الموارد المائية غير متوفرة الآن وتوسيع الأراضي المسقية الى غير نهاية يتطلب موارد مائية متوفرة الى لا نهاية.

ونذكر في هذا الصدد بالبلاغ الصحفي الذي نشرته مجموعة الجمعيات المدنية البيئية التي تعمل من أجل حماية المواقع الرطبة التي تدعو الحكومة والمسؤولين الإقليميين إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنقاذ هذا التراث الطبيعي والثقافي وتبني الحكامة الرشيدة في إدارة الموارد المائية وتجنب أي بنية تحتية جديدة يمكن أن تؤدي إلى تفاقم الوضع في الأراضي الرطبة عند مصب ملوية.

السدود الكبرى المتواجدة حاليا على واد ملوية
خلاصة

يساند كاتب المقال فكرة بناء مزيد من السدود في سافلة سد مشرع حمادي لتمكن من احتجاز مياه امتطاحات مجموعة من الروافد وعلى رأسها حوض واد الشراعة. يعلم الجميع وخاصة سكان الجهة الشرقية وسكان مدينة بركان بالخصوص أن واد الشراعة لم يصب في واد ملوية منذ سنين عديدة ويتم تجفيفه قبل وصوله لواد ملوية لأغراض الفلاحة. هذه المغالطة من طرف استاذ في الجغرافيا لا يمكن السكوت عنها وهي تعبر اما عن جهله لواقع الحال أو محاولة من طرفه لتبرير موقف أولئك الذين يسعون لبناء السدود العشوائية دون مبرر ودون الدراسات القانونية حتى ولو هدرت الأموال العامة بدون فائدة ان لم تكن نتائج وخيمة وسلبية اجتماعيا وبيئيا. كيف يعقل بناء سد في مشرع الصفصاف في غياب الموارد المائية الكافية لملئه في وقت وجيز خاصة وأنه يتسع لست مليون متر مكعب في الوقت نفسه يعرف سد محمد الخامس توسع لوضع حد للطلقات المائية أثناء الحملات. اذا افترضنا جدلا أننا سنخصص صبيب مجرى واد ملوية في سافلة سد مشرع حمدي وهو بمعدل 7متر مكعب في الثانية مع توقيف الضخ في محطتي مولاي علي وولاد ستوت وجميع الضيعات الفلاحية في جوار واد ملوية سيتطلب ملء سد مشرع الصفصاف أزيد من ثلاثة سنوات. هل سيتقبل العقل السليم هذه الافتراضية والنتائج الوخيمة التي ستنتج عنها؟

أعتقد أنه آن الأوان لتقييم سياسة السدود الذي نهجها المغرب منذ سنوات حتى نأخذ منها ما هو اجابي ونتفادى ما هو سلبي.

لقد أدت السياسة المائية في المغرب الى تبذير وتلويث كميات هائلة من المياه مع استنزاف معظم الفرشات المائية الجوفية والسطحية عبر التراب الوطني كما تم اغلاق عدد من الأنهار والوديان مثل سوس ماسة وتانسيفت وأم الربيع. فهل سيتم اعدام ملوية بعد اعدام أم الربيع؟

على ما يبدو مفهوم « الصبيب البيئي » والحفاظ على المنظومات الايكولوجية والأحياء المائية غائب عند كاتب المقال ويعتبره ضياعا للمياه التي تذهب هدرا الى البحر. هذا موقف لا يشرف استاذ جامعي يتجاهل النصوص التشريعية في العديد من الدول الناضجة وتوصيات الباحثون الأكاديميون والخبراء الذين اشتغلوا في هذا الميدان واقتنعوا بوجوب تحديد قدر من صبيب الأنهار للحفاظ على الأحياء المائية والمنظومات الايكولوجية المائية.

القول أن الصبيب البيئي قد يتقلص أحيانا، لكن ليس بسبب المنشآت المائية وانها بسبب الضخ الجائر في مقطع الخور فهو مجانب للصواب، لأن ضخ المياه سواء في محطات التابعة للمكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي أو من طرف الفلاحين في جوار الواد فهو يقلص من صبيب المجري. مع العلم أن فلاحي الجوار لا يستفيدون من المياه التي تضخها محطات الدولة أو شبكة توزيع الماء للمكتب الجهوي. هنا ينكشف لنا الموقف الغير العادل لكاتب المقال الذي يحبذ استغلال مياه ملوية من طرف المستفيدين الذين يبعدون عن الواد بعشرات الكيلومترات ويحرم الفلاح في جوار الواد بل يتهمهم بالضخ العشوائي الذي تسبب في ارتفاع ملوحة ماء واد ملوية. للتذكير فقط، هؤلاء كانوا يستغلون أراضيهم وورثوها أب عن جد منذ عشرات السنين قبل انشاء السدود ومحطات الضخ القوية التي استولت على صبيب واد ملوية كله وحولته دون مراعات حقوقهم وحقوق الطبيعة والمنظومات البيئية والايكولوجية التي عمرت منذ مئات السنين.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. ابو اسامة
    14/02/2022 at 01:41

    تطور ساحل السعيدية من رأس كبدانة الى حدود واد كيس تم خلال احتباس مجرى واد ملوية خلال خمسة الف سنة حيث كانت حركية الامواج تدفع برمال قاع البحر نحو الساحل و بعد كل فترة زمنية يتجدد صبيب الواد في اتجاه الساحل تقوم التيارات البحرية بتوزيع حمولة الواد على الساحل. و هكذا دوليك فترات مد و جزر بين البحر و المجرى. ان الوضعية الحالية التي نشهدها طبيعية مقارنة بعمر الانسان. حقيقة هناك تدخل بشري واضح و لكن الظروف المناخية الحالية فاقمت الوضع بشدة.
    انا متيقن 90% ان هذه الوضعية ستتغير بحلول اواخر ابريل و 15 ماي اذ ان التغيرات سوف تكون اكثر حدة لكون المناخ سوف يرنو لان يكون اكثر عنفا في التساقطات و الانجرافات الخطيرة التي ستعم كامل تراب بلدنا. و الله اعلم.
    الطيب. استاذ متخصص في المنطقة الشرقية و حوض ملوية حتى المصب.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *