Home»Débats»الجَمعُ بين السّيناريو والإخراج أضرّ بقيمَة « سلمَات أبو البَـنات »

الجَمعُ بين السّيناريو والإخراج أضرّ بقيمَة « سلمَات أبو البَـنات »

1
Shares
PinterestGoogle+
 

بقلم: إدريس الواغـيش

قد يكون الحكم على أيّ تجربة لم يكتمل عرضها بالكامل سابق لأوانه، لكنه مع ذلك يمكننا القول أن المسلسل التلفزيوني المغربي « سلمات أبو البنات » حقق نصيبا من الشهرة بين المشاهدين والأسر المغربية والمتابعة الإعلامية، وأخذ نصيبه الأوفر من التتبع والمشاهدة من دون شك في رمضان هذه السنة، وهذا أهم خاصية وربح حققه المسلسل منذ بداية عرضه، وجعل المغاربة يتتبعون نجومهم في سماء بلادهم وليس بعيدا عنها، ومع ذلك يمكن القول أيضا أنه قد أظهر وجود أزمة لدينا في كتابة السيناريو عند السيناريست المغربي خصوصا، وأيضا وجود ما يسمى بـ »عقدة » الخروج من « العقدة » عند المخرج، إذ يشعر المتتبّع بعُسر أو ارتجاج وارتباك أثناء الانتقال من « العقدة » إلى « اللاعقدة » لدى المتفرج والمشاهد العادي، لأن الدخول في متاهة بعض اللقطات المركبة التي تفنن أو تخصص فيها الأمريكيون أكثر من غيرهم، يبقى من الأمور التي لا تكفي جرأة زائدة في الإخراج وحدها، بقدر ما هي مغامرة مدروسة ومحسوبة تقنيا ويجب إدراك وزنها لحظة التلقي في المشهد التلفزيوني المغربي.
نعرف أن المغرب لا يتوفر على صناعة سينمائية، إذ لا زلنا بعدُ في البدايات وهذا ليس عيبا، ولا نتوفر على تراكم خبرات سينمائية حقيقية وطويلة تخوّل لنا الدخول في المشاهد الصعبة والمركبة للتأثير على المشاهد من خلال الاعتماد على التكنولوجية الرقمية مثلا أو استغلال الخُدع وبعض المؤثرات البصرية ومونتاج المشاهد وتركيبها لإبهار المشاهد، المخرج المغربي لا زال يعتمد بالدرجة الأولى على الممثل أو الممثلة من خلال الحوار، وهنا تبدو أهمية السيناريو الذي يجب أن يكون محكما وفيه ما يسمى بـ »أدبية السيناريو » تتضمن إبداعا ورُقيا في الكتابة، وليس استحضار ما يمكن أن يقوله عامة الناس دائما في بعض المواقف.
وضع الممثل المقتدر « سلمات » محمد خيّي الذي هو « أبو البنات » تجربته المهنية الطويلة وكفاءته لإنجاح هذه التجربة باقتدار وإعطائها شحنة جماهيرية، وذلك بمشاركة الممثلة السعدية التي لعبت دور « أم البنات »، وقد لعبا معا دور البطولة باقتدار ومهنية كبيرة في المسلسل أشاد بهما الجهور المغربي وأصبح اسمهما متداولا بين الأسر المغربية رغم الحجر الصحي المفروض عليها، وهذا راجع لما يتمتعان به من جماهيرية لدى المشاهد المغربي، مع مشاركة فعالة سواء للممثلة بشرى أهريش أو لطاقات شابة يمكن اعتبارها جديدة في المشهد الفني بالنسبة لشريحة واسعة من المشاهدين مثل عمر لطفي وهاشم بسطاوي والمطرب البشير عبدو، الذي كانت مشاركته رمزية في اعتقادي، وجيهان كيداري وفاطمة الزهراء بلدي وممثلات وممثلين موهوبين آخرين.
لكن ما يثير الانتباه هو أن الجنيريك يشير إلى أن مسلسل « سلمات أبو البنات » الذي كان أكثر جماهيرية من غيره من المسلسلات هذه السنة كان من تأليف وإخراج هشام الجباري، وهذا الجمع بين الإخراج وكتابة السيناريو يعيدنا إلى نقطة الصفر أو البداية مرة أخرى في كثير من الأعمال السينمائية أو التلفزيونية المغربية على الخصوص، إذ أن إخواننا في مصر قد تجاوزوا هذه المرحلة بكثير، فكيف لنا نحن في المغرب أن نجمع مع مادة أدبية التي هي « السيناريو » تتطلب خيالا واسعا وجهدا تخييلا وثقافة واسعة، مع مادة تقنية بالدرجة الأولى تتطلب مهارات في الإخراج والرؤية الفنية؟، قد يجوز لنا الجمع بين الإخراج والإنتاج، لأنه سهل أن نجمع بين « الشكارة » و »الكاميرا »، لكن أن تكون علميا وأدبيا في نفس الوقت، فيبدو أن الأمر صعب وفيه مجازفة، لأن « دول ما يمشوش مع بعض » كما يقول أبناء الكنانة، وأيضا لأن فيه تطاول على اختصاص الغير كما فيه إضرار بالعمل الفني نفسه.
ولذلك ليس غريبا أن سمعنا فيما مرّ من حلقات المسلسل كلاما عاديا ورتيبا لا مذاق فيه ولا إبداع. السيناريو الحقيقي هو الذي يترك وراءه فقرات وجمل يتداولها الناس عِـبَرًا وحكما، وليس كلاما ينتهي بانتهاء المسلسل بعد مضي شهر رمضان، لكن من حسنات السيناريست هنا أنه استعمل لهجة مشتركة يفهمها جميع المغاربة، ولم يتكئ على لهجة من اللهجات المحلية في الدار البيضاء التي تعتمد غالبا في كثير من الأعمال الفنية، سواء في السينما أو في التلفزيون.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.