الرئيس الجزائري تبون يغازل المؤسسة العسكرية وشنقريحة الجنرال القوي يؤكد على « دعمه »

عبدالقادر كتــرة
صدر في العدد رقم 3 من الجريدة الرسمية الجزائرية المرسوم الرئاسي المتعلق بتكليف قائد القوات البرية اللواء السعيد شنقريحة، بمهام رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بالنيابة، بصلاحيات كاملة.
وجاء في نص المرسوم الرئاسي المؤرخ في 13 جمادى الأولى عام 1441 الموافق 9 جانفي سنة 2020، يكلف اللواء السعيد شنقريحة، قائد القوات البرية بمهام رئيس أركان الجيش الوطني الشعـبي بالنيابة ابتداء من 23 ديسمبر سنة 2019، ولا تستثني النيابة الممارسة الكاملة للصلاحيات المخولة لرئيس أركان الجيش الوطني الشعـبي.
ويعرف الشعب الجزائري حقّ المعرفة أن الحاكم الفعلي في الجزائر لا زالت المؤسسة العسكرية عبر جنرالاتها الأقوياء، والتي هي من يختار الرئيس ويعينه ويوجهه ويأتمر بأمرها وينفذ خططتها ويعين رؤساء الحكومات ووزرائها ورؤساء مؤسساتها، كما كان ذلك منذ الراحل الرئيس هواري بومدين، إلى الراحل اللواء قايد صالح ، قبل أن يخلفه رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بالنيابة، اللواء سعيد شنقريحة، كما أن أحد الشعارات المرفوعة خلال المظاهرات الشعبية العارمة » مدنية مدنية لا دولة عسكرية » قبل أن يتحقق الشعار « مات الجنرال ، يحيى الجنرال ».
رئيس الجمهورية الجزائرية، رغم أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، عبد المجيد تبون، لا يمكن له أن يتحكم في المؤسسة العسكرية إذ يحمل هذه الصفة شكليا، وليس له سلطة التعيين، بل عليه تنفيذ الأوامر، وهو مضطر لمغازلة المؤسسة العسكرية وتجنب إغضابها.
رئيس الجمهورية الجزائرية أكد في كلمة له بمناسبة زيارته مقر وزارة الدفاع الوطني، الثلاثاء 28 يناير 2020، على ضرورة « تطوير قدرات الجيش في ظل التحديات الأمنية المستجدة في دول الجوار »، مؤكدا « أن الجيش أنقذ الوطن من ويلات سقوط الدولة الوطنية والعودة إلى مأساة التسعينيات كما خططت لها قوى الشر والدمار ».
وشدد الرئيس تبون على « ضرورة تطوير قدرات الجيش الوطني، بالنظر لشساعة بلادنا في ظل التحديات الأمنية المستجدة بدول الجوار، والتي تستدعي تعزيز القدرات الدفاعية كلما زاد تدفق السلاح في مناطق التوتر المحيطة بحدودنا ».
وقال الرئيس، في الكلمة التي ألقاها أمام رئيس أركان الجيش بالنيابة اللواء سعيد شنقريحة وقادة القوات ورؤساء دوائر الجيش، وقائد الناحية العسكرية الأولى، اللواء علي سيدان، وتابعها إطارات وأفراد الجيش عبر تقنية التحاضر المرئي عن بعد، « سنواصل تنفيذ برامج تطوير القوات، بما تتطلبه من رفع في مستوى القدرات القتالية بشتى أنواعها المسلحة، علاوة على مواصلة جهود الحفاظ على جاهزية العتاد العسكري وتجديده وتحديثه وعصرنته ».
وخاطب الرئيس القيادات العسكرية بالقول « لقد أنقذتم الوطن من ويلات سقوط الدولة الوطنية والعودة إلى مأساة التسعينيات كما خططت لها قوى الشر والدمار ».
واستطرد الرئيس « لقد حميتم الشعب الجزائري في مسيراته الحضارية الباهرة، في حراك مبارك أسقط العصابة التي أوصلت البلاد إلى الرذالة والرداءة وسلب إرادة الشعب وخيراته التي أنعم الله عليه بها »، منوها بـ »التلاحم والتناغم التامين مع الشعب »، وهو الأمر الذي -كما قال- « أوصل الوطن المفدى إلى بر الأمان بانتخابات حرة ونزيهة تحت شعار « جيش شعب.. خاوة خاوة ».
وأكد رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي بالنيابة، اللواء سعيد شنقريحة، عزم الجيش الوطني الشعبي على دعم ومساندة « المساعي النبيلة » لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون من أجل « تطوير البلاد في شتى المجالات ».
وقال اللواء شنقريحة، في كلمة له أمام رئيس الجمهورية، « إننا نؤكد لكم أننا عازمون كل العزم على دعم ومساندة مساعيكم النبيلة الهادفة إلى تطوير البلاد في شتى المجالات والأصعدة، تحقيقا للطموحات والتطلعات المشروعة لشعبنا الأبي ».
وأوضح في هذا الصدد، أنه على الصعيد الدولي، « تمكنت الجزائر من استعادة دورها الريادي في المنطقة، بفضل جهودكم الدبلوماسية الحثيثة حيث فرضت نفسها كفاعل إقليمي محوري لا يمكن الاستغناء عنه في مساعي تسوية مختلف النزاعات الإقليمية ».
وهذا حُلمُ ووَهْمٌ يراود جنرالات الجزائر ويروق لهم أن يرددوه على مسامع الشعب الجزائري للاستهلاك الداخلي بعد أن فقد الثقة والذي ما زال متمسكا بمطالبه ولا زال يدافع عنها خلال مظاهراته المتتالية يومي الجمعة والثلاثاء، ولم ينخدع أبدا بتسارع الأحداث التي رسمتها المؤسسة العسكرية.
وما حصل في مؤتمر برلين بين القوى المتصارعة حول النفوذ بليبيا، يكشف الفكر الذي تدار به الأزمات في العالم، ويذكر بمؤتمر برلين الذي قسمت خلاله الدول الأوروبية كعكة القارة الإفريقية فيما بينها، واليوم نرى كيف أن دولا مثل تركيا وروسيا وفرنسا والصين وبريطانيا، ولا تعير اهتماما للجزائر أو لغيرها ما دامت مصالحها في إحدى كفتي الميزان.
لقد جرى استبعاد الرباط وتونس واستدعاء الجزائر ومصر في مشاركة رمزية ومنعهما من ممارسة أي إملاء أو فرض أي شرط على المؤتمرين والاكتفاء بتسجيل الحضور، مثل « الأطرش في الزفة »، ذلك أن وضعية الجزائر ومصر لا تسمحان لهما في الوقت الراهن بلعب أي دور، لأن « تبون » هو رئيس مفروض أكثر منه منتخب ولا يحظى برضا الشعب الجزائري ولا تزال المسيرات تخرج كل جمعة وثلاثاء لتطالبه بتسليم السلطة للشعب، بعدما حمله الجيش إلى عرش المرادية دون رغبة المواطنين، (إذن أليس غيابهما خير من حضورهما المهين؟) .




Aucun commentaire