Home»Débats»قايد صالح..أم الرسائل

قايد صالح..أم الرسائل

1
Shares
PinterestGoogle+
 

رمضان مصباح الإدريسي

في قبضة الكبار:
انه حضور روحي قوي هذا الذي يضغط علي ،في هذا البعد الزمني الآخر الذي حللت به ؛حتى قبل الجنازة الرئاسية التي رسمتني رئيسا فعليا للجزائر ،بدون مواربة.
ولا أصدَقَ في التعبير عن هذا ،والنضال من أجله،من الحراك الشعبي ؛الذي نصبني رئيسا عسكريا ،حتى وهو يطالب بدولة مدنية.
حينما تخرجُ الشعوب ،هادرة في الشوارع، كما اتفق ،بدون أطر فلسفية،سياسية ،ثقافية ؛فهذا لا يزيد النظام القائم إلا ترسخا واستبدادا.
بهذا يقيم الشعب الحجة على نفسه ،بأنه همَلٌ وسَبَهْلَلٌ ،ولا يمكن ضبطه إلا بسلطان الحديد.
أنا هنا لا أنتقد الشعب ،بل حُكمَنا العسكري العقيم ،الذي جعله أهوجَ، يكسر الأغلال ويثور ،ويطالب بإسقاط كل الدولة.
وهل يسلمُ الحراك، إياه، إذا جاريناه في غصته هذه ؟
وهل تُخمد حرائق الغابة بإشعال النيران في كل خلجانها ،حتى ينتهي كل شيء بسرعة؟
لم نُربِّ شعب الجزائر على عشق الحرية البناءة ،بل على الركون إلى العبودية.
لم نبذر في نفسه بذور المواطنة لتزهر وتثمر ،بل حرثنا جسده بمحراث الخوف ،وغرسنا السِّدر في طريقه .
لم نعلمه أن للجيران حرمة يجب أن تصان،مهما تلونت السياسة ،بل أشربناه الكراهية ،وصفقنا له وهو يبدع فيها قصائد وألوانا.
لزملائي الجنرالات الأحياء أقول،وأنا أراهم مِن بُعدي هذا عُراة،بدون نياشين :
لا تتعجبوا من هذا الانقلاب السريع ،لأن الضغط الهائل لأرواح الشهداء ،من حولي، هو الموجه لأفكاري الآن ؛ ولا أجدني على معرفة ،ودراية بتدبير مستقبل الجزائر،وأنا ما دبرت حتى حاضرها إلا بالخوف . إنكم تعرفون أنه ما كان لي أن أتصدركم وأترأس لولا الصدف ،ولولا منعرجات التاريخ التي تباغت الشعوب ،فتمضي في غير وجهتها الأولى التي تعرف.
أنا الآن في قبضة أرواح كبار الجزائر ،ورجالات المغرب العربي ،من العلماء والمثقفين والسياسيين ،والزعماء،والشهداء ؛وليس لي فضل في ما أقول .
ان الرحيق من الأزهار، وما النحلة سوى حمالة عسل.
وهل يكون لي فضلُ شهادة –كما تزعمون – وأنا أنقل عن:
العقيد شعباني،حسيبة بن بوعلي،العقيد لطفي،عبان رمضان،العربي بن مهدي ،أحمد زهانة وغيرهم.؟
وهل يكون لي علم في حضور أرواح:الأمير عبد القادر الجزائري ،عبد الحميد بن باديس ،محمد البشير الإبراهيمي وغيرهم .؟
وهل أتسمى رئيسا شهيدا في حضور روح محمد بوضياف ؟
وكيف أنظر ملء عيني المغاربيتين الى أرواح محمد الخامس،عمر المختار ،عبد الكريم الخطابي ،موحا وحمو الزياني ،فرحات حشاد،الزرقطوني وغيرهم من زعماء مرحلة التأسيس المخذولة؟
لا أزعم بأن أرواح هؤلاء الكبار تقمصتني،فروحي دونهم بكثير ؛وحتى في حياتي لم أكن أعيرهم كبير اهتمام ؛لأن عيني كانتا على أبنائي وعلى عسكرية الدولة فقط.
اعتبروني مجرد قلم وسيط ،كأقلام وسطاء الأرواحmédium .
الرئاسة:
ان بعض الشر أهون من بعض ،فخير من سقوط الدولة كلها إجراء انتخابات مزورة – في أغلب نتائجها-وان رفضها ويرفضها أغلب الجزائريين.
وخير من دولة هَملٍ،بدون رئيس ،دولةٌ برئيس مفضول ،كما يقول الفقهاء في الولاية. انه رئيس اخترته لكم من أصدقائي الخُلص ؛فهو ابن نظامنا ،وبتجربة ،وبانخراط كامل في العصابة ؛كما كان حالنا جميعا.
حينما يعم الفساد لا يصح الحديث إلا عن فاسد وأفسد منه.هذه هي الحقيقة.
« كلنا مرضى وأكثرنا صحة أقلنا مرضا » كما قيل.
هذه هي الحقيقة ،وحتى الشعب لم يثر في أيام الرفاهة الصورية التي عرف بوتفليقة كيف يوهمه بها. لم يسأله أحد يومها من أين لك هذا؟
حتى الأموال التي بذرها في تخريب بيت الجيران لم يسأله أحد عنها ؟
اقبلوا الآن بهذا الرئيس المفضول إلى أن ترتبوا من أجل انتخاب الفاضل ،بكل نزاهة.
لقد بكانا جميعا أمام نعشي ؛بكاني وبكى نفسه ويتمه؛وبكى الجزائر التي انتهت الى أن تحكم كما اتفق،وكما اقتضت المصلحة السفلى.
يبقى عليه لتخفيف ضغط الحراك أن يعلنها مرحلة انتقالية تعقبها انتخابات مدنية المنزع والهوى والمآل؛ وكما عاد جسدي الى الثرى على كل الجنرالات توديع السلطة السياسية ،والركون الى الثكنات ،في انتظار التقاعد.
لا حرب مع الجيران ،فكفوا من الإنفاق الهستيري الكاذب ،والبحث عن الولاءات الأجنبية التي تزين لكم خردة الحديد ،دون أن تذكركم بألا حق لكم حتى في الحرب ،لأن الخرائط،في زمن العولمة هذا ، لم تعد لكم.

التربية:
لقد بنينا مناهجنا التربوية والتعليمية على أكذوبتي القوة و التفوق ،إقليميا وقاريا ،وهذا راجع لعسكريتنا التي لا يمكن أن تعيش بدون تحد ما ،وبدون عدو تطاوله ،ولو مفترضا.
وفي التفاصيل قمنا بتزوير كبير في تاريخ المنطقة ،وبصفة خاصة في ما يتعلق بالروابط التاريخية الوثيقة التي جمعتنا مع أشقائنا المغاربة منذ ملك الأدارسة وحتى قبله؛هذا إذا لم نكن شعبا واحدا ،صار بقدرة قادرين مغرضين دولتين .
نفذنا الى المناهج والبرامج وصغناها وفق عقيدة عسكرية ضيقة ومقيتة.
حكَّمنا صراعنا المزعوم مع المملكة المغربية في بناء برامج تعليمية تمتد على مدى أجيال.
ورهنا الأفق المغاربي كله بنسف لبناته التي لا يمكن أن يعلو له صرح بدونها ؛ومنها التربية.
لا أصدَقَ اليوم ،في موقفي المشهود هذا ،من دعوة الى بناء برامج الصلح والاندماج، وليس برامج الكراهية والفرقة .
أعيدوا النظر في كل ما يتعارض مع هذا التوجه ؛صححوا كل ما يصب في أذهان الأجيال ،ولا تهتموا بالحاضر السيئ؛فما صار سيئا إلا لتوالي الأخطاء التربوية.
كنا نستدعي خبراء البرامج ونزودهم بعقيدتنا المقيتة ،ونضعهم أمام خياري العصا والجزرة.
ألا لا فضل لعسكري على أكاديمي ،إلا في جمهوريات الخوف؛ولا خير في شعب يخاف مثقفوه وأكاديميوه.
وقد كذب عبد المومن بن علي الجزائري حينما قال،ذات دولة موحدية واحدة : »لاترد صدور الخيل بالكتب ».
وننتظر من إخواننا المغاربة والمغاربيين أن ينضموا لهذا المشروع التربوي الاستراتيجي ؛حتى لا يمر يوم على تلامذتنا جميعا دون أن يكتسبوا بعضا من قيم المحبة والأخوة المغاربيتين.
لا شيء من هذا في برامجنا اليوم.
طبعا حينما يعاودنا الحنين الى مستعمر الأمس ولغته،لا يمكن أن نفكر في مغاربيتنا.
أراهم من حولي ،من تعرفون، يؤدون كلهم على هذا ،وأشدهم تأكيدا الأمير عبد القادر،عمر المختار،الزياني،عبد الكريم الخطابي؛ولو عادوا لحملوا السلاح في وجوهكم هذه المرة.

الاقتصاد المغاربي :

لا حرب لكم اليوم مع مستعمر الأمس ،والقوى العظمى المشرئبة الى ثروات الاتحاد المغاربي كله ،إلا في المجال الاقتصادي ؛فالمال عصب السلم والحرب معا.
إننا نشكل يدا اقتصادية واحدة ،بقوة مائة مليون حصان؛لكنها يد يدب فيها الشلل يوما بعد يوم.
حيثما توجد الأرض المعطاء ،السواعد المفتولة،القلوب التي يعمرها حب الأوطان؛ثم مصادر الطاقة السوداء والخضراء والزرقاء وما شئتم من ألوان؛فلا يمكن أن يوجد الفقر والكراهية ونوازع الفرقة والانفصال؛وان وجدت فهي معرة كبرى.
أفي ربوع مغاربية بكل هذا الثراء ،يقدم الشباب للبحر كل أسبوع قرابين ؛وكأننا في أزمنة الوثنية ،وتقديم العرائس الأبكار للنيل.
لكم خبرة كبيرة في مجال المحروقات ،وللمغاربة منتهى الخبرة في مجال الفلاحة ؛وما تبقى من المغاربيين اما من هذا القبيل أو ذاك ؛فكيف تجوع شعوبكم وتعرى ؟ وكيف ترون الحل في دول الثراء الغربي فقط ؟
لو لم أكن ميتا لفقدت الوعي من استحضار كل هذه المفارقات الفاضحة؛لماذا لم تراودني أبدا مثل هذه الأفكار؟
وهل تترك لك الثكنات مجالا للتفكير خارج المدرعات والمزنجرات ،وكل عتاد الكراهية المكلف جدا.؟
إن عتاد المحبة في متناول الجميع ،وبدون ثمن .
لو جربتم أن تُفعلوا يدا بقوة مائة مليون حصان لهزمتم أعتى الاقتصادات المغيرة عليكم.
لو جربتموها لما كان لكم أن تختلفوا وتتخاصموا وتتعادوا أبدا.
وبلغة النماء بوسعكم أن ترفعوا مدخول المواطن المغاربي ليضاهي مدخول مواطني الدول الاسكندينافية ؛وهم القلة بالمقارنة معكم.

الصحراء:
أفنيت عمري ،وأفنى الكثيرون من الرؤساء الجزائريين أعمارهم وهم يقولون :إن الصحراء ملك للصحراويين المغاربة ،يقيمون فيها دولتهم على هواهم ؛فهل يستقيم أن نعترف بمغربية هؤلاء المواطنين وننكر مغربية الأرض؟
وما رأيكم لو قال إخواننا المغاربة ،المعتدى عليهم في هذا الأمر :
إن كل صحراويي شمال إفريقيا شعب مستقل ،عليه أن يؤسس دولته الصحراوية الكبرى ؟ قد يكون القذافي سيء الذكر حلم بهذا ذات تيه .
ثم كل سكان الجبال،وسكان السواحل ووو…
هذا سفه ،ومن فكر العصابات المغرضة، وليس الدول الباحثة عن الوحدة والتكتل من أجل الكرامة ورغد العيش.
وهل أقلعنا بكل أصقاعنا الصحراوية –المغاربية- معرفة وتنمية ورخاء ،حتى ننصرف الى إبداع حقوق أخرى ،لا يستقيم ،مع الرخاء ،أن يطالب بها أحد الا انفصاليا جاحدا مستهترا بدم الشهداء.
قولوا لي بربكم :من انصرف من كبار الجزائر ،الزعماء والشهداء، الى إبداع فرية الجمهوريات ؛وهي بالجمع :الصحراوية ،القبائلية،الأباظية،الطوارقية ..
في أيام البطولات والتأسيس الهرقلي كان هذا يعد خيانة عظمى؛ أما اليوم فقد شُرعنت السفاهة والخيانة وكل الغرائب ،الى درجة أن لقالق القنيطرة المغربية( معروفة بمدينة اللقالق)لو طالبت بالمدينة دولة لها ،لما لا متها ممالك الطير والبشر في هذا .
يقولها لكم اليوم كل الكبار: إنكم أكبر من الخصام السفيه في ساعتكم،وهي ساعة شدائد وأهوال تتداعى عليكم من كل جانب.
كيف يتداول البرلمان التركي في أمر مغاربي ؛وكل برلمانات الاتحاد المغاربي غارقة في سبات عميق؟
بعد ليبيا سيحتل السلطان العثماني الجزائر ،بجيش يقوده القرصانان عروج وخير الدين.
ثم يضرب باي الجزائر قنصل فرنسا بمِذَبته،فتحتل فرنسا الجزائر،ثم المغرب ..
لا عبد القادر في الأفق،ولا المختار ،ولا الخطابي،ولا ولا.
وداعا ،اللهم إني قد بلغت ،اللهم فاشهد.
وعسى رسائلي إليكم تنفع في شيء يوم الحساب.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée.